فانعدام أي ردّ منه لا بدّ أن يعني أنّه إمّا لا يريد الحديث بعد، أو أنّه يراقبها بصمت.
«لو حاولت التحرّي من وراء ظهره، فسوف أُتّهم بالمكر والخداع مجددًا.»
عندها، فالمواجهة الصريحة أهون من سوء الظنون.
“بل بلّغيه أنني أريده أن يمنحني بعضًا من وقته.”
بدت على وجه مارشا ـ التي لم تنسَ تهديد الدوق السابق لها بالفصل من الخدمة ـ مسحة قلق وهي تسأل:
“لكن… ألم يقل إنني لو جئتُ مرة أخرى سيطردني؟ لعلّني أفقد عملي حقًا هذه المرة؟”
ابتسمت نينا ابتسامة باهتة وقالت:
“…لن يحدث ذلك، وإن حدث، فسأتدبّر الأمر وأتحمّل المسؤولية. فلا تقلقي.”
فالحديث هذه المرة عن ابن أخيه، ومن المفترض أنّه لن يبلغ به الأمر إلى طرد مارشا.
وإن تجرّأ على ذلك، فهي لن تتردد في الاعتصام أمام مكتبه والاحتجاج.
وما الضير في وصمة عار أخرى تُضاف إلى تاريخها الأسود؟
“حسنًا، إذن أعتمد عليك يا سيدتي!”
غادرت مارشا بعزيمة، فيما عدّلت نينا من هندامها.
“هُوْوو…”
التقطت أنفاسها بعمق. هذه فرصة نادرة، وعليها أن تحسم الحديث هذه المرة، وإلا فقد لا تنال مثلها مجددًا.
«مؤلم أن يكون عليَّ أن أبحث عن ذريعة لأحادث زوجي، ونحن تحت سقف واحد… أي حياة بائسة هذه؟»
لكنها لم تجد بدًّا من تقبّل الأمر على أنه قَدَر.
تكرر المشهد ذاته مرتين، وهذا يكفي ليعلّمها أنّ العالم لا يعترف بالمعاذير الشخصية.
«تماسكي يا نينا…»
شدّت من عزمها وجلست تنتظر عودة مارشا.
ولم تمضِ لحظات حتى دخلت الأخيرة تحمل خبرًا:
“سيدتي، الدوق يطلب حضورك إلى مكتبه الآن.”
وليس إلى الدفيئة. أي أنه لا ينوي إطالة الحديث.
«لا بأس…»
كوب شاي يشاركها إياه؟ لم تعد تحلم حتى بذلك.
وقفت نينا أمام المرآة تتفحّص وجهها. صحيح أنّها تعافت، لكن أربعة أيام من المعاناة تركت على ملامحها شحوبًا ونحولًا لا يخطئه النظر.
فكرت أن تُصلح ذلك بالمساحيق، ثم عدلت: لعلّ هذا الضعف نفسه يكسبها بعض التعاطف.
“سأذهب.”
“سيدتي، قوّة وعزيمة!”
ترددت كلمات مارشا المشجّعة خلفها وهي تتوجه إلى المكتب.
هذه المرة، وبما أنّ اللقاء كان موعودًا مسبقًا، فتح لها الخادم الباب دون اعتراض.
صرّ الباب صريرًا خفيفًا.
“تفضلي بالدخول.”
رغم فضول الخادم الذي بدا في عينيه، فإن نبرته بقيت مهذبة، فاكتفت نينا بإيماءة مقتضبة ودلفت.
كان زوجها جالسًا أمام الأريكة يتصفح أوراقًا، ولا أثر لفنجان شاي أو ما يلطّف جفاف الحلق.
لم يرفع عينيه إليها، وقال ببرود وهو يقرأ:
“سمعتُ أن لديك ما تقولينه. ما هو؟”
…حسنًا، لنجعلها قصيرة، ثم أغادر.
تنهدت وجلست مقابلة له.
“لست أدري إن وصلك الخبر، لكن عمّي زارني منذ يومين. وعندها فقط فهمت سبب غضبك ذاك اليوم.”
“……”
بطء حركته كان متعمّدًا. أزاح الأوراق جانبًا، ورفع رأسه، متكئًا إلى الوراء وقد شبك ساقًا فوق أخرى. نظرة متعالية تقول: تكلّمي، لأرى ما عندك.
“طلب مني أن أقدّم مذكرة بعدم أهليتك كوصيّ، ليتمكّن من تنصيب ابنه الأكبر وصيًا على إيان. بالطبع رفضت.”
انخفض صوته، وقد تلألأت في عينيه مسحة ملل:
“والمغزى من كلامك؟”
“…إن كان سبب تردّدك في الطلاق هو عمي، فسأكتب تعهدًا مصدّقًا لدى محاميك، أضمن فيه أنني سأبذل قصارى جهدي لتبقى وصيًا على إيان. لن أعرقل غايتك، ولن أقف حجر عثرة أمامك أبدًا.”
لم يبق أمامها طريق لكسب موافقته على الطلاق سوى هذا: أن تساعده على تحقيق هدفه.
«لقد تغيّرت، أتعرف؟ تَفَهّم ذلك فقط، وامنحني الحرية. أنت أيضًا تعيش الجحيم معي، أليس كذلك؟»
انتظرت ردّه بعينين متوسلتين، لكنه أطلق ضحكة خافتة كهواءٍ تسرّب من بالون.
“تعهد خطّي؟”
…ماذا؟
لماذا هذا الرد الغامض مجددًا؟
وبينما كانت تسابق ذهنها محاولة استيعاب ما فاتها، تسلّل إلى أذنيها صوته المتمهّل، محمّلًا بفتور لاذع.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات