“ما هذا بحق الجحيم؟! لماذا لا يموتون؟!”

دوي!

اخترق العمالقة وابل الرصاص والتعاويذ واصطدموا بالحواجز الواقية. تردد الصدى في عظامهم، وتأوه جوشوا، الذي كان يحافظ على الدرع، من الألم.

“آه، افعلوا شيئًا! أي شيء!”

“تبًا! ركزوا على القريبين أولًا! تعاويذ أقوى، الآن!”

تحرك العمالقة حاملو التعاويذ في تشكيلات محكمة. حتى بين أبناء جنسهم، المعروفين بقوتهم الغاشمة، كان هؤلاء أقوياء بشكل خاص. عندما يتجمعون، كانت قوتهم المشتركة تتجاوز قوة العمالقة العاديين بكثير.

بعضهم كان مغطى بطبقات من التعاويذ الواقية. تباهى آخرون بسرعة لا تصدق أو قوة غاشمة. حتى أن بعضهم هاجم من السماء. على الرغم من أن سحرهم كان أبسط بكثير من سحر البشر، ومقتصرًا في الغالب على تعزيز القدرات الجسدية، إلا أنه كان أكثر من كافٍ ليشكل تهديدًا مميتًا. ففي النهاية، كانت هذه المخلوقات مصممة للقتال القريب.

حتى بدون السحر، كانت براعتهم الجسدية تتضاءل أمامها براعة البشر. مع إضافة السحر، تجاوزت قوتهم قدرات البشر أضعافًا مضاعفة. لحسن حظ الجنود، كان انخفاض ذكائهم يعني أن استخدامهم للسحر لم يكن فعالًا بشكل خاص.

دوي مكتوم. دوي مكتوم.

كانوا عمالقة، في الظروف العادية، كان ينبغي أن يُبادوا بسحر أرييل قبل وقت طويل من اقترابهم. لكن هؤلاء كانوا مختلفين. نجا حوالي نصف المجموعة، خاصة أولئك المحميين بالتعاويذ الواقية، والآن كانوا يضربون حاجز جوشوا بلا هوادة: قبضات، أقدام، وحتى السحر ينهال عليه.

“آه… أسرعوا… من فضلكم…”

لهث جوشوا وهو يضغط على أسنانه، يحث أرييل على التحرك. واصل رسم الدوائر السحرية وترديد التعاويذ، يعزز الدرع مرارًا وتكرارًا لمنعه من الانكسار. لكن تنفسه أصبح مضطربًا بشكل ملحوظ.

كانت أرييل تبذل قصارى جهدها أيضًا، لكن الأمور لم تكن تسير بسلاسة كالمعتاد. كان العمالقة السريعون يتفادون تعاويذها أحيانًا، وسحرهم الخاص كان يحجب مجال رؤيتها، مما يعرقل هجماتها. العمالقة الأقوياء لم يسقطوا بضربة واحدة، وتسلل بعضهم من زوايا غير متوقعة لضرب الحاجز.

كان هذا على مستوى مختلف تمامًا عن قتال العمالقة العاديين. كانت تصمد أفضل من جوشوا، لكن حتى أرييل بدأت تلهث. كانت طاقتها السحرية وقدرتها على التحمل تستنزف بسرعة.

[هيا، لا ينبغي أن يموتوا جميعًا دفعة واحدة. أي متعة ستكون في ذلك؟ كوههههاهاها!]

في هذه الأثناء، كان راينر هو الوحيد الذي يستمتع.

مرت عدة دقائق. عندما لم يبقَ سوى عدد قليل من العمالقة—

تحطم مدوٍ!

دوى صوت حاد، كتحطم الزجاج. صرخ جوشوا وانهار على ركبتيه.

“أنا… لم أعد أستطيع الصمود…”

توهج الحاجز، تشقق، ثم تحطم أخيرًا. العمالقة، الذين كانوا محتجزين خلف الجدار السحري، تقدموا الآن. الجنود في المحيط الخارجي لعنوا وتراجعوا بينما اقتحم العمالقة. انهار تشكيلهم في لحظة.

“تبًا، أوقفوهم!”

“آه!”

أرييل، ساحرة ذات براعة جسدية قليلة، كانت قد وُضعت بالقرب من المركز. مع انهيار التشكيل، فقدت توازنها وانزلقت، فقدت رؤية راينر وهي تسقط.

“آاااه!”

“تبًا، أختي! غطي رأسك!”

بالقرب منها، أمسكها زينون ككيس دقيق، حشرها تحت ذراعه وقفز إلى الجانب. هبطت قدم عملاق بقوة حيث كانت لتوها. لم يكن أمام زينون خيار سوى أن يتدحرج بين الجنود الآخرين، يطيح ببعضهم وهو يطلق مسدسه.

بانغ! بانغ!

أصابت رصاصتان عملاقًا بدقة في عينيه. ترنح من الاصطدام، لكن جلده السميك كان قاسيًا جدًا حتى مع اختراق عينيه، لم يمت.

“تبًا له!”

لعن زينون، ثم قفز على قدميه وتحرك مرة أخرى. لحسن الحظ، كان الجنود الآخرون يتفاعلون بالفعل بتناغم. بدا أن العمالقة الأسرع قد تم القضاء عليهم جميعًا عندما كان الحاجز لا يزال قائمًا، ولم يتبقَ الآن سوى الأبطأ.

انقسمت الوحدة إلى مجموعتين. لم يتبقَ سوى خمسة عمالقة. كان أحدهم مصابًا بشدة برصاص زينون لدرجة أنه لم يتمكن من التحرك بشكل صحيح، لذلك لم يتبقَ في الحقيقة سوى أربعة.

تعثر العملاق الأعمى، وسرعان ما أُجهز عليه جندي آخر. انهار بضجة مدوية، وتسلل المزيد من الجنود عبر الفتحة التي خلفها.

كان من بينهم جوشوا، يلهث ويتأوه من الألم. بطريقة ما، تمكن من الإمساك براينر في طريقه. عندما لمح أرييل ما زالت محشورة بشكل غير مريح تحت ذراع زينون، ألقى بكتاب التعاويذ نحوها. كان زينون، بردود فعله السريعة، هو من أمسك به.

في تلك اللحظة بالذات، هوت قدم عملاق بقوة حيث كان جوشوا يقف. اتسعت عينا أرييل رعبًا. صرخت.

“جوشوا! لا!”

لم يكن رشيقًا بما يكفي للمراوغة. قابضًا على الكتاب في يده كقطعة ورق مجعدة، بدأ يهتف. مستجمعًا كل ذرة من قوته، أجبر تعويذة الحاجز الواقي على الظهور.

صوت ارتطام مكتوم!

ارتطمت قدم العملاق بقوة لكنها اصطدمت بجدار شفاف فوق جوشوا مباشرة. نَجا من أن يُسحق، لكن قوة إلقاء تعويذة تتجاوز حدوده بكثير مزقت شيئًا بداخله. تدفق الدم من حلقه بغزارة.

“آه! تبًا!”

“لا، لا!”

“أختي، الآن!”

بينما كان يسعل دمًا ويلعن، ناول زينون راينر إلى أرييل. بحلول ذلك الوقت، كان قد تم القضاء على عملاقين آخرين. لم يتبقَ سوى اثنين.

أخذت أرييل الكتاب بأيدٍ مرتجفة، ووجهها شاحب. فتحت صفحة عشوائية بيأس. أشار راينر فورًا إلى التعويذة الصحيحة، وسقط العملاقان المتبقيان صرعى على يدها.

أُغمي على جوشوا، الذي صمد بآخر رمق من قوته، لحظة زوال الخطر.

تسللت أرييل بسرعة من قبضة زينون وركضت إليه. أوضحت ملامحه المتجعدة بشدة مدى الألم الذي كان يعاني منه. فقط عندما تأكدت من أنه يتنفس، استرخت أخيرًا. انهارت بجانبه.

“نحن أحياء…”

تمتم زينون. بدا صوته أجوفًا.

شعرت أرييل بالمثل إلى حد كبير. للمرة الأولى، فهمت حقًا ما يعنيه الكفاح من أجل البقاء.

∘₊✧──────✧₊∘

في تلك المعركة، أصيب أربعة جنود نظاميين، من بينهم زينون، الأصغر في الفرقة، بدرجات متفاوتة أثناء حمايتهم للسحرة. أُرسلوا إلى المعبد لتلقي العلاج.

جوشوا، على الرغم من عدم إصابته جسديًا، كان قد دفع نفسه بقوة مفرطة، يبصق دمًا من الإجهاد. نُقل إلى المستوصف ووُصل بمحلول وريدي.

في المقابل، كانت إصابات أرييل الوحيدة سحجات خفيفة من السقوط. بفضل تدريبها البدني المستمر، لم تعانِ من أي آثار دائمة باستثناء آلام العضلات. مقارنةً بنشرها الأول، كان ذلك تحسنًا هائلًا. وُصفت لها مرهمات ومسكنات للألم ومكملات غذائية تكفي ليومين.

في ذلك المساء، عادت إلى المسكن، تناولت دوائها، ونامت، لتستيقظ قبل الفجر.

في الصمت الساكن لباكورة الصباح، شعرت أرييل بألم خفيف وموخز ينتشر من كدماتها وعضلاتها المؤلمة.

“آه…”

تأوهت، ودفعت نفسها لتجلس منتصبة، لتسمع صوتًا منخفضًا يتردد صداه في ذهنها.

[إذن، لقد استيقظتِ أخيرًا.]

“راينر؟”

أجابت دون تفكير، ثم نظرت حولها بسرعة في دهشة. كانت رفيقاتها في الغرفة ما زلن نائمات بعمق. شيء خفيف لمس ركبتيها. في الظلام الخافت، استطاعت أن تلمح بصعوبة كتاب التعاويذ، المنسي والمتروك بعد الفوضى.

[أرييل إلياس.]

ناداها باسمها. فزعت أرييل من نبرة الصوت غير المألوفة، وأدركت فجأة أنها المرة الأولى التي يفعل فيها ذلك.

“هاه؟ أوه.”

اسمها، الذي نُطق بتلك البساطة، أصابها بالقشعريرة. أجابت بصوت أعلى مما قصدت، ثم انكمشت. لم يتحرك أحد آخر، لكنها أدركت أنها لا تستطيع المخاطرة بالتحدث بصوت عالٍ.

دفعت بطانيتها بلطف، أمسكت براينر، وانسلت من السرير. كان بإمكانها التحدث إليه عن بعد، لكن إذا تحدثت بصوت عالٍ مرة أخرى عن طريق الخطأ، فقد توقظ الجميع.

كانت المنطقة المشتركة لا تزال مضاءة. كان بعض الأشخاص يتسكعون، يتبادلون الأحاديث بهدوء أو يرتشفون المشروبات. وجدت أرييل مقعدًا فارغًا واستقرت فيه.

“أتعلم، لقد شعرت بالقشعريرة حقًا في وقت سابق.”

[لماذا؟]

“لأنها كانت المرة الأولى التي تنطق فيها اسمي.”

[هل كانت كذلك؟ لم ألاحظ.]

“…”

قالها بنبرته الجافة واللامبالية المعتادة، وكأنها لا تعني شيئًا. بطريقة ما، جعل ذلك الأمر أسوأ فحسب. لم تستطع حتى معرفة ما إذا كان يداعبها.

“إذن، ما الأمر؟”

منزعجة، انتقلت مباشرة إلى صلب الموضوع. لم تتغير نبرة راينر.

[هل ستستمرين في استخدامي؟]

“ماذا؟”

في البداية، لم تفهم.

[أعني أثناء وجودك هنا. هل تخططين لمواصلة استخدامي من الآن فصاعدًا؟]

“أوه…”

أدركت ما يعنيه، فصمتت لبرهة. تفاجأت. في الآونة الأخيرة، كانت غارقة في الكثير من الهموم، لذلك كلما أصبحت أفكارها معقدة للغاية، اتخذت عادة إيقافها، بما في ذلك أفكارها عن راينر. لم تفكر حقًا في علاقتهما. الآن شعرت أنها مفاجئة، على الرغم من أنها لم تكن كذلك.

“…لماذا؟”

أثارت المفاجأة أسئلة معها.

[لماذا؟ يا له من سؤال غريب. ألم أقل منذ البداية أنني إذا أعجبت بك، سأبقى؟]

“أوه… لقد فعلت.”

كانت إجابته واقعية جدًا، شعرت وكأنها غبية.

“…لم أظن أنك ستعجب بي حقًا، مع ذلك.”

تمتمت الكلمات تحت أنفاسها. بصراحة، كانت متأكدة أنه سيغادر. لهذا السبب لم تسمح لنفسها بالاستغراق في التفكير في الأمر. ومع ذلك، قال إنه سيبقى.

للحظة، ترددت، وهي تفكر في المعركة.

كان هناك عدد قليل من كتب التعاويذ بقوة ودقة راينر. كانت المشكلة أنه كان من الصعب السيطرة عليه. كانت طبيعته تثير مشاعرها في المعركة، وهو أمر يجب تجنبه، مما يجعله بلا شك الخيار الأسوأ.

ولكن…

“إذا بقيت، فأنا ممتنة. ماذا، هل استمتعت بمذاق الدم؟”

كانت نقاط قوته عظيمة جدًا لدرجة لا يمكن تجاهلها بسبب بعض العيوب.

[…لديك طاقة للمزاح الآن، هاه.]

“أي مزحة؟ أنا فقط كررت بالضبط ما قلته أنت آنذاك.”

[آه. أعلم أنني قلته، لكنه لا يزال محرجًا للغاية.]

ضحك راينر ضحكة ساخرة.

[حسنًا… لا أستطيع أن أقول بالضبط إنني كرهت ذلك.]

وهكذا، قرر راينر البقاء بجانبها.