حين دخلتُ إلى جسد هذه الطفلة، كان الحظ – إن جاز القول – أنّ با سوهي كانت قد تحتضر بالفعل.
فلولا ذلك، لكان الأمر أشبه بقتلي لطفل بريء من أجل أن أحيا أنا، وساعتها ما كان ضميري ليرتاح أبدًا.
ولو علم سيدي بما خطر ببالي، لكان صبّ عليّ محاضرة طويلة عن أنني لا أستحق أن أكون “شيطانًا عظيمًا”.
وقد قال لي مرارًا:
“يا قديسة، يا سيّدتي القديسة. أنت شيطان. وُجدتَ فقط من أجلي. عليك أن تفكّر في حياتي وحدها، حتى لو اضطررتَ لإبادة العالم بأسره. لهذا ربّيتك. ثم ماذا؟! تكتئبين حتى لو سقطت زهرة من غصنها؟”
فأحتجّ:
“لم يحدث ذلك قط!”
فيضحك ساخرًا:
“آه، هكذا؟ حقًا؟ حسنًا، أحسنت يا بطلة.”
ثم يمدّ يده الناعمة ليمسح على مؤخرة رأسي.
ومن ينظر إلى تلك الأصابع كان ليستبعد أنّها أمضت عمرها في صقل فنون القتال.
لم تكن يده فقط، بل حتى وجهه… ما كان ليوحي أبدًا أنّه هو نفسه “الشيطان” الذي ترتعد منه الدنيا.
كنت أظن تلك الأيام ستدوم إلى الأبد… أن نظل هكذا بلا نهاية…
‘من الذي سمح لك أن تموت هكذا؟! من طلب منك أن ترحل بهذه البساطة!’
ركلت الأرض غاضبةً، ومضيت أسرع في خطواتي، فإذا بي أرى وصيفة نامغونغ سو-يون تحملها وسط لفائفها، ترافقها مجموعة من الخدم نحو مجلس الشيوخ.
لم يكن يظهر من بعيد سوى القماط، لكنني كنت أعلم أن الصغيرة سو-يون ملفوفة بداخله.
‘لا بدّ أن الجد الأعلى استدعاها مجددًا.’
تنهدتُ في داخلي وأنا أحدّق بالطفلة.
ما لم يعلمه أحد… أنّها الآن ذاهبة إلى موتها.
منذ أن رأيت سو-يون أول مرة، ساورني شعور غريب تجاه جسدها.
وحين سنحت لي الفرصة وفحصت نبضها سرًا، كدتُ أُصعق:
فالجد الأعلى، بحجّة تقوية عظامها، كان قد بثّ من طاقته الداخلية في مساراتها الدموية… لكن جسد الرضيعة لم يحتمل ذلك.
بدأت مساراتها تضعف وتذبل، ومع محاولتها اليائسة للبقاء كانت تفرز سمومًا تؤذي سائر أعضائها.
الغريب أنّ بنية الجَدّ وحفيدته مختلفة إلى هذا الحد، لكنني لم أعرف السبب.
هو كان عبقريًا في فنون السيف والقتال، لكن في فهم تناغم الطاقات؟ كان جاهلًا تمامًا.
ولمّا بخلَ بعطيته على أبنائه وأحفاده، اختار أن يمنحها لأول مرة إلى تلك الطفلة… وبهذا الفعل، دفع بزهرة نادرة كـسو-يون نحو الموت.
‘لو تمكّنت فقط من سحب الدم الملوّث لطهرتُ جسدها بعض الشيء. بعدها كنت سأواجه الجد الأعلى بالحقيقة…’
لكن ذلك لم يكن ممكنًا.
فقد فقد عمّي ما تبقّى من سمعته، وأنا لم يُسمح لي حتى بدخول “الجناح الداخلي” حيث تقيم الطفلة.
في البداية، تيسّر لي أن أتحيّن لحظات الغفلة لأفحصها، لكن ما إن رآني أحدهم ألمسها، حتى ثارت الدنيا عليّ.
صفعوني وصرخوا: ما الذي فعلتِهِ بها؟!
لولا أنّ با سا-يول صادف الموقف وتدخل، لكنت قُتلت في تلك اللحظة.
‘لا حيلة؟ لا سبيل؟ ومع ذلك… أن أقف مكتوف اليدين بينما تموت؟ لا، لا أستطيع.’
ومن ثمّ ظللت أُحيط بالجناح أترقّب أي فرصة.
“هاه؟ إنها ابنة أخ السيّد با!”
رنّ صوت طفولي لطيف خلفي.
التفتُ مذعورًا، فإذا بطفلين يهبطان كأنهما ملَكان صغيران: نامغونغ هوي الصغير، وأخوه الأكبر نامغونغ هيون.
كان الناس يقولون: “أبناء أسرة نامغونغ كالأحجار الكريمة المصقولة.”
وقد خُيّل إليّ أمامهما أنّ ذلك القول صدق.
لكن كم خُدعتُ من وراء تلك الوجوه!
ما إن وطئت قدمي بيت نامغونغ، حتى أغرقاني بالمعاناة والمهانة.
بمجرد سماع صوتيهما، تراجعت خطواتي مذعورًا.
لو علم سيدي أنّني أرتجف خوفًا من طفلين لم يبلغا العاشرة، لانقلب ضاحكًا يتدحرج على الأرض!
صرخ هوي:
“ماذا تفعلين هنا، يا با سوهي؟”
أما هيون، فراح يتفحصني بنظرات كلها ازدراء، رغم صغر سنه.
قال ببرود:
“لماذا أنتِ هنا؟ هل كنت تنوين دخول الجناح الداخلي؟ ذاك مكان لا يليق بمثلك. ولا أظنّك تجهلين ذلك.”
تجمد لساني. لم أتوقع مواجهتهما هنا، ولم أُحضّر ما سأقوله.
قال هوي وهو يقطّب:
“إنها شاحبة، كالموتى. سمعتُ أنّ السيّد با أصيب بـ’تقنية سلب الروح’. ربما هذه الفتاة أيضًا كذلك؟ لو كان الأمر صحيحًا، فهذا يعني أنكما معًا من أتباع الطائفة الشيطانية. وسمعتُ أنّ الشياطين يأكلون البشر!”
‘خطأ! هذا هراء!’
صحيح أنهم أصابوا كبد الحقيقة قليلًا، لكن بقية الكلام… مجرد إشاعات.
لطالما اخترع “المستقيمون” الأكاذيب عن طائفتنا تشيونما.
قالوا إننا نشرب دماء الناس ونلتهم أجسادهم! هراء.
نحن نقدّس القوة ونسعى وراء أساليب التدرّب الأسرع، نعم. نقامر بحياتنا في معارك مميتة، نعم. لكننا لم نفعل ما يزعمون.
ومع ذلك، هذان الطفلان الصغيران آمنا بتلك الخرافات كما لو كانت وحيًا.
قال هوي:
“أتمنى لو طرد والدي عمّك وأنت معه. أليس كذلك، أخي؟”
فانفجرتُ دون وعي:
“عمّي صار على ما هو عليه بسبب السيّدة و… وبسببكما! أنقذكما هو بنفسه!”
فتجمّدت ملامحهما على الفور، وتحوّل وجهاهما إلى أقنعة غضب.
صرخ هيون:
“أي هراء هذا؟! والدنا هو الذي أنقذنا. من أخبرك بتلك الأكاذيب؟ عمّك؟ لقد جُنّ فعلًا. أي جرأة أن تتفوّه بمثل هذا الهذر!”
‘لكنني كنت هناك… ورأيت بأم عيني.’
أبوكما لم يفعل شيئًا سوى الصراخ والبحث عن مهرب وسط اللهيب.
بل إن الشرارة التي أشعلت النار كانت منه، حين حاول استخدام مهارة لسلب المفاتيح من فوق الطاولة!
وحين فتح با سا-يول الباب، لم يلتفت والدكما وراءه، بل هرب مذعورًا.
أما أمّكما، فقد صرخت في اليأس وهي ترى ابنيها عالقَين خلف العوارض المنهارة.
كان يمكن لعمّي أن يخرج معها بسلام… لكنه عاد وسط النيران من أجلها.
هناك، تحت السقف المنهار، تبادلا نظراتٍ لم تكن مجرّد نظرات امرأة لسيد عشيرتها… بل نظرات عاشقة لعشيقها.
ومنذ ذلك اليوم، لم أرها مجددًا. قيل إنّها ما تزال مريضة ومختبئة، لكن قلبي يهمس أنّها ماتت.
وإن كانت ماتت فعلًا… فمن قتلها؟ ولماذا؟
قاطع أفكاري صوت هيون وهو يرمقني بكره:
“أيتها الصغيرة ، ألا تفهمين أنك غير مرغوب بكِ هنا؟ حدّثي عمّك ليغادر من تلقاء نفسه. لا أحد يريدكما.”
‘ولِمَ أفعل؟ ولماذا أغادر؟’
اكتفيت بالنظر في عينيه بصمت.
فصرخ هوي:
“عيناها مخيفتان… تُقشعر لها الأبدان!”
ودفعني بكتفه.
كِدتُ أردّ عليه بسخرية، لكنني سكتّ.
فمهما كانت أخلاقهما رديئة، إلا أنّ عيونهما… صافية كالمرآة، جميلة كبحيرة صافية.
أنا، القديسة… أعترف حتى بفضائل أعدائي.
فأضاف هوي بغِلّ:
“ليتكِ تموتين!”
ودفعني ثانية، فتهاوى جسدي الصغير على الأرض.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 3"