قال العم بصوت منخفض وهو يقف أمام كبير العائلة ليعترض طريقه:
“سوهَي، اهربي! سأوقفهم هنا مهما كلفني الأمر، فقط اهربي يا سوهَي!”
كانت كلماته همسًا، لكن حتى ذلك الهمس لا يخفى على آذان من تدربوا على فنون القتال.
ومع ذلك، لم يتحرك أحد لمنعي، ربما لأنهم ظنوا أن اللحاق بي لاحقًا لن يفوت الأوان عليه، أو لأنهم ما زالوا مصدومين مما جرى للتو.
لم يتمكن أحد بعد من جمع شتات الحقيقة الكاملة حول موت سويون، ولا عن والدها الحقيقي.
وكان ذلك الفراغ في الفهم فرصتي الوحيدة للنجاة.
عندما سحب كبير العائلة سيفه بيده التي لم تُكسر بعد، وأطلق أسلوب سيف الإمبراطور في أقصى درجاته، شهق الجميع من هول ما رأوا.
لكن الذهول الحقيقي جاء عندما تصدى له عمي — الذي كان يُعتقد أن مركز طاقته قد تحطم منذ زمن — وكسر هجومه في لحظة واحدة.
اختفى جسده من مكانه كهبّة ريح، ثم ظهر أمام كبير العائلة في ومضة برق، وقبض على عنقه بيدٍ مرتجفة.
كانت تلك الرجفة ليست ضعفًا، بل ألمًا يغلي في داخله.
وقف هناك رجل يشهد انهيار عالمه أمام عينيه.
قال بصوت مرتعش تغشاه المرارة والحزن:
“لِمَ فعلت ذلك؟ لماذا؟ كان بإمكانك ألا تفعل! لم يكن عليك أن تصل إلى هذا الحد!”
ارتجف صوته أكثر وهو يصرخ:
“أهكذا تردّ الجميل؟ هل هذا جزاء من أفنى حياته وفداءه من أجل العائلة؟!”
توغلت أصابعه في صدر كبير العائلة، وانحنت أطرافها وهي تمسك بلحمه، فانبثق الدم ليصبغ ثوبه بالحمرة، وتدفق الدم من فمه بغزارة.
صرخ ربّ العائلة، وقد أدرك أن حياة كبير العائلة باتت في خطر، فأطلق طاقته للهجوم:
” أيها الوغد الخائن! كان يجب أن أصدق ما كانوا يقولونه عنك! لقد عدتَ لتدمّر عائلتنا بعد أن صرت تابعًا لأهل الظلام! كان يجب أن أقتلك منذ البداية! قبل أن تُدبّر أنت وتلك الفتاة الحقيرة هذه الخيانة!”
زمجر كبير العائلة بصوت يزلزل القاعة، لكن الغضب كان أضعف من الألم — يده المحطمة لم تعد تقوى على القتال كما اعتاد.
اصطدمت طاقاتهما في الهواء، فصدر عنها دويٌّ رهيب كالرعد، وتشققت الأرض تحتهما.
كان ربّ العائلة بالكاد يصمد، يستنزف كل ما تبقى من طاقته، لكن ذلك الصمود كان كافيًا لإنقاذ كبير العائلة من الهلاك الفوري.
صرخ العم من بعيد بصوت يملؤه الاستعجال واليأس:
“سوهَي، اهربي!”
ثم تمتم بكلمات تكاد تُسمع، ممزوجة بالأسف والوداع:
“سامحيني… سامحيني يا سوهَي…”
استدرتُ لأهرب، لكن فجأة ظهر نامغونغ هيون أمامي.
كانت الدهشة تملأ عينيه، وكأنه لا يستطيع تصديق ما يراه.
لقد رأى سويون ممددة على الأرض، وسمع كلمات كبير العائلة، فأساء الفهم بلا شك.
أمسكني من ذقني بقوة تكاد تكسره، وصرخ غاضبًا:
” ستُخبرينني الآن بما جرى بالضبط، يا با سوهي!”
صرخت من الألم:
“أآه!”
لكن الألم لم يكن شيئًا أمام الغليان في صدري، كان كمن يسكب ماءً باردًا على نارٍ مستعرة داخلي.
ورغم ذلك، سرعان ما خفّت قبضته، وكأنه أدرك أن الإمساك بي لن يفيد، وأن عليه مساعدة الآخرين أولًا.
خلفنا دوّت أصوات انفجاراتٍ متتالية.
تصدعت الجدران، وتطايرت الأرض تحت الأقدام.
الناس يركضون مذعورين، وبعضهم يصرخ وهو يُسحب وسط عاصفة من السيوف والرياح.
‘هل يمكن لعمي أن ينتصر؟ عمي… أرجوك، عش.’
لكن عدد المحاربين الذين هرعوا نحو المعركة ازداد لحظة بعد أخرى، وعرفت أن أملي ذاك لم يكن سوى وهما.
تتابعت أصوات السيوف:
تشانغ— تشانغ—!
صوت الحديد على الحديد تردّد طويلًا.
كانت طاقاتهم أقوى من أن يحتملها المكان.
انفجرت أجساد بعض المقاتلين من شدة الضغط، وتطاير الدم في الهواء.
رياحٌ حادةٌ كالشفرة تمزق الفضاء، والسيوف تلوّح كأنها برق.
دوّى الرعد، واشتعلت الشرر في الأرجاء.
كل نفس كان صعبًا، وكل خطوة كانت موتًا يقترب.
رأيتُ عمي يقبض سيفه بكلتا يديه، يرفعه عاليًا، ووجهه يقول أنه اتخذ قراره الأخير.
بدأت طاقته تتصاعد حتى بلغت ذروتها، وراح السيف يئنّ بصوتٍ خافتٍ مفعم بالحزن.
كان صوتًا كأنما يعلم أن صاحبه — وسيفه — سيموتان في تلك الليلة.
***
كان نامغونغ هيون قد أدرك أيضًا أن أمرًا خطيرًا على وشك الحدوث.
صرخ علي بعصبية:
“تحركي، أيتها الحمقاء!”
حاول أن يسحبني من مكاني، وكأنه شعر أن البقاء هنا خطأ قاتل، لكنني لم أتحرك.
كنت أحدق فقط في عمي.
ولما رأى ذلك، استسلم.
يبدو أنه فهم أنني إن كنت مصممة على رؤية موت عمي، فلن يستطيع منعي.
عندها انبعث من سيف عمي ضوء خافت فضيّ،
وأغمض عينيه للحظة، ثم فتحهما لتنساب دمعة واحدة على ندبٍ فضيّ لطالما كان رمزًا لإخلاصٍ لم يُكافأ عليه أبدًا.
كأن تلك الدمعة حملت معه كل ما تبقى في قلبه من حنين، رفع سيفه بعزم لا رجعة فيه.
صرخ أحدهم مذهولًا:
“طاقةٌ داخلية متجسدة؟! كيف…؟!”
ارتفع الضوء من سيفه كأنه شهاب، فشهق الناس وتراجعوا غريزيًا إلى الوراء.
كانت قوة النور ساطعة إلى حدٍّ كاد يعمي الأبصار.
تطاير في الهواء، يخترق الفراغ، ويجتاز صفوف المقاتلين، تاركًا وراءه أجسادًا ممزقة.
ظل السيف في يد عمي، لكن وهجه انتشر في كل مكان، يرسم خطوطًا حمراء في الهواء، كأن السماء نفسها تنزف.
أما أولئك الذين استطاعوا الصمود في وجه تلك الطاقة المجنونة، فقد تراجعوا أمتارًا إلى الخلف، يتنفسون بصعوبة.
لو لم يكونوا هناك، لكانت تلك الضربة وحدها كفيلة بإبادة كل من في المكان.
تبادل كبير العائلة وربّها نظراتٍ خاطفة،
ثم اندفع ربّ العائلة إلى الأمام وصدّ تلك الأشعة المنفلتة من سيف العم.
وفي اللحظة التي التقت فيها نظرات عمي بنظرات كبير العائلة، انقضّ هذا الأخير بسيفه، ممزقًا الهواء بضربة واحدة.
اهتزّت الأرض تحت قدمي، وتشققت بصوتٍ مدوٍ، فامتدت يد نامغونغ هيون وأمسكت بي بشدة.
“أفيقي يا با سوهي!”
اللحظة التالية شهدت انهيار المكان الذي كنت أقف فيه، وتطايرت الألواح الخشبية في عاصفةٍ هوجاء.
اخترقت إحداها فخذ رجل وآخر مزقت خاصرته.
كانت مجرد قطعة خشب عادية، لكن سرعتها المجنونة جعلتها تقتل كما تفعل السيوف.
سقط الناس كدمى بلا حياة.
ربما شعر نامغونغ هيون أن بقاءنا يعني موتًا محتمًا، فأمسك بيدي محاولًا سحبي للخارج.
لكنني نزعت يدي من قبضته، وبقيت في مكاني.
كان عمي في البداية هو الغالب،
لكنّ كثرة المهاجمين بدأت تضغط عليه شيئًا فشيئًا.
لم أحتج إلى التفكير طويلًا.
عما قريب… سيموت.
وكان عليّ أن أكون هنا، لأشهد موته بعيني.
تجهم وجه نامغونغ هيون، وكأنه لا يصدق عنادي، لكنه لم يهرب.
استل سيفه، ووقف أمامي يحرسني.
لم يكن هناك أي سبب يجعله يفعل ذلك — لكنه فعل.
ثم جاء الصوت الذي أخافني أكثر من أي شيء:
صوت انقسام لحمٍ وارتطام حديدٍ صامتٍ توقف فجأة.
توقفت كل الأصوات.
فهمت حينها.
لقد انتهى كل شيء.
هذه كانت نهايته.
لم يخطر ببالي أن حياتي ستكون التالية.
لم أشعر بالخوف.
كنت فقط غارقة في دوامة من الذكريات.
وجه الزعيم ظهر في ذهني — هل كان يشعر بالشيء نفسه حين اختار موته؟
لماذا كل من يحاول حمايتي يلقى المصير ذاته؟
لكن حزني على عمي لم يدم طويلًا.
فقد استطعت أن أتخيل مقدار الألم الذي كان سيعيشه لو بقي في عالمٍ فقد فيه كل شيء — بلا زوجة، بلا سويون، بلا معنى.
صرخ كبير العائلة وهو يحدق في جثة العم:
“أيها اللعين!”
رفع سيفه عاليًا.
شقشقة…
صدر صوتٌ بارد كقَطع الحرير، تبعه سقوطُ حياةٍ على الأرض.
شعرتُ بقشعريرةٍ تسري في جسدي.
كان غريبًا أن أرتجف من الموت — أنا، التي كنتُ في السابق الطبيبة الحكيمة نفسها.
لكن يبدو أن جسد هذه الطفلة بدأ يؤثر على مشاعري.
كان عمي ممددًا على الأرض، محاطًا بمن قتلهم بيديه،
في حين وقف الناجون — كبير العائلة وربّها والصفوة من مقاتلي العائلة — بالكاد على أقدامهم، مثخنين بالجراح.
أكثر من عشرين من كبار المقاتلين لقوا حتفهم.
كل واحدٍ منهم كان من أعمدة عائلة نامغونغ، والآن… انهارت القوة التي لطالما تباهت بها العائلة العريقة.
أفاق كبير العائلة أخيرًا من ذهوله،
وراح يتفحص ساحة المعركة التي تحولت إلى جحيم، ثم صرخ بصوتٍ كالرعد:
“اقطعوا عنق تلك الفتاة حالًا! لا، أنا من سيفعل ذلك بنفسي!”
‘……!’
حتى في السابق، كالطبيبة الحكيمة، كانت قوتي تميل إلى جانبٍ واحد فقط.
وكان المعلم تشونما دائما ما يوبخني على ذلك، ويقول مبتسمًا:
“ماذا ستفعلين إن لم أكن هناك لحمايتك؟”
والآن… أدركت أنني لا أملك الجواب.
كانت طاقة ربّ العائلة تتجمع حول سيفه كأمواجٍ تغلي.
وفكرتُ بهدوء:
‘هل ستكون هذه نهايتي؟’
♤♧♤♧♤♧♤
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 17"