منذ أن دخلت نينا القصر محمولة بين ذراعيه كما لو كانت أميرة، تغيّر سلوك الخدم تجاهها في شكل ملحوظ، فصاروا يتودّدون إليها أكثر من ذي قبل. لم يكن السبب مجرد تحسين ظروف العمل أو توزيع الزي الرسمي الجديد، بل لأن الشائعة سرعان ما انتشرت بأنها قد ألقت بنفسها في مواجهة الموت في قصر دوق غرينفيل لإنقاذ آش.
“في الحقيقة، تبيّن أن سيدتنا ليست بتلك الحقارة كما كنا نظن.”
مثل هذه الأحاديث بدأت تتناقل همسًا بين الناس.
ورغم أن تحسّن سمعتها كان أمرًا محمودًا، إلا أن نينا كانت تشعر بحرارة الخجل كلما سمعت بأنها تُتداول كأنها بطلة أسطورية.
وبناءً على تشخيص الطبيب الذي أوصى بأن تتجنب المشي لفترة من الزمن، اعتادت أن تتناول إفطارها في السرير بينما تقرأ الصحف الصباحية.
في ذلك الصباح الباكر، دخلت مارشا وهي تحمل صينية فضية تتكدّس فوقها الرسائل.
“سيدتي، هذه رسائل وردت باسمك.”
“رسائل؟”
ارتسم بريق في عيني نينا.
لعلّ والديها قد بعثا إليها برسالة؟ ألم يتعهّد نيفيل ذلك الأحمق بأن يخبرهما بندمه العميق؟ كانت تنتظر من أعماق قلبها أن تصلها كلماتهما.
لكن توقعاتها خابت. لم يكن بينها أي رسالة من والديها، بل معظمها كانت خطابات ودّ وسلام أو دعوات إلى محافل اجتماعية.
“صحيح… لم يمضِ سوى أيام قليلة، فكيف تصل رسالتهم بهذه السرعة؟”
ابتلعت نينا ضحكة مرة، ثم راحت تمزق بعض الأظرف وتطالع محتواها على عجل. كانت معظمها من أشخاص كانوا على صلة بها قبل أن تفقد صوابها وتتصرف بجنون مع زوجها.
“سرعة بديهية في تبديل المواقف، أليس كذلك؟”
يبدو أن ما جرى في حفل ميلاد دوق غرينفيل قد انتشر في كل مكان. ومن باب الحيطة، أراد الناس أن يستبقوا الأحداث ويتقرّبوا إليها، تحسّبًا لأي تغير في مكانتها، خصوصًا إذا رزقت بوريث من زوجها.
“لكن أي جدوى من كل هذا؟ لن يمضي أكثر من عام على حياتي… إنهم يضيّعون جهدهم سدى.”
أطلقت نينا نَفَسًا ساخرًا وهي تهز رأسها.
عندها، قالت مارشا فجأة:
“سيدتي، تذكرت… أليس عليك السفر قريبًا إلى العاصمة؟”
“العاصمة؟”
رفعت نينا رأسها عن أفكارها لتحدّق في وصيفتها.
“بعد شهر ونصف تقريبًا، سيُقام حفل خيري. هذه المرة، متى ستغادرون؟ ستسافرون مع الدوق، أليس كذلك؟”
ارتسمت على ملامح نينا جدية مفاجئة. في حياتها السابقة، كانت تتذكّر أن زوجها قد سبقها إلى العاصمة بحجة انشغاله بأمر عاجل. عندها ثارت غاضبة، كيف يجرؤ أن يتركها؟ بل هل في هجرانها ما يستحق التفاخر؟
كانت تظن أن تلك الحجة مجرد ذريعة… لكن في الحقيقة، كان هناك مشكلة حقيقية.
لقد اضطر إلى استبدال كل المواد الغذائية المخصّصة للحفل. وبرغم أنه نجح في تدارك الموقف جزئيًا، إلا أن ما فعلته هي في ذلك اليوم… حين جذبت شعر دوقة نورد أمام أعين الجميع، جلب عليها خيبة عظمى في نظر الإمبراطور.
“أتدرين كم يُعد هذا اليوم، الذي لا يتكرر إلا مرتين في العام، مهمًا بالنسبة إليّ؟”
“…”
“ومع ذلك، يا دوق باييرن، أنت أهملت في إدارة المخازن فأهدرت جهد الفلاحين، وزوجتك الدوقة التي يفترض أن تكون قدوة ارتكبت مشهدًا مخزٍ من العراك بالأيدي…”
كان يمكن التغاضي عن خطأ زوجته لوحده، فقد أصلحه في النهاية. لكن بفضلها، وجد نفسه يتلقى التوبيخ بجانبها.
وبالطبع، وصفه الإمبراطور “توبيخًا”، لكنه كان أقرب إلى إهانة علنية. وبسببها، تعرّض زوجها لعقوبة قاسية: مُنع لفترة طويلة من إبداء الرأي في اجتماعات الدولة الرسمية.
“… أجل، كان الذنب ذنبي.”
عزمت نينا في سرّها أن تبقى صامتة مهما فعلت دوقة نورد هذه المرة.
أومأت برأسها إشارة إلى توبتها، ثم أجابت:
“على الأرجح… إذا لم يحدث أمر طارئ، فسنسافر معًا.”
(وإن كانت تعلم أن زوجها سيصعد إلى العاصمة قبلها كما في المرة الماضية).
سألتها مارشا مترددة:
“سيدتي، وماذا عن الملابس؟ أتريدين أن نجهز شيئًا جديدًا بدل الذي اخترتيه في المرة السابقة؟”
“كنت أفكر بالأمر ذاته.”
في حياتها السابقة، لم تعبأ بعيون الناس. ارتدت زينة مبالغًا فيها وكأنها ذاهبة للتنزّه، وكانت النتيجة مخزية.
“دوقة، ألا تجدين حركتك صعبة بهذا اللباس؟ يبدو أن قماشه باهظ الثمن… ماذا لو تلف أثناء العمل؟”
“اتركي الأمر لنا، سيدتي. اجلسي هناك واستريحي.”
أغرقتها كلماتهن المتملّقة بالنشوة، فاستسلمت للشعور بالفوقية، مقتنعة أن مكانتها كابنة بيت تايلور الوحيدة، وزوجة دوق باييرن، تجعل من الطبيعي أن يُذعن لها الجميع وأن تظل بعيدة عن أي عمل يدوي.
لكن ذلك اليوم، انقلب عليها كل شيء. تلك الثقة العمياء كانت السمّ الذي سمّم حياتها فيما بعد.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات