“مَن هو ذلك الشخص؟”
في سن العشرين، بالتزامن مع تعيين كيرين كساحرةٍ إمبراطورية، كانت علاقتها المشؤومة مع آريس على وشك أن تبدأ. بعد أن رصدت آريس على بُعدٍ غير بعيد، سألت كيرين زميلتها الساحرة الإمبراطورية التي كانت تسير بجانبها.
تفاجأت زميلتها بالسؤال، فأمالت رأسها قبل أن تتبع إصبعها المشير. مع ‘آه’، انفجرت في الضحك وقالت.
“تقصدين آريس أرينسيس؟”
أشار إصبعها الشاحب نحو آريس، الذي كان يسير بحضوره القيادي المعتاد. شعره الفضي المرتب كان مشعّثًا قليلاً بسبب الريح، لكن حتى ذلك بدا لافتًا بدرجةٍ كافيةٍ لجذب الأنظار.
“لستُ مهتمةً باسمه. أيّ نوعٍ من الأشخاص هو؟”
“حسنًا، كما ترين، مظهره استثنائي، وقد انضم إلى فرسان الامبراطورية بتفوّق، لذا مهاراته مضمونة. بالإضافة إلى ذلك، فهو ابن دوق أرينسيس.”
كان يُعتبر أحد أكثر العزّاب المؤهلين في إمبراطورية أرتيوم. ومع ذلك، بسبب شخصيته الحسّاسة والقاسية، كلّ امرأةٍ تقترب منه يتم رفضها دون استثناء. ربما بسبب هذا، بدا أن المزيد من الناس يتطلّعون إليه.
“لا تخبريني أنكِ مهتمّةٌ به؟”
لم يكن الأمر غريبًا لو كانت مهتمّة. في الواقع، كان من الممكن اعتباره أمرًا طبيعيًا.
ولكن بمجرّد أن سمعت تلك الكلمات، صرّت كيرين أسنانها بشراسةٍ غير مسبوقة.
“هل أنتِ مجنونة؟ لماذا أكون مهتمّةً بشخصيةٍ سخيفةٍ كهذه؟”
“ربما لأنك رُفضتِ عندما اعترفتِ له…”
“هذا يكفي.”
عندما رأت أنها تبدو مستعدةً للقتال إذا استمرّت، اكتفت زميلتها بهزّ كتفيها بينما ألقت نظرةً خاطفةً على كيرين.
بالتفكير في الأمر، يبدو أن كيرين وآريس لا يشتركان حتى في أقل القواسم المشتركة. الصفة الوحيدة المشتركة بينهما، إن وُجدت، هي أن كليهما يمتلك مظهرًا لافتًا بدرجةٍ تجذب انتباه الجميع.
لكن هالتيهما كانتا مختلفتين تمامًا. بينما تمتلك كيرين جمال امرأةٍ حادّة الملامح، كان آريس يمتلك جمالًا يبدو وكأنه خرج من لوحة رسامٍ عظيم – نقيًا وراقيًا.
‘آه، هناك شيءٌ آخرٌ مشتركٌ بينهما.’
كلاهما يتمتع بشخصياتٍ سيئة. إذا اضطررنا إلى اختيار الأسوأ بينهما، فبلا شك سيفوز آريس.
على عكس كيرين، التي على الرغم من معرفتها بقيمتها، تحافظ على حدودٍ معيّنةٍ وتُفاجِئ الناس بحبّها لهم، كان آريس يطلق نظرات ازدراءٍ على أيّ شخصٍ يلتقي معه بصره.
‘ومع ذلك، ستبدو وجوههما متناغمة معًا.’
بينما كانت زميلتها تحدّق لا إراديًا بين كيرين وآريس، شعرت بنظرةٍ باردةٍ من جانبها.
“أشعر أنكِ تفكّرين في شيءٍ مزعج.”
“ليس الأمر كذلك. لكن لماذا تكرهين أرينسيس بهذا القدر؟”
عندما رأت اشمئزاز كيرين الفوري عند ذكر آريس، سألت بفضول. تجعّدت حاجبا كيرين بعمق.
“اتّهمني بأنني مهتمّةٌ به لمجرّد أن ملابسنا تلامست، وقال إن الأمر كلاسيكيٌّ ومبتذل.”
“هل حدث ذلك؟”
“نعم، ثار بهذا الشكل وغضب قائلاً إنه أمرٌ مزعج. كيف لا أكرهه؟”
مجرّد التفكير في الأمر بدا أنه يجعلها غاضبة لدرجة أن شفتيها ارتعشتا.
بينما قد تكون كيرين بالغت في الأمر، إلّا أنه وبالنظر إلى شخصية آريس، بدا الأمر معقولًا تمامًا، واستطاعت زميلتها فهم مشاعرها.
“حسنًا، على الرغم من البداية السيئة، لا فائدة من الاصطدام به. فكّري فيه وكأنه غير موجود.”
“هذا بالضبط ما أنوي فعله.”
ظنّوا أن فرصة التقائهما ستكون نادرة نظرًا لعملهما في مجالاتٍ مختلفة.
لكن هذا كان مجرّد افتراض.
***
“هنا، هذا هو آريس أرينسيس الذي انضم حديثًا. وهذه كيرين روزينتيان، ساحرة إمبراطورية في قسم الجرعات. رحّبا ببعضكما.”
“….”
“….”
ربما لأن قائد الفرسان الإمبراطوريين ورئيس السحرة كانا صديقين مقرّبين، كان هناك تفاعلٌ متكرّرٌ بين الأقسام المختلفة على الرغم من اختصاصاتهم المنفصلة.
بسبب هذا، اضطرّت كيرين لمواجهة شخصٍ لم تكن ترغب في رؤيته مرّةً أخرى. لكن يبدو أن الشعور كان متبادلاً، حيث تعكّرت تعابير آريس فور رؤيته لكيرين.
“لماذا تقفان هكذا؟ قلتُ رحّبا ببعضكما.”
“….”
“….”
دفع القائد آريس بينما دفع الرئيس كيرين، ولكن كما لو كان بالاتفاق، لم يُظهِر أيٌّ منهما أيّ رد فعل. فقط حدّقا في بعضهما بصمت.
‘لماذا يجب أن أرى هذا الوجه المزعج هنا أيضًا.’
لم تكن ترغب حتى في تبادل كلمةٍ واحدةٍ مع هذا الشخص عديم الشخصية الذي لا يمتلك سوى وجهًا جميلاً. متشاركين نفس الفكرة، نظر آريس إلى كيرين من زاوية عينه ثم أدار رأسه بعيدًا.
وكأنه رأى شيئًا مروّعًا.
‘أنا مروّعة، أليس كذلك!’
على الرغم من رغبتها في الصراخ غضبًا في تلك اللحظة، إلّا أنها كتمت غضبها نظرًا للجو الرسمي.
ولكن بمجرّد مغادرة القائد والرئيس بحجّة أعمالٍ مهمة، بدأ الاثنان ينتقدان بعضهما كما لو كانا ينتظران هذه اللحظة.
“هل تتبّعتِيني إلى هنا؟ هذا مثيرٌ للإعجاب.”
“وعيكَ الذاتي مبالغٌ فيه. مَن يتبع مَن؟ ألم تسمع ما قيل للتوّ؟”
لم تستطع فهم كيف لا يزال متمسّكًا بسوء الفهم السخيف هذا.
في الواقع، لم يكن الأمر غير مفهوم تمامًا. موضوعيًا، مظهر آريس كان فوق المتوسط، لذا يمكن أن تحدث مثل سوء الفهم هذا.
لكن عندما قالت إن الأمر غير صحيح، كان يجب أن يصدّقها. بدلاً من ذلك، استمر في سوء الفهم بأنها مهتمّةٌ به، مما جعل دمها يغلي.
“لستُ مهتمّةً بأشخاصٍ ضعفاء مثلك.”
“ضعيف؟ هل تنعتينني بالضعيف؟”
آريس، الذي كان واقفًا عاقدًا ذراعيه مع عبوسٍ خفيف، حدّق في كيرين بعينين واسعتين.
ظنّ أنه ربما أخطأ السمع، فاستمرّ في السؤال، عندها ردّت كيرين بأوضح نطقٍ ممكن.
“نعم. ضَـ ـعِـ ـيـ ـف.”
“هل أنتِ مجنونة؟”
يمكن لأيّ شخصٍ أن يرى أن كلمة ‘ضعيف’ لا تنطبق على آريس، الذي يتباهى ببُنيةٍ جسديةٍ مذهلة. بكتفين عريضين وطولٍ مناسب، أيّ شخصٍ قد يرغب في أن يتم احتضانه من قِبَلِه بدلاً من وصفه بالضعيف.
لكن كيرين نظرت إلى آريس من أعلى إلى أسفل بصراحةٍ قبل أن ترفع زاوية فمها في ابتسامة.
“تبدو جيدًا من الخارج فقط.”
أخيرًا، لم يعد آريس قادرًا على التحمّل، فأطلق ضحكةً باردة.
“أسمع كلّ أنواع الأشياء في حياتي.”
“هذا ما أردتُ قوله!”
بعد هذه الحادثة، كانت كيرين أوّل مَن تحدّى آريس في مبارزة. قَبِل آريس تحدّي كيرين لإثبات أنه ليس ضعيفًا.
ولكن نظرًا لأن كليهما لم يتراجع، لم يكن من السهل تحديد نتيجة المبارزة. قاتلا بشراسةٍ لدرجة أنهما دمّرا ساحة التدريب.
فيما بعد، دمّرا مختبر قسم السحر، ثم ساحة تدريب الفرسان، وأخيرًا حديقة الإمبراطور المحبوبة، مما دفع الإمبراطور إلى إنشاء ساحة تدريبٍ منفصلةٍ لهما.
على الرغم من ذلك، بدلاً من إظهار أيّ ندم، قاتل الاثنان بحماسٍ أكبر.
“ألستُما متعَدبَين من هذا؟”
في البداية، كان الناس يشاهدون باهتمامٍ لمعرفة مَن سيفوز، لكنهم الآن بدأوا يبتعدون واحدًا تلو الآخر. لقد تعبوا من مشاهدتهما يتقاتلان على أمورٍ تافهة.
لكن الطرفين المعنيين كانا لا يزالان يتقاتلان.
“لستَ متعبًا أبدًا؟”
“….”
بدلاً من ذلك، نظر الاثنان بغرابةٍ إلى أيّ شخصٍ يسأل إذا كانا متعبَين. جعلت هذه النظرات الآخرين يعتقدون أن هذين المشاغبين متطابقان تمامًا لبعضهما.
بعد أيامٍ قليلة، وقعت حادثة. بدأت الفتيات العازبات، خاصّةً اللواتي بلغن سن الرشد حديثًا، يختفين في سلسلةٍ من الحوادث.
بطبيعة الحال، تم تعيين كيرين وآريس لهذه القضية. عندما علما بهذا، حدّقا في بعضهما بنظراتٍ قاتلة، لكنهما وافقا على التعاون هذه المرّة، وفصلا الواجب العام عن المشاعر الشخصية.
لكن ذلك لم يدم طويلاً.
“أتطلب مني أن أرتدي ملابس امرأة؟”
وافق آريس على أنهم بحاجةٍ إلى شخصٍ لافتٍ ليكون طُعمًا لجذب الجاني.
لكنه لم يكن لديه أيّ نيّةٍ على الإطلاق لأن يكون ذلك الطُعم، مرتديًا ملابس امرأة.
“أنتَ الأكثر ملاءمةً بيننا.”
“أرفض.”
“هل تعصي الأوامر؟”
“….”
بينما استمر في الرفض، تصلّب تعبير القائد تدريجيًا.
لكنه كان يفضّل الموت على فعل ذلك. كان سيختار الموت على الفور لو أُعطي الخيار.
هذا عندما حدث ذلك.
“سأفعلها.”
قطع صوتٌ غير متوقّعٍ الجو.
عندما التفتوا، كان المفاجئ أن كيرين هي مَن تقدّمت.
“يمكنني فعلها، أليس كذلك؟”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل "83"