على الرغم من محاولات آريس الحثيثة لإقناع المرأة، لم تُبدِ أي رد فعل. استمرت فقط في علاج يده بصمت.
وبعد أن توقع أن تصل كلماته إليها، كافح آريس لإخفاء خيبة أمله.
أخيراً، غادرت المرأة الغرفة دون كلمة. بمجرد أن سمع الباب يُغلق، انهار على السرير غارقاً في الإحباط.
‘كم هذا محرج…’
كان متأكداً أن كيرين ستظهر عندما قال “عزيزتي ساعديني”، لكن لم يكن هناك أي تأثير. يبدو أن هناك نوعاً من الحاجز السحري أو تشويشاً على الموقع في المنطقة.
‘سيكون الهروب بمفردي صعباً.’
دعك عينيه بخشونة وأطلق تنهيدة عميقة. كان يعتقد أنه قد يتمكن من الهروب لو استطاع إقناع المرأة بشكلٍ صحيح، لكن ظهور فينسنت غير المتوقع جعل من الصعب معرفة كيفية المُضُي قدماً.
‘بالحديث عن ذلك، ما هدف ذلك الوغد؟’
بدا أن هدف المرأة هو إبقائه ليعيش معها. بتحديدٍ أكثر، يبدو أنها تريد العيش معه في مكانٍ منعزل، مثل القصر الأبيض. كبديلٍ لابنتها الميتة.
لكنه لم يستطع فهم سبب تورّط فينسنت في هذا.
‘ليس مجرّد تورّط – بل يبدو أنه هو العقل المدبّر وراء كل هذا؟’
تذكّر كيف بقيت المرأة صامتة وكأنها غير موجودة خلال محادثته مع فينسنت. بدا أن فينسنت هو العقل المدبر بالفعل.
‘إذن هذا الوغد هو مَن حرّض المرأة على هذا؟’
خرجت ضحكةٌ مريرةٌ بمجرّد أن خطرت له هذه الفكرة. إذا كان هذا صحيحاً، فهذا يعني أن الموقف بأكمله كان مخططاً له.
‘أولاً، عليّ الاتصال بكيرين بطريقةٍ ما.’
كان أمر محبطاً عدم وجود وسيلة اتصال.
‘يبدو أن محاولة إقناع المرأة أكثر قد يكون الخيار الأفضل.’
لاحظ تردّداً في عينيها عندما ذكر ابنتها الميتة. رغم محاولتها التظاهر بغير ذلك، بدت وكأنها تعرف أن كل ما قاله لم يكن خطأ.
مع ذلك، شاهدها وهي تحاول تجاهله وإنكاره، غير قادرةٍ على تقبل وفاة ابنتها.
‘في المرة القادمة التي أراها، عليّ تغيير رأيها بالتأكيد…’
وبينما كان يتخذ هذا القرار –
بدأ الباب المغلق ينزلق مفتوحاً بهدوء.
“…؟”
متسائلاً مَن يكون، قفز آريس من السرير لكنه تجمّد في مكانه.
المرأة التي غادرت للتوّ وقفت صامتةً في المدخل، تراقبه. كشخصٍ لديه شيءٌ ليقوله لكنه لا يعرف كيف يعبّر عنه.
بعد انتظاره لها لتبدأ بالكلام، أطلق آريس أخيراً تنهيدةً وكسر الصمت.
“هل لديكِ شيءٌ لتقوليه لي؟”
“…”
لكن لم يأتِ أيّ رد.
متوقعاً هذا، حدّق بها بصمتٍ قبل أن يتّكئ على الحائط. بينما كان يفكّر في كيفية تغيير رأيها –
“أنا آسفة.”
لكن … كلماتٌ لم يصدّق أنها قد تخرج من فم المرأة قد خرجت بالفعل.
“أعلم، أعلم لكن …”
مرّرت المرأة أصابعها بعنفٍ بين شعرها، تبدو مضطربةً حتى وهي تتكلّم. أصبح شعرها الأشعث أكثر تشابكاً من لمسها.
“أعلم، لكن لا أستطيع التحكّم بمشاعري.”
“…”
“لو أنكَ فقط… لو أنكَ فقط تفهم مشاعري…”
للحظة، غير قادرٍ على فهم ما تعنيه، عبس آريس قبل أن يطلق تنهيدةً منفعلة. كانت المحادثة تدور في حَلَقةٍ مفرغة مرّةً أخرى.
“تقولين أنكِ تعرفين كلّ شيء. إذا كنتِ تعرفين، كيف تتوقعين مني أن أصبح ابنتكِ؟”
فكرة أن المرأة طلبت تفهّمه يعني أنها تطلب منه بشكلٍ أساسي أن يصبح بديلاً لملء فراغها.
لكنه ليس ابنتها. لديه أمّه الخاصة، رغم أنها توفّيت، وهو نفسه رجل، وليس امرأة.
“هل تعرفين كم الألم الذي سببتيه لأمي؟”
“…”
“كأمّ، لا بد أنكِ تعرفين ما فعلتيه.”
“هذا ليس…”
“لا يمكنني ملء مكان ابنتكِ، روزي.”
“…!”
كانت المرّة الأولى التي ينطق فيها اسمها. حدّقت المرأة بآريس بتعبيرٍ مصدوم، من واضح أنها لم تتوقع منه استخدام اسمها.
“هل ظننتِ أنني لا أعرف اسمكِ؟”
ليس أنه لم يكن يعرف. فقط دفنه لأنه لم يرغب في تذكّره.
“تعرفين أنه لا أحد يمكنه ملء فراغ ابنتكِ.”
كان يقصد أن عليها التوقّف الآن. بغض النظر عن مدى التشابه، لن يكونوا ابنتها. حتى لو كان آريس نفسه أكثر شخصٍ يشبه تلك الابنة.
“حان الوقت لتصبحي أمًّا لن تخجل منكِ ابنتكِ.”
كان يأمل بيأسٍ أن تصل كلماته إليها هذه المرة.
***
“لستُ متأكداً مما إذا كان عليّ ذكر هذا أم لا…”
تحدّث سيد النقابة، الذي كان يبحث مع كيرين عن مخبأ المرأة المحتمل، بحذر.
“كان هناك شخصٌ يتجوّل حول المنزل الذي عاشت فيه تلك المرأة. قد يكون صدفة، أو قد لا يكون.”
لم يذكرها لكيرين لأنه لم يكن متأكداً، لكن في ضوء الموقف، كانت تزعجه بغرابة.
“مَن كان؟”
عندما أعطته نظرة مستعجلة كأنها تأمره بالتحدث بسرعة، استسلم سيد النقابة.
“كان هناك رجلٌ يستمر في المشي حول المكان.”
“كيف كان مظهره؟”
“كان يرتدي رداءً، لذا لم أستطع رؤية ملامحه بوضوح.”
“هل تمازحني؟”
بينما ردت كيرين بهياج، متسائلةً إذا كان يعتبر هذه معلوماتٍ مفيدة، رفع سيد النقابة يديه سريعاً.
“لا، انتظري، اسمعيني. لم أستطع رؤية وجهه، لكنني رأيتُ بُنيته جيداً.”
“كيف كانت بُنيته؟”
“كان طويل القامة. رغم أنني لم أستطع رؤية وجهه جيداً بسبب الرداء، إلا أن بشرته كانت فاتحة، وله خط فكٍّ نحيل.”
“هل هذا كلّ شيء؟”
عند نظراتها التي توحي بأن هذا لا يمكن أن يكون كل شيء، أمسك سيد النقابة رأسه وتمتم قبل أن يصرخ فجأة كما لو تذكّر شيئاً.
“أتذكّر!”
“ما هو؟”
“شعرٌ ذهبي!”
“شعرٌ ذهبي؟”
“خُصلةٌ من الشعر الذهبي كانت تبرز من تحت الرداء.”
“…”
بإحساسٍ مشؤوم، سكتت كيرين.
‘لا يمكن أن يكون…’
خطر شخصٌ ما في ذهن كيرين، لكنه بدا مستحيلاً جداً لتصديقه.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل "139"