بعد أن فعل نامغونغ هوي فعلته، بدا كأنه يخشى أن يوبّخه أخوه، فظل يراقب بحذر وجه نامغونغ هيون.
لكن نامغونغ هيون لم يوبّخ شقيقه الصغير، بل جلس القرفصاء أمامي وقال ببرود قاسٍ:
“إن لم تخرجي بقدميك، فربما تُحمل جثةً إلى الخارج لاحقًا. لا تظن أنكِ قادرة على الصمود. نحن سنستمر حتى تغادر هذا المكان مع عمّك.”
يا لها من قسوة… كيف يمكن لمجرد صبي صغير أن يطلق تهديدًا يبعث في النفس مثل هذا الرعب؟
في النهاية، لم أستطع حتى الذهاب إلى دار العلاج الداخلي، بل لم يكن نصيبي سوى التهديد من هذين الصغيرين، فعدت أدراجي.
عاد عمي في ساعة متأخرة من الليل، بينما كنت قد غطّيت رأسي بالبطانية حتى آخره.
“سوسو، هل تناولتِ الطعام؟”
سألني برقة، وهو يربّت فوق رأسي من فوق البطانية.
حين يناديني بـ “سوسو”، أشعر وكأنني صرت طفلة صغيرة جدًا.
كنتُ منزعجة من إصرار عمي على البقاء في هذه العائلة الكبيرة رغم كل ما يلاقيه من ظلم.
صحيح أنه ليس عمي الحقيقي، لكنه الوحيد في هذه الدار الذي يعتني بي ويهتم لأمري. كنتُ أتمنى لو أنه ينال معاملةً كريمة واعترافًا من الناس، لا أن يُعامل كمن أصابه الطاعون، مع أنّ هذه العائلة مدينة له بديون عظيمة.
لكن… الحقيقة لم تُكشف بعد، وهذا الحال سيستمر.
حتى الابنان اللذان أنقذهما من الموت بنفسه، لا يجرؤان على الاعتراف بفضله. فما الذي يمكن أن أرجوه من غيرهما؟
حتى لو نطقتُ بالحقيقة عمّا حدث، فلن يصدقني أحد. بل قد أُقتل ضربًا لو تجرأتُ على قولها.
‘مظلوم… إنه حقًا مظلوم!’
كان رجلاً يستطيع وحده أن يقوم مقام فرقة كاملة من المحاربين.
لو لم يتحطم دَنْجُنُه*، لكان في إمكانه أن يغادر إلى أي مكان آخر ويعيش مكرّمًا معزَّزًا. سمعتُ أن قيمة المحارب الماهر لا تُقدّر بثمن.
* الدَنْجُن : مركز الطاقة الداخلية في جسد المقاتل.*
لكن الحظ العاثر جعله يفقد مركز قوته الداخلية، وصار محطّ احتقار أعين المحاربين.
بل إنهم يندبون “الأدوية الثمينة التي أُهدرت عليه”.
وفجأةً خطرت لي فكرة:
(ماذا؟! دنجُنه المتحطم… أليس بوسعي أن أصلحه بنفسي؟!)
لماذا لم يخطر لي ذلك من قبل؟
أزحت البطانية بسرعة ونظرت إليه بحماس:
“عمي!”
ابتسم إليّ، لكن ما إن رأى وجهي حتى تجمّدت ابتسامته واقترب مني قلقًا:
“ما هذا…؟! من الذي فعل بك هذا؟!”
“آه… هذا؟ لا شيء مهم.”
“لا شيء؟! كيف تقولين ذلك؟ أخبريني، من فعل بك هذا؟!”
كان يفحص جراحي بعينين يملؤهما الغضب والأسى.
لكنني لم أستطع أن أجيبه… فمن ذا الذي أذكره؟ كل من أصادفه في هذه الدار يدفعني أو يقرصني أو يضربني.
“قلت لك لا شيء مهم.”
“لماذا لا تتكلمين؟ هل الأولاد يضايقونك؟ أي نذل تجرّأ على ذلك؟”
أخرج مرهمًا من جيبه، وبدأ يدهن جروحي بحذر.
“هل أصبتِ في مكان آخر؟”
رفع كمّي فرأى آثار الكدمات الداكنة، فتنهّد طويلًا.
كانت كدمات قديمة من ضربٍ تلقّيته في الداخل، وقد صارت ألوانها بين الأصفر والأحمر والأزرق. لم تعد تؤلمني كثيرًا، لكن منظرها وحده يكفي ليعقد الوجه.
ظلّ طويلًا صامتًا. ربما كان قلبه قد بدأ يميل إلى الرحيل من هذه العائلة.
‘هل يمكن أن آمل؟’
أنا لا أرفض الخروج من عائلة نامغونغ، إنما كنتُ أفعل ذلك فقط لأن عمي لم يكن يرِد الرحيل. ولو قرّر المغادرة، فسأذهب معه فورًا.
فبسببه فقط أنا باقية هنا.
أن تعيش طفلة يتيمة وحدها… أمر مخيف جدًا.
“سامحيني يا سوهَي… كل هذا بسببي.”
لا… ما كان يجب أن يقول ذلك.
كيف ألومه وأنا أعلم أن ما أصابه حدث في الأصل بسببي؟
قلت برجاء:
“عمي… هل من الضروري أن تبقى هنا؟ ألا يمكن أن نخرج من هذه الدار؟”
ربّت على رأسي وقال بحنان:
“يا صغيرتي… تحملتِ الكثير دون أن تشتكي. لو شئتِ، لديّ صديق قديم كنت أعتبره أخًا. يمكننا الذهاب عنده. ستجدين هناك أناسًا طيبين وأطفالًا في مثل عمرك. سيحسنون إليك، على الأقل من أجلي.”
قلت بلهفة:
“حقًا؟! هل سنذهب؟! سأكون مطيعة وسألهو مع الأطفال، ولن يعاملونا بسوء مثل هنا، صحيح؟”
لكن فجأة تدارك الأمر، ثم نظر إليّ وقال:
“سوسو… ستذهبين وحدك. أنا باقٍ هنا.”
“لماذا؟!”
نظرتُ إليه غير مصدّقة. أي إنسان غبي هذا الذي يفضّل البقاء بين من يكرهونه؟
أنا أقرب إنسان له… ومع ذلك يريد أن يتركني؟
صرخت بغضب:
“ألم تسمع ما يقولونه عنك؟ لماذا تتحمّل هذه الإهانات؟!”
قال بحزن:
“سامحيني يا سوهَي… لكنني لا أستطيع مغادرة هذا المكان.”
“هل بسبب السيدة الكبرى؟”
ارتبك، ثم أشاح بوجهه. بدا في عينيه حزن عميق.
هل ماتت السيدة الكبرى؟
وإن كانت قد ماتت، فما الذي يبقيه هنا؟ هل هو الانتقام؟
لكن كيف… وهو بلا دَنْجُن، وبلا قوة داخلية؟
عدتُ وأسدلت البطانية فوق رأسي.
سمعته يقول:
“سأرسل خبرًا إلى صديقي، ستغادرين بعد أيام قليلة. سأوصلك بنفسي.”
“لن أذهب!”
“سوهَي…”
“قلت لن أذهب! لن أذهب!”
استدرت غاضبة تحت البطانية، فآلمني جسدي كله حتى أنني أننت.
‘إنه رجل غريب حقًا…’
لكن سرعان ما تذكّرت أمر الدَنْجُن. أخرجتُ يدي من تحت البطانية، وحرّكت أصابعي حتى أصدرت طقطقة صغيرة.
كنتُ قد استخدمت “فن نقل الروح” قبل أن أدخل جسد با سو-هي، ولا يزال مفعوله قائمًا، وهذا حسن.
أردتُ أن أنفخ طاقتي الداخلية لأتفحّص دَنْجُن عمي… لكن فجأة تذكّرت.
‘آه… لا طاقة لدي.’
دائمًا ما أنسى أنني فقدتُ كل ما لدي من قوة داخلية.
‘يجب أن أعيد بناء أساس قوتي من جديد… أنا وهو معًا.’
بعد أن قررت ذلك، عدتُ أختبئ تحت البطانية.
ظنّ عمي أنني صامتة غضبًا منه، لكنه لم يعلم أن ذهني منشغل بالتفكير في كيفية إصلاح دَنْجُنه، وأي طريقة سأعلّمه ليستعيد قوته.
“سوهَي… أظن أنك غاضبة من عمك كثيرًا.”
لم أجب. أردت أن يشعر بشيء من الذنب، على الأقل.
أخرج كُرَة من الأرز من جيبه، وراح يجلس وظهره نحوي، منشغلًا بشيء ما.
لم أتمالك نفسي من الفضول، فأخرجت وجهي قليلًا من البطانية لأراقب. كان ظهره العريض يتحرك، وكأنه يصنع شيئًا بيديه.
وكلما التفت فجأة، أسرعت لأغطي رأسي ثانية.
ثم التفت مرة أخرى فجأة وهو يصرخ مازحًا:
“بوو!!”
“آآه! فزعتني!”
انفجرتُ ضاحكة بمرح، حتى نسيت أنني كنت غاضبة منه قبل لحظات.
لو رآني معلمي لقال: “ألا تخجلين من عمرك؟” لكن… كم كان الأمر ممتعًا!
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات