“هل قضيتِ إجازةً ممتعة؟”
بينما كانت كيرين على وشك دخول مختبر الأبحاث بعد عودتها من إجازتها القصيرة من القصر الإمبراطوري، رحّبت بها زميلتها التي وصلت مبكّرًا بحفاوة.
“نعم، كيف حالكِ أنتِ؟”
“آه، كما تعرفين، غارقةٌ في المختبر.”
بعد تبادل التحيات المعتادة، اقتربت زميلتها منها أكثر.
“بالمناسبة، لاحظتُ أن إجازتكِ تزامنت مع إجازة اللورد آرينسيس.”
“…”
ما زالت تشك في علاقتها بآريس.
“مجرّد صدفة.”
حاولت أن تظهر غير مكترثة، ثم تراجعت خطوةً لفحص بعض المواد السحرية.
لكن زميلتها لم تبتعد، بل اقتربت أكثر.
“هل حدث شيءٌ جيد؟”
“مم؟”
“كنتِ تبدين منزعجةً من قبل، لكنكِ الآن تبدين أفضل.”
“آه.”
حتى الآن، كانت كيرين تتظاهر بأن كل شيء على ما يرام، مركزةً فقط على تجاربها. زميلتها التي كانت تراقبها بقلق، بدا عليها الارتياح لتحسن حالتها.
“نعم، أنا بخير.”
امتنانًا لاهتمامها، ابتسمت كيرين لإظهار أنها حقًا بخير.
لكن زميلتها سرعان ما طرحت أمرًا غير متوقع.
“لكن ما خطب اللورد آرسنيس؟”
“ما خطبه؟”
“تعبيره منذ الصباح… ليس جيدًا.”
“…”
عند هذه الكلمات، حكت كيرين خدها بإحراج دون أن تجيب.
“حسنًا… لستُ متأكدة. يبدو كالمعتاد بالنسبة لي.”
رغم أنها كانت تعرف سبب تصرفه هكذا، إلا أنها لم تستطع البوح بذلك وحاولت التملص.
في تلك اللحظة، تدفقت ذكريات ما حدث خلال الإجازة في ذهنها.
“هلّا تعيشين معي؟”
على عكس كيرين التي فوجئت لأنها لم تفكر في الأمر من قبل، كان آريس قد طرح السؤال بصوتٍ هادئ. لكن تعبيره كان واضحًا في توتره.
“لماذا فادجأة؟”
عندما سألت بحذر، ووجدت الأمر مفاجئًا جدًا، أومأ آريس برأسه.
“ليس مفاجئًا بالنسبة لي. كنتُ أفكر في الأمر منذ وقتٍ طويل.”
“أوه…”
على عكس آريس الذي كان يفكر في العيش مع كيرين منذ فترة، لم تتخيل هي شيئًا كهذا أبدًا، مما جعل الإجابة الفورية صعبة.
“لماذا؟ ألا تريدين ذلك؟”
“لا، إنه فقط… مبكّرٌ جدًا.”
لم تكن تكره آريس بالطبع.
كانت فقط مترددة لأن الأمور بدت تتسارع أكثر من اللازم.
“هل يمكنكَ أن تعطيني بعض الوقت لأفكّر؟”
لم يمضِ وقتٌ طويل بعد تلك المحادثة، حتى انتهت إجازتها وعادت إلى القصر الإمبراطوري.
“على أيّ حال، كوني حذرة. أنتِ دائمًا تتشاجرين مع اللورد آرينسيس.”
قدمت زميلتها نصيحة قلقة وهي على درايةٍ بكيفية شجارهما في كل فرصة.
“نعم…”
أومأت كيرين برأسها مطيعة، قائلة إنها تخطط لذلك بالفعل.
لم تكن تريد مواجهته اليوم، غير متأكدة كيف تتعامل مع الحديث إذا رأت وجهه.
لكن الأمور نادرًا ما تسير كما هو مخطط لها.
“هل ما زلتِ تفكرين في الأمر؟”
“لم يمضِ سوى يومين…”
رغم أنها حاولت تجنّبه عمدًا، إلا أنه بطريقة ما كلما حاولت الابتعاد، زادت مصادفتها له دون قصد. وفي كل مرة، كان يضغط عليها لمعرفة متى ستنتهي من التفكير.
بسبب هذا، كانت تختلق أعذارًا عن انشغالها وتهرب إلى المختبر. لكنها وجدت صعوبة في البقاء هناك طوال اليوم، فذهبت سرًّا لزيارة رايلي.
“حقًا، مَن لن يفاجأ إذا طُلِب منه فجأةً العيش معًا؟”
حالما التقت برايلي، انسكب كلّ ما حدث مع آريس منها.
اشتكت كيف فوجئت وحارت من الطلب المفاجئ للعيش معًا، وكيف ظل آريس يضغط للحصول على إجابة بينما هي لم تتمكن من الإجابة بعد.
“أعرف أن الانتظار صعبٌ عليه، لكن يمكنه التحلي بالصبر قليلاً. بدلاً من ذلك، يسأل في كلّ مرّةٍ نلتقي فيها —إنه يقتلني.”
حتى شرب الشاي الدافئ لم يهدئ من روعها بينما استمرت في التنفيس عن غضبها.
بعد أن استمعت رايلي بصمتٍ لكلام كيرين، سألت فجأةً بفضول.
“هل تريدين العيش معه؟”
“ما زلتُ أفكر في الأمر.”
“لا تكرهين الفكرة؟”
“لا، ليس ذلك. أنا فقط…”
توقفت كيرين في منتصف الجملة وضيقت عينيها.
“لا تخبريني أنه أوعز لكِ بهذا؟”
بدا الأمر مريبًا كأنها تتعرّض للضغط حول موعد العيش معًا.
“ليس الأمر كذلك.”
“ماذا تعنين بأنه ليس كذلك؟ إنه واضح.”
يقولون إنه لا يوجد أحدٌ يمكنكَ الوثوق به في هذا العالم.
بالتفكير في الأمر، رغم أن رايلي كانت دائمًا تنتقد آريس، إلا أنها تظل عائلته—أخته.
كانت قد نسيت هذه الحقيقة لأن رايلي دائمًا ما كانت توبّخ آريس.
“تينا؟”
“لا يهم.”
حالما أدركت أن رايلي تحاول إقناعها نيابةً عن آريس، نظرت إليها كيرين بعينين حذرة.
عندما رأت هذا النظرة، أطلقت رايلي صوت ‘همم’ محتلرة قبل أن تتحدث بحذر.
“بالمناسبة، لماذا أراد آريس العيش معكِ فجأة؟”
“حسنًا… أعتقد أنه يريد سداد دينه لي.”
“دين؟”
“لا أعني المال.”
غير متأكدة من أين تبدأ أو تُنهي الشرح، عبست كيرين قليلاً قبل أن تتحدث ببطء.
“أتتذكرين ذلك الشخص الذي كان آريس يبحث عنه؟ كان ذلك أنا.”
“ماذا؟”
كما هو متوقع، أمالت رايلي رأسها، غير قادرة على الفهم.
متوقعةً هذا، شرحت كيرين كل ما حدث مع آريس بهدوء، شيئًا فشيئًا.
“كنتِ أنتِ ‘كاين’؟”
رايلي التي كانت تنتظر انتهاء القصة، أخيرًا قالت ما كانت تريد قوله.
في مواجهة تعبير رايلي المصعوق من عدم التصديق، ابتسمت كيرين بإحراج.
“نعم، هكذا انتهى الأمر.”
“يا إلهي…”
كانت مندهشة من كيف جمع القدر بينهما بهذه الطريقة.
“لم يستطع التعرّف عليكِ رغم أنكِ كنتِ بجانبه طوال الوقت.”
“ينطبق الأمر عليّ أيضًا. كنتُ أبحث عن آريا كذلك.”
حتى أنها تساءلت إذا كان لاوعيها قد تعرّف على آريا بطريقةٍ ما، لأنها لم تستطع قتل آريس رغم كراهيتها الشديدة له.
“واو، هذا لا يصدق. لم نكن نعرف أن منقذنا كان قريبًا جدًا.”
“رجاءً لا تقوليها هكذا، إنه محرج.”
بعد ذلك، شكرت رايلي كيرين عدة مرات لإنقاذها آريس. في كل مرة، كانت كيرين ترفض التقدير. حتى أن أذنيها احمرّتا لدرجةٍ ظنت أنها قد تموت من الخجل.
لكن بعد ذلك.
“إذن متى ستعيشين معه؟”
“…”
بطريقةٍ أو بأخرى، رايلي كانت بالتأكيد أخت آريس.
***
أخيرًا، قرّرت كيرين أنها لا تملك حلفاء، فصاحت في رايلي بخيبة أمل قبل أن تعود إلى مختبرها.
شعرت بالامتعاض من رايلي، التي تحولت من التعبير عن الامتنان إلى السؤال عن موعد عيشها مع أخيها. حتى الاهتمام والترقب في عينيها بدا مزعجًا.
‘حقًا…’
شعرت أن مقابلة رايلي جعلت قلبها أكثر اضطرابًا.
عندما طلب آريس العيش معها لأول مرة، فوجئت لكنها أيضًا شعرت بالسعادة. بدا وكأنه يعبّر عن مدى حبّه لها.
لكن إذا عاشا معًا، فما سيأتي بعد ذلك كان واضحًا.
‘الزواج… سيأتي هذا الموضوع.’
في الواقع، ليس أنها لم تفكر في الزواج من آريس قط.
لكن بعد أن رأت بعينيها كيف عاشت أمها، لم تكن فقط تفتقر إلى أيّ أوهامٍ حول الزواج، بل كانت سلبيّةً تجاهه.
حتى أنها علمت أنه ليس كل الأزواج تعيسون، لكنها لم تستطع إلا أن تتردّد.
‘ربما أبالغ في التفكير.’
قلقت رغم أن آريس سأل فقط عن العيش معًا، وليس الزواج.
حتى أنهما الآن يعرفان أنهما كانا يبحثان عن بعضهما طويلاً، إلا أن العيش معًا كان أمرًا مختلفًا.
كانت خائفة من أن يكشف العيش معًا عن جوانب مجهولة من بعضهما، مما يؤدي إلى خيبة الأمل والأذى.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل "106"