“إلى أين يمكن أن يكون ذهب…”
حتى بعد تفتيش منزل تلك المرأة مرة أخرى، لم يتم العثور على أي أثر له. شعورها بأن البحث عن آريس بمفردها أمرٌ مُربك جعلها تتنهد بلا وعي.
وبما أن الأمر كان يُدار سرًّا، كان من الصعب تحديد ما إذا كان يجب عليها الإبلاغ عن الأمر فورًا أو الاستمرار في البحث بمفردها. لم تستطع سوى التنهد يومًا بعد يوم، بينما يشعر دمها بالبرودة، عاجزة عن التحرك في أي اتجاه—مشغولة البال بأن طلب المساعدة قد يمنح تلك المرأة فرصة أسهل للهروب.
‘لا، هذا بالضبط الوقت الذي يجب أن أكون فيه أكثر يقظة.’
هذا يتعلق بآريس، بعد كل شيء. رغم أنه قد تم اختطافه فجأة، فلا بد أنه يحاول العثور على طريقة للهروب.
‘أحتاج إلى مزيدٍ من المعلومات.’
كانت بحاجةٍ لمعرفة كل شيءٍ عن تلك المرأة. عندها ربما يمكنها اكتشاف المكان الذي عاشت فيه قبل القصر الأبيض.
بعد أن هدّأت من روعها، وضعت كيرين مخاوفها بشأن آريس جانبًا وتوجهت إلى أشهر نقابة في العاصمة.
رغم اعتقادها أنهم لن يتذكروها لأنها لم تتردد على المكان منذ وقتٍ طويل، تعرّف عليها رئيس النقابة بمجرد دخولها ورحّب بها بحرارة.
“أوه؟ لقد مرّ وقتٌ طويلٌ منذ أن رأيتُ هذا الوجه.”
بينما كان رئيس النقابة يتبادل معها حديثًا عابرًا، قائلًا إنه شعر بالإهمال منذ أن أصبحت ساحرة ملكية ولم تظهر، انتقلت كيرين مباشرة إلى صلب الموضوع.
“لديّ طلب.”
“طلب؟”
أخبرت كيرين رئيس النقابة المحتار كل ما تعرفه عن تلك المرأة. الخلاصة كانت أنها تريدهم أن يعثروا عليها.
“آه … قد يستغرق هذا بعض الوقت.”
كانت المعلومات المتاحة قليلة جدًا. الجنس، مكان الإقامة السابق، وحالة اجتماعية غير مؤكدة—هذه التفاصيل الثلاثة وحدها لن تجعل العثور على شخصٍ أمرًا سهلاً.
بينما ابتسم رئيس النقابة باعتذار، أطلقت كيرين تنهيدة طويلة قبل أن تقول بهدوء.
“المال ليس مشكلة.”
“حقًا؟”
نظر إليها رئيس النقابة وكأن هذا غير معتادٍ منها، فردت كيرين بجدية.
“كلما وجدتموها أسرع، كلما زاد المال الذي سأدفعه.”
“حقًا؟ هل تعنين ذلك؟”
“هل كذبتُ يومًا بشأن المال؟”
رغم أن كيرين كانت معروفةً كعميلةٍ متطلبةٍ داخل النقابة، إلا أنها كانت موثوقة لأنها كانت تدفع دائمًا بالضبط ما تَعِد به عندما يتعلق الأمر بالمال.
“قد يستغرق هذا بعض الوقت، لكنني سأعطيه اهتمامًا خاصًا.”
“ستحتاج إلى إعطائه عشرة أضعاف الاهتمام. كلما بذلتم جهدًا أكبر، كلما تمكنتم من ملء جيوبكم.”
“عندما تضعين الأمر بهذه الطريقة، سأضطر للعمل بجد أكبر. هل ستكونين بالقرب؟”
“نعم. سأكون في النزل المجاور، لذا تعالوا إلي بمجرد العثور على أي شيء.”
“حسنًا. سأريكِ ما أنا قادرٌ عليه حقًا هذه المرة.”
تألّقت عينا رئيس النقابة وهو يقول لها أن تثق به.
وفي اليوم التالي، جاء للقاء كيرين أول شيء في الصباح.
“هل وجدتموها بالفعل؟”
اتسعت عينا كيرين في دهشة، لم تتوقع أن يعثروا على أي شيء بهذه السرعة.
لكن رئيس النقابة هز رأسه.
“لا، لم أعثر عليها بعد.”
“ماذا؟ إذن لماذا أنتَ هنا؟”
بينما تحوّل تعبير وجهها من التوقّع إلى خيبة أمل، سلّمها رئيس النقابة بعض المستندات قائلاً “انظري إلى هذا.”
“أحضرتُ هذا أولاً لأنني ظننتُ أنكِ قد تحتاجينه.”
رغم شعورها ببعض الامتعاض، قبلت كيرين المستندات. وبينما كانت تتصفحها، على أمل العثور على أدلة كما اقترح رئيس النقابة، لفتت جملة انتباهها.
“ابنتها الحقيقية ماتت بسبب المرض…؟”
“عندما كانت في العاشرة؟ أو الحادية عشرة، كما يقولون.”
شرح رئيس النقابة، الذي كان يعرف كل المحتويات بالفعل، بلطف.
“في الأصل، كانت كونتيسة اعتنت جيدًا بشعب الإقليم نيابةً عن الكونت، لكن بعد وفاة ابنتها، أصبحت… حسنًا، فقدت عقلها. هناك صورةٌ للابنة في الصفحة التالية.”
حالما سمعت هذا، قلبت كيرين الصفحة التالية. كما قال رئيس النقابة، كانت هناك صورةٌ لابنة تلك المرأة الحقيقية.
“أعتقد أنني كنتُ سأصاب بالصدمة أيضًا لو كنتُ أمها. قال سكان الإقليم إن الابنة كانت لطيفة وجميلة جدًا، لذا وجدوا الأمر مأساويًا.”
“…”
لكن كيرين لم تستطع الرد على تلك الكلمات. ظل نظرها مثبتًا على الصورة.
‘إنهما متشابهتان حقًا…’
كانت الفتاة في الصورة صورةً طبق الأصل من آريا — أي آريس في طفولته.
‘هل هذا هو سبب هوسها؟’
شعرت بدمها يبرد، وسرت قشعريرة في جلدها. بالنظر فقط إلى مظهر الابنة الحقيقية وآريا، كانا متشابهين لدرجة أنه يمكن الخلط بينهما كتوأمين للوهلة الأولى. جعل هذا هوس المرأة بآريس مفهومًا إلى حد ما.
‘المكان الأكثر قيمة بالنسبة لها…’
خطر ببالها أن آريس قد يكون في المكان الذي تعتبره تلك المرأة الأكثر قيمة.
‘لو كنتُ مكانها…’
بينما كانت كيرين تفكر بعناية في ما قد يكون المكان الأكثر قيمة لتلك المرأة، خطر ببالها فجأةً شيءٌ ما.
“إذن أين عاشت مع ابنتها الحقيقية؟”
***
رغم أن الجدران والباب بدا وكأنهما قد ينكسران بأقل لمسة، إلا أنهما لم يتحركا حتى بعد أن صدمهما بكتفه عدة مرات. أخيرًا، استسلم آريس وأطلق تنهيدة عميقة.
‘بدت الجدران رقيقة…’
كان العزل الصوتي ضعيفًا لدرجة أنه يمكنه سماع صوت الفتاة المحبوسة على الجانب الآخر بوضوح. ومع ذلك، كان غريبًا أن الجدران والباب فقط كانا محصنين بالسحر ضد الكسر.
‘هل تعتقد أننا لن نتمكن من الهروب على أي حال؟’
آريس، الذي كان ينقر على الجدار بلا مبالاة، استدار. سريرٌ قديمٌ وخزانة ملابس.
معتقدًا أنه قد يكون هناك شيءٌ تحت السرير، تفقده، لكن النتيجة الوحيدة كانت أنه تغطّى بالغبار.
‘خزانة الملابس…’
حتى عندما اعتقد أنه لن يكون هناك أي شيء، تجمد حالما فتحها.
“ها…”
رؤية الملابس المعلّقة في الخزانة جعله يدرك فجأة مَن قام باختطافه.
‘ما زالت مجنونة.’
يمكنه معرفة أنها فساتين دون حتى إخراجها. علاوةً على ذلك، كانت فساتين مناسبة للفتيات الصغيرات.
كانت مشابهة في الطراز للفساتين التي جعلته تلك المرأة يرتديها عندما اختطفته في طفولته.
‘اللعنة.’
أخيرًا، أغلق باب الخزانة بشدة وهو يشعر بالانزعاج وانهار على السرير.
‘كم من الوقت مر؟’
كونه عالقًا في الظلام دون أي شيءٍ يفعله بدأ يجعله يشعر بالقلق والاختناق. في نفس الوقت، أراد الهروب بطريقةٍ ما، مع علمه أن كيرين لا بد أنها قلقةٌ عليه، لكنه شعر باليأس مع عدم وجود طريقةٍ واضحةٍ للخروج.
ىفكّر، فكّر، فكّر.’
كلما شعر بالعجز، كلما أصبح لعبةً في يد تلك المرأة.
حاول آريس أن يظل هادئًا، مصممًا على عدم منحها ما تريده مهما حدث. لكن لم يكن من السهل التحمل وحده في مساحة بالكاد أكبر من غرفة تخزينٍ صغيرة.
‘أحتاج إلى إعلام أحدهم بأنني هنا بطريقةٍ ما.’
لكن الجدران والباب كانا مقوّيان بالسحر ولا يمكن كسرهما، ولم يكن في الغرفة سوى سريرٍ قديمٍ وخزانة ملابس مليئة بفساتين الفتيات.
‘لا بد أن هناك طريقةٌ ما.’
في اللحظة التي قفز فيها من السرير، محاولاً كبح رغبته في الاستسلام—
نظر إلى أسفل عندما شعر بشيءٍ على معصمه أزعج حركته، أطلق آريس تنهيدةً مهزومة.
كان سوار الحماية التي أجبرته كيرين على ارتدائه.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل "134"