توسع عيون الحاضرات دهشة، معتقدات أن القصة مجرد شجار زوجي عابر.
“كيف حدث ذلك…”
“لذلك لم تحضر الاجتماعات مؤخرًا، ألم تصب بأذى شديد؟”
همست السيدات بدهشة، فردّت ريبيكا بصوت منخفض:
“لا أعلم مدى إصابتها، لكن سمعت كيف حدثت الحادثة.”
تمتم أحدهم بجدية:
“لا أعتقد أن أحدهم دفعها عمدًا، أليس كذلك؟”
فكر أي شخص عايش تهور دوقة بايرن في هذا النوع من المواقف:
النظرات القاتلة للزوج، وصب الغضب على من يجرؤ على الكلام، وتحويل النساء إلى نساء فاسدات بمجرد تواصل عرضي… هذا كان يوميًا لديها.
تخيّلوا كم كان تعاملها مع الموظفين فظيعًا!
أخذت ريبيكا رشفة من الشاي وأتمتمت:
“لو كان الأمر كذلك، لكان أفضل بكثير…”
‘يا له من صدمة عندما اكتشفنا الحقيقة…’
رغم معرفة المعلومات مؤكدة، بدا من الصعب تصديقها واستدعوا للتحقق عدة مرات.
لعلّ الضيوف المجتمعين في القاعة سيُبدون نفس ردّة فعلي عندما يسمعون هذه القصة.
“سيدتي، ما الذي تقولينه؟ كيف يكون وقوع مثل ذلك أفضل حالاً؟”
“نحن أيضاً نريد أن نعرف، هيا أخبرينا.”
رفّت أنفاس ربيكا بخفوت وهي تكتم ضحكة، وحين شعرت أنّ الفضول في القاعة قد بلغ غايته، قالت بصوتٍ متمهّل:
“قيل إنّ دوقة باييرن قصدت غرفة نوم الدوق في منتصف الليل… لكنّه طردها.”
تألق في عيون السيدات ارتباكٌ وذهولٌ لم يستطعن إخفاءه.
“يا للعجب…”
“ما الذي تقولينه…؟”
وضع بعضهن أيديهن على شفاههن محمرّات الوجوه من الحرج، فخفضت ربيكا عينيها متصنّعةً الأسى وأردفت:
“سمعت أنّها طالبت بما يسمّى بواجبات الزوجية، لكنّه رفضها. كان الجرح قاسياً عليها حتى إنها قلبت الغرفة رأساً على عقب، ثم ثملت وسقطت متدحرجةً على الدرج. لم أدرِ كم آلمني سماع ذلك.”
“لكن، مهما كان الأمر… كيف تفكّر في إغوائه بجسدها؟”
في عالم السيدات الراقيات، يُعدّ الإغواء الجسدي عملاً مبتذلاً لا يليق إلا بالمومسات. فما بالها تُطرَد من غرفة نوم زوجها أيضاً؟
إن شاع هذا الخبر في المجتمع المخملي، فإن سمعة دوقة باييرن ستتهاوى، وستُدان علناً على أنها امرأة لا تعرف العفّة.
“أليست دوقة باييرن أكثر نساء المجتمع رفعةً ومكانة؟ كنت أظنّ العالم ظالماً حين تزوجت رجلاً بوسامة الدوق ومجده، وهي لا ينقصها شيء من جمال أو نسب.”
“صدقتِ. من كان يتخيّل أن ابنة ذلك البيت العريق ستصير امرأةً تتوسّل حب زوجها؟”
أطرقت ربيكا بعينيها بخفوت وارتسمت على شفتيها ابتسامة دقيقة. ظاهرياً تُبدي الأسى، لكن لا يخفى أنّها في قرارة نفسها تسخر من مصير غريمتها.
وكيف لا؟ فهؤلاء النسوة أنفسهن ساهمن طوال عامين في تشويه سمعة الدوقة.
قريباً ستنتشر هذه الحكاية كالنار في الهشيم بين أروقة المجتمع.
ومجرد التفكير بانهيار سمعة دوقة باييرن حتى الحضيض كان يملأ ربيكا بالرضا.
نينا باييرن.
إنها من جيلها نفسه، وابنة أسرة تايلر العريقة، مثلما هي ابنة أسرة ويسلر التي تنتمي إليها ربيكا.
لكنها لطالما كرهت نينا كراهيةً دفينة.
إذ منذ ظهورهما معاً في أولى مناسبات المجتمع الراقي، كانت المقارنة بينهما أمراً محتوماً، وكانت ربيكا دوماً الطرف المُنتقَص.
لكن…
آش دي باييرن، الدوق.
الرجل الذي أحبّته ربيكا في سرّها لسنوات طويلة. وها هي نينا تتزوجه!
أيّ حزنٍ اجتاحها يوم سمعت خبر زواجهما.
ولم يزد الطين إلا بلّةً أنّ والديها، وقد حملوا تنافساً قديماً ضدّ آل تايلر، أجبروها على زيجةٍ مدبّرة مع دوق نود. ومنذ تلك اللحظة، تضاعف حقدها على نينا حتى خرج عن السيطرة.
ابنة دوق تايلر تزوّجت دوق باييرن، فعليكِ أنتِ أيضاً أن تتزوجي من ندٍّ له. لقد أبرمنا لكِ خطبة مع دوق نود، فلتقبلي بها.
لكن دوق نود؟ على خلاف دوق باييرن، لم يملك من الصفات ما يُذكر سوى لقبه ونسبه.
قصير القامة، بطنه متدلية، والجميع يعلم أنه يتسلى بالتعليقات الدنيئة على النساء.
قد تكون الزيجات المدبّرة قدراً للنبلاء، لكن… أن تُزَفّ إلى مثل هذا الرجل؟
حتى أنّ ربيكا تمردت بإضرابٍ عن الطعام.
كانت قد ملّت المقارنات المتواصلة بينها وبين نينا تايلر، والآن عليها أن تُقارن حتى في اختيار الزوج؟
ومع ذلك، كما كل بنات الطبقة الأرستقراطية، لم يكن لها إلا الانصياع.
لكن ها هي نينا، تلك المتكبّرة المتأنّفة، تنهار سريعاً بعد زواجها.
زوجة لا تنال الحب.
امرأة غيورة، متشبثة، تحيا كزوجةٍ مُسيئة.
عندها فقط، استطاعت ربيكا أن تتخلص من عقدة الهزيمة التي خنقتها في داخلها.
وإن كانت لا تزال تشعر بالقرف كلما أبصرت زوجها القصير، إلا أنها كانت تقول لنفسها:
على أي حال، أفضل من ألا أنال حباً من زوجي على الإطلاق.
لم يكن في حياتها ما يسرّها أكثر من زواج نينا التعيس.
ترى، كيف هو وجهها الآن؟
ارتسمت في عيني ربيكا، وهي ترتشف الشاي بهدوء، لمعة خبيثة يفضحها الحقد.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات