* * *
من حينٍ لآخر، كنتُ أرى لمحات من الرئيس الحقيقي، وهو أمر مثير للاهتمام بعض الشيء.
هذا يعني ذلكَ أنه أصبح مرتاحًا معي، أليس كذلك؟
“في المرة القادمة، قل ‘أنـتِ تافهة في قلبي’.”
بدلاً من الرّد، زاد من قوة طعنه للتفاحة. كان يطعنها بعنف، كما لو كان طفلًا يعبّر عن إحباطه.
طعن، طعن، طعن.
“أنتَ تطعن التفاحة، أليس كذلك؟”
طعن، طعن!
“أنـتَ لا تراها أنـا ، صحيح؟”
“……”
“إنها تفاحة. إذا طعنتني عن طريق الخطأ، سأبكي.”
طعن!
تناثر عصير التفاحة على الأرض الرخامية.
“…الآن أصبح مملًا.”
حسنًا، هل استمتعت؟
إذا استمتعت، فهذا يكفي.
نظرتُ إلى التفاحة المحطمة و تمنيتُ بشدة ألا يكون هذا مصيري.
* * *
“صباح الخير، آنسة تيتيا.”
“صباح سيء، سيد بيلت. من الجيّد أنني التقيت بكَ. لحظة واحدة.”
دخلتُ غرفتي، أحضرتُ رسالة لهانا، و أعطيتها له.
“أرسلها إلى هانا.”
أخذها و سأل:
“هل هناك أي تقدّم؟”
“لا.”
“صريحة، هذا جيد.”
أومأ برأسه و طرقَ على باب غرفة الرئيس.
“رئيس، يجبّ أن توقّع اليوم.”
يبدو أنه تخلّى عن الرسميات أمامي.
دونَ انتظار إذن، فتحَ الباب بقوة، دخل، و وضع الأوراق أمام الرئيس بصوت عالٍ.
أدار الرئيس ظهره متجاهلاً الأوراق. حاول السيد بيلت إمساك كتفيه وإجباره على الالتفات.
“أه…”
“أغ!”
كان مشهد صراعهما مضحكًا. في النّهاية، خسر السيد بيلت، و التصق الرئيس بالجدار، مستمتعًا بانتصاره.
هـدّد السيد بيلت الرئيس:
“فكّـر في اليوم الذي ستستعيد عقلكَ و تخرج من هنا. ستندم إن لم توقّع الآن.”
“قلتُ لا تتحدّث هكذا…”
“سأرفض.”
لا أحد يضاهيه في إثارة الغضب.
بقيَ السّيد بيلت في الغرفة، مما جعل الرئيس يتألم، فوضعَ توقيعه على الأوراق دونَ النّظر إليها وألقاها عليه.
ومع ذلك، خرجَ السيد بيلت بحماس وهو يحمل الأوراق.
بدت طاقة الرئيس مستنزفة من هذا التفاعل القصير. غيّرتُ الماء في إناء الزهور و جلستُ بجانبه بهدوء.
“اليوم، لدي اعتراف لك، رئيس.”
“……”
لم ينظر إليّ.
“إنه اعتراف بضمير!”
قررتُ أن أخبره بسببِ مجيئي إلى هنا، لأنني سأضطر لقوله عاجلاً أم آجلاً.
“في الواقع، السّبب في مجيئي هو أن أخي غير الشقيق، ويليام، حاولَ بيعي إلى الماركيز كينيدي. اسمع، رئيس، ذلكَ الرّجل لديه أبناء في عمري! هل من المعقول أن أتزوّج من رجل عجوز كهذا؟”
بمجرّد وفاة الفيكونت السابق، ألقى بي ويليام في سوق الزواج.
“…لست مهتمًـا، لذا اصمتي.”
“لذلك هربتُ. لم أرد الزواج. لكنه استمرّ في البحث عني.”
أغلق أذنيه، لكنني اقتربتُ أكثر و رفعتُ صوتي قليلاً.
“في تلكَ اللحظة، جاء السّيد بيلت وقال إنه إذا تمكنتُ من إخراجكَ من الغرفة، فسأتحرر من ويليام والماركيز كينيدي. لذا وقّعتُ عقدًا. لأنقـذ نفسي.”
السّبب في قول هذا الآن هو منع أي سوء تفاهم لاحقًا.
بمرور الوقت، ستبدأ المشاكل حول نواياي الحقيقية.
كل المشاكل تنشأ من سوء التفاهم و نقص التواصل.
لم يقل شيئًا، ثم أنزل يديه من أذنيه و تكلّم بنبرة مختنقة:
“لماذا تقولين هذا؟ هل تريدين شفقة…؟ شفقة من شخص مثلي؟”
“هل ستشفق عليّ؟”
سمعتُ صوت طحن أسنانه. رفعَ وجهه الغاضب، ثم توقف فجأة.
“مَنٔ تظنين نفسك…! أنتِ، أنتِ…”
فقـدَ الكلمات و فتحَ فمه دونَ صوت.
بـدا مرتبكًا، وانزلقت نظارته للأسفل.
وضعتُ يدي على خديّ و سحبتهما بقوة، ثم أرخيتهما.
حتى وجه مثل سمكة البلوبفيش لم يجعله يضحك.
يا لها من معركة صعبة.
“لماذا لا تضحك؟ لم ترمش حتى عندما أظهرت لكَ افضل عمل لدي!”
يا له من شخص مذهل!
يبدو أن محاولة إضحاكه بوجهي فشلت.
كان الجميع يضحكون على هذا الوجه.
ربّما لأنني كنتُ أفعل ذلكَ مع الأطفال؟
بينما كنتُ أفكر في المشكلة، سمعتُ صوتًا مرتجفًا:
“اخرجي…”
“ماذا؟”
“اخرجي! اخرجي الآن!”
كان مرتبكًا لدرجة أنه تلعثم، وعيناه ترتجفان.
“اخرجي! فورًا!”
“آه، حسنًا! لا ترمِ الوسادة!”
هربتُ من الغرفة بسرعة. سمعتُ صوت قفل الباب، لكن ذلكَ لم يهمني.
لديّ مفتاح غرفتكَ، رئيس.
* * *
اليوم، سأمسك بالجاني مهما كلّف الأمر.
دلو ماء مرة، لسعة نحلة مرة، يمكن اعتبارها صدفة.
لكن رسم شارب على وجهي بينما كنتُ نائمة في الحديقة تحت أشعة الشمس ليس صدفة أبدًا.
“لماذا لا يُمحى هذا؟”
كلما فركتُ، أصبح الشارب أوضح. نظرتُ إليه وشعرتُ بالفخر لسببٍ ما.
“يبدو كشارب أنيق، أحببتـه.”
شعرتُ بكتفيّ ترتفعان فجأة.
إذا أعجبني، ربّما أسامحه؟
بينما كنتُ أتأمّل وجهي في مرآة يـد، خرج شخص من الشجيرات و صرخ:
“أيتها الغبية! لماذا تضحكين؟ يجب أن تبكي إذا نبت لامرأة شارب!”
“النساء أيضًا يمكن أن يكون لهن شارب.”
بـدا مرتبكًا من ردي، فتلعثم:
“ليست هذه هي المشكلة! إنه شارب غريب!”
ملت برأسي وأنا أنظر إلى الطّفل الذي كان يصرخ.
“طفل؟”
كان صبيًا لطيفًا جدًا، يبلغ من العمر ثماني إلى عشر سنوات، بشعر أصفر زاهٍ و عينين متطابقتين.
“ابن الرئيس السري؟”
“لا!”
“ابن السيد بيلت؟”
“قلتُ لا!”
“ابني…؟”
“أنـتِ!”
“أمزح. هل أنتَ مَـنٔ رسم هذا الشارب؟”
“وماذا إذا كنتُ أنا؟”
كان جريئًا لدرجة أنني لم أجد ما أقوله.
“إذا شعرتَ بالملل، تعالَ للرّسم أحيانًا.”
“على وجهـكِ؟”
“نعم.”
لأنه صغير و لطيف، سأسامحه.
فتحَ فمه بدهشة من ردي اللطيف.
“بالمناسبة، ما اسمك؟ أنا…”
“تي تي لويلسي!”
ماذا؟ تي تي؟
ومع ذلك، خمّـن اسمي المستعار لويلسي بشكلٍ صحيح،و الذي استخدمته لإخفاء كوني من عائلة أنجيلا.
“أنا تيتيـا.”
“همف!”
“حسنًا…”
كان أوّل شخص يظهر عداوة تجاهي هنا.
نظرتُ إليه جانبًا و قلتُ بلا مبالاة:
“لسعة النّحلة الماضية كانت مؤلمة. لا تفعل ذلك مجدّدًا.”
“همف! فعلتُ ذلكَ عمدًا، فلماذا أتوقف؟”
“إذن، أنتَ مَنٔ فعلها؟ ودلو الماء أيضًا؟”
ارتجف الطفل.
تجنّب عينيّ ثم اختفى في الحديقة. حاولتُ ملاحقته، لكنه كان سريعًا جدًا و هربَ بعيدًا.
“مَنٔ يكون بحق الجحيم؟”
هل كان للرئيس طفل يربّيـه؟
لكن مظهره لم يكن مألوفًا من الرواية…
يجب أن أسأل السّيد بيلت، و لماذا يكرهني هكذا.
لكن للأسف، السيد بيلت لم يكن متفرغًا. كان يتولى أعمال الرئيس، لذا كان عليّ انتظاره حتى ينتهي.
إذن، سأسأل شخصًا آخر.
قررتُ الذهاب إلى جيسيكا و لينيت، الأكثر لطفًا. كانتا قويتان جدًا، تساعدان في كل مكان، لذا لم تكونا ثابتتين في مكانٍ واحد.
بمعنى آخر، لم أجدهما وعدتُ إلى غرفة الرئيس.
“تركه بمفرده لوقتٍ طويل ليس جيدًا.”
ربّما هدأ غضبه الآن؟
طرق طرق.
“رئيس، سأدخل الآن.”
“لا، لا تدخلي.”
“حسنًا؟ حسنًا، سأبقى هنا.”
هل يبكي؟ لماذا صوته مرتجف؟
ربّما الألم يزوره أحيانًا، فيفكر في القديسة و يبكي.
التفكير في أمور محزنة يجعل المرء أكثر حزنًا، لذا حاولتُ بدء محادثة لمنعه من الغوص عميقًا.
فكّرتُ في موضوع للحديث، و قررتُ السؤال عن الطفل الذي قابلته.
“بالمناسبة، قابلتُ للتو فرخًا أصفر زاهيًا في الحديقة.”
لم يكن فرخًا حقيقيًا، لكن الاسم يناسبه.
أضفتُ:
“كان طفلًا أصفر زاهيًا جدًا… و اتضح أنه السّبب في سكب الماء عليّ و لسعة النحلة. هل تعرف مَنٔ هو؟”
“…لا أعرف.”
أنـتَ تعرف.
“أخبرني باسمه على الأقل.”
“……”
لم يجب، ففتحتُ الباب بالمفتاح و دخلتُ بخطواتٍ واثقة، مقرّبـة وجهي منه.
لم أنسَ أن أشير بسبابتي إلى وجهي، أو بالأحرى، إلى شاربي.
“أخبرني! لقد رسمَ شاربًا على وجهي! في المرة القادمة، سأناديه باسمه و أعطيه درسًا… أوف!”
فجأة، جذب يدي و سـدّ فمي بيده الكبيرة، التي غطّت نصف وجهي.
نظرتُ إليه بعيونٍ متسعة، و رأيتُ عروقًا بارزة على فكّـه.
لماذا هو غاضب؟
“أنـتِ، أنـتِ… لا تأتي بهذا الشكل!”
“أوف، أوف!”
هذا ظلم!
لم أرد هذا الشارب، ذلكَ الطفل رسمه دونَ إذن!
لم يستمع إليّ، و أزال يده من فمي. استغللتُ الفرصة و صحتُ:
“لم أرد هذا الشارب… أوف!”
سـدّ وجهي مرّةً أخرى بسرعة، و رفعني بسهولة.
تعلّقتُ في الهواء.
كنتُ أعرف أنه طويل، لكنه بدا أطول بكثير من السّيد داني وجهًا لوجه.
“امسحيه أو لا تعودي إلى هنا أبدًا.”
كان صوته يرتجف، كأنه حقًا لا يطيق رؤيتي.
ألقاني خارج الغرفة.
صحتُ من الظلم:
“ما المشكلة في هذا الشارب؟ بصراحة، لقد أحببتـه!”
“آه. أغلقي الباب و اذهبي بسرعة!”
سمعتُ أنينًا بين شفتيه المغلقتين.
هذا لن ينجح.
إنه خطر الآن.
قررتُ التراجع اليوم.
أغلقتُ الباب و قلتُ:
“سأمسحه و أعود.”
أيها الفرخ الأصفر!
لهذا السبب رسمتَ الشارب، لتجعل الرئيس يكرهني!
* * *
في مكان مفتوح في حديقة صغيرة ملحقة بالقصر، كان الطّفل الأشقر جالسًا بنفس وضعية جيرفانت، معانقًا ركبتيه بإحكام.
بينما كان يحدّق في غروب الشمس البرتقالي، أصبحت عيناه ضبابيتين.
مزعج…
تجمعت الدموع، فمسحها بسرعة بذراعه.
“ستؤذي عينيكَ هكذا.”
“إنها تألمني حقًا، أنتما لا تعرفان.”
عند سماع صوت التوأم، نهض جوشوا فجأة.
“و ما شأنكما بـي!”
” في النهاية انكشف الأمر.”
“صحيح؟”
“آه! توقفا عن التحدث بالتناوب! هذا مزعج!”
نفدت كلماته، فصرخَ بغضب و جلس مرهقًا.
اقترب التوأم منه. غطى ظلهما الضخم جوشوا بسهولة.
“لم نخبر تيتيا.”
“تظاهرنا بعدم معرفتنا للأمر، ألم نقم بعمل جيد؟”
“…….”
“تيتيا لطيفة.”
“نحن نخبرك بهذا حتّى لا أظنّ انّها لا تعلم.”
“……”
أغلق جوشوا فمه بإحكام دونَ رد.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات