سألت سكارليت: “إذا كنتَ تشك بأنني أتواطأ مع الشرطة الملكية … لمَ جئتَ إليّ؟ كان بإمكانك سؤال شخص آخر”

“لا يمكنني سؤال البحرية عن هذا ، و العائلة الملكية …”

نظر جوزيف إلى سكارليت ، محاولًا قراءة شخصيتها من وجهها الرقيق.

بعد لحظة ، قال: “أعلم أنكِ تصلحين الترام”

“كيف عرفت؟”

“أخي الأكبر سائق ترام”

توقفت سكارليت. أضاف جوزيف بسرعة: “لم يخبرني أخي عن قصد. رأيتكِ فقط عندما زرتُ مكان عمله”

“…”

“أخي ممتن لكِ جدًا. قال إنه يحترمكِ رغم أنكِ أصغر منه بثلاثين عامًا. على أي حال ، تفاجأت بوجود السيد هيرام هنا ، لكنني جئت إليكِ بثقة نسبية”

تنفس جوزيف بعمق و أكمل: “سأخبركِ لمَ لا يمكنني الاعتماد إلا عليكِ”

أخرج دفترًا من جيبه و ناوله لها: “هذه قائمة بأسماء الأشخاص من العائلة الملكية و مجلس الشيوخ الذين يُعتقد أنهم يتواطؤون مع فيستينا”

نظرت سكارليت إلى الدفتر ، و اتسعت عيناها: “ولي العهد؟”

“نعم”

“لماذا؟”

“في الواقع ، الأمير الوريث هو من يدير شؤون الدولة الآن. أما ولي العهد يولي إيرين ، فهو يتولى معظم الزيارات الدبلوماسية ، أليس كذلك؟”

“نعم”

“خلال تلك الزيارات ، رأى قوة فيستينا العسكرية ، و أيقن بهزيمة سالانتير”

“…”

“ولي العهد يولي إيرين هو من منع إصلاح الترام بالقانون. و الأعضاء المذكورون في الدفتر هم من أيدوا القانون”

“إذن ، منع إصلاح الترام كان لصالح فيستينا”

“نعم ، سياسات لقمع تطور تكنولوجيا سالانتير ، لتسهيل ابتلاعها من قبل فيستينا”

بدأت يد سكارليت التي تمسك الدفتر ترتجف.

“هل يجوز لكَ إظهار هذا لي؟”

“نعم. أولاً ، لأن أعضاء مجلس النواب يعتقدون أنكِ متورطة بعمق في هذا الأمر …”

“بسبب إصلاح الترام؟”

مسح جوزيف عرقه و قال: “حسنًا … من الناحية النظرية ، ليس بسبب معتقدات دينية خاطئة؟ والداكِ ، الكونت كريمسون و زوجته …”

رفعت سكارليت رأسها: “والداي؟”

“لا، لا، مجرد تخمين”

“أي تخمين؟”

بلع جوزيف ريقه لنبرتها الحادة.

كانوا بحاجة إلى سكارليت كريمسون. ربما كانت أفضل مهندسة في سالانتير ، و قادرة على الوصول إلى فيكتور دومفيلت للحصول على المعلومات.

قال جوزيف أخيرًا: “على مدى السنوات العشر الماضية، احتقر جلالته المهندسين لأسباب دينية. لقد تبنى معتقدات خاطئة. لذلك … ربما يُعتقد أن المهندسين الذين قُتلوا في تلك الفترة قُتلوا بسبب معتقدات جلالته”

شدت سكارليت قبضتها على الدفتر حتى برزت عروقها: “هل تقول إن والديّ ربما قُتلا بسبب هذه المعتقدات الدينية؟”

“بصراحة ، أعضاء مجلس النواب يعتبرون هذا أمرًا مؤكدًا تقريبًا”

تشوه وجه سكارليت. لم تستطع قبول هذا. 

عضت أسنانها بقوة: “هل تقول إن والديّ ماتا ، و إيساك عاش أعمى ، فقط بسبب هذا؟”

“نعم ، هذا صحيح”

حاولت كبح غضبها ، لكنها شعرت بالغثيان. أمسكت الطاولة بكلتا يديها.

أكمل جوزيف: “و دفع شباب في عمركِ ثمن هذه الخيارات الخاطئة. هل يمكنني تعويض ذلك بالاعتذار؟”

كان وجه جوزيف كئيبًا. بعد صمت ، قال: “أرجوكِ ، آنسة سكارليت ، اكتشفي إذا كان القائد فيكتور سينضم إلى فيستينا”

“و إذا كان كذلك؟”

“فإن سالانتير لن يكون لها أمل”

“إذن ، هل ستبحث عن طريقة للنجاة؟”  

ضحك جوزيف: “من سيتقبل شخصًا تافهًا مثلي؟ سأموت هنا مهما حدث. لكن إذا كان القائد فيكتور يشاركنا رأي مجلس النواب ، يمكننا العمل معًا لإنقاذ سالانتير”

شعرت سكارليت بقليل من الراحة من كلماته.

أومأت دون كلام. لكنها لم تثق بجوزيف فيليكس تمامًا.

بعد توقف حديثهما ، عاد أندري. نهض جوزيف و قال بحرج: “آسف ، لقد أعددت الحلويات و لم أتناولها”

“توقعت ذلك ، لذا اشتريت ديفينش للمديرة فقط”

“حقًا ، خبرتك في الشرطة الملكية لا تُنسى”

ضحك جوزيف بحرج و نظر إلى سكارليت و أندري بعدم تصديق. قال أندري: “قلتُ إنني تركتُ الشرطة الملكية”

لم يفهم جوزيف كيف أصبح هيرام هنا. 

غادر مرتبكًا كما جاء. 

قال أندري: “إذا انتهيتما ، يجب أن تعودي للعمل ، مديرة”

“…”

“مديرة”

كانت سكارليت جالسة كمن فقدت روحها.

كان النهار الشتوي القصير يمر ، و غطى الغروب المتجر.

في هذا المشهد ، بدت سكارليت كأنها تجعل من يراها يشتاق للشراب. فكر أندري أن فيكتور ربما شرب كثيرًا لهذا السبب.

ناداها مرة أخرى: “مديرة”

رفعت سكارليت رأسها أخيرًا: “أنت تعرف ، أليس كذلك؟ كنت في الشرطة الملكية”

“ماذا؟”  

“حادث العربة الذي قُتل فيه والداي”

أجاب أندري بهدوء و هو يحمل كيس الخبز: “لا أعرف. حدث ذلك قبل انضمامي للشرطة”

“لم يكن منذ زمن طويل. كم كان عمرك عندما انضممت؟”

“ستة عشر عامًا”

“حقًا؟ إذن ، أنت أكبر مني بثلاث سنوات فقط؟”

“نعم ، العمر صحيح”

أكمل أندري: “إذا كنتِ تسألين إن كان حادث العربة حقيقيًا ، فأنا لا أعرف. لم تصلني تلك المعلومات”

“أريد أن أعرف”

“سأحاول معرفة ذلك”

“حقًا؟”

“لكن ضعي في اعتباركِ أنني قد أموت أثناء البحث”

“ماذا؟”

“أقول هذا حتى لا تشعري بالذنب. على أي حال ، حتى لو لم أبحث ، الشرطة الملكية تستهدفني بالفعل”

“ماذا تعني؟”

“بعد تركي الشرطة ، كانت هناك محاولتان لقتلي. كنت أتوقع ذلك”

قفز قلب سكارليت: “تركُ الشرطة ليس جريمة!”

“لقد رأيتِ كيف كان جوزيف يحترس مني. أملك معلومات مزعجة للشرطة الملكية”

أكمل: “على أي حال، هذا هو الوضع. لا تتفاجئي إذا متُّ يومًا”

هزت سكارليت رأسها بقوة: “لا!”

“ماذا؟”

“لا تمت!”

“هذا ليس بيدي”

تحدث أندري بهدوء: “سيستغرق الأمر وقتًا ، لكنني سأجد الإجابات. لا تعرفين ، لكنني مدين لكِ”

أرادت سكارليت سؤاله المزيد ، لكنها اكتفت بالإيماء.