‘هذا الأمر يقودني للجنون.’
في اليوم التالي، عندما استُدعيت كيرين إلى قاعة الاستقبال الإمبراطورية، تجمدت في مكانها فور سماعها لأوامر الإمبراطور.
بما أن الجميع كانوا على علم بعلاقتها الخاصة مع فنسنت، تم تكليفها مرة أخرى بمساعدته. رغم محاولتها الاعتذار بحجة انشغالها، عبّر فينسنت عن رغبته في أن تساعده، مما لم يترك لها خيارًا سوى مرافقته كما حدث خلال مهرجان رأس السنة.
‘ماذا سأقول لآريس؟’
مجرد التفكير في الأمر جعل رأسها يدور.
‘ما الذي يفكر فيه؟’
حالما غادرت قاعة الاستقبال، أمسكت كيرين بشعرها وصاحت بصمت.
لم تكن تعرف كيف تتعامل مع فينسنت الذي يتصرف وكأنه قطع علاقته بها بينما يصر في نفس الوقت على التصرف وكأنه لم يفعل ذلك. تمنّت لو كان صريحًا، لكن بدلاً من ذلك، تعامل معها كزميلة عملٍ فحسب.
أخيرًا، عندما وجدت كيرين نفسها وحيدةً مع فينسنت، كسرت الصمت أولاً.
“ما الذي تفكر فيه بالضبط؟”
رغم محاولتها التحدث بهدوء، كلما خرجت الكلمات من فمها، شعرت بزيادة في الانزعاج.
“لا أريد أن أُشعِر آريس بعدم الراحة بعد الآن.”
لم تكن تريد أن ترى آريس يتحمّل المشقة بسببها. كما أنها لم تكن تريد أن تشعر بالذنب أو القلق بسببه.
“هذا ليس جيدًا لي، ولن يكون جيدًا لكَ أيضًا.”
لعدم رغبتها في رؤيته يستخدم المهرجانات كذريعة لإبقائها قريبةً منه، تحدثت ببرودةٍ وحزمٍ أكثر من المعتاد.
في المقابل، بدا فينسنت أكثر هدوءًا من أيّ وقتٍ مضى، يكاد يكون مطمئنًا.
“كيف لا يكون هذا جيدًا لي؟ أنتِ بجانبي.”
“فينسنت!”
رفعت كيرين صوتها على فينسنت الذي بدا الآن أنه لا ينوي إخفاء مشاعره.
“ماذا تريد أن تفعل بي؟”
“هل تسألين لأنكِ لا تعرفين؟”
“هل كنتُ سأسأل لو كنتُ أعرف؟”
محبطة، صرّت كيرين على أسنانها ومرّرت أصابعها بعنفٍ خلال شعرها.
“ذلك الرجل جاء بيننا.”
“ماذا؟”
عند تصريحه المفاجئ، اتسعت عينا كيرين في عدم التصديق قبل أن تطلق ضحكةً باردة.
“لا تخبرني أنكَ تعتقد أن آريس هو سبب تباعدنا؟”
“أليس هو؟”
“بالطبع لا! بغض النظر عن آريس، لم يكن يمكن أن يكون هناك أيّ شيءٍ بيننا. ماذا يمكننا أن نفعل معًا؟”
كانت ساحرةً إمبراطورية، وهو كاهنٌ في المدينة المقدسة. لم تستطع أبدًا أن تكون أكثر من صديقةٍ لفينسنت، الذي كان ينتظره مستقبلٌ واعدٌ ككاهن.
“ماذا لو استقلتُ من الكهنوت؟”
“ليس هذا ما أعنيه.”
“إذن ماذا تقصدين؟ لا يوجد شيءٌ لن أفعله إذا كنتِ تريدينه.”
“لا أريدكَ أن تستقيل من الكهنوت.”
“إذن ماذا عليّ أن أفعل! كيف يمكنني البقاء بجانبكِ!”
عندما رأت كيرين فينسنت غاضبًا لأول مرة، سكتت للحظة قبل أن تطلق تنهيدةً عميقة.
“أنا لا أشعر بنفس المشاعر تجاهك.”
بغض النظر عما إذا كان فينسنت سيترك من الكهنوت أم لا، لم تشعر كيرين أبدًا تجاهه بما تشعر به تجاه آريس.
“المشاعر التي لديكَ تجاهي والمشاعر التي لديّ تجاهك مختلفة. لهذا السبب لن تنجح.”
“…”
كانت هذه المرة الأولى التي تختلف فيها هي وفينسنت، وكان الأمر مربكًا ومؤلمًا.
لكن إجابة علاقتهما كانت واضحةً بالفعل.
“أعتقد أنني كنتُ مخطئة.”
كانت تعتقد أنه إذا انتظرت فينسنت، فستنجح الأمور.
“ظننتُ أنه يمكننا على الأقل أن نكون أصدقاء إذا تغيّرت مشاعرك. لكنني لا أعتقد أن هذا ممكنٌ بعد الآن.”
لكن بمجرّد أن تتغيّر مشاعر أحد الطرفين، لا يمكن أن تعود العلاقة إلى ما كانت عليه.
“سأساعدكَ في مهرجان الربيع هذا كما تريد. لكن بعد ذلك، لا أريد رؤيتكَ مرة أخرى.”
قد يبدو هذا قاسيًا، لكنه كان الخيار الأفضل لكليهما.
لم يكن لديها نيةٌ للتشبث بعلاقةٍ لا يمكن أن تعود إلى ما كانت عليه.
“هل الأمر بهذه السهولة بالنسبة لكِ؟”
في اللحظة التي كانت على وشك المرور فيها بجانب فينسنت.
“هل إنهاء الأمر هكذا حقًا بهذه السهولة بالنسبة لكِ؟”
صوته المليء بالعاطفة أوقفها في مسارها. توقفت خطواتها دون قصد.
“هل تعتقدين أنه من السهل عليّ ترتيب مشاعري؟ ألا يمكنكِ الانتظار؟”
بدا صوته لائمًا ومتوسّلاً في نفس الوقت، مما جعل كيرين تتنهد.
“حاولتُ الانتظار. في الواقع، لقد انتظرت.”
بينما كانت تفهم مشاعر فينسنت، لم تستطع أن تستمر في التحمّل والتفهّم إلى الأبد.
“لكن انظر إلى كيفية تصرّفكَ الآن. أنتَ تحاول أن تبقى قريبًا مني بأنانية، تفكّر فقط في إيذاء آريس. هل يمكنكَ إنكار ذلك؟”
“هذا…”
“خلال مهرجان رأس السنة، شعرتُ بالأسف من أجلكَ وحاولتُ جاهدةً تلبية ما تريد. أنتَ تعرف ذلك أفضل من أيّ شخصٍ آخر.”
“…”
“الآن، آريس يأتي أولاً بالنسبة لي. لذا توقّف عن محاولة التدخّل بيننا.”
كانت تعلم جيدًا أن هذا هو السبب في استمراره في محاولة إشراكها في المهرجانات. كان ذلك بالضبط لأنها فهمت هذا الأمر، هي التي كانت تحاول قطع العلاقة مع فينسنت بنفسها.
“لنتوقف عن جعل الأمور صعبةً على بعضنا البعض. من فضلك.”
بهذه الكلمات الأخيرة، غادرت كيرين أولاً. رغم أنه بدا وكأن فينسنت يريد قول شيءٍ ما، إلّا أنها تجاهلته عمداً.
***
“أنا آسفة.”
ذهبت كيرين مباشرةً إلى آريس وأخبرته بصدقٍ عما حدث مع فينسنت وكيف سيتعيّن عليها المساعدة في التحضير لمهرجان الربيع.
على الرغم من توقعها أنه سيغضب، كان رد فعل آريس هادئًا بشكلٍ مفاجئ.
“هل أنتَ موافقٌ على ذلك؟”
“على ماذا؟”
“لا… أنا فقط مندهشةٌ أنكَ لستَ غاضبًا.”
بدا استجوابها الحذر وهي تتابع رد فعله مسلّيًا لآريس، الذي ابتسم وأمال رأسه.
“لماذا؟ هل ظننتِ أنني سأغار وأغضب؟”
“لا، أنا فقط ممتنةٌ وسعيدةٌ أنكَ تثق بي ولستَ غاضبًا.”
شعرت أن علاقتهما قد أصبحت أقوى بالفعل، فربّتت كيرين بخفةٍ على حاجب آريس.
“لماذا فجأة؟”
“أردتُ ذلك لأنه أعجبني فقط.”
“هاه؟”
وجدت وجهه الحائر مسلّيًا، فابتسمت عمدًا ابتسامةً عريضة.
“قلتُ لأنه أعجبني.”
“لقد أصبحتِ تجيدين قول مثل هذه الأشياء.”
رغم أن كلماته كانت خشنة، إلّا أن سعادته كانت واضحة، مما جعل كيرين تبتسم برقة وهي تسند ذقنها على يدها.
“إذن متى ستفعلها؟”
“أفعل ماذا؟”
رأت آريس يحدق بعينين واسعتين وكأنه حقًا لا يعرف، فعبست.
“لا تخبرني أنكَ حقًا لا تعرف؟”
“ماذا؟ ما هو؟”
“عرض الزواج، متى ستفعله؟”
“آه…”
أخيرًا فهم، فأطلق آريس صوتًا قصيرًا قبل أن يفرك عنقه بإحراج.
“ماذا، لماذا تشعر بالخجل؟”
“حسنًا، سأتعامل مع الأمر بشكلٍ صحيحٍ بطريقتي الخاصة.”
“لهذا السبب أسألكَ متى. من الصعب الانتظار.”
“هل كنتِ تنتظرين؟”
بينما كانت تراقب آريس يرمش بعينيه الزرقاوين وكأنه ليس لديه أدنى فكرة، تذمّرت كيرين عبوسة.
“بالطبع كنتُ أنتظر، ماذا سأكون غير ذلك؟”
“آه، حسنًا… سأتعامل مع الأمر جيدًا.”
“إذن متى؟”
بينما كانت تواصل الضغط، وضع آريس يده على خديه بتعبيرٍ مُحرَج.
“آه، انتظري قليلاً فقط.”
“إذا لم يعجبني العض١، لن أتزوّجك.”
“ماذا؟”
رغم أنها قالت ذلك بطريقةٍ مرحة، إلّا أن آريس أخذ الأمر على محمل الجد، وبدأ وجهه يتحوّل إلى شاحب.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل "114"