لربما كان القرار مفاجئًا ومتسرّعًا أكثر من اللازم. ولربما ظنت أن هذا هو الطريق الصحيح لمجرّد أن الجميع بدأوا يشكّلون علاقاتٍ مستقرة.
لكن مع آريس — إذا كان الشخص الذي ستشارك حياتها معه هو آريس ولا أحد غيره — شعرت أن الأمر قد يكون على ما يرام.
لحسن الحظ، بدا أن إخلاصها وصل إليه، حيث غطى آريس نصف وجهه المحمر وهو يبتسم. ورؤيته سعيدًا إلى هذا الحد، كأنه حصل على العالم بأكمله، جعلت قلب كيرين يمتلئ بالعاطفة.
***
على الرغم من اتفاقهما على الزواج، لم يتغيٌر الكثير بعد ذلك. لم يحدّدا موعدًا بعد، ولم يجدا منزلًا.
استمرّا كما كانا من قبل — يتجادلان، يتعاركان بالسيف، يتشاجران أمام الآخرين، ثم يتصالحان في ساحة التدريب.
بينما ظن الآخرون أن علاقتهما سيئة، كان الاثنان يستمتعان بوقتهما معًا أكثر من أيّ شخصٍ آخر.
“طفل؟”
جاء الخبر كحادثٍ غير متوقع.
“نعم، لذا ربما سأحتاج إلى إجازةٍ قريبًا.”
كلنت زميلةٌ لها تزوجت منذ بضعة أشهر تُعلِن عن حملها. بدت محرجةً قليلًا، تهرش خدّها بلا وعيٍ وهي تتحدث.
‘طفل …’
على الرغم من أن آريس أخبرها ألّا تقلق بشأن الأمر، كان من الطبيعي أن تشعر بالقلق.
لطالما اعتبرت كيرين نفسها شخصية حاسمة ذات قناعاتٍ راسخة.
لكن سواء كانت قد تغيرت بعد لقاء آريس، أو أنها كانت مخطئة بشأن نفسها طوال الوقت، فقد وجدت نفسها الآن تتأرجح كقصبة في العاصفة حتى على أصغر الأمور.
“من المؤسف أنكِ ستأخذين إجازة، لكن تهانينا.”
“شكرًا!”
عندما هنّأتها كيرين، أشرقت الزميلة بفرحٍ لا حدود له.
معرفتها بأن زميلتها نشأت بدون والديْن وحلمت بإنشاء عائلتها الخاصة جعلتها تبدو أكثر شبهًا بكيرين.
‘كان لدينا خلفياتٌ عائليةٌ متشابهة…’
كان من المدهش كيف أرادت زميلتها إنشاء عائلة مستقرة، على عكس كيرين التي عقدت العزم على ألا تدع أيّ أحدٍ يقترب منها مرّةً أخرى. كان من الغريب كيف يمكن لأشخاصٍ من ماضٍ متشابه أن يسلكوا طرقًا متعاكسة تمامًا.
***
“حسنًا، الوريث أمرٌ مهمٌ بالطبع.”
عندما سنحت لها الفرصة، ذهبت كيرين على الفور لزيارة رايلي. لحسن الحظ، رحّبت بها رايلي بحرارة دون أي إزعاج.
“هو الوحيد الذي يمكنه قيادة العائلة، بعد كل شيء.”
منذ أن سمعت عن خطط زواج كيرين وآريس، أصبحت رايلي أكثر اهتمامًا ورعاية لكيرين من آريس نفسه. على الرغم من أن كيرين شعرت ببعض الإحراج من معاملة رايلي لها كأخت ضائعة منذ زمن، إلا أنها بمجرد أن أدركت أن هذه كانت طريقة رايلي في التعبير عن المودة، نادرًا ما رفضت دعواتها لتناول طعام لذيذ أو زيارة أماكن خلابة معًا. علاوة على ذلك، كلما احتاجت إلى نصيحة أو كانت لديها مخاوف، لم تتردد في اللجوء إلى رايلي.
“لكن إنجاب طفلٍ لهذا الغرض بدلًا من الرغبة المشتركة يبدو خطأ.”
على الرغم من معرفتها بأن العائلة ستنتقدها للتحدث بلا مبالاة عن أشياء لا تفهمها، إلا أن رايلي اعتقدت أن للأطفال الحق في السعادة والحماية. لذلك، عارضت فكرة إنجاب الأطفال لمجرد ضمان الخلافة. فقد يؤدي هذا الطريق إلى تعاسة الوالدين والطفل على حدٍّ سواء.
“رغباتكِ هي ما يهم. الخيار لكِ.”
لم تُرِد أن تتأرجح كيرين أو تُجرّ للخلف لمجرّد أن آريس من سلالة أرينسيس.
لحسن الحظ، فهمت كيرين ما تعنيه رايلي وأومأت برأسها بصمت.
“أنتِ محقة. رغباتي مهمة.”
على الرغم من معرفتها بذلك، ضحكت كيرين بعجز أمام مدى سهولة تأرجحها في الأمور المتعلقة بآريس، حتى في المشكلات التي يُفترض أن يكون حلها بسيطًا.
“ماذا يقول آريس عن هذا؟”
“قال إنه سيحترم رغباتي.”
على الرغم من توقعها أنه سيصر على ضرورة إنجاب الأطفال، إلا أن آريس قال إنه لا يرغب فيهم بشكلٍ خاص. وأضاف أنه وإن لم يكن يكره الفكرة، إلّا أنه ليس مولعًا بها أيضًا، لذا لا داعي للقلق المفرط.
عندما سُئل عن حاجة العائلة إلى وريث، ردّ آريس بإجابةٍ غير متوقعة “إذا كانت أختي رايلي لا تهتم بالأمر، فلماذا يجب أن أهتم أنا؟”
“هل يكره آريس الأطفال؟”
عندما سألت كيرين بقلق، أمالت رايلي رأسها كما لو كانت تسمع شيئًا جديدًا.
“لا أعرف، نحن لسنا قريبين.”
“لكنكما عائلة.”
“هل كوننا عائلة يعني أن الجميع قريبون؟”
“…”
كان من المضحك والمحير في الوقت نفسه كيف يمكن لرايلي أن تقلق على آريس وتهتم به أكثر من أيّ شخص، ثم تعامله في أحيانٍ أخرى كأنه غريب.
“آه، لا أعرف. نحن لسنا قريبين، لذا حقًا لا أعرف.”
“حسنًا.”
بينما رفعت رايلي ذقنها بتحدٍّ الآن، صرّت كيرين أسنانها قليلًا. في مثل هذه اللحظات، كانت تشعر حقًا بأن رايلي هي بالفعل أخت آريس.
***
‘طفل…’
ظل تفكيرها في الأطفال يدور في ذهنها حتى بعد عودتها إلى المختبر. زميلتها التي أعلنت عن حملها كانت تبتسم وكأنها لا يمكن أن تكون أكثر سعادة.
أما بالنسبة لكيرين، فما زال الموضوع يشكل عبئًا عليها. على الرغم من أن آريس قال إنه سيعجب بما تعجب به ويكره ما تكرهه، محترمًا رغباتها.
وبينما كانت ممتنة لتفهم آريس، شعرت أيضًا ببعض الذنب.
‘إذا كان لدينا طفل…’
شخصيًا، فضّلت ابنةً على الابن. كانت لديها خيالٌ صغيرٌ حول تسريح شعرٍ طويلٍ بطريقةٍ جميلةٍ ولو لمرّةٍ واحدة.
‘أتمنى أن يشبه آريس أكثر مني …’
في اللحظة التي خطر لها هذا التفكير، انفجرت كيرين في الضحك.
لم يناقشا حتى فكرة إنجاب الأطفال بعد، ناهيك عن الزواج، لذا لم تستطع فهم سبب استباقها للأحداث بهذا الشكل.
‘لربما…’
ربما كانت تحمل أحلامًا مشابهة لزميلتها التي أرادت إنشاء عائلة سعيدة ومتناغمة.
بينما كانت تختلق الأعذار بأنها تفتقر إلى الفرصة والشجاعة، غير راغبة في العيش مثل أبيها وأمها المتوفيين.
‘يجب أن أتحدث مع آريس أكثر عن هذا.’
بمجرد أن خطر لها هذا التفكير، توجهت إلى ساحة التدريب دون تردد. في طريقها، سمعت فرسانًا يتحدثون فيما بينهم.
“هل رأيت مبارزة آريس مع القائد منذ قليل؟”
“نعم، كانت مذهلة. لم يتخلّف عن القائد أبدًا.”
“سمعتُ أن الدوق السابق كان أيضًا قائد فرسان. سيُظهِر وريثه آمالاً كبيرة.”
“مهلاً، لا تتحمّس كثيرًا. قال إنه لا يريد أطفالًا.”
عندما سمعت هذا الكلام بالصدفة، توقفت كيرين في مسارها. لكنها سرعان ما استأنفت سيرها لترى آريس.
لكن سرعتها بدأت تتباطأ تدريجيًا.
‘لماذا…’
الشعور الذي انتابها على الفور كان بوضوح خيبة الأمل.
موضوعيًا، عدم رغبة آريس في الأطفال كان لصالحها أكثر. فهذا يعني عدم وجود عبءٍ جسديٍّ أو نفسي، لذا كان يجب أن تعتبره أمرًا محظوظًا.
لكن لسببٍ ما، تركها سماع تلك الكلمات تشعر بخيبة أملٍ وفراغ.
بينما كانت تدفع شعرها إلى الخلف بضيق، منزعجةً من شعورها بهذا الشكل، رأت آريس، الذي أنهى تدريبه للتوّ، يقترب منها بسرعةٍ بعد أن رآها.
“متى وصلتِ؟”
“آريس.”
“ظننتُ أنكِ ستكونين في ساحة المبارزة.”
“آريس أرينسيس.”
“…؟”
في اللحظة التي شعر فيها آريس بأن هناك خطبًا ما، وكان على وشك أن يسأل ما الأمر —
“أخبرني بصراحة.”
قبل أن يتمكّن حتى من السؤال، استفسرت كيرين.
“هل تكره الأطفال؟”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل "109"