“كيف يكون الزواج؟”
عادةً، كان آريس يتعامل بشكلٍ جيدٍ مع الفرسان الآخرين. رغم أنهم لم يكونوا قريبين بشكل خاص، إلا أنهم على الأقل كانوا يتبادلون التحيات.
لكن نظرًا لأنهم نادرًا ما كانوا يناقشون الأمور الشخصية، كان هناك بُعدٌ حتميٌّ بينهم.
عندما اقترب من أحدهم للمرة الأولى وسأله “كيف يكون الزواج؟”، فوجئ الفارس بالسؤال في البداية، لكنه سرعان ما قدّم إجابةً مناسبة.
“إنه رائعٌ بالطبع. تحظى بفرصة قضاء حياتكَ كلّها مع شخصٍ تحبّه دون افتراق.”
رغم أنه متزوّجٌ منذ عامين فقط، إلّا أنه ما زال يرى زوجته جميلة. بل إنه ندم على عدم الزواج مبكرًا، الآن بعد أن عرف كم هو شعور رائع.
“لكن الأمور تتغير عندما يكون لديكَ طفل.”
“ما الذي يتغيّر؟”
أمال آريس برأسه بفضولٍ حقيقي، وكأنه طالبٌ يسأل أستاذه.
“حسنًا، انتباهها يتحوّل بشكلٍ طبيعيٍّ نحو الطفل.”
ماذا يأكل الطفل، كيف ينام، تحميمه، تغيير الحفاضات—عندما تدور حياتها بأكملها حول الطفل، يصبح من الصعب حتمًا الاهتمام بشريكها كما كانت تفعل من قبل.
“لكن إنجاب طفلٍ يجلب سعادةً مختلفة.”
“…”
رغم أنه لم يعد محور اهتمام زوجته الرئيسي، إلّا أنه ما زال سعيدًا. ففي النهاية، هذا طفله — طفله وطفل زوجته.
لكن لسببٍ ما، اكتست تعابير آريس بالكآبة.
“هل لديكَ أيّ أسئلةٍ أخرى؟”
“لا، هذا كلّ شيء. شكرًا لكَ على الإجابة.”
عبس آريس قليلًا بتعبيرٍ غامضٍ وسقط في صمت.
أخيرًا، نهض وذهب لزيارة آخر شخصٍ يرغب في مقابلته.
“ما الذي أتى بكَ إلى هنا؟”
لم تستطع رايلي إخفاء مفاجأتها لرؤية آريس، من بين كل الناس.
لكن آريس جلس أمامها دون حتى أن يحيّيها.
“أين تعلمت الجلوس دون تحية؟”
“من أختي.”
“أنا لستُ أختك.”
“منكِ التي لستِ أختي.”
“انظر كيف يتحدّث!”
زمجرت رايلي منزعجة بينما حدقت في آريس، ثم لوحت بيدها باستخفاف.
“ما الأمر؟ فقط قُل ما تريد واغرب عن وجهي.”
“أريد الزواج من كيرين.”
“…؟”
بدلًا من أن تُفاجأ بالتصريح المفاجئ، وجدته أمرًا سخيفًا.
“وماذا بعد؟”
كانت تعرف جيدًا بالفعل أن آريس يكنّ مشاعر لكيرين.
رغم أنها توقعت أنه قد يرغب في الزواج بها، إلا أنها لم تتوقع منه أن يخبرها بذلك مباشرة.
لكنها لم تفهم لماذا يخبرها هو بدلًا من الشخص المعني.
“تحدّث عن هذا مع كيرين.”
“هناك شيءٌ أردتُ أن أسألكٍ عنه أولًا.”
“أنا موافقة.”
“لم أطلب موافقتكِ.”
“آه، إذن لماذا أنتَ هنا؟”
بدون أيّ جهدٍ لإخفاء نفاد صبرها كي يذكر ما يريد ويغادر، سقط آريس في صمتٍ للحظة قبل أن يتحدث ببطء.
“الأطفال… هل هم ضروريون حقًا؟”
“الأطفال؟ آه…”
أخيرًا، فهمت رايلي ما كان يقلق آريس. باعتباره الوريث الوحيد لعائلة أرينسيس، لم يكن أمامه خيارٌ سوى القلق بشأن الأطفال.
“ماذا تريد أنت؟”
“إذا لم ترغب كيرين في الأطفال، فأنا لا أريدهم.”
“هل هذا حقًا كلّ ما في الأمر؟”
“…”
عرفت رايلي جيدًا كم يفكّر آريس في كيرين ويحبّها. لكنها شعرت بقوة أن هناك ما هو أكثر من ذلك.
“هل أنتَ متأكدٌ أنكَ لا تكره الفكرة؟”
“أنا لا أكرهها.”
“إذن؟”
“…”
رغم أنها ضغطت عليه للإجابة، إلّا أن آريس تجنّب نظرها. هذا التصرف زاد من يقين رايلي.
“أتظن أنني لا أعرفك؟ هناك سببٌ آخر، أليس كذلك؟”
“…”
“لا تخبرني أنكَ قلقٌ بشأن شيءٍ سخيفٍ مثل أن تركّز كيرين كلّ اهتمامها على الطفل وتتجاهلك؟”
“…”
أصابت تخميناتها العشوائية الهدف، حيث برزت شفتا آريس قليلًا وأدار وجهه بعيدًا.
‘يا له من أحمقٍ طفولي.’
زمجرت رايلي منزعجةً من سلوكه الأناني.
“تمامًا مثل الطفل الصغير في العائلة. شديد الجشع.”
(قصدها عن آخر العنقود )
“آه، الأمر ليس فقط ذلك. عندما يكون لدينا طفل، ستتحمّل كل شيءٍ بمفردها.”
“يمكنكَ المساعدة.”
“بالطبع سأكون هناك لأتأكد من راحة كيرين، لكن هناك حدودٌ لما يمكنني فعله.”
في النهاية، كيرين هي مَن ستحمل وتلد، وتساءل عما إذا كان من الصحيح أن تتحمّل هذا العبء وحدها. جعله ذلك يفكّر في أنه من الأفضل ألّا ينجبوا أطفالًا على الإطلاق.
بعد فراقه مع رايلي وعودته إلى ساحة التدريب، اقترب منه الفارس الذي تحدّث معه في الصباح.
“هل لديكَ شخصٌ تخطّط للزواج منه؟”
“لا.”
كذب آريس بشدة، وهو يعرف أنه إذا قال نعم، فسيسألونه عن هويتها.
“هل تعتقد أنكَ ستتزوّج يومًا ما؟”
“ربما.”
“ماذا عن الأطفال؟”
“لستُ مهتمًا.”
أومأ الفارس موافقًا على إجابته الحاسمة.
“إنه أمرٌ مثيرٌ للاهتمام، مع ذلك.”
“ما هو؟”
“لم أعتقد أبدًا أنني سأخوض هذا النوع من المحادثة معك.”
كان دائمًا يظن أن آريس شخصٌ صارم التعبير يصعب الاقتراب منه، لكنه فاجأه بإظهار جانبٍ إنساني.
“لنتحدث هكذا أحيانًا.”
ربت على كتف آريس بابتسامةٍ لطيفةٍ قبل أن يغادر، قائلاً إن التدريب انتهى. بينما كان آريس يشاهده يغادر، أحس بوجودٍ مألوف.
عندما التفت، لاحظ متأخرًا وقوف كيرين بهدوء. وعندما همّ بسؤالها عن سبب مجيئها—
“هل تكره الأطفال؟”
“ماذا؟”
فوجئ بالسؤال المفاجئ، وأدرك أن هذا ليس المكان المناسب لمثل هذه المحادثة، فقام على الفور بأخذ كيرين إلى ساحة التدريب. لكن حتى ذلك الحين، لم تهدأ تعابير كيرين الصارمة.
“ما الخطب؟ هل حدث شيءٌ ما؟”
رغم أنه سأل بدافع القلق، إلا أن كيرين تصرفت وكأنها لم تسمعه.
“لقد سألتُكَ أولاً.”
“سألتِ ماذا؟”
“هل تكره الأطفال؟”
أمام السؤال المفاجئ، وجد آريس صعوبةً في معرفة كيف يجيب.
كان فضوله الوحيد هو سبب تصرف كيرين بهذه الطريقة.
“لستُ متأكدًا.”
رغبته في الزواج من كيرين لم تتغيّر. ذلك لم يهتز.
لكن الأطفال كانوا مختلفين. هو لا يكره ولا يحب فكرة إنجابهم.
لكن مع هذه المشاعر، اعتقد أنه قد يكون من الأفضل ألا ينجبوا أيّ أطفال.
“حتى لو كانوا أطفالك؟”
“ماذا؟”
“هل ستكرههم حتى لو كانوا أطفالك؟”
“…”
وجد نفسه عاجزًا عن الكلام.
لم يفكر آريس أبدًا في أطفاله الخاصين. رغم أنه سمع مناقشاتٍ حول تفضيل الأبناء أو البنات بعد الزواج، إلّا أنه لم يفكّر بجديةٍ في أطفاله الخاصين، مما جعله عاجزًا عن الإجابة.
“أنا آسف…”
غير قادرٍ على القول بصدق إنه يحب أو يكره الفكرة، كل ما استطاع فعله هو الاعتذار.
لكن بعد ذلك—
“أعتقد أنني سأحبّهم إذا كانوا يشبهونكِ.”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل "110"