“اليوم سنذهب لتقديم التحية إلى سيد العائلة وإلى السيد الأكبر. عليك أن تكوني مهذبة ومؤدبة. وما يُسأل عنك، أجيبي عليه بصوت واضح وبلا تردد.”
كرر عمي هذا الكلام مرارًا وهو يغسل وجهي بيديه.
وخلال الطريق المؤدي إلى مجلس الشيوخ، كان يمسك بيدي بقوة، بينما كنت مشغولة أتأمل فخامة المكان الذي لم تطأه قدماي قط.
ولأنني كنت صغيرة، رفعت ذراعي إلى أقصاها لأتمسك بيده أثناء المشي، لكنه ما لبث أن جلس أمامي ثم رفعني بذراع واحدة بسهولة.
عندها شعرت وكأن العالم بأسره قد ارتفع معي.
ومع اقترابنا من مجلس الشيوخ، أخذ عمي يلوذ بالصمت شيئًا فشيئًا.
وحين وصلنا أخيرًا، بدا أن بعض الناس لاحظوا دخولنا، لكن لم يلتفت إلينا أحد.
“أرا لا لا لا… أورررر… كاكّوون!”
في الجناح الكبير لمجلس الشيوخ، كان السيد الأكبر نامغونغ دو-يول يلهو مع حفيدته الصغيرة التي لم يتجاوز عمرها ثلاثة أشهر، يضع يديه تحت إبطيها ويهزّها مداعبًا.
لكن الحق يُقال… من كان يتصرف كطفل لم يكن الرضيعة، بل الجد نفسه.
أما الطفلة، فقد نظرت إليه بملامح جامدة، ثم فتحت فمها الصغير لتطلق تثاؤبًا طويلاً.
“أوه، هل شعرت صغيرتنا “يونا” بالنعاس؟”
ناداها باسمها الصغير وضحك ملء شدقيه.
هو نفسه الذي عرفه الناس باسم سيّد السيف، أحد أعظم الخمسة الكبار، الرجل الذي دوّت شهرته حين سحق وحده أقوى جيوش طائفة الشيطان في الحرب بين قوى النور والظلام.
من يصدّق أن مثل هذا الرجل الأسطوري يقف الآن أمام طفلة، يضحك ببراءة كهذه؟
قال سيد العائلة نامغونغ هيوك، والد الطفلة، محاولًا أن يلفت الانتباه إليه:
“والدي، لعلها تعبت قليلًا… لقد مرت نصف ساعة وأنتم على هذه الحال.”
لكنه، أي السيد الأكبر، تجاهل كلماته كأن لم يسمع شيئًا، وانحنى مجددًا ليضحك في وجه الصغيرة.
الجميع من حوله كانوا يبتسمون للطفلة، رغم أنها لم تفعل شيئًا سوى الوجود.
التفتُّ إلى عمي، باسا-يول، الذي كان واقفًا بجانبي. وحين رآني، ظن أنني أغار من الطفلة، فربّت على رأسي مبتسمًا.
كان عمي يُعرف بأنه عبقري السيف، بلغ القمّة قبل أن يتم العشرين. حتى شاع بين الناس أن السيد الأكبر قد نقل إليه سرّ العائلة خفية.
“يونا، هل تحبين جدّك؟ أوووه، نعم تحبينه كثيرًا!”
تأملتُ المشهد بصمت… الجد والطفلة.
في الحقيقة، من يملك السلطة الحقيقية في هذا البيت ليست تلك الشخصيات المهيبة، بل الرضيعة الصغيرة التي تحتضنها الأذرع جميعًا.
وبينما الناس يتظاهرون بالمرح، كان التوتر يتسرب من بينهم خفيًا، خاصة من سيد العائلة، الذي لم يفلح في إخفائه.
لقد قيل لي إن السيد الأكبر صادف عمي في الطريق يومًا، ورأى في هيأته الجسدية إمكانيات عظيمة، فأخذه وربّاه كابن.
بالمقارنة، لم يكن لسيد العائلة ما يميّزه سوى كونه الوريث الشرعي… فهل يُستغرب بعد ذلك أن يملأ الحسد قلبه؟
“يونا ابتسمت! رأيتم؟ ضحكت لهذا الجدّ!”
ضحك السيد الأكبر بصوت مرتفع فجعل الطفلة تبكي فزعًا، فاضطر آسفًا إلى أن يسلّمها.
أما أنا، فكنت أشعر بالتعب من الوقوف. لم أنسَ أنني لست إلا أكبر من يونا بثلاث سنوات فقط.
عندها تقدّم عمي وقال بانحناءة:
“سيدي الأكبر، هذه ابنة أخي، سو-هي. لا تسعنا الكلمات لشكر لطفكم إذ قبلتم وجودها وخصصتم لها مأوى. جئنا فقط لنعبر عن امتناننا.”
لم يكن ممكنًا أن السيد الأكبر لم ينتبه إليّ طوال الوقت. لكنه رمقنا ببرود، وقال وكأنه يتحدث عن أمر مزعج:
“حسنًا. لكن إيّاك أن تعيد مثل هذا ثانية. لا تُحضر الغرباء إلى مجلس الشيوخ من أجل أمر تافه. من كان بذكائك لا يُفترض أن يرتكب خطأ كهذا.”
احمرّ وجه عمي خجلًا، بينما انشغل الآخرون بهزّ رؤوسهم استنكارًا. وحدهم أطفال سيد العائلة ظلوا يطلبون أن يحملوا شقيقتهم الصغيرة.
كانوا في الثامنة والسادسة من العمر، جميلين الملامح حدّ أن يُقال إن ملامحهم تُهمل بسبب مجد سيوف عائلتهم. والآن رأيت أن ذلك صحيح.
لكن هل يدركون كم هم محظوظون؟
لولا جسد عمي الذي احترق بنيران السجن تحتهم، لما نجوا أبدًا.
التفتّ إليه، ورأيت الندوب الفضية على وجهه، تلمع مثل قشور باردة تحت الشمس.
أثرٌ صامت لمعركة، لا يقدّره أحد سواه.
قال عمي وهو ينحني مودّعًا:
“نستأذن بالانصراف.”
لكن أحدًا لم يردّ التحية. بل تعمّد كثيرون أن يديروا وجوههم عنه.
حملني مجددًا ومضى. حينها، لامس شعاع شمس ندوبه، فتلألأت كأنها تبتسم بسخرية.
“سامحيني يا سو-هي… بسبب عمّك الحقير تعانين.”
‘أسامحك؟ إن كان ثمة من يستحق العتاب فهو أنا… أنا من سحبت جسدك الجريح من السجن، وأجريت عليه سرّ الاستحواذ الروحي، ودخلت إلى جسد هذه الطفلة المحتضرة. أنا التي كنتُ يومًا قديسة في طائفة الشيطان. لكن كيف لي أن أبوح بهذا؟ لن يصدقني أحد.’
قال عمي متنهّدًا:
“لا بد أنكِ تكرهين عمّك.”
أجبته بهزّة رأس حازمة:
“لا، أبدًا.”
كانت تلك الحقيقة. لكنّه حسب أنني أحاول أن أبدو أكبر من عمري بعد أن فقدت والديّ باكرًا.
لقد سمعت من أهل القرية أن مسقط رأس “با سو-هي” هوجم من طرف قطاع طرق، وأن عمي أخذني إلى هنا بعد أن فقدت والدي.
قيل لي أيضًا أن عمي كان ذات يوم من أعظم مقاتلي العائلة، صعد سريعًا إلى مرتبة الشيوخ، لكنه في حرب النور والظلام دخل معقل الشياطين لينقذ أسرة السيد، وهناك تحطم مركز طاقته، فعجز عن استخدام فنون القتال منذ نصف عام.
عاد حيًّا بأعجوبة، ومعه زوجة السيد وطفلاه، لكن بدلًا من أن يُحتفى به، لم يجد سوى الشكوك.
الناس همسوا: كيف يعود حيًّا من معقل الشيطان؟ لعلهم أرسلوه إلينا ليُبيد العائلة؟
وكما الآن، كان المقاتلون يفسحون الطريق ساخرين:
“ظننته اختفى، فإذا به ما زال يتشبث.”
“طُرد من صفوف النخبة بأمر السيد، وما زال باقٍ؟ لابد أن وراءه نوايا خبيثة.”
“والآن جاء ومعه هذا العبء الصغير؟”
لكن عمي أسرع الخطى، متجاهلًا كل كلمة.
لم يتحدث أحد عن إنقاذه لعائلة السيد. لم يذكر أحد أنه لولاه لانهارت العائلة كلها وتنازعت عليها الفروع.
كل ذلك نُسي.
والآن، همس آخرون:
“رجل بلا طاقة داخلية، ماذا يفعل هنا؟ كم من الأدوية الثمينة أُهدرت عليه؟ مكانه خارج العائلة.”
“صحيح. مجرد بقاؤه هنا يذكرنا بالشيطان نفسه.”
مددت يديّ لأغطي أذني عمي، وهو يرتجف متأثرًا، ثم نظر إليّ وقال بصوت مبحوح:
“سو-هي…. “
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 1"