خشيت سكارليت أن يُساء فهمها إن دعت فيكتور لشرب الشاي ليلتين متتاليتين ، فوضعت المهدئ في زجاجة ماء ، لكنه لم يشرب منها.
جذبها فيكتور إليه ، و وضع يده على خصرها. عندما لمست يده الدافئة جسدها البارد ، أغمضت عينيها بقوة.
تحدث فيكتور: “لمَ كذبتِ؟ جئتِ أمس أيضًا”
“لم آتِ”
نفَت ، لكن يده مرت على ندبتها ، ثم توقفت عند فخذها: “إذن ، كيف عرفتُ بوجود ندبة من هنا إلى هنا؟”
“ربما من تقرير”
“لمَ تصرين على الإنكار؟”
نظرت إليه و حاولت الإفلات ، لكن فيكتور جذبها إلى حجره: “كنتِ هنا بالتأكيد”
“…”
لم تكن رعشته وهمًا ، إذ شعرت بها أوضح عندما عانقها. شعرت بالذنب لمحاولتها إعطاءه دواءً لا يريده ، فلم تدفعه بعيدًا فورًا.
كأنه تأكد من شيء لعدم دفعها إياه ، اقترب فيكتور بشفتيه من رقبتها. تفاجأت سكارليت و أغلقت فمه بيدها.
توقف على الفور ، و بعد أن رتبت أفكارها ، قالت: “لم تتناول العشاء ، أليس كذلك؟”
“تسألين بسبب المهدئ؟”
ارتجفت كتفاها. لم تتحدث ، فتابع: “كان قويًا”
“إن كنتَ تعلم ، لمَ شربت الشاي؟”
“لأنكِ أنتِ من قدمته”
“إنه دواء يستخدمه القراصنة”
لم يبدُ الأمر مهمًا له ، أو ربما توقعه ، فسأل بهدوء: “لمَ أعطيتني المهدئ؟”
دفعته للإفلات ، لكن الظلام جعلها عاجزة مثل فيكتور ، بل كان هو أكثر حساسية. أمسكها ، و ألقاها على السرير ، و أمسك معصميها بيد واحدة ، و بحث بيده الأخرى حتى وجد زجاجة الدواء في جيب ردائها.
هز الزجاجة بجانب أذنه ، و سمع صوت السائل: “قلتُ إنني لا أريد استخدامه”
نظرت إليه بحدة:”أنتَ من قال إن علينا استغلال الأحياء. لكن إن فقدتَ بصرك ، ستنخفض قيمتك. لذا فعلتُ ذلك”
لو كان شخصًا آخر أضر بشرفه هكذا ، لربما قتله. لكن فيكتور لم يشد قبضته ، و ظل ساكنًا.
في صمتٍ محرج ، قالت سكارليت ما أعدته: “أنتَ أيضًا استخدمته”
“ماذا؟”
“عندما كنتُ أفقد ذاكرتي ، أعطيتني مضاد السم”
“لأنه كان ضروريًا لكِ ، لا لي”
“أليس ذلك خارجًا عن معاييرك أيضًا؟”
“نعم ، جدًا. لكن ماذا أفعل؟ كنتِ تنسينني”
غاص صوته. رنّت نبرته المنخفضة بوضوح رغم المطر ، و بقوة جعلتها عاجزة عن الإفلات.
على الرغم من علمها أنه لا يرى تعبيراتها ، أدارت وجهها لإخفاء مشاعرها: “كان يجب أن تتركني أنسى. معظم ما أعطيتني إياه كان جروحًا”
“…”
“عندما أراك ، أشعر بالحزن ، و سيظل الأمر كذلك إلى الأبد”
أمسك وجهها ، مدركًا أنها أدارت رأسها نحو صوته. أعاد وجهها نحوه ، و انحنى و سأل: “ماذا كنتِ تريدين؟ ماذا كان يجب أن أفعل لتكوني أقل حزنًا؟”
“كنت أريد ، بشكل طفولي … يومًا واحدًا خلال زواجنا … عندما كنت أزور غرفتك لأنني اشتقت إليك ، كنت أتمنى أن تمسكني و أنا أعود إلى غرفتي ، و تطلب مني البقاء. أعلم أنك لست هذا الشخص ، لكن هل هذا طمع؟”
“…”
“لمَ تخفي عني الكثير؟ وفاة والديّ ، و فقدان بصرك ، لمَ أخفيتهما؟ كيف أحب شخصًا بجدران صلبة مثلك؟”
كان صوته واضحًا ، بينما كان صوتها يختفي أحيانًا في صوت المطر. فكرت أن صوتها ربما كان دائمًا يُطمس بالدموع ، فلا يصل إليه.
تمتمت: “ليس فقط يوم الطلاق ، بل كل يوم. لو أمسكتني ولو مرة …”
استمع فيكتور طويلًا ، ثم سأل: “هل الإمساك بكِ الآن بلا معنى؟”
أمسكت قبضتيها بقوة ، و حاولت أن تكون واضحة: “لا يمكنك إعطائي ما أريده”
عند نبرتها المستسلمة ، أفلتها فيكتور و نهض. فتح الزجاجة و سأل: “كيف أستخدمه؟”
“…”
“إن كنتِ تريدينني أن أستخدمه ، سأفعل ، إن كان هذا ما تريدينه. ثم أخبريني بما تريدينه بعد ذلك”
“ألم تقل إنك لا تريده؟”
“كنت أتمنى أن يكون لديكِ شيء تريدينه مني. سواء قلتِ إنكِ حامل ، أو كذبتِ بحبك لي. إن كان لديكِ أي شيء تريدينه ، سأفعله”
نظرت إليه بعيون تتأقلم مع الظلام ، و أرادت رؤية تعبيراته. فتحت الدرج ، أشعلت عود ثقاب ، و أضاءت المصباح. أخذت الزجاجة من يده.
دفعته برفق إلى السرير. استلقى القائد الذي يقود الأساطيل تحت يدها. كان ينظر إليها ، و هي تركز على عينيه. كانت عيناه تحمل وحدة باردة كبحر الشتاء.
كانت تعلم داخله أنه وحيد ، فتمنت أن تكون بجانبه ، لتملأ وحدته.
بينما كانت تضع القماش على عينيه ، سأل فيكتور: “أخبريني بما تفكرين”
“لا أفكر سوى أنني أريدك أن ترى”
“فكّرتِ بشيء آخر الآن”
رغم أن حواسه ضعفت بعد فقدان بصره ، أصبح أكثر حساسية لمشاعرها. تذكرت سكارليت كيف حاول إيساك ، حاميها الوحيد ، قراءة مزاجها. ربما كان هذا الشعور.
قالت: “فقط …”
“فقط ماذا؟”
“أدركت أنك تتركني دون كلام ، و أنا من تتبعك دائمًا ، كما كان الحال منذ أن عرفتك. فشعرتُ فجأة بالبؤس”
“…”
كان يهرب إلى أعماق الغابة كحيوان مطارد.
“تمنيت أن تكون مهووسًا بي كما كنتُ مهووسة بك. كنتُ وحيدة أيضًا”
اقتربت بالدواء من عينيه.
حرك فيكتور يده و أمسك معصمها ، لكنه لم يمنعها. سكبت الدواء على القماش بيدها الممسوكة.
بعد الانتهاء ، أزالت القماش. فتح فيكتور عينيه و نظر إليها. رغم أنه لا يرى بوضوح ، بدت عيناه كأنها تخترقانها.
فجأة ، سُمع طرق عاجل على الباب: “القائد!”
كان صوت إيفان.
نهضت سكارليت: “سأذهب”
“يكفيني ما تلقيته من رعايتكِ”
نهض فيكتور ، و توجه إلى الباب بمهارة. رتبت سكارليت رداءها و جلست على السرير. رأت إيفان يبدو مبتهجًا ، فلا بد أنها أخبار جيدة.
وبّخ فيكتور إيفان: “ألم أقل لك أن تبقى في المطار؟”
“لكن هذه أخبار يجب إبلاغها بسرعة”
نظر إيفان إلى سكارليت ، و تحدث بصوت مسموع لها: “طلبوا من فيستينا تأجيل الاجتماع أسبوعًا ، مع تأكيد رؤية الطائرة الثالثة”
أومأ فيكتور ، فركض إيفان بعيدًا.
أُنيرَت غرفة الاستقبال ، و بدأت التحضيرات للاجتماع. ترددت سكارليت ، بينما دخل كبار المفاوضين بملابس رسمية.
شعرت بالحرج لخروجها بثوب نوم ، فبقيت مرتبكة. عاد فيكتور بزي البحرية الرسمي بسرعة مذهلة ، و قالت سكارليت: “سيبدو خروجي الآن غريبًا ، أليس كذلك؟”
“بالطبع ، إن خرجت زوجتي السابقة بثوب نوم من غرفتي ، ما لم يكن الجميع يعلمون بخطتك”
“ليس الجميع”
أمسكت رداءها بقوة. التفت فيكتور إليها و مشى نحو السرير: “سأعاقب المتورطين لاحقًا، فكوني دقيقة”
“ماذا؟”
“هل ظننتِ أنكِ ستخدعينني و تمرين بسلام؟”
انحنى نحو مصدر صوتها: “أستطيع تخمين تعبيراتكِ”
“أي تعبيرات؟”
“تنظرين إليّ كأنني قاسٍ”
“ألستَ كذلك؟ تجاهلتُ الأمر من أجلك”
“تجاهلتِ من أجلي رغم علمك بالعقوبة”
“…”
عضت سكارليت شفتها السفلى. كيف عرف ذلك رغم أنه لا يرى؟ مد يده و لمس شفتها ، لكنه تنهد و أزال يده.
عبست سكارليت: “لمَ التنهد؟”
“إن قلتُ شيئًا ، ستغضبين. سأطلب منكِ عدم تغييره ، لكنكِ لن تفعلي”
“أحاول تغييره ، لكنه لا يتغير”
“أعلم ، لا يمكن تغييره”
نهض. نظرت إليه وهو يرتب أكمامه و سألت: “ما الذي لا يتغير؟”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات