[الأصغر ينقذ العائلة بمفتاح . الحلقة 125]
كان طوله الشاهق كالجبال المغطاة بالثلوج، وجسده الممتلئ بالعضلات يدل على تدريب يفوق ما يمتلكه معظم الفرسان.
اهتزت شعره الأشيب تحت هبوب الرياح، لكن عينيه الحمراوين لم تظهر عليهما أيّ تردد.
هيبته الأرستقراطية التي لا تخفت حتى أمام الإمبراطور كانت جديرة بلقب “الدوق الحديدي”.
‘حقًا، إنه يتمتع بصلابة ملك الشمال !’
بمجرد أن فُتح باب العربة، انحنى الدوق فلاديمير قليلًا تحيةً وقال :
“لقد تعبتم في رحلتكم الطويلة إلى الشمال، سموك، تفضل بالدخول.”
“شكرًا لك.”
“أين الـ … . ؟”
مرر الإمبراطور كاليور يده على شفتيه الجافتين وسأل الدوق.
“إنه داخل غرفة العمل، سأنتظر في مكان آخر، لذا خُذوا وقتكم في المقابلة.”
أومأ كاليور موافقًا على لطف الدوق.
فتح مساعده باب غرفة العمل بأدب.
عندما انفتح الباب، رفع الطفل الذي كان ينتظر رأسه مذهولًا.
كان الفتى يرتدي قميصًا أنيقًا وسترة وسراول، وعندما دخل كاليور، انحنى كالدمية الخشبية محييًا.
ولكنه كان يرتجف من التوتر والقلق، غير قادر على رفع رأسه.
اقترب منه كاليور ببطء.
كان الابن صورة طبق الأصل منه، لدرجة أنه يمكن التعرف عليه من النظرة الأولى.
شعره الفضي اللامع كضوء القمر المنكسر، وعيناه الزرقاوان كبحر متلألئ، كلاهما كانا ساطعين بشكل مبهر.
بلا شك، كانت هذه علامة “الأبدية” (الإيترنال).
حبس كاليور أنفاسه، محدقًا في الولد لفترة طويلة.
لو كان أصغر سنًا، لكان من المنطقي القول إنه سيبدو تمامًا مثل هذا الصبي أمامه الآن.
كان ابنه الذي اعتقد أنه ميت، حيًا يرزق.
كادت مشاعر الحزن والشوق التي طالما كتمها أن تفيض.
ثنى كاليور ركبة واحدة لينظر إلى عيني الولد.
بصوت أجشّ مليء بالشوق، نطق باسم ابنه الذي ناداه آلاف المرات من قبل :
“أدريان . … حسنًا، اسمك أدريان، أليس كذلك؟”
“. … نعم، سموك.”
بالكاد استطاع أدريان إكمال إجابته.
نسي كل قواعد التشريفات الإمبراطورية التي تدرب عليها.
فقد تحول عقله إلى صفحة بيضاء.
“لا داعي للخوف بهذا الشكل.”
ابتسامة الإمبراطور الواثقة واللطيفة جعلت أدريان يشعر ببعض الراحة، أكثر مما كان عليه قبل المقابلة.
“ألا ترى أننا متشابهان جدًا؟”
“. … نعم.”
“قد يكون التشابه في المظهر محض صدفة، لكن تشابه العيون اللامعة ليس كذلك أبدًا، هذه علامة الأبدية (الإيترنال).”
هز أدريان رأسه بهدوء عند سماع كلام الإمبراطور.
كان قد سمع عن “الإيترنال” من قبل.
إذ التقط كلمات أوسديل وهو يتحدث إلى هامبلتين عن “صحوة الإيترنال” وما شابه.
لكن “الإيترنال” الذي فهمه أدريان كان أقرب إلى لعنة منه إلى قوة.
“إذن، هل تمتلك الإيترنال أيضًا، سموك ؟”
هز الإمبراطور رأسه.
“بالطبع، هل ظهرت هذه القوة لديك من قبل؟”
قال أدريان بعينين مظلمتين :
“. … نادرًا جدًا، لقد كانت قوة مخيفة، ولو اللحظات، أشعر أن كل ما حدث كان بسبب هذه العينين.”
“من الأفضل أن تسمع التفاصيل كاملة في القصر الإمبراطوري معي.”
“ماذا؟ لكني لست . …”
“سأخذك معي سواء كنت دمي أم لا.”
“. …ماذا؟”
تمايلت عينا أدريان من المفاجأة.
“إذا كان لديك مظهري وقوة الإيترنال، فلن يتمكن الوزراء من الاعتراض على كونك أميرًا.”
حتى في الدول الأخرى، كان من الشائع أن تتبنى العائلة الإمبراطورية طفلًا يمتلك قوة الإيترنال.
“قوتك مميزة وثمينة لهذه الدرجة، لكن لهذا السبب، هناك الكثيرون الذين يطمعون بها، أخذك معي ضروري لحمايتك، بالإضافة إلى أنك أعجبتني.”
لم يفهم أدريان معنى “الدم يجذب الدم”، لكن كاليور شعر أنه فهم المغزى عندما رآه.
‘إنه ابني بلا شك.’
كلما نظر إليه، رأى تشابهًا مع نفسه، لكن عند تعابير الدهشة، بدا أشبه بإيفيت.
رفع كاليور يده الكبيرة، وداعب رأس أدريان، ثم سأل بحذر :
“هل يمكنني أن أعانقك؟”
“. … نعم.”
لم يكترث كاليور بثيابه التي ستتجعّد، بل احتضن الصبي بقوة بين ذراعيه.
* * *
بسبب نوبة غضب الفتاة الإيفينية (ليليا) التي رفضت العودة إلى قصر الدوق، اضطرت أمها ماتيلدا إلى اصطحابها لفترة، مما أدى إلى مزيد من التأخير.
عندما نزل كونراد من العربة، دخل غرفة الاستقبال دون حتى تفريغ أمتعته، وقال بغيظ :
“إذن، أخبرني مرة أخرى، ماذا حدث؟”
“لحظة واحدة من فضلك، سيدي.”
انحنى الخادم روبين بخضوع، ثم استدعى الفرسان من الخارج.
“انتبهوا ! عليكم إخبار السيد بالتفاصيل مرة أخرى.”
فجلب الفرسان شيئًا وقالوا :
“وجدنا هذا أمام الكوخ بالقرب من البوابة الشمالية.”
ما أحضروه كان ملابس ممزقة وحذاءً.
“بالإضافة إلى آثار أقدام حيوانات وبقع دم . … يبدو أنه تعرض لهجوم من وحش.”
“وحش؟”
“نعم.”
“لكننا غير متأكدين من موته، أليس كذلك؟ اذهبوا وأحضروا حتى لو كان مجرد عظام.”
كان والده قد أوصاه بالاعتناء بهذا الشخص (هامبلتين) لمدة عام أو عامين لاستخدامه في البحث.
إذا علم أبي بما حدث، فسيكون الأمر كارثيًا.
علاوة على ذلك، إذا تمكن شخص ما من اختراق حراس القصر وتعويذات القفل، فلا بد أن له مساعدًا.
ولم يكن شخصًا عاديًا، بل شخصًا ذا مهارات عالية.
“هل كان هناك أي شخص آخر يتجول في المنطقة؟”
“لا . … باستثناء زيارة ليليا قبل أيام قليلة من الحادث.”
عند سماع كلام روبين، عبس كونراد.
“ليليا؟ ولماذا كانت هي هنا؟”
“قالت إنها تريد مقابلتك، لذا طردتها.”
“انتظر . … متى كان هذا؟”
نقر كونراد على صدغه بأصابعه وهو يفكر، ثم سأل.
“آه، كان ذلك قبل ذهابك إلى قصر سييلت، سيدي.”
‘لحظة، هل كانت ليليا تنتظر عمدًا حتى أغادر؟’
كان يحتقر ليليا، لكنه يعرف أنها ماكرة جدًا.
“لم تخبر أحدًا بموعد رحلتي الدقيق إلى قصر سييلت، أليس كذلك؟”
هز روبين رأسه تحت استجواب كونراد.
“لا، لم أفعل ذلك أبدًا، سيدي.”
“هذا غريب. لكن من المؤكد أن ليليا متورطة في هذا.”
أدار كونراد عينيه الضيقتين.
عليه أن يبقى صامتًا بشأن هذا الأمر حتى يعلم والده أوسديل.
على أي حال، الآن بعد أن عاد، كان عليه أن يحيي جده، رئيس العائلة.
مع إعلان التعديلات الأخيرة، بدا موقف والده أوستديل غير مستقر بعض الشيء.
إذن، الشخص الذي يجب أن يظهر أمامه بأفضل صورة هو جده، الدوق فلاديمير، صاحب النفوذ الأكبر في عائلة روبيرك.
الشخص الذي يثق به أكثر من أي أحد.
وجده أيضًا يثق به أكثر من أي شخص، كونه الحفيد البكر.
أسرع كونراد إلى مكتب جده.
لكن عند مدخل مكتب رئيس العائلة، اعترضت طريقه فجأة . …
ليليا، تبتسم له ببراءة وتقول :
“أوه، مرحبًا، كونراد ! هل عدت للتو؟”
كتم كونراد غيظه، ورد التحية.
“نعم، عدت للتو، لكن ما الذي تفعليه هنا؟”
التعليقات لهذا الفصل " 125"