حدقت نينا في دعوة الحفل الأكاديمي وسألت مارشا: ” …هل أذهب أم لا أذهب؟”
تنهدت مارشا، التي كانت تفصل الزخارف القابلة لإعادة التدوير عن فستان قديم، وقالت: “سيدتي، هذا السؤال هو الثلاثون الذي تطرحينه.”
منذ أن فتحت نينا الدعوة، سألت هذا السؤال ثلاثين مرة في نصف يوم. وكانت إجابة مارشا هي نفسها دائمًا: “كما تشائين، سيدتي.”
“أنا لا أعرف ما هو الصواب. هل يجب أن أذهب بصفتي عمة أم لا؟”
كانت تشعر أن زوجها قد يغضب ويصفها بالمتطفلة اذا سألته، لكنها تساءلت أيضًا، إذا لم تذهب هي، فمن سيذهب؟
قبل عودتها بالزمن، لم يأتي إيان إلى المنزل لمدة ثلاث سنوات، ولم يذهب آش لرؤيته أبدًا. وهذا يعني أنه لم يحضر أي حدث في الأكاديمية.
حتى في الاجازة لم يأتي إيان إلى المنزل … يمكنها أن تفترض أن ذلك كان لصالحه، لأن المنزل كان يعج بالصراعات التي قد تؤثر سلبًا على نفسية الطفل.
ولكن هذا ليس سببًا كافيًا لعدم الذهاب لرؤيته.
إذا استخدموا بوابة الانتقال، فإن المسافة إلى إقطاعية هينيج تستغرق يومين فقط. ليست مسافة لا يمكن قطعها، مهما كان مشغولًا.
هو رجلٌ يبدو أن الانكسار أليق به من الانحناء.
لذا، بالنظر إلى أن سبب زواجه منها كان من أجل ابن أخيه، اعتقدت أنه لا يرى الأمر مجرد واجب.
“ألن يحضر جدّاه من طرف والدته؟”
“لا أعتقد ذلك. سمعت أنهما مسنّان جدًا ولا يستطيعان تحمل السفر لمسافات طويلة. لقد تخلّيا عن اللقب لابنهما ويعيشان في الريف.”
“إذن، ماذا عن خاله؟”
“هل تقصدين الرجل الذي كان يتنافس مع زوجك على خلافة اللقب…؟”
“آه…”
فكرت نينا في التحدث عن الأمر على سبيل التجربة، لكنها سرعان ما هزت رأسها.
-على أي حال، أنا راحلة بعد عام واحد، ما الذي أفعله هل العب دور العمة؟
إنها حقًا وقحة ومتطفلة بلا فائدة. هذا كله بسبب تعاطفها المبالغ فيه مع الطفل.
في أيامها الماضية باسم ‘جانغ سويونغ’، كان هناك أوقات كانت فيها تنتظر والديها بفارغ الصبر وتنظر حولها لمعرفة ما إذا كانا قد وصلا إلى حفل رياضي أو حفل تخرج أو فصل دراسي…
لم تكن تلك ذكريات جيدة.
“لماذا أتذكر هذه الذكريات البائسة…؟”
هزت نينا رأسها لتتخلص من أفكار الماضي.
مهما كان وضع الطفل مؤسفًا، فإن كل ما تستطيع أن تفعله بصفتها “عمة مؤقتة” لمدة عام هو أن تسأل زوجها عن إمكانية حضور الحفل.
“مارشا، هل يمكنكِ أن تطلبي من الدوق خمس دقائق من وقته؟”
“نعم، سأعود حالًا.”
هي لا تطلب محادثة طويلة، بل خمس دقائق فقط لغرض محدد…
بالتأكيد لن يسوء فهمه للأمر.
“سيدتي، الدوق قادم في طريقه.”
“هو؟”
“يا سيدتي، لقد أصبتِ في ساقكِ.”
“لم يعد المشي مزعجًا بالنسبة لي…”
مرت بضعة أيام على إصابتها، وبدأت الجرح تلتئم، كما أن تورم الكاحل قد خف.
لا يزال مكان الجرح يؤلمها قليلًا، لكنها قادرة على المشي.
فكرت: “هو يراعيني لهذه الدرجة لأني تأذيت بدلًا منه…”.
على الرغم من أنها لفتة بسيطة، إلا أنها بدت لها تغييرًا كبيرًا لأنها كانت تتعرض للإهمال.
“هذا يبعث على التفاؤل…”
نعم. عندما تفكر في الأمر، على الرغم من ماضيها الأسود، إلا أنها لم تعد مهووسة به.
لقد اعتنت أيضًا بشؤون العائلة. وأنقذت حياة ماركيز سولدرزفورد، وحياته.
حتى لو حكمت على الأمر بشكل متحفظ، فمن المنطقي أن يتخلى قليلًا عن حقده القديم عليها.
حدقت نينا به في حيرة، وقالت بينما كان يضحك ساخرًا:
“لم أفعل شيئًا سوى أنني سألت عن حضورك بعد أن وصلتني الدعوة، فكيف تحوّل الأمر إلى هذا الشيء …؟”
“أنا أهتم بشؤون ابن أخي بنفسي. وإذا لم تكن لديك نوايا أخرى، فمن الآن فصاعدًا، لا تتدخلي في أي أمر يخصه، مهما كان.”
على وقع صوته المنخفض والخالي من أي عاطفة، انفرجت شفتا نينا قليلًا.
“هذا الزواج سينتهي على أي حال بعد عام واحد، لذلك ليس هناك حاجة لتلعبي دور العمة.”
انحنت شفتا نينا على إيقاع حركاته المتقنة، ومشاعره التي كانت أكثر إتقانًا.
لم يكن هذا الردّ الذي توقعته. لا غضب، ولا انزعاج، ولا حتى حذر. كانت عيناه فارغتين، وكأنهما لشخص مجرد من أي شعور، ولكنها أصبحت أكثر يقينًا.
هناك شيء ما تجهله بينه وبين إيان. وأدركت أيضًا أن هذا الشيء ليس بالأمر الهيّن. وإلا، فلماذا يتحدث بهذه الطريقة، وكأنه كان يتوقع حدوث ذلك في يوم من الأيام، مع إخفاء كل مشاعره؟
قالت نينا له، وهو يدير ظهره:
“إذا تجاوزتُ الحدود التي سمحتَ بها، فأنا آسفة.”
“…”
“…ولكن يا دوق، إيان لا يتجاوز العاشرة من عمره. ربما يكون هذا الطفل في انتظارك، لذا
آمل أن تفكر في الأمر بجدية ولو قليلًا.”
لم تعرف السبب الذي جعله يتردد في خطواته. ولكن شعور الوقوف وحيدًا بين الأطفال الذين يمسكون بأيدي آبائهم ويضحكون… كان شعورًا بالوحدة، وبالكآبة، وفي بعض الأحيان كان مخجلًا.
ابتسمت نينا ابتسامة مريرة، متمنية أن يكون قراره رحيمًا بقلب إيان الصغير.
***
صدى صوت كئيب تردد وكأنه محبوس في كهف مظلم.
” …يا عمي.”
نظر آش حوله بحثًا عن صاحب الصوت.
كان طفل صغير، لا يصل إلى خصره، يجلس على السرير بتعبير خالٍ من المشاعر. شعر أسود وعينان رماديتان. إنه إيان الذي يشبه أخاه غير الشقيق جوشوا.
سأل إيان بعينين فارغتين وكأنهما بلا روح:
“يا عمي، هل هذا صحيح؟”
علم آش أنه لا يستطيع أن يخدع إيان بالكذب، فحرّك شفتيه بصعوبة.
“…أجل.”
انحنى آش أمام إيان، ثم ركع ببطء.
وأخبره:
“لن تخرج أمي من الجناح الملحق أبدًا.”
حتى بعد وفاتها، لن تخرج أبدًا.
“…”
رفع آش جفنيه الثقيلين.
تلك اللحظة التي حبس فيها والدته في الجناح الملحق بعد أن قتلت أخاه غير الشقيق بالسم، ثم طلب السماح من إيان عندما علم الأخير بالخبر.
ربما بسبب الإحساس بالذنب واليأس الذي شعر به في ذلك اليوم، والذي عاد إليه في حلمه، شعر بسخونة في عينيه وضيق في قلبه.
تنهد بعمق، ثم غسل وجهه ورمق النافذة بنظرة متعبة. يبدو أنه نام قليلًا بعد المحادثة التي دارت في النهار، والتي أوجعت رأسه.
كانت الشمس تغرب بالفعل.
ابتسم آش ابتسامة فارغة.
لقد كانت والدته تضع السم القاتل لأخيه غير الشقيق سرًا، ولفترة طويلة. سمٌّ يسبب الشلل النصفي، وفي النهاية يودي بحياة صاحبه.
علم بهذا الأمر بعد جنازة أخيه مباشرة، وبعد أن ورث اللقب.
“لم يكن بإمكانك أن ترث العائلة لولا والدتك.”
“ماذا تقصدين؟”
“هناك أمور، يا بني. لا يجب أن تعلم بها.”
لكنه لم يستطع أن يتجاهل كلماتها ذات المعنى، وبعد أن أجرى تحقيقًا سريًا، علم أن موت أخيه لم يكن طبيعيًا. كما علم أن والدته كانت وراء موته.
“لقد ارتكبتِ فعلًا لا يجب على أي إنسان ارتكابه. من الآن فصاعدًا، لن تخرجي من هذا الجناح خطوة واحدة. حتى لو متّ.”
حبس آش والدته في الجناح الملحق في ذلك اليوم الذي علم فيه بكل شيء. لكنه لم يتوقع ما سيحدث.
“آش، هل تعلم كيف دخلت إلى هذه العائلة!؟”
“أنا سيدة المنزل، وابني هو من يجب أن يرث العائلة! كيف يمكن لابن تلك المرأة أن يرثها!”
“لم يكن هناك خيار آخر. لقد كان يستعد لطردك من العائلة. ألم تكن ساذجًا وانت تظن أنه كان يعتبرك شقيقه الأصغر؟”
“لقد فعلت كل هذا من أجلك!”
لقد علم إيان بكل شيء عندما جاء إلى غرفته.
شعر آش بضيق في صدره.
ذلك الطمع الخاطئ الذي غلفته والدته بكلمات “من أجلك”. طمعها الذي لا نهاية له.
بسببه، فقد أخًا عزيزًا، وفقد إيان أباه، وجدته، وعمه.
في ذلك اليوم، ركع آش أمام إيان. في موقف لا يمكن أن يغطيه الكذب، لم يكن لديه خيار سوى انتظار قرار الضحية التي تضررت بسبب طمع والدته.
فالمأساة التي عاشها ذلك الطفل أمر لا يمكن أن يغتفره.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات