7
الفصل 07
بعد قسطٍ قصيرٍ من الراحة، وفي اليوم التالي مباشرة، دخلت تشو يي إلى الإنترنت، وابتاعت تذكرة، وسجّلت في جولة سياحية مع مرشد سياحي. حملت حقائب سفرها وانطلقت إلى الجنوب الغربي. في الواقع، لم تكن راغبة في الذهاب برفقة مرشد سياحي، إلا أن والديها لم يستطيعا تقبّل فكرة أن تغادر ابنتهما ذات الثمانية عشر ربيعًا، والتي تخرّجت للتوّ من الثانوية، منزلها وتسافر إلى مكان بعيد وحدها. وبعد جدال طويل، تراجع الطرفان خطوة إلى الوراء، وتمكّنا بالكاد من التوصّل إلى اتفاق.
مرّ نصف شهر، ثم عادت تشو يي إلى المنزل.
في مطلع تموز، في أشدّ أيّام السنة حرًّا، بقيت في البيت تقرأ الكتب وترسم. أحيانًا كانت تخرج للركض أو تمارس لعبة الكرة. باستثناء توقّفها عن كتابة المقالات، لم تختلف حياتها كثيرًا عمّا كانت عليه من قبل.
كانت تشو يي تقرأ رواية وهي في المنزل، حين فُتح الباب فجأة، وظهرت من خلاله أمّها وملامح السرور تعلو وجهها.
عاد والداها من العمل في وقت أبكر من المعتاد.
وبالنظر إلى امتحانات القبول الجامعي، فقد كان أداؤها جيدًا للغاية، وأفضل بكثير من كل اختبارات التدريب السابقة.
أتمّت والدة تشو يي مكالمتها مع المعلمة المشرفة عليها، ولم تستطع أن تُخفي الابتسامة التي ارتسمت على شفتيها. “أرسلت لي معلمتكِ قائمة بأسماء العشرة الأوائل.”
أخذت تشو يي الهاتف، وألقت نظرة سريعة على القائمة بعينيها. ولمّا وقعت عيناها على اسمٍ معين، انكمشت شفتيها قليلًا.
تجلّت في ذهنها أسماء عدّة جامعات.
استحضرت كلّ المعلومات التي جمعتها في السابق. كانت قد بحثت عن الجامعات التي من المرجّح أن يتوجّه إليها وين ييهنغ، اعتمادًا على درجته وترتيبه.
كان شابًا يُتوقَّع له مستقبلٌ واعد. ترتيبه من بين الأعلى، ودرجاته ممتازة. ولو كان في مكان تشو يي، لكانت أكثر من 80% من الجامعات قد فتحت له أبوابها.
زفرت بهدوء، وخبأت النظرة التي ارتسمت في عينيها.
كانت تشو يي قد حدّدت سلفًا ما تنوي فعله. إلى جانب ذلك، كانت درجتها مرتفعة جدًا، ما منحها خيارات واسعة.
لذا، لم يُرهق أفراد عائلتها أنفسهم بالتفكير في الأمر.
استمرّت حياة تشو يي على ما هي عليه. وقبل أن تخلد إلى النوم، في تمام الساعة الحادية عشرة، أضاء هاتفها. قطّبت حاجبيها، أمسكت به لترى الرسالة القادمة عبر تطبيق كيو كيو.
ونظرًا لأنها نادرًا ما تتصفّح الإنترنت، فقد كانت بالكاد تستخدم كيو كيو. أصدقاؤها القليلون كانوا متفرّقين، ومعظمهم زملاء سابقون من المرحلة الابتدائية أو الإعدادية.
لقد كان طلب صداقة.
وحين رأت تشو يي الاسم، اختفى النعاس من عينيها في اللحظة ذاتها.
اشتدّ لهيب الصيف، وكانت تمضي نهارها في الراحة التامة.
لم يلحظ والداها تغيّر مزاجها في الأيام الماضية، وظنّا ببساطة أنها فرِحة بنتائج الامتحان.
وسرعان ما حلّ يوم ملء استمارة الرغبات الجامعية.
نظّمت المدرسة اجتماعًا في اليوم الذي يسبق موعد تعبئة الرغبات.
لكن تشو يي لم تكن تنوي الذهاب إلى ذلك الاجتماع أصلًا. إذ كانت قد بحثت بنفسها على الإنترنت عن خطوات إتمام التسجيل، وسبق أن تواصلت مع الجامعة التي ترغب بالتقدّم إليها. لم يتبقَّ سوى أن تملأ المعلومات على الموقع.
وفي تلك الليلة، وصلتها رسالة من وين ييهنغ.
وين ييهنغ: هل ستذهبين إلى المدرسة غدًا؟
تشو يي: سأذهب.
وين ييهنغ: انتظريني بعد الاجتماع.
في صباح اليوم التالي، وقبل خروجها من المنزل، وقفت تشو يي طويلًا أمام خزانة الملابس متردّدة. جرّبت تقريبًا كلّ ملابس الصيف التي تملكها. وفي النهاية، اختارت تنّورة قصيرة. كانت تنّورة كارو تصل إلى الركبة، وكانت ساقاها مستقيمتين ونحيلتين. ونظرًا لأنها ترتدي البنطال طوال العام ولا تتعرّض لأشعة الشمس كثيرًا، فقد كانت بشرتها شديدة البياض. حدّقت في نفسها في المرآة لبرهة وهي تعضّ شفتها، ثم غيّرت التنّورة إلى شورت.
قميصٌ أبيض، وشورت، وشعرٌ مرفوعٌ إلى الخلف في تسريحةٍ مرتّبة. كان مظهرًا بسيطًا للغاية.
كان الاجتماع موزّعًا حسب الصفوف. بدأ من الساعة الثالثة بعد الظهر، واستمرّ حتى الخامسة.
جلست تشو يي في المقعد الأخير، تنصت بخمول. أسندت رأسها إلى الحائط وكادت أن تغفو.
وعند الساعة الخامسة والنصف، انتهى الاجتماع. خرجت وهي شاردة الذهن، وكان الممرّ يعجّ بالطلبة.
فجأة، أمسك أحدهم بمعصمها.
اتّسعت عينا تشو يي على شكل دائرتين، واستدارت. لتجد نفسها تنظر مباشرة في عينيه، وكان يبدو وكأن ابتسامة خفيفة تختبئ داخلهما.
بدا وين ييهنغ أطول قامة وأنحف قليلًا. وقد أصبحت ملامحه أوضح وأشدّ بروزًا. ورغم أنهما افترقا لشهرٍ واحد فقط، فإن أشياء كثيرة قد تغيّرت.
أمسك وين ييهنغ بمعصمها، وقادها وسط الحشد في الممرّ.
اشتعل وجه تشو يي احمرارًا.
تذكّرت رحلتها إلى الجنوب الغربي، حين كانت تركض تحت شمسٍ لاهبة طوال نصف شهر. تُرى، مقارنة بآخر مرّة التقيا فيها، هل سيشعر وين ييهنغ أن بشرتها اسمرّت؟
وحين وصلا إلى نهاية الممر، أفلت وين ييهنغ يدها.
بينما كانت تشعر بحرارة يده تتلاشى عن بشرتها، أطلقت تشو يي تنهدة خفيفة.
كان الظلام قد بدأ يسود. وفي مبنى المدرسة المألوف، كان طلبة الصف الثالث الجدد يخضعون لدروس تقوية. وبعد نهاية الحصة الثامنة، غادر جميع الطلبة المبنى، تمامًا كما فعلوا هم قبل عام، حين كانوا يتسابقون مع الوقت.
والآن، هما تسيران جنبًا إلى جنب تحت أضواء الغروب.
تردّدت تشو يي قليلًا ثم قالت. “لقد كنتَ تبحث عني…ما الأمر؟”
هل أراد أن يسألها عن استمارات الرغبات؟
“لا شيء.” أجاب وين ييهنغ، وهو يحدّق بها للحظة، وابتسامة خفيفة ترتسم على شفتيه.
لم تكن تشو يي تتوقّع هذا الردّ، فتجمّدت في مكانها.
“آه….” لم تجد ما تقوله طويلًا، ثم حاولت أن تجد له عذرًا. “هل أتيت إلى المدرسة لأمرٍ ما؟” ثم مرّ لرؤيتها بالمصادفة؟
ففي رأيها، وبناءًا على درجته، لم يكن بحاجة لحضور الاجتماع الذي يشرح طريقة تعبئة استمارات الرغبات.
“لم يكن لدي ما أفعله.”
قالت تشو يي سببًا، فرفضه مباشرة.
عضّت تشو يي شفتها ونظرت إليه بطرف عينها، وصادف أن وقعت عيناها على وين ييهنغ وهو يحدّق بها. كانت حدقتا عينيه السوداوان في الشفق تتأملانها لبرهة، وفي تلك اللحظة، أُمسكت وهي تتسلّل بالنظر إليه. لم تشعر بمثل هذا الحرج من قبل. احمرّت وجنتاها حتى أطراف أذنيها، ثم خفّضت رأسها نحو قدميها.
ارتسمت على شفتي وين ييهنغ ابتسامة خفيفة، كانت هادئة. لم يبدُ عليه الانزعاج أبدًا، بل بدا عليه شيءٌ من الرضى.
“…….”
“إن لم يكن هناك شيء، فسأعود الآن.” همست.
“هل أنتِ جائعة؟” سأل وين ييهنغ.
“…لستُ جائعة.”
قالتها بجفاء، لكن قبل أن تُكمل جملتها، أصدرت معدتها صوتًا خافتًا. تذكّرت أنها حين خرجت في الظهيرة، لم تأكل الكثير. وفي الاجتماع، لم تشرب سوى بضع رشفات من الماء. كانت معدتها فارغة طوال اليوم، فبدأت تحتج بصوتٍ مسموع.
ضحك الفتى، ولم يستطع كتم ضحكته. كانت ضحكته عذبة، وانسابت في سكون الليل.
شعرت تشو يي بالحرج والانزعاج، وقد غمر الاحمرار وجهها كلّه.
ثم أُمسك بمعصمها من جديد.
لا تزال نظرات وين ييهنغ تغمرها باللطف، وعيناه تحملان ابتسامة هادئة. “كلي أولًا، ثم عودي.”
حدقت عيناه بنظرة ذات مغزى نحو بطنها. احمرّت أذنا تشو يي أكثر.
شعرت فجأة بضيقةٍ في قلبها. لقد تذكّرت أنها منذ لقائهما الأول، ظلّت تُكنّ مشاعرها لهذا الشخص طوال ستّ سنوات تقريبًا. ولم تخبر أحدًا أبدًا، حتى وين ييهنغ نفسه، الذي يقف الآن أمامها، لم يكن يعلم شيئًا.
منذ الجملة الأولى التي جمعتهما، وهي تضحك على نفسها، تتخبّط أمامه دون أيّ تقدّم يُذكر.
كان ذلك مؤلمًا للغاية….
فبعد هذا الصيف، سيغادر كلاهما هذه المدينة الصغيرة، وسينطلقان كلٌّ في طريقه نحو العالم. وقد لا يلتقيان مجددًا أبدًا.
عضّت الفتاة شفتها السفلى بقوة.
تلاشت الابتسامة تدريجيًا عن وجه وين ييهنغ. وحين رفعت تشو يي رأسها، كانت عيناها محمرّتين، ورموشها السوداء الكثيفة مبتلّة. لقد رأى وين ييهنغ الكثير من التعابير على وجهها. حين تبتسم، حين تعبس، حين تظلّ جامدة الملامح، حين تتسلل خلسة لإلقاء نظرة على رواياتها أثناء استراحة الغداء، وحين تشرق ملامحها وهي تجيب عن الأسئلة في الفصل….
منذ أن كانت في الثالثة عشرة حتى الثامنة عشرة، تذكّر كل شيء في تلك السنوات، وهما يكبران معًا.
“سأعود الآن.” حاولت تشو يي أن توازن مشاعرها وتُلين نبرة صوتها، مكبِّلة الدموع التي كانت على وشك الانهمار لكنها لم تذرفها بعد.
وفجأة، لامس وجهها شيء بارد.
رفعت تشو يي عينيها بدهشة.
كان الفتى الطويل قد انحنى، وراح يمرّر أصابعه النحيلة بلطف على جفنيها، يمسح دموعها بعناية ورقّة بالغة.
ثم ألقى بالمنديل المبلل في سلة المهملات القريبة.
أخفضت تشو يي رموشها وتجنّبت النظر إليه، وقد احمرّت وجنتاها. لم تصدر عنها أيّ أنّة، لكن أطراف عينيها كانت مبتلّة تمامًا. ومن مسافته القريبة، استطاع أن يرى شامة بنية صغيرة تحت زاوية عينها اليمنى، مبللة بالدموع، تشبه زهرة في طور التفتّح.
ابتسم الفتى بمرارة، وقال بصوت منخفض وهو يطأطئ رأسه. “لا تبكي.”
فركت تشو يي أطراف عينيها وتجنّبت أصابعه. “لم أبكِ.”
أن تبكي فجأة أمامه دون سبب…كان أمرًا غريبًا ومحرجًا في الوقت ذاته.
لطالما نظر إليها الآخرون على أنها فتاة غريبة ومتحفّظة، لكنها لم تكن ترغب أن يظنّ وين ييهنغ بها ذلك أيضًا.
“لقد جعلت الفتاة التي أحبّها تبكي، قبل أن أتمكّن من الاعتراف….” تنهد بهدوء. “هل يجدر بي أن أُكمل؟”
تجمّدت تشو يي، لا تزال عيناها تلمعان بالدموع، وقد فغرت شفتيها قليلًا دون أن تنطق بحرف.
اعتراف؟
اتّضح أن سبب لقائهما اليوم، كان اعترافًا؟
رآها مصدومة، فتظاهر بالهدوء، لكن قلبه كان يخفق بقوة، وأذناه قد احمرّتا. ظلّ يحدّق بها بصمت، لا يريد أن يفوّت أي تعبير على وجهها.
فهو، في النهاية، لم يكن يعرف بماذا كانت تشعر تجاهه.
لكنه أدرك فقط أن عليه أن يبوح بما في قلبه، ببساطة وصدق.
“لمن تنوي أن تعترف؟” فتحت تشو يي فمها أخيرًا، وصوتها مبحوح. كانت عيناها الواسعتان تحدّقان فيه، تخفيان خلفهما غضبًا كامنًا.
أن يعترف لمَن يحبّ…ويشعر بأن عليه إبلاغها بذلك؟ هل كان ينوي أن يزعجها؟ أم لأن تلك الفتاة كانت زميلتهما في الصف، ويحتاج لمساعدتها؟
كلما فكّرت تشو يي بالأمر، ازداد انزعاجها. ولم تستطع أن تسيطر على دموعها أكثر، فانفجرت من عينيها كما لو كانت نافورة صغيرة.
“إن كنتَ تريد الاعتراف، فافعل ذلك بنفسك، لن أساعدك.” قالت وهي تعضّ شفتها السفلى، بحزم.
حين أدرك وين ييهنغ ما عنته، لم يسعه سوى أن يبتسم بأسى.
كانت ذكيّة في بعض الأمور، وفي أمورٍ أخرى، أبطأ من طلاب المرحلة الابتدائية.
كان الظلام قد حلّ بالفعل، ورنّ جرس الدراسة الذاتية، وساد السكون بين الأشجار. لقد قضيا ثلاث سنوات في هذا المكان، مرّا خلاله مرّات لا تُعد.
هبّت نسائم المساء برفق. كانت تشو يي قريبة للغاية. دموعها لم تجف بعد، وخدّاها لا يزالان محمرّين، وشفاهها نظيفة بلون وردي باهت. وفي تلك اللحظة، أضاء عمود الإنارة فجأة، فانبهرت عيناها. مسحت طرفي عينيها بظهر يدها ونظرت إليه. كانت لا تزال دامعة، وتبدو رقيقة، وكأن في قلبها غصّة.
وخفق قلبه بعنف، كأن وترًا ما قد شُدّ فجأة داخله.
استمرّت تشو يي تمسح دموعها، وحين فتحت شفتيها، التقتا فجأة بشيء ناعم، ولم تكن مستعدّة لذلك مطلقًا.
انحنى الفتى قليلًا وأخذ يدها، مبتسمًا وهو يطلق تنهيدة خفيفة. “بل يمكنكِ أن تساعديني، بالتأكيد.”
لم يستطع كبح نفسه، فانحنى مرّة أخرى واقترب منها. ولأول مرة، بدا صوته الواضح أجشّ قليلًا، وهو يحدّق مباشرة في عينيها. “ما عليكِ سوى أن تقولي نعم.”
في تلك اللحظة، شعرت تشو يي وكأن ألعابًا نارية انفجرت في رأسها.
وانتقلت يدها لا إراديًّا لتتشبّث بطرف قميصه.
الكلمات التي قالها وين ييهنغ منذ قليل….
‘لقد جعلت الفتاة التي أحبّها تبكي، قبل أن أتمكّن من الاعتراف…هل يجدر بي أن أُكمل؟’
أكان يقصدها هي؟
كان الأمر واضحًا جدًا، ومع ذلك، ظلّت تسيء الفهم! تُرى، هل سيظنّ وين ييهنغ أنها غبية…؟ لقد أرادت تشو يي بكل صدق أن تخنق نفسها قبل دقائق.
نظر إليها وين ييهنغ، وقد رأى الاحمرار لا يزال يكسو أطراف عينيها، وكانت ملامحها تتبدّل في كل لحظة. تلك العيون الواسعة الذكية، المفضّلة لديه، والمزيّنة بالجمال.
لم يستطع منع نفسه من تقبيلها على خدّها مرة أخرى، ثم شدّ يدها وقال مبتسمًا. “لنذهب لنأكل.”
وبعد أن استوعبت ما فعله بها، احمرّ وجه تشو يي بأكمله. “أنتَ، أنتَ….” تمتمت، ولم تجد ما تقوله.
لقد اعترف لها فجأة، وقبل أن تمنحه أيّ إجابة، كان قد انتقل إلى الخطوة التالية…بل، بل، وقبّلها مباشرة دون إذن.
قالت وهي لا تزال متمسكة بيد وين ييهنغ. “أنا لم أوافق بعد.” كان الفتى يسير إلى جانبها وقد خفّف من سرعته ليلائم خطاها. اقتربت تشو يي منه بصوت جادّ.
سألها وهو يلتفت نحوها. “ماذا؟”
“أ-أنا لم أوافق….” خفضت تشو يي صوتها أكثر فأكثر، وكانت عيناها مثبتتين على أطراف قدميها. “القبلة….” احمرّ وجهها بأكمله قبل أن تنهي الكلمة.
كان من المفترض، أن يعترف، ثم توافق، ثم يبدآن ببناء مشاعرهما تدريجيًا…وحين يحين الوقت المناسب، يُقبلان بعضهما بموافقة الطرفين، أليس كذلك؟
استمرّت في النظر إلى الأرض وهمست. “يقول البعض إن القبلة بعد الاعتراف مباشرة، دون وجود أساس عاطفي كافٍ، ترفع احتمالية الانفصال لثلاثة أضعاف مقارنةً بالأزواج العاديين.”
ضحك بهدوء.
“لقد أحببتكِ لسنوات طويلة.” قالها وين ييهنغ وهو يمدّ يديه ويقرص خدّيها. “وتقولين لا أساس عاطفي؟”
اتسعت عينا تشو يي بدهشة.
أوّل مرة رآها فيها.
كان الفصل هادئًا جدًا.
وقف على باب الفصل يحمل حقيبته على ظهره، وكانت الفتاة التي تجلس قرب النافذة منحنية على طاولتها تقرأ. سقطت أشعة الشمس على رموشها الكثيفة، وصبغت عينيها وحدقتيها بلونٍ ذهبيّ دافئ. قلّبت الصفحة التالية، وابتسمت بخفّة دون أن تدري، كما لو أن ما قرأته قد أبهجها سرًّا.
أشاح بنظره في تلك اللحظة. لا يدري كيف، لكن ذلك المشهد، وتلك الابتسامة العابرة، انغرسا في قلبه، وعجز عن نسيانهما طوال كل تلك السنوات.
بعدها، لا يعرف متى بدأ، صار يوليها اهتمامًا أكبر. وصار نظره يتبعها دون وعي. لكنه لم يفكّر في الأمر بعمق حينها.
وحين بدأ بالفعل يدرك مشاعره ويهتم، كان قد مرّ على تعارفهما أربع سنوات، وحين التفت في الصف، لم يكن يراها هناك بعد الآن.
نظراتها التي كانت تطلّ عليه الآن، لم تكن دافئة ولا هادئة كما اعتادها.
تشو يي شعرت بقلبها يضرب بقوّة داخل صدرها.
“لا بد أنني سبقتك….” أغمضت عينيها، وكأنها تهمس لنفسها، غير مقتنعة تمامًا.
سمعها وين ييهنغ، وارتسمت على شفتيه ابتسامة خافتة.
“أجل، لقد سبقتِني بمشاعركِ.” لم يجادلها. ثم نظر إليها بعينيه السوداوين باهتمام، وصوتٍ وادعٍ لم يبدُ عليه من قبل. “فكيف ترغبين أن يُعوّضكِ حبيبكِ عمّا فات؟”
خفق قلبها بشدة. وفجأة، وقفت على أطراف أصابعها، وسحبت رأسه برفق نحوها. كانت شفاهه قريبة منها تمامًا، فرفعت يدها بلطف ولمستها، مما جعلها تشعر بحرج شديد. “لن أخبرك.” همست، وقد أحمر وجهها خجلًا، ثم التفت مبتعدة وركضت بسرعة، دون أن تجرؤ على النظر إليه.
رغب في أن يبقيا معًا، من الآن فصاعدًا.
وبما أنه شعر بأن عليه أن يُعوّضها….
فقد قرّر أن يحبّها كلّ يوم أكثر من سابقه، علّه بذلك يُعوض تلك السنوات الطويلة التي أمضاها يخفي مشاعره بصمت.
ـ الـنـهــاية ـ
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 7"