‘في هذا التوقيت بالذات…’

فكرت كيرين أن التوقيت كان يكاد يكون متقناً بشكلٍ فني، وأطلقت تنهيدة عميقة في داخلها. كانت نظرة فينسنت لا تزال مثبتة على الكتالوج الذي تحمله.  

النظرة في عينيه عندما التقت بنظرتها كانت مليئة بالامتعاض.  

“…”  

غير متأكدة مما تقول، تحركت شفاه كيرين بصمت بينما تذكرت كيف تظاهر فينسنت بعدم معرفتها ذلك الصباح.  

‘لا ينبغي أن أتعامل معه كما السابق.’

خفضت كيرين نظرها قليلاً وكانت على وشك المرور به مع إيماءة خفيفة فقط تجاه فينسنت. حينها حدث ما لم تتوقعه.  

“ماذا تفعلين؟”  

للحظة، لم تفهم كيرين ما يعنيه ونظرت إليه باستفهام. لم يحاول فينسنت إخفاء استيائه.  

“لماذا تتظاهرين بعدم معرفتي؟”  

أخيراً أدركت كيرين سبب غضب فينسنت، فأطلقت صوت ‘آه’ قصيراً قبل أن تنفجر في ضحكةٍ جوفاء.  

“هل أنتَ حقاً في موقفٍ يسمح لكَ باستجوابي؟”  

في النهاية، مَن الذي تظاهر بعدم معرفة مَن أولاً؟  

بعد ضحكةٍ قصيرةٍ من عدم التصديق، هزت كيرين رأسها وحاولت الابتعاد.  

لكن فينسنت اعترض طريقها.  

“إلى أين تذهبين؟”  

“ما شأنك؟”  

بدا فينسنت مندهشاً من رد كيرين الحاد، ثم سأل بحذر. 

“هل ستتزوّجين؟”  

لم تكن تتوقع سؤالاً مباشراً كهذا، فسكتت كيرين وحملقت في فينسنت. بينما التقت نظراتهما، تحدث فينسنت مرة أخرى.  

“لقد قلتِ أنكِ لن تتزوّجي أبداً.”  

لقد قالت يوماً أنها تفضّل الموت على الزواج. هكذا كانت كيرين متشائمةً ومتشككةً تجاه فكرة الزواج.  

ولهذا شعر بالاطمئنان. لأنه يمكنه البقاء بجانبها تحت مسمى الصداقة.  

لكن حين قرأ في رسالتها أنها تفكر بجدية في الزواج من آريس، أظلم كل شيءٍ أمام عينيه، وشعر بأن عقله يحترق غضباً.  

“تغيّرت الأمور.”  

على الرغم من أنه كان يأمل في تفسيرٍ مناسب، ردت كيرين باستخفاف.  

بدأت مشاعر فينسنت تتصاعد بسبب موقفها.  

“هل هذا كلّ ما لديكِ لتقوليه؟”  

“ماذا تريد مني إذن؟ هل يجب أن أشرح نفسي؟ أم أن أعتذر؟”  

“….”  

بشكلٍ مزعج، لم تقل كيرين أيّ شيءٍ خاطئ. رغم أنهما كانا صديقين مقرّبين يثقان ويعتمدان على بعضهما منذ وقتٍ طويل، إلا أن هذا كلّ ما كانا عليه – أصدقاء. كانت علاقة لا يمكن أن تصبح أقوى من ذلك، لكن فينسنت كان راضياً عنها.  

حتى التقت كيرين بآريس.  

“هل يجب أن تتحدثي بهذه الطريقة؟”  

كان يقصد لماذا كان عليها أن تستمر في إيذائه بهذا الشكل بينما تعرف مشاعره.  

ترددت كيرين للحظة قبل أن تبتعد.  

“أنا مشغولة. سنتحدث لاحقاً.”  

“…”  

في النهاية، مرّت كيرين بجانب فينسنت ومضت في طريقها.  

شعر فينسنت بطريقةٍ ما أن المسافة العاطفية بينهما قد زادت أيضاً، فأطلق تنهيدةً متضايقاً وهو يمرّر أصابعه في شعره.  

لم تكن هذه كيرين التي يعرفها. كيرين التي كانت باردة مع الجميع ولم تسمح لأحدٍ بالاقتراب منها قد اختفت. الدفء الذي أظهرته له وحده لم يعد موجوداً.  

‘لو لم تلتقِ بذلك الرجل.’

بالتأكيد لم يكن هذا ليحدث بينهما.  

***  

في اليوم التالي، خلال غداءٍ طال انتظاره مع آريس.  

“أُفضِّل الأبيض.”  

“ماذا؟”  

عندما أمالت كيرين رأسها في حيرة أمام تصريحه المفاجئ، ابتسم آريس وأعاد.  

“أحبّ الفستان الأبيض مع الكتفين المكشوفين قليلاً.”  

“لماذا فجأة؟”  

“سمعتُ عن ذلك.”  

قبل أن تسأل ‘عن ماذا؟’، تابع آريس.  

“سمعتُ أنكِ اطّلعتِ على كتالوج الفساتين.”  

“لا، ذلك كان فقط لأن رايلي …”  

“أعتقد أن الفستان في الصفحة 36 هو الأجمل.”  

أومأ آريس بجدية، ثم حدق في كيرين بشدة، كأنه يتخيل كيف ستبدو وهي ترتديه.  

“مَن طلب منكَ أن تختار؟”  

شعرت كيرين بالإحراج بطريقةٍ ما، فردّت بغضبٍ قبل أن تتناول جرعةً من مشروبها.  

متى كان قد نظر إلى الكتالوج أصلاً؟  

حتى وسط كلّ هذا، لم تستطع إلّا أن تلاحظ أن آريس يبدو لديه تفضيلٌ للكتفين المكشوفين.  

“لم أكن أعرف أنكِ متحمّسةٌ لهذا الحد للزواج.”  

“ما الذي تتحدث عنه؟ الأمر ليس كذلك.”  

بينما كانت كيرين تشرح أن رايلي هي مَن أجبرتها على أخذ الكتالوج، سألت فجأةً بفضول.  

“هل هذا ذوقك؟”  

“ماذا؟”  

“يبدو أنكَ تحب الكتفين المكشوفين.”  

في الحقيقة، كانت كيرين لا تزال غير مرتاحة مع الفساتين. فضّلت الملابس المريحة بسبب تجاربها، ونشأت فقيرة بين عامة الناس، لذا لم تُتَح لها الفرصة لارتداء – ناهيك عن النظر إلى – الفساتين.  

“أريد أن أراكِ ترتدينه. كتفاكِ جميلان.”  

“…”  

“أوه؟ وجهكِ أحمر.”  

أصيبت كيرين بالذهول من إجابته غير المتوقعة، فتيبّست للحظة قبل أن تحرّك رأسها بعيداً.  

لكن آريس كان قد لاحظ بالفعل.  

“لا، ليس كذلك. أبعِد وجهك.”  

“مَن كان يعلم أنكِ يمكن أن تكوني بهذا اللطف؟”  

“توقف عن الكلام الفارغ وتناول طعامك.”  

شعرت بالإحراج، فدفعت وجه آريس بعيداً وكانت على وشك تناول قطعةٍ من اللحم عندما. 

“إذن متى يجب أن نقيم الزفاف؟”  

“مَن قال أننا سنقيم واحداً؟”  

“هل تقولين أننا لن نفعل؟”  

“…”  

على الرغم من أن هذا لم يكن ما قصدته، إلّا أن آريس أظهر كل النية في الحصول على إجابةٍ محدّدة.  

أحياناً كان آريس يريد أن يسمع مشاعر كيرين مباشرةً هكذا. رغم أنه كان مُحرِجاً في كلّ مرة، إلّا أنها فهمت سبب شعوره بهذه الطريقة، لذا رغم تردّدها، أجابت بصدق.  

“لم أقل أنني لن أفعل.”  

“إذن ما هو الموسم الذي تفضّلينه؟ لا بد أن لديكِ موسمًا تفضلين الزواج فيه.”  

“حسناً…”  

في الحقيقة، لم تكن قد فكرت في الأمر بشكلٍ محدّد، لذا لم تأتِ الإجابة بسهولة. ما كان يهم كيرين لم يكن الموسم المثالي للزفاف، بل الوقت الذي ستقضيه مع آريس بعده.  

لكن إذا كان عليها الاختيار…  

“الربيع؟”  

بدا الموسم ذا معنى، كونه فصل البدايات الجديدة.  

“إنه أيضاً موسمٌ جيدٌ لارتداء نوع الفستان الذي يعجبك.”  

“صحيح، إذن هل نقيمه الربيع القادم؟”  

عند هذا التقدم الطبيعي، توقّفت كيرين للحظة قبل أن تلقي نظرةً جانبيةّ على آريس.  

“كُن صادقاً.”  

“بخصوص ماذا؟”  

“أنتَ تستمر في طرح هذا الموضوع لأنكَ تريد الزواج قريباً، أليس كذلك؟”  

عندما وبّخته قائلةً إنها لم تنخدع، انفجر آريس في الضحك.  

“أنتِ بطيئةٌ جداً. هل انتبهتِ لهذا الآن؟”  

“كان يمكنكَ أن تقول ذلك ببساطة.”  

“فعلت. قلتُ أنني لا أريد إجباركِ.”  

لم يُرِد أن تندفع كيرين نحو الزواج بسبب مشاعره. لكن مجرّد الانتظار كان صعباً أيضاً، لذا استمر في محاولة استشعار مشاعرها.  

“إنه شعورٌ جيدٌ أن يكون لدينا جدولٌ زمنيٌّ تقريبي الآن.”  

أخيراً شعر أن الزواج أصبح حقيقياً. ومع ذلك، التفكير في الانتظار لمدة عامٍ آخر لم يكن ممتعاً بالكامل.  

“هل تريد الزواج مني بهذا الشكل؟”  

“بالطبع.”  

رؤيته وهو يومئ بهذه البدهية، وكأنه يتساءل كيف يمكن حتى طرح هذا السؤال، جعلت كيرين تنفجر في الضحك.  

“سيصاب الناس بالدهشة.”  

“لماذا؟”  

“الجميع يعتقد على الأرجح أننا لا ننسجم.”  

“حسناً، ربما يفعلون. أليس هذا ما يجعل الأمر أكثر متعة؟”  

“ماذا تقول؟”  

ابتسم آريس بمكر، قائلاً إن مجرّد التخيّل كان مسليّاً. رغم أن كيرين وبّخته، إلا أنها لم تستطع إلا أن تشاركه ضحكته الهادئة.  

حتى في ذلك الوقت، كانت كيرين تعتقد أنه لن تكون هناك مشاكل في زواجها من آريس.

⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄

ترجمة: مها

انستا: le.yona.1