الفصل 02
كان وين ييهنغ يجلس في المقعد الثالث، أي المقعد الذي أمام تشو يي.
“واجبك.”
قالت بصوت خافت وهي تنهض وتمشي نحوه.
فجأة، توقّف الصبيان الصاخبون عن الكلام وتبادلوا النظرات. همس أحدهم ‘آه’، ثم تتابع صوت الأوراق وهي تُقلّب بحثًا عن الدفاتر.
أخرج وين ييهنغ دفتر الرياضيات من درجه.
أطرقت تشو يي رأسها، تحاول أن تتجنّب ملامسة أطراف أصابعه.
كان خطّه جميلًا للغاية.
على غلاف دفتر التمارين، كُتبت ثلاث كلمات بقلم أسود. وين ييهنغ. كانت الأحرف مائلة قليلًا، نحيلة، أنيقة للغاية.
نظرت تشو يي إلى الخط المحدّد بعناية، وضمّت شفتيها دون أن تنطق. ارتجفت يداها قليلًا حين اقترب أحدهم، فأسرعت بإخفاء دفتره تحت كومة من الدفاتر الأخرى.
كانت هي ممثّلة مادة الرياضيات في الصف. كلّ يوم، من الصباح إلى المساء، لم تكن تقول له سوى عبارتين ثابتتين في وقتٍ محدّد.
وإن لم يكن هناك واجب رياضيات في ذلك اليوم، فلن يكون بينهما حوار. يمرّ اليوم صامتًا، والشهر كذلك، وربما نصف عامٍ بلا كلمة.
لم يكن وين ييهنغ أيضًا من النوع كثير الكلام. كانت تَقاطُعاتهما محصورة في تسليم واستلام الواجبات و أوراق الامتحانات.
كانت درجات تشو يي ممتازة دومًا، ودائمًا ما تتربّع على المرتبة الأولى في الصف. وعندما يقرأ المعلّم اسمها بصوت عالٍ، لا تلتفت إلى أحد، بل تظلّ تحدّق في ظهر ذلك الفتى. ولكن، ما إن يلتفت إليها، تكون هي أوّل من يصرف النظر.
بعد انتهاء الدوام.
“تشو يي الأولى مجدّدًا.” قال أحد الصبيان عرضًا.
سمعت تشو يي هذه العبارة وهي وسط حشود الطلاب، فتصلّب جسدها قليلًا، وتسارع نبضها.
قال وين ييهنغ بصوت خافت. “همم، أنها مذهلةٌ حقًّا.” لكن نبرته كانت تحمل مسحة من الغربة، وكأنه، رغم وقوفه وسط حشود الطلاب، لم يكن موجودًا فعلًا. كان يتكلّم ويفعل الأشياء بلا اهتمام ظاهر، لكنه بدا دومًا مقيّدًا، لطيفًا.
وبعد سنوات طويلة، أدركت تشو يي أن الأمر لم يكن لا مبالاة، بل لأنه كان يشبهها تمامًا. هي كانت تملك زوايا حادّة بارزة، بينما هو كان يُخفيها بإتقان، فلا يلحظها أحد.
كان قلب تشو يي كأشرعة تهتزّ في مهبّ الريح. وارتفعت حافة زيّها المدرسي قليلًا بفعل النسيم، فطأطأت رأسها وركضت في الاتجاه المعاكس، والحقيبة على ظهرها تتخبّط عند خصرها وساقيها.
غالبًا ما كان يرتدي اللون الأسود، ولم يُحسن التعامل مع الفتيات. وخلال حصص الرياضة، كان أحيانًا يشارك الصبيان في لعب كرة السلّة في ساحة المدرسة.
وعندما كان يضحك، كانت حاجباه يبدوان في غاية الجمال، لكنه لم يكن يضحك كثيرًا.
تذكّرت تشو يي أوّل حديث دار بينهما. في تلك المرّة، ارتسمت على شفتي وين ييهنغ ابتسامة خفيفة جدًّا، ولم ترَ ابتسامة مماثلة له بعدها أبدًا، فتعلّقت ذاكرتها بتلك اللحظة تُعيدها مرارًا وتكرارًا.
كانت تدير القلم في يدها. وحين تنشغل بحلّ واجباتها، كانت تسرح أحيانًا وتُحدّق من النافذة، تتساءل في شرود، لماذا ابتسم لها بتلك الطريقة؟
كان معلّم الرياضيات يحبّ تشو يي كثيرًا، وغالبًا ما يطلب منها الصعود إلى السبورة لحلّ المسائل.
وحين يشرح درسًا جديدًا، كان يملأ اللوح بأسئلة وتطبيقات رياضية، وكانت تشو يي تحلّها بطريقة مختلفة دومًا. فتهمس لها زميلتها في المقعد. “تشو يي، الجميع يحلّها بهذه الطريقة. لمَ لا تغيّرين طريقتكِ؟”
فتعضّ تشو يي شفتها وتتمتم. “لن أغيّرها.” ثم تهزّ رأسها بخفّة.
فجأة، التفت وين ييهنغ وقال. “أنا أيضًا أحلّها بهذه الطريقة.”
ولمّا شعر أنه لم يُوضّح الأمر بما فيه الكفاية، أضاف. “أنا مثل تشو يي.”
نادى اسمها بصوت خافت، لطيف.
وكانت يد تشو يي التي تمسك القلم قد ابتلّت بطبقة رقيقة من العرق. وضعت القلم جانبًا، وكتبت بسكون مجموعة من الأرقام على ورقة المسوّدة، دون أن تنطق بكلمة.
كان الجميع قد اعتادوا على اعتبارها فتاة غريبة، فلم يدهشهم تصرّفها.
وفي إحدى المرّات، حين نادى المعلّم المشرف ين ييهنغ ليأتي إلى مكتبه، كانت تشو يي قد نهضت للتوّ لتسلّم واجبها. فنهضا معًا، ووقفا جنبًا إلى جنب.
خرجا من الباب جنبًا إلى جنب. رفعت تشو يي رأسها قليلًا لتُلقي نظرة خاطفة عليه. فرأت أن تفّاحة آدم بدأت تظهر في عنقه.
كان قد دخل في مرحلة النموّ السريع، وأصبح الآن أطول منها. وفي أقلّ من عام، أصبحت أقصر منه بنصف رأس، وحين ترغب في التطلّع إليه، كان عليها أن ترفع وجهها قليلًا.
خطر ببالها فجأة أول جملة قالتها له حين رأته لأول مرّة. ‘أنا أطول منك…ووزني أكثر منك أيضًا.’
واحمرّ وجهها على الفور.
بعد عام، أدركت الفتاة التي بالكاد بدأت تخطو نحو البلوغ، أن تفاوت الوزن بينهما لم يكن شيئًا تفتخر به.
ورغم أن الأمر لم يعُد واردًا الآن، إلّا أنها ما تزال تشعر بالخجل وتحمرّ وجنتاها كلّما تذكّرته.
يُتبع….
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 2"