الفصل 81

 

لحسن الحظ، انضمت عائلة ستيميست إلى الإصلاح بسلاسة.

 

كان للأقزام دور كبير في ذلك، ولكنهم أيضًا كانوا يتوقون إلى تقنيات لا تعتمد على السحر.

 

“سنصل قريبًا، رينا.”

 

“حسنًا، إيثان .”

 

كانت رينا بين ذراعي إيثان أثناء الانتقال فوري، وحاولت تهدئة مشاعر التوتر التي اجتاحتها.

 

‘التسرع لن يُجدي نفعًا. لذا، سأبذل قصارى جهدي. هذا كل ما أستطيع فعله.’

 

للملاحظة، لم تكن وجهتهما التالية واحدة من العائلات التسع.

 

“سيدي، في اجتماع شيوخ العائلة، صوّتت الأغلبية ضد الإصلاح.”

 

خبر كالصاعقة جاء من عائلة ليام.

 

كونها تحتفظ بسلطة شبه مطلقة باستخدام السحر، كان هذا متوقعًا إلى حد ما. ولكن، بسبب التأثير الكبير الذي كان يتمتع به إيثان ، تم التغاضي عن ذلك.

 

ومع ذلك، لم تكن الأخبار كلها سيئة.

 

“العائلات التابعة التي لا توافق على ذلك القرار تجمع قواتها حاليًا في أراضي جيرارد.”

 

هل كان ذلك بسبب الثقة الراسخة في إيثان الذي يُجسد القوة المطلقة للسحرة، ورينا التي تمتلك قوة مقدسة استثنائية؟

 

لم يكن هناك حاجة إلى أن يتدخل الاثنان للإقناع؛ فقد انقسم النبلاء بأنفسهم إلى فصائل.

 

أما عن عائلة شانترا،

 

“بسبب فقدان السمعة كـ ساحر السموم، رأوا أن هذه الفرصة مناسبة ورحبوا بها بأذرع مفتوحة.”

 

وفقًا لاتصال والدها، فإن الشيوخ الذين كانوا يحملون الضغينة ضد رينا رفعوا أصواتهم مدافعين عن ضرورة قيادة التطور التكنولوجي الجديد، أو ما يُسمى بـ”ريسا”.

 

لكن ما إذا كان مجلس شيوخ شانترا يدعم فعليًا ريسا بقلوب صادقة، فهذا غير مؤكد.

 

“إيثان ، لدي شيء أقوله.”

 

“نعم، رينا. أنا أستمع.”

 

“هممم… يبدو أن الرغبة في السلطة… تظل كما هي في كل العصور.”

 

“هذا جزء طبيعي من طبيعة الكائنات ذات العقل.”

 

“ولماذا ذلك؟”

 

“لأنهم يعيشون في الحاضر غير المؤكد ولا يمكنهم رؤية المستقبل بوضوح.”

 

في النهاية، فإن الطموح للسلطة ما هو إلا جزء من الرغبة في إزالة غموض المستقبل.

 

“تحليل منطقي.”

 

رينا، التي أظهرت اتفاقها مع رأي إيثان ، هزت رأسها لتنظيم أفكارها.

 

“على أي حال، في الوضع الحالي، لا يوجد سبب لعدم استغلال هذه الرغبات، أليس كذلك؟”

 

إيثان بهدوء قبّل جبينها.

 

“بالتأكيد.”

 

“شكرًا لك، دائمًا تدعمني.”

 

“وأيضًا، رينا. ليس لدي طموح أو رغبة في السلطة.”

 

“بالطبع، إيثان ، لديك كل شيء بالفعل.”

 

كيف يمكن أن يكون لأعلى مفترس مخاوف من “مستقبل غامض”؟

 

“لا، حتى لو لم يكن لدي كل شيء، لن أكون جشعًا.”

 

نظرت إليه رينا بعينين مفتوحتين وهي ترمش، فتحدث بصوت جاد.

 

“ما يجعلني مكتملًا كشخص هو أنتِ، رينا. لذا الشيء الوحيد الذي يمكنني أن أطمع به هو أنتِ فقط.”

 

“ما هذا، إيثان … إذا قلت ذلك، سأشعر بتأثر كبير.”

 

كان الوضع قد أصبح متوترًا للغاية لدرجة أن تجاعيد جبينها كانت تزداد مع مرور الوقت.

 

ولكن في كل مرة، كان يجعلها تبتسم بهذه الطريقة.

 

“إذا لزم الأمر، سأتحرك بنفسي، رينا. لذا لا تقلقي.”

 

أشارت رينا برأسها بالنفي رافضة دعمه.

 

“لا، لا يجب أن يُحسم هذا الأمر بواسطة كائنات مثلنا ذات القوى الخارقة.”

 

ما إن غادرا المنطقة الشرقية، حتى بدأت عائلة ييهات في التحرك.

 

حشدوا الفرسان والجنود وتوجهوا نحو معقل ريسا المجاور.

 

في المقابل، أخذ ايليا فرسانه وتوجه إلى مقاطعة فيجاك حيث يقع مقر القيادة العامة لريسا وأقام خط دفاع هناك.

 

بالإضافة إلى ذلك، أرسل آل ووريل، الذين كانوا يحمون الحدود الشمالية، سلاح الفرسان، مما جعل شرق الإمبراطورية يبدو كبرميل بارود قابل للانفجار في أي لحظة.

 

“علينا جعل أكبر عدد ممكن من البشر يفكرون ويتصرفون بأنفسهم تجاه هذه الأزمة.”

 

في النهاية، لا يهم ما إذا كان النظام أو الأيديولوجيا التي تمثلها رينا مقبولة أم لا.

 

ما يهم ليس “النجاح”، بل العملية بحد ذاتها.

 

“إذا انتهى الأمر بفشل ريسا، سيكون ذلك مؤلمًا جدًا. ولكن حتى لو بدا كأنه تراجع، فإن هذه الحادثة…”

 

ستترك انطباعًا عميقًا في أذهان الكثيرين.

 

وهذا سيكون نقطة البداية للتغيير.

 

“لا تزال المنطقة الجنوبية الغربية في حالة توتر، أليس كذلك؟”

 

“بحسب تقرير جيريمي، نعم.”

 

تُقسم الإمبراطورية بشكل كبير إلى مناطق تابعة لتسع عائلات نبيلة بالإضافة إلى أراضي الدوقيات الكبرى.

 

في الشمال الغربي، تقع عائلة كارتر الدوقية، مركز التجارة البحرية، وعائلة شانترا ماركيزية، التي تقع أسفلها على جرف أمواج هائج.

 

أما الشمال الشرقي، حيث الحدود الممتدة من الصحراء إلى السهول، فهي موطن قبائل الفرسان الخاضعة لآل ووريل الكونتية.

 

في الشرق، إلى جانب إمارة الأقزام، توجد ماركيزية ييهات وكونتية ستيميست.

 

وفي الوسط، المنطقة الزراعية، تقع كونتية بينفاوند.

 

أما في الجنوب الغربي، حيث الجبال والغابات الخضراء، فهي موطن ماركيزية بور وكونتية فيزن.

 

وأخيرًا، الجنوب الشرقي، المليء ببقايا السحرة، فهو تحت سيطرة دوقية ليام.

 

من بين هذه المناطق، الشمال الغربي، حيث توجد عائلتا كارتر وشانترا، والمنطقة الوسطى، حيث توجد عائلة بينفاوند، هما الوحيدتان اللتان لم تشهدا نزاعات.

 

أما المناطق الأخرى، فهي في حالة صراع كامل.

 

لكن، كانت الجبهة المتوترة على وشك الانفجار مقتصرة على المنطقة الشرقية فقط.

 

“هاه… على الأقل، ليس كلٌّ من عائلة فيزن وعائلة بور مؤهلين لخوض حرب شاملة. وهذا شيء جيد بطريقة ما.”

 

لو أن الجنوب الغربي أيضًا دخل في مواجهة حادة، لكان ذلك قد تسبب في صداعٍ كبير.

 

“في هذه الحال، علينا بذل قصارى جهدنا.”

 

بالطبع، ذلك دون الاعتماد على القوة المطلقة لإيثان ورينا.

 

لكن جذب قوى أخرى لتحقيق التفوق في الموقف قصة مختلفة، أليس كذلك؟

 

“أي شخص من الإمبراطورية لديه الحق في التعبير عن رأيه بشأن هذا الإصلاح.”

 

مع هذا القرار، انتهى أخيرًا سحر النقل الآني. وفي اللحظة نفسها، غمرت أصوات الهتاف الصاخبة المكان.

 

“مرحبًا بكم، أيتها القديسة!”

 

“وااااه!!!”

 

نعم، لقد وصلا إلى هذا المكان الأبيض المبهر، الذي يُعتبر مفخرة أوتا، المقر البابوي لأوتا.

 

⚜ ⚜ ⚜

 

“فكرة رائعة، أيتها القديسة!”

 

“…”.

 

حتى قبل أن تنهي رينا حديثها، قاطعها بردٍ حماسي جعلها تفقد الكلمات وهي تنظر إلى الرجل العجوز ذو الشعر الأبيض.

 

“ما تقوله القديسة هو الحقيقة بعينها، وهو إرادة حاكم والدليل الذي علينا اتباعه!”

 

لكن زعيم كنيسة ميغارو، الذي كان يراقب الوضع، هزّ رأسه بلطف وأضاف:

 

“أليس من الأفضل أن نستمع إلى حديث القديسة بالكامل أولًا؟”

 

“هذا صحيح. لم تقل سوى ‘أشكركم على إضفاء الشرف على هذا المكان.’ حتى الآن.”

 

بعد ميغارو، انضمت كنيسة شان لانتقاد سلوك كنيسة أوتا المبالغ فيه.

 

ولكن من يمكنه إيقاف أكثر مؤيدي رينا حماسة؟

 

“هل يجب أن نستمع لنوافق؟ إرادة قديسَتنا هي إرادة السماء نفسها!”

 

“…”.

 

“…”.

 

“…”.

 

“…”.

 

في النهاية، شعر رؤساء الطوائف الدينية الذين كانوا حاضرين بأن النقاش لم يعد مُجديًا، وهزوا رؤوسهم.

 

“هممم… تفضلي، أكملي حديثك، أيتها القديسة.”

 

“افعلوا ذلك، أيتها قديسة.”

 

توجهت الأنظار نحو رينا، داعينها لاستكمال النقاش. فابتسمت بلطف، مستأنفة دورها كقديسة.

 

“كل من حضر هذا الاجتماع هم أشخاص قد لامسوا نعمة حاكم مباشرة.”

 

“بالفعل، وهذا من فضل حاكم.”

 

“حب شان يرافقكم.”

 

“هذه إرادة ميغارو التي تحتضن حتى المذنبين.”

 

“لقد زادت نعمة حاكم بفضل وجودكِ، أيتها القديسة!”

 

“…”.

 

“…”.

 

“…”.

 

“…”.

 

“كل هذا بفضل كرم القديسة وحكمتها التي لا تُضاهى!”

 

“…”.

 

“…”.

 

“…”.

 

“…”.

 

في النهاية، قررت رينا تجاهل رئيس أساقفة أوتا واستمرت في طرح النقاش.

 

أشعة الشمس المتلألئة تسللت إلى الغرفة التي صُنعت جدرانها بالكامل من زجاج عالي الشفافية.

 

“أريد أن أشارككم حقيقة مخيفة لم أتمكن من البوح بها من قبل.”

 

مع كلمات رينا، تغيرت ملامح وجوه قادة الطوائف الدينية إلى السواد. فقد كانوا يتوقعون الموضوع الذي ستطرحه.

 

رينا نظرت إلى وجوههم المتوترة بعناية، ثم بصوت واضح نقلت رسالتها:

 

“قوة حكام تضعف تدريجيًا.”

 

بالطبع، كان هذا حديثًا مزعجًا بالنسبة لهم. كيف يمكنهم تقبل فكرة ضعف سلطتهم بسهولة؟

 

لذلك، أضافت بعض التوابل، لتسهل عليهم تقبل هذا الواقع المرير.

 

“لكن، هل يعني ذلك أن حكام تفقد قوتها في هذا العالم؟”

 

“…”.

 

“…”.

 

“…”.

 

“لا! وجودكِ، أيتها القديسة، هو الدليل على عكس ذلك!”

 

وسط صمت الجميع، انفرد رئيس أساقفة أوتا بتعليقه العاطفي.

 

رينا نهضت بهدوء من مكانها، وتبادلت نظرات مع إيثان . عندها، وقف إيثان بجانبها، مما عزز رسالتها.

 

“قد يكون ذلك صحيحًا، وقد لا يكون.”

 

كان حديث إيثان غامضًا إلى حد ما.

 

وهذا الغموض انعكس على وجوه قادة الطوائف، باستثناء شخص واحد فقط.

 

“لا! إذا قالت القديسة ذلك، فهو بالتأكيد صحيح!”

 

في تلك اللحظة، قرر زعيم طائفة تشيتراش، الذي كان يراقب بصمت، أن يتدخل بالكلام.

 

“ما تقولينه يفتقر لبعض الدقة، أيتها القديسة. هل لنا أن نشارككِ الفهم الذي توصلتِ إليه، إن لم يكن ذلك إزعاجًا؟”

 

كان هناك كثيرون يؤمنون بتشيتراش، لكن كم منهم انضم فعلًا إلى طائفة تشيتراش؟

 

سواء كانت القوة السحرية أو القوة المقدسة، فإن أي شخص يمتلك قوى تشيتراش ينتهي به المطاف تحت تأثير عائلة بور.

 

لذلك، لم تكن هذه الطائفة تتمتع بنفوذ كبير.

 

“بالطبع. لقد دعوتكم هنا لنشارك هذا الفهم معًا.”

 

ردت رينا بابتسامة تليق بدور القديسة، ثم خطت خطوات واثقة نحو المنصة المركزية المحاطة بالطاولات الدائرية.

 

بالطبع، لم تنسَ استخدام سحر الرياح الخفيف لإضافة تأثير مميز أثناء تقدمها.

 

بمظهر أنيق ومنعش، وقفت رينا على المنصة ونظرت إلى قادة الطوائف ومساعديهم.

 

“حكام في الوقت الحالي… تقلل من تأثيرها عمدًا.”

 

كان هذا الكلام صادمًا لدرجة أن الجميع تجمدوا في أماكنهم.

 

“عمدًا تقلل من تأثيرها…؟”

 

“ما هذا الذي تقولينه؟”

 

“هل هذا يعني أن حكام تخلت عنا؟”

 

القوة العظيمة التي يملكها رينا وإيثان كانت سببًا كافيًا لجعل الجميع يصدقون كلماتها دون أدنى شك.

 

لكنهم كانوا في حيرة بسبب المعنى الضمني لما قالته.

 

“حكام لم تتخلَّ عنا.”

 

“لكن لماذا إذن…؟”

 

نظرت رينا إليهم وردت بجملة قصيرة فقط:

 

“لأن حكام أدركوا أنه لا يمكنهم احتضان أطفالهم إلى الأبد.”

 

الآن، حان وقت البدء في الخداع الكبير.