وجدت كيرين نفسها عاجزةً عن الكلام بينما كان آريس ينظر مباشرة في عينيها.
لم تكن تتجنبه لإيذاء مشاعره. لقد احتاجت فقط للهرب لبعض الوقت لأنها لم تستطع مواجهته بشكلٍ طبيعي حتى تتأكد من مشاعرها الحقيقية.
“لم أقصد ذلك.”
“سواء قصدتي أم لا، فقد جعلتِني أشعر بالسوء.”
“هذا …”
عند لهجته الحازمة، حكّت كيرين خدها.
رغم شعورها ببعض الظلم، كان عليها الاعتراف أنه محق.
“أنا آسفة.”
أخيرًا، اعتذرت كيرين بضعف. حتى هي عرفت أنها كانت مخطئة.
لحسن الحظ، لانت ملامح آريس وكأنها أعطت الإجابة الصحيحة. لكنه لم يترك الأمر تمامًا.
“إذن عديني أنك لن تتجنبيني بعد الآن.”
“الآن؟”
“نعم، الآن.”
“حسنًا. لن أتجنبكَ بعد الآن.”
“جيد.”
فقط عندها أظهر آريس ابتسامةً مسترخية.
بينما كانت تراقبه بهدوء، سألته كيرين بحذر.
“ألا يزعجكَ الأمر؟”
“أي أمر؟”
“أن إشاعاتٍ كهذه تنتشر عنا.”
بشكلٍ ما شعرت بعدم الارتياح لقول كلمات مثل ‘خطوبة’ أو ‘زواج’ مباشرة، فتحدثت بطريقة غير مباشرة.
آريس، الذي فهم ما تعنيه على الفور، أظهر رد فعل غير مكترث.
“لا أمانع.”
“ظننتُ أنك ستكره ذلك. هذا غير متوقع.”
“ليس لدي سببٌ لأكرهه.”
هز آريس كتفيه بخفة وابتسم ابتسامة مثالية.
” سيحدث ذلك في نهاية المطاف على أي حال.”
“…؟”
حتى بينما حدقت فيه كيرين غير مصدقة لوقاحته، لم يرمش آريس حتى.
“مَن قرر ذلك؟!”
“أنا.”
رغم مواجهتها الفورية له، إلّا أن ابتسامة آريس ازدادت اتّساعًا فقط.
***
“إذن أنتما هكذا، أليس كذلك؟”
“هكذا ماذا؟”
بعد شجارها القصير مع آريس، عندما دخلت كيرين المختبر، سألتها زميلتها وكأنها كانت تنتظرها.
رغم أنها فهمت السؤال المفاجئ، إلا أن كيرين تظاهرت بالجهل.
عبست زميلتها قليلًا.
“أنتِ واللورد آريس.”
“لسنا هكذا.”
“ماذا تعنين لستما هكذا؟ أكثر من بضعة أشخاص رأوكما اليوم تسيران معًا بشكل حميمي.”
“أخبرتُكِ أن الأمر ليس كذلك.”
يبدو أن الإشاعات قد انتشرت بالفعل.
رغم شعورها بعدم الارتياح داخليًا، جلست كيرين وكأن شيئًا لم يكن.
لكن زميلتها جلست بجانبها وسألت بحذر.
“كوني صادقة. لديكِ مشاعرٌ تجاه اللورد آريس، أليس كذلك؟”
“فقط اعملي. أتخططين للسهر مرةً أخرى الليلة؟”
“هذا شأني. على أيّ حال، ماذا عنكِ؟ ألستِ مهتمة؟”
“لا. على الإطلاق.”
“أوه، هيا، أنتِ تكذبين.”
أصرّت زميلتها عليها أن تكون صادقة، ثم انفجرت في الضحك.
“أتعلمين ماذا؟”
“ماذا؟”
“أنتِ دائمًا تنكرين الأمور مرتين عندما تكذبين.”
“عم تتحدثين؟ هذا غير صحيح.”
حتى بينما أنكرت كيرين بقوة، تجاهلت زميلتها اعتراضاتها. جلست تضحك، مما أزعجها.
“أوه صحيح، تذكرتُ للتو. الكاهن الأكبر كان يبحث عنكِ اليوم.”
“الكاهن الأكبر؟ آه…”
للحظة، رمشت كيرين في حيرة، غير متفهمة، ثم أخرجت نفسًا متأخرًا.
‘فينسنت…’
رغم انفصالهما بهذه الطريقة، سماع أنه جاء لرؤيتها مرة أخرى جعلها تشعر بالذنب والمرارة.
‘يجب أن أقابله رغم ذلك…’
في الحقيقة، لم تكن تعرف ما ستقول عندما تلتقيه. إجابتها لم تتغير، ولم تكن تريد إيذاءه مرة أخرى برفضه مجددًا.
“نعم، قال أن أحرص على إخباركِ أنه جاء يبحث عنكِ.”
“….”
بعد سماع ذلك، لم يكن هناك طريقة لتجنب مقابلته.
“حسنًا، شكرًا.”
ابتسمت كيرين بشكل محرج بينما أخرجت نفسًا عميقًا داخليًا.
كانت هذه المرة الأولى التي تريد فيها تجنب رؤية فينسنت بشدة.
***
“هااه …”
بعد ترتيب المختبر قليلًا، أخرجت كيرين نفسًا طويلًا وكأنها كانت تحبسه.
كان من الصواب مقابلته لأنها لم تكن تعرف متى ستتمكن من رؤية فينسنت مجددًا. حتى أنه أرسل رسالة يقول فيها أنه سينتظر في المقهى، لذا لم تستطع تجاهله.
‘ماذا أقول عندما أقابله…’
عدم معرفتها ما تقول جعل الأمر أكثر إحراجًا.
لكن معرفتها أن تجنبه سيؤذي فينسنت أكثر، جعلتها أخيرًا تجبر نفسها على دخول المقهى.
بمجرد دخولها، التقت عيناها بعيني فينسنت. كان بالفعل جالسًا بهدوء في مقعده.
“مرحبًا.”
“مرحبًا.”
“….”
“….”
تبادلا تحيات محرجة، لكن سرعان ما ساد الصمت بينهما. بينما كانت جالسة مقابل فينسنت، شبكت كيرين يديها وحولت عينيها في الأرجاء.
“هل أُشعِرُكُ بعدم الراحة الآن؟”
“ماذا؟”
اتسعت عينا كيرين في المفاجأة، لم تتوقع سؤالًا مباشرًا كهذا.
“آه، لا. ليس كذلك.”
“….”
رغم إنكارها القوي، من الواضح أن فينسنت لم يصدقها.
حتى هي اعتقدت أنه من الغباء تصديق إنكارٍ كهذا.
‘هذا يقودني للجنون.’
عضت شفتها وتحدثت بصدق بكل ما في وسعها.
“تريدني أن أكون صادقة؟ حسنًا، أنا غير مرتاحة. ألن يكون غريبًا لو كنتُ غير ذلك؟”
سيكون كذبًا القول أنها لم تشعر بعدم الراحة بعد اكتشاف أن صديقًا مقربًا لها لديه مشاعر رومانسية تجاهها.
“إذن ماذا تريد أن تفعل من الآن فصاعدًا؟”
جزء منها شعر بالاستياء تجاه فينسنت. لكن معرفتها أن مشاعر القلب لا يمكن التحكم بها كما نريد، جعلتها تشعر بالتعاطف أيضًا.
“أردتُ فقط أن تفهمي مشاعري قليلًا.”
“….”
سكتت كيرين عند كلماته الحزينة. بطريقة ما، طلبه أن تفهم مشاعره بدا وكأنه يطلب منها أن تبادله المشاعر.
“لنبتعد عن بعضنا لبعض الوقت. ربما عندها ستختفي هذه المشاعر.”
تحدثت كيرين بنبرة تنهد بينما وقفت ببطء.
رغم أن علاقتهما كانت محطمة بالفعل، لم تستطع قطع علاقتها بفينسنت تمامًا.
آمنت أن الأمور يمكن أن تعود لطبيعتها بسرعة إذا تمكن فينسنت فقط من التخلي عن مشاعره تجاهها.
لكن فينسنت قال شيئًا غير متوقع.
“هل تحبّينه؟”
تجمدت كيرين عند الصوت الذي وصلها بينما كانت على وشك الالتفات. شعرت أنها تعرف مَن يعني بـ ‘هو’.
“لا أفهم لماذا تسأل ذلك. هل يجب أن أجيب؟”
“إذن هل أسأل شيئًا آخر؟ هل قال أنه يحبّكِ؟”
“….”
بينما كانت الأسئلة تتجاوز الحدود أكثر فأكثر، لم تعد كيرين قادرة على الحفاظ على رباطة جأشها.
غير قادرة على كبح استيائها، تسربت ابتسامة مريرة من شفتيها.
“لا أفهم ما الذي تحاول تحقيقه بالسؤال. أي فرقٍ سيحدث إذا أخبرتُك؟”
“أريد أن أعرف كيف تشعرين.”
“….”
ذلك جعل الإجابة أكثر استحالة.
لم تكن حتى متأكدة من مشاعرها بعد.
“لا أعرف. لكنه قال أنه يحبّني.”
رغم أنها قد تبدو غير صادقة، إلا أنها كانت أفضل إجابة يمكنها تقديمها الآن.
لكن فينسنت بقي مُصرًّا.
“إذن كيف شعرتِ؟ هل كنتِ سعيدةً لسماع ذلك؟ أم…”
“لنتوقف هنا. أعتقد أن هذا سيجعلكَ فقط تشعر بعدم الارتياح أكثر.”
“….”
بهذه الكلمات الأخيرة، غادرت كيرين دون تردد. رغم أنها شعرت بنظراته على ظهرها، لم تلتفت.
‘هل كنتُ سعيدة؟’
بمجرد خروجها من المقهى، استمرت كلمات فينسنت في التردد في ذهنها.
في الحقيقة، عندما علمت بمشاعر آريس، لم تشعر بعدم الراحة على الإطلاق. كان الأمر مختلفًا تمامًا عما شعرت به عندما اعترف فينسنت.
بينما جعلها اعتراف فينسنت تشعر بالقلق والإحراج، مع آريس كان الأمر أشبه بـ…
المفاجأة والانبهار. ورغم أنها لم تُرِد الاعتراف بذلك، شعرت بالإثارة قليلًا أيضًا.
[هل تحبّينه؟]
تذكرت صوته الهادئ لكن المليء بالقلق، وأمالت رأسها للخلف مع تنهد طويل.
فوقها امتدت سماء الليل، تبدو وكأنها ملحٌ متناثرٌ على ورقٍ أسود.
‘أنا…’
ما زالت لا تريد الاعتراف بذلك. خاصة أنه آريس من بين كل الناس.
‘نعم، هذا صحيح.’
أخرجت كيرين ضحكة ضعيفة مستسلمة.
العاطفة التي شعرت بها عندما علمت بمشاعر آريس كانت بالتأكيد النشوة.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل "90"