أخذت الأماكن في قصر العائلة الكبرى، التي لم يزرها بعد، تتناقص يومًا بعد يوم.
لكن بعد أيامٍ من البحث المتواصل، لاحظت أنّ بريق عينيه قد خبا. حتى في قاعة التدريب الخاصة بسيد العائلة، لم يجد أثرًا لـ الگامو.
كان وجهه حينها وجهَ رجلٍ فقد الشخص الوحيد الذي استطاع أن يحبه طوال حياته.
“عمّي… أما زلتَ لن تخرج؟”
سألته حين رأيته حتى في الليل لا يخطو خارجًا، لكنه لم يجب، كأن كلماتي لم تصل إليه.
‘هل ماتت گامو؟ أهذا ما تأكّد منه؟’
كنت أستطيع أن أسيطر على وعيه وأسأله مباشرة، لكن لسببٍ ما لم أرغب في ذلك.
“عمّي… أنت بخير، أليس كذلك؟”
كنت أكرر السؤال، فيرفع رأسه وينظر إليّ ويهزّ إيماءةً صغيرة:
“نعم، بخير. سوهَي… عمّك بخير.”
كان يبدو وكأنه يُذكِّر نفسه عمدًا بوجودي إلى جانبه كي يجد سببًا للبقاء متماسكًا.
ومن بين أنقاض فقدانٍ عميق، وُلدت في داخله إرادة أقوى مما مضى، إرادةٌ جعلته يصقل نفسه من جديد.
كنت أشعر بالطمأنينة كلما ازداد الرجل الذي اخترته سلاحي قوةً، لكن رؤية عمي وهو غارق في حزنه كانت توجع قلبي.
في تلك الأثناء، قابلتُ نامغونغ سويون أكثر من مرة.
‘إن تُركت هكذا، فلن تعيش طويلًا… وقد يأتي يوم لا أستطيع فيه أن أفعل شيئًا لإنقاذها.’
كنت أفكر بذلك، وأبحث عن فرصة أستطيع فيها سحب الدم ومعالجتها، إلى أن جاءت الفرصة مصادفة.
“با سوهَي. استعدي فورًا، سنذهب إلى الديوان الداخلي.”
قالتها الجارية المسؤولة عني بحدّة وهي تجرّني.
“الديوان… الداخلي؟”
“نعم. سيد العائلة يريدكِ. فلا تتجمّدي مثل الغبية، تحرّكي بسرعة!”
قيل في مجلس الشيوخ إن الطفلة (أي سويون) التي لا تبتسم ولا تُظهر أي ملامح، قد تُبدي بعض الاهتمام إن وُضع في جوارها طفل في سنّها. ويبدو أنهم خشوا من أن يُقال كلام سيّء عن ذلك في حفل الميلاد القادم، فوضعوا هذه الخطة الاستثنائية.
وهكذا نُقلتُ من مكاني إلى الديوان الداخلي.
قالت الجارية الكبرى بتهديد وهي تشدّ شعري بعنف:
“من الآن فصاعدًا ستبذلين قصارى جهدك في خدمة الصغيرة! إن أصابها أي أذى، فلن تخرجي من هنا حيّة!”
أجبتها مرارًا أنني سأفعل، لكنها لم تكتفِ، بل تركت شعري وأمسكت أذني كأنها ستقتلعها.
صرخت باكية:
“سأفعل! سأعتني بها حقًّا! لن أغفل عنها ولو لحظة!”
ولم تُفلِتني إلا بعدما سالت دموعي بحرارة.
‘أأقتلها؟ لدي ما يكفي من القوة لأفعل… أو أترك الأمر لـ با سايول؟ كيف يجرؤ إنسان على أن يعذّب طفلة صغيرة مثلي؟’
لقد كان تصرّفها لا يليق حتى بإنسان.
‘حقًا… كيف يمكن لجارية في واحدة من أرفع عائلات المراتب الخمس أن تتصرف هكذا؟ لولا أنني في جسد طفلة، للقتنها درسا لن تنساه ما حيت! ’
كنت فخورة بنفسي أنني كظمت غضبي. فقتلها لم يكن بالأمر الصعب، لكنني تحمّلت لأنني حصلت أخيرًا على مكان بجوار سويون، ولم أرغب أن أخسر تلك الفرصة قبل أن أفعل شيئًا من أجلها.
ومنذ ذلك الحين، صرت أكرّس نفسي تمامًا لرعايتها.
‘إنها حقًا… لطييييفة.’
لم يكن الأمر يشبه القيام بعمل، بل كان كأنني استحوذتُ على دمية حية بالغة الجمال، أتأملها كما أشاء.
ألم تكن تلك الطفلة التي يتنافس الجد الأكبر وسيد العائلة على حملها، والتي يعجز حتى ولدا السيد عن إخفاء إعجابهما بها؟
حتى أنا، الغريبة، لم أستطع إلا أن أجدها رائعة الجمال والبراءة. وكان وقتي معها ممتعًا.
“يا صغيرتي، هل بلّلتِ ثيابكِ؟”
كنت أهمس بمثل هذه العبارات ثم أرتجف فجأة… متخيّلة لو أن سيّدي كان حاضرًا، لكان قد نظر إليّ بازدراء وهزّ رأسه وهو ينقر بلسانه ساخرًا.
لكنّه لم يكن موجودًا.
‘لو أنك قضيت وقتك في التدريب بدل التفرج عليّ… لما متَّ مبكرًا هكذا.’
كنت أتمتم بشيء من العتاب، لكن ما إن تقع عيني على وجه الطفلة، حتى يتبخّر كل شعور سيّء.
“سأبدّلكِ حالًا لتصيري ناعمةً ونظيفة. انتظري قليلًا فقط.”
حتى أولئك الذين كانوا يزدرونني لأنني ابنة شقيق محارب ساقط، لم يجدوا بُدًا من الاعتراف بمهارتي في العناية بالصغيرة.
حتى صاروا يتركوننا وحدنا.
أما أنا، فكنت أستطيع القيام بالعلاج وسحب الدم وأنا مغمضة العينين، لكن المشكلة كانت في إخفاء الآثار.
‘سأحتاج إلى با سايول.’
لم أستطع أن أبوح بحقيقتي لأحد، لذا كنت في كل مرة أخمّد وعي با سايول وأجعله يساعدني في الأمر، وبفضله لم يلحظ أحد ما كنت أفعل.
كان قد بلغ في تدريبه مستوى يتجاوز ذروة شبابه بفضل أسلوب التنفّس الذي علّمته إيّاه، وكان يثير الرهبة بإصراره.
كلما أخرجت الدم، كنت أجعله ينفخ فيه نفَسًا من طاقتي المظلمة، فكان يدخل في جسد سويون بلا أي مقاومة.
‘أيمكن أن…؟’
ساورني شك.
لو صحّ ظني، لكان منطقيًّا أن جسد الصغيرة يرفض طاقة الجد الأكبر بهذه الحدّة.
والنتيجة كانت واضحة: ملامح الصغيرة أضحت أكثر إشراقًا، ووجنتاها أكثر نضارة.
كانت تغفو بعمق بعد العلاج والنفخ، حتى أنّ الآخرين لاحظوا التغيير.
“اليوم تبدو الصغيرة مسرورة، أليس كذلك؟”
“أتظن ذلك؟ كنت أفكر بالشيء نفسه!”
كان الجميع يبتسمون متحمّسين، وكأنهم ينتظرون مكافأة لنجاحهم في رعايتها، مع أنّ الفضل كان لما أقوم به.
من هنا أيقنت أن هناك سبيلًا لإنقاذ نامغونغ سويون.
لكن المشكلة كانت الجد الأكبر… إن واصل إدخال طاقته في جسدها، ستظل المعاناة تعود من جديد. ومع ذلك لم يكن بوسعي أن أقول شيئًا.
في ذلك اليوم، طرحت على با سايول سؤالًا ظلّ يثقلني طويلًا.
كنت صغيرة على طرحه، لذا أخمدت وعيه أولًا.
“با سايول… هل نامغونغ سويون ابنتك؟”
“نعم.”
قالها بوضوح دون أي تردّد، على عكس ما توقعت.
“وأمّها… هي گامو؟”
“نعم.”
كان وعيه مطفأ، ومع ذلك بدا وجهه مطمئنًا، يكاد يفخر بذلك.
“فسّر لي ما حدث.”
“لقد أحببتُ السيدة گامو، وهي كذلك. التقينا لأول مرة في حفل الستين لزعيم اتحاد المرابطين، قبل أن تخطب لسيد العائلة. بعد زواجها حاولت كبح مشاعري، لكن بعد إنجابها لولدي السيد، واشتداد جفاء سيد العائلة نحوها، عادت تبحث عني.”
عندها فهمتُ لماذا خاطر با سايول بحياته مرارًا لإنقاذها، ولماذا لم يستطع مغادرة هذا القصر أبدًا.
“هل الولدان أيضًا من دمك؟”
“لا.”
“فلماذا إذن عرضت حياتك للخطر في الحريق لإنقاذهما؟”
“لأنني كنت أعلم أن السيدة گامو لن تستطيع أن تحيا إن حدث لهما مكروه.”
كان صدقه بادٍ على وجهه.
“وحين دخلتَ الحريق لإنقاذهما… هل كنت تعلم أن گامو تحمل منك طفلًا؟”
“نعم.”
“وأين هي الآن؟”
“لا أعلم. بحثت عنها كثيرًا بلا جدوى. أظن أنّها رحلت عن هذا العالم.”
رأيت كم كان ذلك الجواب يعتصر قلبه.
“هل يظن أحد أن سويون هي ابنتك؟”
“لا. لا أظن.”
“إذن، اختفاء گامو لا علاقة له بهذا؟”
“أظن أنّ سيد العائلة راقبني حين أنقذتها في السجن، فساوره الشك بيني وبينها. وربما خشي أن تفضح هي ما اقترفه هناك. أليس هو من تخلّى عن أهله وفرّ لينجو بنفسه؟ لو عرف الناس فعلته، هل كانوا سيظلون يتبعونه؟”
كان احتمالًا وجيهًا.
‘يدّعي أنّه يسلك طريق الحق والعدل… لكنه ارتجف من الخوف حتى أنكر امرأته الحامل وفرّ وحده. أي عارٍ هذا!’
“هل تظن أنّ سيد العائلة يشك بأن سويون ابنتك؟”
“لا أعتقد ذلك.”
وأنا أيضًا كنت أرى أنه لا يشك.
فالفرح الذي يملأ عينيه كلما نظر إلى الصغيرة، لم يكن كاذبًا.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
الصراحة انا ما حبيت هذا الفصل، لان الخيانة الزوجية ما يبررها اي شيء، لا جفاف العلاقة و لا غيره، بس مقدر احرف هذا الجزء لان واضح ان له علاقة بالقصة و مهم
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 6"