‘لو كنتُ أعلم، لكنتُ ناديته بـالسيد بيلت بدلاً من بيلت فقط.’
كنتُ أحاول إظهار أنني لستُ سهلة، لكن يبدو أنني كسبت نقاطاً بدلاً من ذلك.
والأهم من ذلك، كان هناك شيء غريب قليلاً في كلامه الآن.
“خدمة الرئيس… هل تقصد الدوق؟”
توقف عن التمتمة، و انحنى نحوي، مقرّبًـا وجهه الجاد مني، ثم همس:
“نعم. هذا سر شديد السرية… سأشرح لكِ في الطريق إلى قصر الدوق.”
مِلتُ نحوه بجدية و همستُ:
“ليس لدي أي نية للذهاب…”
لماذا يفترض أنّني سأذهب معه؟
استقام السيد بيلت وهو يقول بلا أسف:
“هذا مؤسف جدًا.”
رفـعَ نظارته، ثم، كما يليق بنائب رئيس نقابة إكليبس، استهدف نقطة ضعفي:
“هل تعلمين أن ويليام أنجيلا لا يزال يبحث عنكِ؟”
“……”
كنتُ أعلم أن ويليام لن يتخلى عني بسهولة، لكنني لم أتوقع أن يكون بهذا الإصرار. لقد مـرّت أربع سنوات منذُ أن هربتُ.
“الماركيز كينيدي معجب جدًا بالآنسة تيتيا. قال إنه إذا تمكّـن من إيجادكِ و إحضاركِ إلى حفل الزفاف، فهو مستعدّ للانتظار مهما طال الوقت.”
“……”
“إذا تزوجت الآنسة تيتيا من الماركيز كينيدي، سيحصل ويليام على مبلغ تعاقدي كبير.”
ويليام، هل أقتلـه؟
ارتجفَ جسدي من الغضب. حتى الفيكونت السابق أنجيلا، رغمَ أنه لم يكن يحبّني كثيرًا، لم يفكر أبدًا في بيعي من أجل المال.
عندما عضضتُ شفتي بهدوء، حدّق بي السّيد بيلت وقال:
“لن يفـوّت ويليام أنجيلا مثل هذه الفرصة الذهبية، لذا سيجد الآنسة تيتيا مهما كلّـف الأمر. وإذا لم يستطع، يمكنني مساعدته في العثور عليكِ.”
“لماذا ستساعده؟ طلب الخدمة من نقابة إكليبس ليس رخيصًا!”
“سأقدّم الخدمة مجانًا.”
“لماذا بحقّ الجحيم؟!”
ما السّبب في مساعدة ذلكَ الوغد؟
“إذا كنتِ لا تريدين منّي أن أفعل ذلك، فعليكِ أن تأتي معي. سنذهب لرؤية الرئيس.”
من تصرفات السّيد بيلت، بدا أنه سيسلمني لويليام دونَ تردّد إذا لم أوافق على شروطه.
لكن، بالمقابل، هذا يعني أنهم بحاجةٍ إليّ بشدة.
“لماذا؟”
كيف يأتي شخص يستطيع الحصول على كل شيء بنفسه إلى هنا ليأخذ ابنة نبيلة متواضعة من عائلة فيكونت، و هي هاربة أيضًا؟ و بنفسه؟
كان كل شيء غير مفهوم. رتّبتُ أفكاري المعقدة للحظة ثم قلتُ:
“إذا كان الأمر كذلك، فأنـتَ بحاجةٍ إليّ… دعني أستمع إلى شروطكَ أولاً.”
“بالطبع. إذا نفّـذتِ ما نريده، سنقدم مكافأة هائلة تتناسب مع ذلك. بالإضافة إلى ذلك، يمكننا حمايتكِ مدى الحياة من الماركيز كينيدي و ويليام أنجيلا.”
كان عرضًا مغريًا… لا، عرضًا يجب أن أقبله بامتنان.
كان ويليام من النّوع الذي سيبيعني مئات المرات إذا حصـلَ على المال.
‘لا يمكنني الاستمرار في الهروب إلى الأبد. هذا العرض يبدو مناسبًا.’
لكن الفشل كان مخيفًا بعض الشيء. إنها نقابة إكليبس، بعد كل شيء.
قبل أن تصبح تظهر البطلة، كانت هذه النقابة تسيطر على العالم السفلي بلا رحمة. حتى لو أصبحوا أبطالًا يحترمهم الجميع الآن، فطباعهم الأصلية لن تتغير.
سألتُ بحذر:
“ماذا لو فشلت؟”
“طالما حافظتِ على السرية، لن يصيبكِ ضرر. و سنقدم مكافأة مناسبة أيضًا.”
“لن تقتلوني أو شيء من هذا القبيل؟”
“ربّما كنّا سنفعل هذا في الماضي، لكن الرئيس، الذي أصبح دوقًا في الإمبراطورية، لا يستطيع قتل الناس بسهولة الآن.”
كان العرض مغريًا، لكن المهمة ستكون صعبة بلا شكّ. لكن، سواء قبلتُ أم لا، لن أخسر شيئًا. بل على العكس، كان العرض في صالحي تمامًا.
و السبب هو قانون العائلة المثير للاشمئزاز في هذه الإمبراطورية.
باختصار، بالنّسبة للنّساء النبيلات، لا يُعترف بهن كأفراد مستقلين قبل الزواج، و يحـلّ أفراد العائلة المباشرون محلّ حقوقهن. بمعنى آخر، حتى أتزوج و أتخلّص من اسم عائلتي، فإن حياتي تخضع قانونيًا لويليام، الوصيّ القانوني عليّ.
يا لها من قوانين مقززة.
يجب تعديل أو إلغاء هذه القوانين التي تقيّد حرية الفرد، لكن بما أنها قوانبن وضعها الأوائل القدماء، لم تبدِ العائلة الإمبراطورية أي اهتمام بتغييرها رغمَ الشكاوى. لأنها لا تهمّهم، بالطبع.
لم يدم التفكير طويلاً.
“حسنًا.”
أومأ السّيد بيلت كما لو كان يتوقع موافقتي.
“إذن، لننطلق فورًا. هل لديكِ أمتعة لتحمليها؟”
“فقط بعض الملابس.”
“احضريها بسرعة. في الحقيقة، ويليام أنجيلا في طريقه إلى هنا.”
“يا إلهي! قـل هذا أوّلاً في المرة القادمة!”
اندفعتُ إلى غرفتي و بدأتُ أحزم أغراضي بسرعة.
* * *
في القصة الأصلية، انتهت بـ”وعاشوا بسعادة إلى الأبد”، لكن ما الذي حدثَ ليجعل شخصًا تافهًا مثلي مطلوبًا من قبلهم ؟ لم أفهم.
في العربة التي كانت تسير بسلاسة، بدلاً من إجابة تساؤلاتي، أخرجَ السّيد بيلت شيئًا من حقيبة الوثائق و حـذّرني:
“قبل لقاء الرئيس، يجب أن أوضّح شيئًا. كل ما يحدث في القصر سري للغاية. لذا، يجب عليكِ توقيع عقد السرية. إذا خرقتِـه، فوفقًا لقانون نقابة إكليبس، نعم.”
“ماذا تعني بنعم؟ لا تنهي الكلام هكذا دون إكماله!”
نظرَ إليّ و أوضح بلطف بإشارة يده، مررًا إبهامه على رقبته.
فهمتُ بشكلٍ جيّد جدًا.
“يبدو أنكِ فهمتِ. وقّعـي هنا.”
على أيّ حال، لستُ من النوع الذي ينشر الأسرار.
تذكرتُ نصيحة شخصٍ ما بقراءة العقود جيدًا قبل التوقيع، ففحصتُ العقد بعناية و وضعتُ إبهامي في المكان المخصص.
توهّج العقدان بلمعان خفيف، و ظهر خيط طويل لـف إبهامي ثم اختفى.
أخذَ بيلت نسخة من العقد لنفسه و أخرى لي، وحذّر:
“إذا خرقتِ هذا العقد، نعم.”
توقف عن إنهاء جملكَ بنعم!
“الآن يمكنني التحدث بحرية. دعيني أخبركِ عن أيام الرئيس المكتئب.”
بدأ يثرثر عن يوميات الرئيس الحزينة.
“كما تعلمين، السّبب في تحوّل رئيسنا السّيء إلى شخصٍ صالح هو القديسة يوبيلين مورتي.”
لكن يوبيلين مورتي ارتبطت برجلٍ آخر.
نظرَ بيلت إلى الجبال البعيدة من العربة بوجه حزين.
الباب مغلق، فإلى أين تنظر؟
“أليس من المعروف أن الحبّ الأول لا يكتمل؟”
“لكن القديسة و ولي العهد كانا الحبّ الأوّل لبعضهما البعض.”
“آه.”
أصدر صوتًا غريبًا، ثم سعل بخفّة ليخفيه.
“حسنًا، هما حالة خاصة. على أي حال، رئيسنا، الذي رفضته القديسة… جدًا جدًا…”
“أصبح منحرفًا؟”
“لو كان كذلك، لكان ذلكَ أفضل. كنتُ أشتاق إلى الأيام التي كان يرتكب فيها الأفعال الشريرة و يضحك على معاناة الناس.”
يا لها من أشياء يفتقدها الشّخص.
بدت عيناه تتألقان بحنين و هو يتذكر الماضي.
“لكن رئيسنا، بسببِ القديسة…”
“تـمّ تطهيره؟”
“نعم؟ حسنًا، يمكن قول ذلك، لكن بما أنه كان رئيسًا فاسدًا من الأساس، فالتطهير قد لا يكون الوصف الصحيح…”
“……”
“السرية، نعم.”
“نعم.”
رسمتُ دائرة بأصابعي لأوافق.
“على أي حال، بعد ختم شيطان سيرايل، أغلق على نفسه في غرفته. ظننتُ أن بضعة أيام ستجعله بخير، لكن بعد عام، أصبح أكثر انهيارًا، و بعد عام آخر، كان لا يزال محبوسًا في غرفته.”
“كيف حافظَ على منصبه؟”
أليس من المعتاد أن يطيحوا بالرئيس و يحلّ هو مكانه؟
“لا أستطيع العيش بدون الرئيس.”
“……”
يا لكَ من عاشق مخلص.
ربّما لهذا السبب رفضته البطلة. هل كنتَ تحميـه منها؟
“على الرّغمِ من الشائعات السيئة عن نقابة إكليبس، نحن لا نهزم في الولاء و الثقـة.”
ما الذي يُهزم؟
أرواح الناس بأيديكم؟!
“هذا لا يهمني كثيرًا. إذن، هل الرئيس أصبح منعزلاً؟”
“صريحة جدًا. الخلاصة أن الرئيس محبوس في غرفته و لا يخرج.”
رفعَ بيلت إصبعيه السبابة و الخنصر في إشارة “روك آند رول” ليشير إلى الرقم اثنين.
مَنْ يعبر عن الرقم اثنين هكذا؟
بوجه غارق في الحزن، أضاف و كأنه يتنهّد:
“و لمدّة عامين طويلين.”
ضـمّ إصبعيك، أرجوك، يصعب عليّ التركيز.
“هل هو لم يستحم لمدّة عامين؟”
“هل هذا ما يهمّـكِ؟ أنـتِ مميّزة حقًا. لحسنِ الحظ، رئيسنا مهووس جدًا بالنّظافة، لذلك هو يستحمّ جيدًا… نعم.”
“نعم.”
“لذا، ما يجب على الآنسة تيتايم فعله هو شيء واحد فقط.”
أخيرًا، ضـمّ بيلت أصابعه.
“إنه تيتيا.”
تجاهل احتجاجي و تحدّث بجدية:
“خلال عام واحد، أخرجي رئيسنا من تلكَ الغرفة اللعينة. و إن أمكن، أعيـدي له ابتسامتـه.”
إذن، جيرفانت محبوس في غرفته، لا يخرج و فقـدَ ضحكته.
هل يمكن أن يكون هكذا فقط لأنه رُفض؟ إذا كان الأمر كذلك، فربّما إذا جاءت القديسة السبب في حالته و هدّأتـه، قد يخرج.
“لماذا لم تطلب هذا من القديسة؟ إذا زارتـه، قد يخرج من تلقاء نفسه.”
تنهّـد بيلت بنفاد صبر.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات