“آسف يا سوهَي… آسف حقًا.”
ربما كان يعاني من ذلك حتى في غيابي، لكن أن يُعاملني الناس بالطريقة ذاتها، وأن أُهان معه، بدا أنه يجرحه أكثر مما يحتمل.
صرخت قائلة:
“لا تعتذر! لستَ مخطئًا يا عمي!”
رفعت صوتي عمدًا، فرمقني مقاتلو العشيرة بنظرات قاسية، لكنني تجاهلتهم تمامًا وركزت على تغطية أذني عمي.
كان عمي قد أُقصي من منصبه كشيخ، ثم أُجبر على ترك مقعد سيد العشيرة، ودُفع به إلى أن يصبح مجرد قائد فرعي. وفي النهاية انحدر به الحال ليصير مجرد حارس في أحد الأجنحة الخارجية.
ومع ذلك، لم يستطع مغادرة العشيرة، كأن الجذور التي امتدت في أعماقه تمنعه من ذلك.
وكلما بقي، ازدادت همسات الناس واتهاماتهم: “لا بد أن وراء تمسكه بالعشيرة سرًّا خفيًّا.”
أما أنا، فلم يكن يؤذيني سوى الكلام.
لم أعرف السبب الذي جعله لا يغادر، لكنه ما دام يملك عذرًا يخصه، كنت مستعدة للبقاء إلى جانبه مهما حصل.
ثم إنني لم أكن سوى طفلة لم تتجاوز الرابعة، عاجزة عن فعل أي شيء وحدي…
وفي طريقنا نحو جناح المقاتلين، كان الغروب يصبغ الأرض بلمسة ذهبية ناعمة.
“متى قالوا إن الخمر سيكون جاهزًا في الحانة؟ هل أوصلت الرسالة كما ينبغي؟ لا تنسوا أن بعض الضيوف سيأتون قبل الحفل، وإن لم تكن الأمور مُهيّأة فستُحاسبون!”
كان المشرف العام يركض هنا وهناك، يصرخ ويوبّخ كل من تقع عليه عينه.
“أجل يا سيدي المشرف. لقد أخبرتهم بوضوح. ولا تقلق، فما زال أمامنا أكثر من شهر على الحفل. وأكدوا لنا أنهم سينهون كل شيء قبل ذلك، وهم مطمئنون تمامًا لأن الخمر هذه المرة قد أُعدّ على أحسن وجه.”
“احذروا أن يكون هناك تقصير في أي جانب، وإلا فالويل لكم!”
ثم مضى ليصرخ في مكان آخر.
كان الجميع يركضون بلا توقف منذ الصباح حتى الليل.
فالكل منهمك بالتحضير لعيد ميلاد نامغونغ سويون القادم.
بقي شهر كامل… بل ما يقارب الشهرين، لكن الجد الأكبر للعشيرة أرهق الناس بتشدده في الإعداد.
لقد كان متعطشًا لعرض حفيدته أمام العالم.
‘لكن ذلك ليس حسنًا… فالفتاة، على كل حال، لن تعيش حتى يوم ميلادها.’
فكرت في ذلك وأنا أراقب الصخب يعم أرجاء العشيرة.
أنا الآن محبوسة في جسد طفلة صغيرة لم تتجاوز الرابعة، لكنني في الأصل كنت “سَمساماي” ـ القديسةـ إلى جانب زعيم طائفة “تشونما” في جبال السحر.
*تشونما معناها الطائفة الشيطانية *
حين هاجمتنا صفوة خبراء المَدارس المستقيمة، خاطر الزعيم بحياته لإنقاذي.
كان ينبغي أن أكون أنا من يحميه… لكن الواقع اختلف عن ذلك.
لا زلت أرى في ذهني تلك النظرة التي أطلقها نحوي وهو يأمرني أن أنجو مهما كلّف الأمر.
“أنا أحبك، لكن إن أضعت حياتك عبثًا فلن أغفر لك حتى لو كنت أنت.”
أتذكر حين كنت أجري تجارب لصنع أسلوب جديد وتعرضت لإصابة مميتة، فأنقذني بطاقته الداخلية وقال هذه الكلمات.
كان يخيف العالم بلمحة من يده، يحرك الهواء فيتحول إلى عاصفة، لكن حين يقطب جبينه ويقول لي ذلك بوجهه الجميل المهيب، لم أكن أشعر بالخوف بل بالذنب، وأعاهد نفسي أن لا أكرر الخطأ.
الكل في أرض الصين كانوا يلقبونه بـ”الاقوى على وجه الارض”، إعجابًا بمهارته القتالية التي تجاوزت كل بشر.
أما أنا، فكنت أراه “الأفضل” لجماله اللامع كأنه ليس من هذا العالم.
أخذني طفلة بالكاد وصلت إلى خاصرته، وأصرّ أن أكون تلميذته. وحين خاب أمله في موهبتي القتالية، كاد يتركني… لكنه حين اكتشف براعتي في الطب، صار يجلب لي أثمن الكنوز ويقول: “استعملي ما تشائين.”
‘ربما كان يشعر بالفراغ من عرش “تشونما” الذي وصل إليه مبكرًا جدًا…’
وحين كنت أسأله أن يدعني أرحل، كان يبتسم ابتسامة ساحرة ويجيب:
“لا. يجب أن أبقى أراقبك. هذه الأشياء أثمن مما تظنين، ولا بد أن أتأكد أنك تستخدمينها كما يجب.”
فأردّ ساخطة:
“إذًا لا تعطِني إياها!”
لكن جوابه كان غريبًا دومًا:
“هذا أيضًا لا يصح. عليك أن تجددي طرق الطب وتنقذيني إن أصبتُ يومًا. عندها سأحميك أنا. ثقي بي يا سَمساماي. لن أدعك تموتين قبلي أبدًا.”
وبالفعل، وأنا في مطلع العشرينيات، نجحت في ابتكار علاجات لم يتوصل إليها أحد قبلي.
بدّلت خصائص العقاقير القاسية حتى صارت صالحة للاستعمال، وعالجت جسده الذي أرهقته المعارك مرات ومرات.
ذلك كان سبب وجودي… ومعنى حياتي.
‘لكن… هل نجا هو يا ترى؟ لا… لم يكن ذلك ممكنًا.’
أتذكر جيدًا المشهد الأخير: كان محاطًا بخمسة من أعظم مقاتلي العالم، يهاجمونه بالسموم والأسلحة الخفية، وهو متكئ إلى جرف شاهق، والدم يغطي سيفه، لكنه ظل يقاتل حتى النهاية.
كان قادرًا على الهرب وحده… لكنه فتح لي طريقًا، وشتت انتباههم، ولم يخرج بعدها أبدًا.
آخر ما سمعته هو صرخات العدو: “لقد سقط الزعيم من الجرف!”، وأنا أهرب بجسد ممزق بين النيران.
لولا أنني صادفت جسد “با سوهَي” الصغير المحتضر، وأجريت “فن تبادل الأرواح”، لكنت قد انتهيت هناك.
والأغرب أن هذا الجسد قادني إلى قلب عشيرة نامغونغ، سادة المَدارس المستقيمة.
“لا تقفي هكذا كالبلهاء! ساعدينا!”
صرخت علي خادمة مراهقة، قبضت على ذراعي وهزّتني بعنف حتى كدت أسقط.
“إذا كنتِ تأكلين فعليك أن تفي بثمن طعامك! وإلا فاطلبي من عمّك أن يخرجك من هنا! ألا تفهمين؟ ما أبلدك!”
كانت تطعنني بأصابعها مرارًا، تتلذذ بإهانتي.
فتدخلت أخرى:
“دعيها، لن تفيد بشيء. صغيرة هكذا ماذا ستفعل؟”
لكن الأولى صاحت بعناد:
“على الأقل تستطيع حمل الماء! لا أطيق أن أراها تتسكع فارغة اليدين. با سوهَي! خذي هذا الدلو إلى ساحة التدريب، وسلّميه للجنود هناك، ثم عودي مباشرة!”
حاولت رفع الدلو، لكنه لم يتحرك قيد أنملة، رغم أنه نصف ممتلئ فقط.
شدّت يداي حتى ارتجفتا بلا جدوى.
فقهقهت الخادمة الشريرة:
“عاجزة حتى عن هذا؟ اخرجي من وجهي! وإن رأيتك مرة أخرى اليوم فلن أرحمك!”
قالت الأخرى مبتسمة بمكر:
“خففي عنها، وإلا بكت الآن.”
فتركت الدلو، وركضت بعيدًا. كان عليّ أن أتوارى عن الأنظار هذا اليوم.
لكن حتى وأنا أهرب، كنت أتعرض للشتائم في كل زاوية:
“با سوهَي! تنحّي من الطريق!”
“تبا لكِ! وجهك جالب للنحس!”
“انتبهِي أين تسيرين! كدت أسقط بسببك!”
مع أنني لم أقترب منهم أصلًا. كانوا فقط يبحثون عن شخص يصبون عليه جام غضبهم.
‘لو كنت أعلم أن حياتها هكذا… لانتظرت لحظة أطول قبل أن أبدّل روحي بجسدها.’
لكنني أعلم أن تلك مجرد أمنيات فارغة.
لحظة تأخير واحدة… وكان موتي حتميًا.
والآن، حتى وإن كان في جسد “با سوهَي”، فقد كتب لي أن أعيش.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 2"