8
استمتعوا
“هل أنتِ حتى لا تستطيعين الأكل كما ينبغي؟”
قال المالك ذلك وهو ينقر لسانه في استنكار، محدّقًا في قطعة الطعام التي بصقتها.
وهكذا بدوتُ له كفرخٍ صغيرٍ عاجزٍ حتى عن الأكل كما ينبغي.
لكنّ الأمر ليس كذلك!
“بييب! بييب، بييب!”
رفستُ الأرض بقدميَّ وهززتُ رأسي غضبًا، فابتسم المالك ابتسامة باردة.
“إن لم يكن كذلك، فلا تخبريني أنّكِ بصقتِها في وجهي أنا؟”
“بييـ… بييب…”
“يا لوقاحتك.”
التقطني المالك من مكاني، وشعرتُ بجسدي يرتفع في الهواء.
ارتبكتُ، وبدأتُ أرفرف بساقيّ في ذعر، لكن لم يكن بوسعي فعل شيء.
“يا لهذه المخلوقة الصغيرة.”
قالها المالك وهو يبتسم بسخرية. توتّر جسدي حين قرّبني من وجهه.
كان وجهه بالغ الجمال.
تلك النظرة الخاملة التي هبطت من عينيه كانت مخيفة، ومع ذلك كان جماله طاغيًا إلى حدّ يُنسي الخوف ذاته.
لكنّي لم أدع وسامته تخدعني، فالمالك ذو طبعٍ فاسد!
رمقته بنظرة متحدّية، فابتسم باستهزاء وهو يتفحّصني.
“إذن تعرفين كيف تنظرين بتحدٍّ، أليس كذلك؟”
“بييب!”
“ومع ذلك، أنتِ أقلّ شأنًا من أرنب.”
‘كراش.’
يا لها من إهانة! أقلّ من أرنب؟!
هذا غير صحيح أبدًا. فليُرِني أحدٌ طائرًا صغيرًا بهذا الجمال والظرافة!
يا لوقاحته أن يقول عني ذلك، وأنا ما زلت في طور النمو.
“بييب!”
“أطعمكِ، وأوفر لكِ المأوى، وأرعاكِ، وهذا جزائي؟ يا لكِ من فرخٍ ناكرٍ للجميل.”
راح المالك يتذمّر بصوتٍ عالٍ كي أسمعه.
ارتجفتُ خفيةً.
فقد كنت أعلم أن حياتي الحالية ممكنة فقط بإذنه.
خفضتُ نظري بعد أن خبا التحدي من عينيّ.
وحين كففتُ عن المقاومة وضممتُ قدميّ بخضوع، تأملني المالك بنظرة غريبة فيها دهشة، كأنّما يقول.
‘أهناك حقًا مخلوق كهذا؟’
“صغيرة.”
“…”
“لكن… هل نَمَيتِ قليلًا؟”
“…بييب.”
أومأت بخجل.
“سمعتُ أنكِ لا تستطيعين حتى اتخاذ هيئة بشرية بعد. أهناك خلل فيكِ؟”
‘وخزة.’
هذا لأنني ما زلتُ فرخة صغيرة!
رفستُ الهواء بساقيّ احتجاجًا، فاعتدل المالك في جلسته بكسلٍ مستمتع، كأنّه يتحدّاني أن أواصل.
كان يحملني بذراعٍ واحدة،
ولما أُنهكت، أدرتُ رأسي بعنادٍ بعيدًا عنه.
حينها شعرتُ بإصبعه يلمس خدي.
“بييب!”
“أترين؟ حتى الصغيرة تعرف كيف تتدلّل.”
“بييب!”
ضاق صدري غيظًا، فبسطتُ جناحيّ محاوِلةً الإفلات من قبضته.
هممم…
هممممم!
آه… لقد نفدَت طاقتي.
“بييب!”
‘دعني أذهب!’
نقرتُ ذراعه بمنقاري، فضحك بخفة ثم وضعني على الأرض.
أطلقتُ ساقيّ للريح واختبأتُ خلف وسادة، ثم أخرجتُ رأسي بحذر.
‘لماذا لا يغادر؟ اذهب من هنا!’
“هذا منزلي.”
قالها المالك مبتسمًا وقد رفع ذقنه، كأنّه قرأ أفكاري.
نعم، هذا منزله. وهذه الغرفة له. وتلك الوسادة والطعام أيضًا ملكه.
حين استوعبتُ الحقيقة، انحنت كتفاي استسلامًا، فتكلم المالك الذي كان يراقبني بهدوء.
“في الواقع، فكرة أن تكون لي ابنة ليست سيئة… مؤقتًا على الأقل.”
“…بييب؟”
“ولذلك فكرتُ في اسمٍ لكِ.”
‘ما الذي يهذي به؟’
اتسعت عيناي دهشةً من كلماته التي لم أكن أتوقعها مطلقًا.
“إيلين.”
“…بييب؟”
“من الآن فصاعدًا، هذا اسمك. إيلين أستروفيل.”
وفي تلك اللحظة اجتاحني شعور غريب لم أعرفه من قبل.
‘أحقًا… منحني اسمًا؟’
لم يكن لي اسم من قبل، ولم يُنادِني أحد باسمٍ قطّ.
ألهذا السبب؟
أن يُناديني أحد باسمٍ شعورٌ بدا لي كالحلم.
إيلين أستروفيل. يبدو أنّ هذا سيكون اسمي من الآن.
توقّف نفسي من الدهشة وأنا أحدّق في المالك بذهول.
“ماذا؟ ألستِ راضية عن الاسم؟”
“بييب!”
هززتُ رأسي بسرعة نافيةً ذلك، كنت فقط متفاجئة.
“بييب، بييب، بييب…”
‘يا إلهي، ما أجمله!’
تمتمتُ باسمي الجديد مرارًا بفرحٍ خافت، وعندها التفتت عيناه الحمراوان نحو الباب.
وفي تلك اللحظة، انفتح الباب بقوة.
“انستي الصغيرة! أعذريني على تأخري… سموك؟”
“لقد وصلتِ يا روزاريا.”
“بييب، بييب، بييب، بييب!”
حيّيتُ روزاريا بحماسٍ، ناشرةً جناحيّ في الفضاء.
رأتني خلف الوسادة فأسرعت نحوي.
“آنستي الصغيرة!”
‘اشتقتُ إليكِ!’
اندفعتُ إلى حضنها، أفرك خدي بخدّها، فضحكتْ برقة، وعمّني شعور بالطمأنينة في دفء ذراعيها.
“أفزعتكِ غيبتي؟”
“بييب!”
عانقتها بشدة وأومأت برأسي.
وحين هدأتُ قليلًا، تطلّعتُ من فوق كتفها نحو المالك.
كان واقفًا على مبعدة، يرمقنا بنظرةٍ تحمل شيئًا من الضيق الخفي.
“آنستي الصغيرة، هل أنتِ جائعة؟”
“بييب.”
هززتُ رأسي نفيًا، فما زال بطني ممتلئًا من الوجبة السابقة.
“وهل انسجمتِ مع سموه؟”
‘هممم، هل فعلتُ؟’
فكّرتُ قليلًا. لقد قدّم لي طعامًا… وأعطاني اسمًا أيضًا.
وعندما التقطني أول مرة، بدا لمسه حذرًا للغاية.
“بييب.”
أومأتُ موافقة، فبدت الدهشة على وجه روزاريا.
ارتسمت على شفتي المالك ابتسامة خفيفة راضية.
“هكذا قالت.”
ثم استقام واقفًا،
ويبدو أنه همّ بالمغادرة بعد حضور روزاريا.
لكن عند الإمساك بمقبض الباب، توقّف فجأة.
“آه.”
“…؟”
“من الآن فصاعدًا، لم تعُد آنسة صغيرة، بل هي إيلين.”
***
كانت ظهيرةً دافئة.
كنتُ في نزهة مع روزاريا في الحديقة.
ممدّدةً على حصيرةٍ بجوار النافورة، أستلقي تحت أشعة الشمس.
أحتضن الوسادة الصفراء التي جلبتها روزاريا، وأدع الدفء يغمرني.
‘آه، يا له من شعورٍ جميل.’
“انسة إيلين.”
“بييب.”
منذ أن منحني المالك اسمي، تغيّر لقب روزاريا لي.
فبدلًا من “الآنسة الصغيرة”، صرتُ “انسة إيلين”.
كان الأمر غريبًا بعض الشيء، لكنّه راق لي كثيرًا.
أحب اسمي! ولو استطعتُ، لرددته طول اليوم.
لكنني لم أبلغ تلك المرحلة بعد.
لا أعلم ما الذي دفع المالك لإعطائي اسمًا،
لكن ما دام الأمر حسنًا، فليكن كذلك.
‘هل يعني هذا أنني سأبقى في هذا المنزل بعض الوقت؟’
لقد قال إنه سيعترف بي كابنةٍ له مؤقتًا، فيبدو أن هذا صحيح.
كافحتُ لأمنع منقاري من الابتسام بغباء.
‘لدي اسم، ومكان أبقى فيه لبعض الوقت!’
‘خشخشة.’
داعبت أنامِل روزاريا ريشاتي الناعمة، فاستسلم جسدي للاسترخاء.
تدحرجتُ لأسمح لها بمداعبة الجانب الآخر، حين سمعتُ صوتًا غريبًا يضحك قريبًا.
“هوهو، انسة روزاريا، أترانا نخرج اليوم في نزهة مع الانسة إيلين؟”
“بييب؟”
“أتستمتعين بنزهتكِ؟”
“…بييب، بييب.”
أومأتُ بخجلٍ وأنا أتفحّص الرجل المسن الغريب.
في الآونة الأخيرة، أخذ أفراد العائلة يظهرون تباعًا ليحيّوني.
وهذه المرة، حين رأيتُ شيخًا لم أعرفه من قبل، انتصبتُ واقفة في وجل.
“يا له من تهذيبٍ جميل.”
“بييب.”
“هاها، ومن أين جاءت مثل هذه الابنة الرائعة؟”
ومن المدهش أنّ الناس هنا كانوا متقبّلين على نحوٍ يفوق الوصف.
فعلى الرغم من كوني طائرًا، تقبّلوني كابنةٍ للمالك بلا تردّد.
أما في أي مكانٍ آخر، فربما كنتُ نُبذت منذ زمن.
فحتى أصحاب الدماء المختلطة يُتخلى عنهم أحيانًا من قبل عشائرهم.
“انسة روزاريا، أليس من الصعب عليكِ الإقامة في قصر العائلة بعد كل هذا الغياب؟”
“أنا بخير تمامًا، لا داعي للقلق، يا جيراس.”
“فهمت.”
اكتشفتُ مؤخرًا أن منزلة روزاريا أرفع بكثير مما ظننت.
فالجميع يكلّمها بأدبٍ واحترامٍ كبيرين.
‘إنها مذهلة! رائعة بحق!’
“يبدو من إشراقة وجهك أن الأمر الذي كان يشغلكِ قد حُلّ؟”
“آه، ذلك الأمر… حُلّ بسهولةٍ بفضل تدخّل سموه بنفسه.”
“سموه؟!”
‘مستحيل!’
ارتسمت على وجه روزاريا علامات الدهشة البالغة، فضحك جيراس بخفة.
“بلى، لقد أبادهم جميعًا، من سهول أنياد وحتى نهر بنيا.”
“يا للعجب! إذن هذا يكاد يبلغ المنطقة الحيادية، أليس كذلك؟”
“نعم، كأنّما خُلقت محمية جديدة في الجنوب.”
“يا إلهي…”
وضعت روزاريا يدها على فمها دهشةً، وكنتُ أنا مدهوشةً بالقدر نفسه.
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter استمتعوا
“هل أنتِ حتى لا تستطيعين الأكل كما ينبغي؟”
قال المالك ذلك وهو ينقر لسانه في استنكار، محدّقًا في قطعة الطعام التي بصقتها.
وهكذا بدوتُ له كفرخٍ صغيرٍ عاجزٍ حتى عن الأكل كما ينبغي.
لكنّ الأمر ليس كذلك!
“بييب! بييب، بييب!”
رفستُ الأرض بقدميَّ وهززتُ رأسي غضبًا، فابتسم المالك ابتسامة باردة.
“إن لم يكن كذلك، فلا تخبريني أنّكِ بصقتِها في وجهي أنا؟”
“بييـ… بييب…”
“يا لوقاحتك.”
التقطني المالك من مكاني، وشعرتُ بجسدي يرتفع في الهواء.
ارتبكتُ، وبدأتُ أرفرف بساقيّ في ذعر، لكن لم يكن بوسعي فعل شيء.
“يا لهذه المخلوقة الصغيرة.”
قالها المالك وهو يبتسم بسخرية. توتّر جسدي حين قرّبني من وجهه.
كان وجهه بالغ الجمال.
تلك النظرة الخاملة التي هبطت من عينيه كانت مخيفة، ومع ذلك كان جماله طاغيًا إلى حدّ يُنسي الخوف ذاته.
لكنّي لم أدع وسامته تخدعني، فالمالك ذو طبعٍ فاسد!
رمقته بنظرة متحدّية، فابتسم باستهزاء وهو يتفحّصني.
“إذن تعرفين كيف تنظرين بتحدٍّ، أليس كذلك؟”
“بييب!”
“ومع ذلك، أنتِ أقلّ شأنًا من أرنب.”
‘كراش.’
يا لها من إهانة! أقلّ من أرنب؟!
هذا غير صحيح أبدًا. فليُرِني أحدٌ طائرًا صغيرًا بهذا الجمال والظرافة!
يا لوقاحته أن يقول عني ذلك، وأنا ما زلت في طور النمو.
“بييب!”
“أطعمكِ، وأوفر لكِ المأوى، وأرعاكِ، وهذا جزائي؟ يا لكِ من فرخٍ ناكرٍ للجميل.”
راح المالك يتذمّر بصوتٍ عالٍ كي أسمعه.
ارتجفتُ خفيةً.
فقد كنت أعلم أن حياتي الحالية ممكنة فقط بإذنه.
خفضتُ نظري بعد أن خبا التحدي من عينيّ.
وحين كففتُ عن المقاومة وضممتُ قدميّ بخضوع، تأملني المالك بنظرة غريبة فيها دهشة، كأنّما يقول.
‘أهناك حقًا مخلوق كهذا؟’
“صغيرة.”
“…”
“لكن… هل نَمَيتِ قليلًا؟”
“…بييب.”
أومأت بخجل.
“سمعتُ أنكِ لا تستطيعين حتى اتخاذ هيئة بشرية بعد. أهناك خلل فيكِ؟”
‘وخزة.’
هذا لأنني ما زلتُ فرخة صغيرة!
رفستُ الهواء بساقيّ احتجاجًا، فاعتدل المالك في جلسته بكسلٍ مستمتع، كأنّه يتحدّاني أن أواصل.
كان يحملني بذراعٍ واحدة،
ولما أُنهكت، أدرتُ رأسي بعنادٍ بعيدًا عنه.
حينها شعرتُ بإصبعه يلمس خدي.
“بييب!”
“أترين؟ حتى الصغيرة تعرف كيف تتدلّل.”
“بييب!”
ضاق صدري غيظًا، فبسطتُ جناحيّ محاوِلةً الإفلات من قبضته.
هممم…
هممممم!
آه… لقد نفدَت طاقتي.
“بييب!”
‘دعني أذهب!’
نقرتُ ذراعه بمنقاري، فضحك بخفة ثم وضعني على الأرض.
أطلقتُ ساقيّ للريح واختبأتُ خلف وسادة، ثم أخرجتُ رأسي بحذر.
‘لماذا لا يغادر؟ اذهب من هنا!’
“هذا منزلي.”
قالها المالك مبتسمًا وقد رفع ذقنه، كأنّه قرأ أفكاري.
نعم، هذا منزله. وهذه الغرفة له. وتلك الوسادة والطعام أيضًا ملكه.
حين استوعبتُ الحقيقة، انحنت كتفاي استسلامًا، فتكلم المالك الذي كان يراقبني بهدوء.
“في الواقع، فكرة أن تكون لي ابنة ليست سيئة… مؤقتًا على الأقل.”
“…بييب؟”
“ولذلك فكرتُ في اسمٍ لكِ.”
‘ما الذي يهذي به؟’
اتسعت عيناي دهشةً من كلماته التي لم أكن أتوقعها مطلقًا.
“إيلين.”
“…بييب؟”
“من الآن فصاعدًا، هذا اسمك. إيلين أستروفيل.”
وفي تلك اللحظة اجتاحني شعور غريب لم أعرفه من قبل.
‘أحقًا… منحني اسمًا؟’
لم يكن لي اسم من قبل، ولم يُنادِني أحد باسمٍ قطّ.
ألهذا السبب؟
أن يُناديني أحد باسمٍ شعورٌ بدا لي كالحلم.
إيلين أستروفيل. يبدو أنّ هذا سيكون اسمي من الآن.
توقّف نفسي من الدهشة وأنا أحدّق في المالك بذهول.
“ماذا؟ ألستِ راضية عن الاسم؟”
“بييب!”
هززتُ رأسي بسرعة نافيةً ذلك، كنت فقط متفاجئة.
“بييب، بييب، بييب…”
‘يا إلهي، ما أجمله!’
تمتمتُ باسمي الجديد مرارًا بفرحٍ خافت، وعندها التفتت عيناه الحمراوان نحو الباب.
وفي تلك اللحظة، انفتح الباب بقوة.
“انستي الصغيرة! أعذريني على تأخري… سموك؟”
“لقد وصلتِ يا روزاريا.”
“بييب، بييب، بييب، بييب!”
حيّيتُ روزاريا بحماسٍ، ناشرةً جناحيّ في الفضاء.
رأتني خلف الوسادة فأسرعت نحوي.
“آنستي الصغيرة!”
‘اشتقتُ إليكِ!’
اندفعتُ إلى حضنها، أفرك خدي بخدّها، فضحكتْ برقة، وعمّني شعور بالطمأنينة في دفء ذراعيها.
“أفزعتكِ غيبتي؟”
“بييب!”
عانقتها بشدة وأومأت برأسي.
وحين هدأتُ قليلًا، تطلّعتُ من فوق كتفها نحو المالك.
كان واقفًا على مبعدة، يرمقنا بنظرةٍ تحمل شيئًا من الضيق الخفي.
“آنستي الصغيرة، هل أنتِ جائعة؟”
“بييب.”
هززتُ رأسي نفيًا، فما زال بطني ممتلئًا من الوجبة السابقة.
“وهل انسجمتِ مع سموه؟”
‘هممم، هل فعلتُ؟’
فكّرتُ قليلًا. لقد قدّم لي طعامًا… وأعطاني اسمًا أيضًا.
وعندما التقطني أول مرة، بدا لمسه حذرًا للغاية.
“بييب.”
أومأتُ موافقة، فبدت الدهشة على وجه روزاريا.
ارتسمت على شفتي المالك ابتسامة خفيفة راضية.
“هكذا قالت.”
ثم استقام واقفًا،
ويبدو أنه همّ بالمغادرة بعد حضور روزاريا.
لكن عند الإمساك بمقبض الباب، توقّف فجأة.
“آه.”
“…؟”
“من الآن فصاعدًا، لم تعُد آنسة صغيرة، بل هي إيلين.”
***
كانت ظهيرةً دافئة.
كنتُ في نزهة مع روزاريا في الحديقة.
ممدّدةً على حصيرةٍ بجوار النافورة، أستلقي تحت أشعة الشمس.
أحتضن الوسادة الصفراء التي جلبتها روزاريا، وأدع الدفء يغمرني.
‘آه، يا له من شعورٍ جميل.’
“انسة إيلين.”
“بييب.”
منذ أن منحني المالك اسمي، تغيّر لقب روزاريا لي.
فبدلًا من “الآنسة الصغيرة”، صرتُ “انسة إيلين”.
كان الأمر غريبًا بعض الشيء، لكنّه راق لي كثيرًا.
أحب اسمي! ولو استطعتُ، لرددته طول اليوم.
لكنني لم أبلغ تلك المرحلة بعد.
لا أعلم ما الذي دفع المالك لإعطائي اسمًا،
لكن ما دام الأمر حسنًا، فليكن كذلك.
‘هل يعني هذا أنني سأبقى في هذا المنزل بعض الوقت؟’
لقد قال إنه سيعترف بي كابنةٍ له مؤقتًا، فيبدو أن هذا صحيح.
كافحتُ لأمنع منقاري من الابتسام بغباء.
‘لدي اسم، ومكان أبقى فيه لبعض الوقت!’
‘خشخشة.’
داعبت أنامِل روزاريا ريشاتي الناعمة، فاستسلم جسدي للاسترخاء.
تدحرجتُ لأسمح لها بمداعبة الجانب الآخر، حين سمعتُ صوتًا غريبًا يضحك قريبًا.
“هوهو، انسة روزاريا، أترانا نخرج اليوم في نزهة مع الانسة إيلين؟”
“بييب؟”
“أتستمتعين بنزهتكِ؟”
“…بييب، بييب.”
أومأتُ بخجلٍ وأنا أتفحّص الرجل المسن الغريب.
في الآونة الأخيرة، أخذ أفراد العائلة يظهرون تباعًا ليحيّوني.
وهذه المرة، حين رأيتُ شيخًا لم أعرفه من قبل، انتصبتُ واقفة في وجل.
“يا له من تهذيبٍ جميل.”
“بييب.”
“هاها، ومن أين جاءت مثل هذه الابنة الرائعة؟”
ومن المدهش أنّ الناس هنا كانوا متقبّلين على نحوٍ يفوق الوصف.
فعلى الرغم من كوني طائرًا، تقبّلوني كابنةٍ للمالك بلا تردّد.
أما في أي مكانٍ آخر، فربما كنتُ نُبذت منذ زمن.
فحتى أصحاب الدماء المختلطة يُتخلى عنهم أحيانًا من قبل عشائرهم.
“انسة روزاريا، أليس من الصعب عليكِ الإقامة في قصر العائلة بعد كل هذا الغياب؟”
“أنا بخير تمامًا، لا داعي للقلق، يا جيراس.”
“فهمت.”
اكتشفتُ مؤخرًا أن منزلة روزاريا أرفع بكثير مما ظننت.
فالجميع يكلّمها بأدبٍ واحترامٍ كبيرين.
‘إنها مذهلة! رائعة بحق!’
“يبدو من إشراقة وجهك أن الأمر الذي كان يشغلكِ قد حُلّ؟”
“آه، ذلك الأمر… حُلّ بسهولةٍ بفضل تدخّل سموه بنفسه.”
“سموه؟!”
‘مستحيل!’
ارتسمت على وجه روزاريا علامات الدهشة البالغة، فضحك جيراس بخفة.
“بلى، لقد أبادهم جميعًا، من سهول أنياد وحتى نهر بنيا.”
“يا للعجب! إذن هذا يكاد يبلغ المنطقة الحيادية، أليس كذلك؟”
“نعم، كأنّما خُلقت محمية جديدة في الجنوب.”
“يا إلهي…”
وضعت روزاريا يدها على فمها دهشةً، وكنتُ أنا مدهوشةً بالقدر نفسه.
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
Chapters
Comments
- 8 - إيلين أستروفيل منذ يومين
- 7 - ذيلٌ وإهانة منذ يومين
- 6 - ذيل من الهموم منذ يومين
- 5 - آثارُ القوّة منذ يومين
- 4 - الصيد الأول 2025-10-20
- 3 - شريطٌ ورديّ 2025-10-06
- 2 - ترحيب روزاريا 2025-10-06
- 1 - طائرٌ في عُشِّ الأفعى 2025-10-06
- 0 - المقدمة 2025-10-06
التعليقات لهذا الفصل " 8"