كرّس الخدم كامل حماسهم لإنجاح أول حفل شاي تنظمه سيدة القصر. في البداية، كان ذلك بدافع التحذير الذي أطلقه الماركيز بضرورة رعاية زوجته بلا تقصير، غير أن انخراطهم في التحضيرات أيقظ فيهم طموحًا وكبرياء بوصفهم خدمًا ينتمون إلى هذه العائلة النبيلة.
ها نحن أخيرًا، يمكننا أن نبدو كأي عائلة أرستقراطية عادية.
وسرعان ما تحول ذلك الطموح إلى حماسة غامرة: سنجعل من هذا الحفل أجمل من أي مكان آخر في العاصمة.
تم تحديد اللون الأخضر كموضوع رئيسي لحفل الشاي.
“اجعلوه باللون الأخضر، سيدتي. سيكون ذلك من ذوق سعادته.”
هاردينغ، الفارس المرافق ذو الملامح الودودة، استغل بثقة المعلومة التي استجمع شجاعته ليجمعها في ذلك اليوم. أما إيچين، فمع أنها لم تكن واثقة تمامًا، فقد قررت أن تستمع لنصيحته في حال كان على حق.
ثم جاء اليوم المنتظر.
بدأت العربات الفاخرة تتقاطر واحدة تلو الأخرى إلى مدخل قصر آل مور.
إيچين، التي كانت ترتدي فستانًا عاجيًا من الحرير تتدلى منه حبات اللؤلؤ كالقطرات، كانت تقف مستقبلة الضيوف عند الباب.
“يشرفني أن أكون من المدعوين، يا زوجة الماركيز.”
تلقّى النبلاء الشابة، التي كانت تعاود الظهور في المجتمع الراقي بعد غياب طويل، بمظهر مهذب ولبق. غير أن أعينهم كانت تدور في كل زاوية من القصر، تمسحه بنظرات فضولية لا تعرف السكون.
“حقًا، ليس غريبًا أن تُغلق الأبواب بإحكام هكذا. حتى القصر الملكي لا يضاهي هذا المكان فخامة.”
“لو كنت مكانها، لما رغبت في مغادرة هذا القصر إطلاقًا.”
اقتيد الضيوف بعد ذلك إلى صالة الشاي، الواقعة في الجناح الشرقي من القصر.
وكانت تطل على الحديقة الشاسعة التي بناها كليف خصيصًا من أجل إيچين.
“يا إلهي!”
جزيرتان صغيرتان مكسوتان بأزهار زاهية الألوان، تتصلان بجسر مغطى بالزهور، بينما تمر أسفلهما زوارق مزخرفة تسير بسلاسة. كان منظر الحديقة، التي بدت كربيع أبدي بفعل السحر، يسلب الألباب ويأسر النفوس.
“لم أكن أعلم أن مثل هذه الحدائق ممكنة في العاصمة. إذًا ما قيل عن (ليتل هيفن هايتس) كان صحيحًا… من الصعب التصديق، حتى وأنا أراه بأم عيني.”
“لبناء بحيرة وجسر كهذين لا بد أن تكون الأعمال ضخمة جدًا، فهل وافق الماركيز فعلاً؟ لا بد أن التكاليف كانت باهظة. يبدو أن سعادته تكبد عناءً كبيرًا من أجل زوجته.”
بينما انطلقت عبارات الإعجاب، تقدمت إحدى السيدات بتعليقٍ بدا مازحًا، لكنه حمل نبرة انتقاص مبطنة يمكن تمييزها بسهولة.
ردت إيچين بابتسامة هادئة:
“هذه الحديقة كانت من بنات أفكار زوجي، لذا لم أطلب منه شيئًا في هذا الصدد. لقد تولّى بنفسه جميع التفاصيل المتعلقة بإنشائها.”
“سعادة الماركيز بنفسه؟”
“نعم، بما في ذلك الدفيئة الزجاجية التي ترونها هناك، والمرسى خلف الحديقة. سأعرفكم عليها لاحقًا.”
هل يعني هذا أن ما رأيناه ليس سوى جزء بسيط؟
ظهر الذهول في أعين السيدات. ألم يكن يُقال إن العلاقة بين زوجي آل مور قد وصلت إلى الحضيض، بل وربما الانفصال؟
لكن هذا الجمال المهيب، والذي يليق بوصفه بـ”الجنّة الصغيرة”، خطف قلوب النبيلات بكل دقة.
الحمد لله… يبدو أن الأمور تسير كما خططت.
كان انكشاف بعض من تفاصيل قصر آل مور بشكل مقصود من قبل إيچين خطوة مدروسة تهدف إلى إسكات الشائعات المشتعلة عن الخلاف بين الزوجين.
رمقت الحديقة بنظرة خاطفة. كانت رائعة، كجنة أرضية تنبض بالحياة، غير أن صدرها انقبض كما في كل مرة تقع عيناها عليها.
فمع أن كل شيء فيها جميل بلا شائبة، شعرت بشيء غير مريح. كما لو أنها تتماهى مع القلق الذي يخفيه كليف في أعماقه.
أذهلت المفاجآت ضيفات الحفل أكثر فأكثر.
“لحظة، هل هذا سباركل؟ عشبة الجن؟ كنت أظن أنها تنمو فقط في حديقة جلالته الملكية!”
“واضح أن جلالته يولي ماركيز مور اهتمامًا بالغًا. أن يمنحه هذه الأعشاب الثمينة كهبة شخصية؟”
حين قُدمت سلال زهرية مصنوعة من أزهار الحديقة ومطعمة بأوراق سباركل كهدية لكل سيدة، لمع البريق في عيون بعضهن. بعضهن أبدى الإعجاب، وبعضهن غلفت أعينهن نار الحسد.
“اهتمامٌ بالغٌ بالفعل. أليست هذه نفس العشبة التي يمنع استخدامها خارج القصر؟ أما وقد أزاح الماركيز القائد العام الحالي من منصبه، فهبة كهذه لا تُعد شيئًا يُذكر!”
ردّت إيچين بنبرة هادئة، متظاهرةً بعدم ملاحظة ما بين السطور:
“حتى وقت قريب، كنت طريحة الفراش، وكان زوجي شديد القلق عليّ. أظن أن جلالته قد منحنا هذه الأعشاب بدافع العطف. هي بلا شك هبة أكبر من مقامنا، لكن كخدامٍ للتاج، لم يكن لنا أن نرفضها.”
كانت تتحدث عن لطف الملك، لكن الجميع كانوا يدركون أن الملك لا يُقدّم هذه الهبات إلا لمن يستخدمهم كأدوات.
كانت إيچين، في كلماتها، توصل رسالة ضمنية: لا تلوموا زوجي، بل لوموا الملك الذي يستغله.
تبادل النبيلات النظرات مع سعالٍ خفيف، متأملاتٍ في هذا الرد الذكي.
ظننا أنها لا تجيد التواصل الاجتماعي.
فقد سمعن فقط أنها انزوت داخل القصر بعد الزواج، لذا لم يتوقعن أن تكون سيدة آل مور بهذا الحضور واللباقة.
كنّ يظننها امرأة طموحة بلا حدود، تتكئ على سمعة عائلتها الشريرة (آل كروفورد)، وتُغري كليف مور لتستأثر بالحياة وتغتصب مكانة زوجته السابقة.
لكن السيدة الواقفة أمامهن كانت أقرب لفتاة يافعة، ضعيفة البنية، بشاحبة الوجه وعينين طيبتين تتلألآن.
غير أن تلك البراءة الظاهرة لم تكن مبررًا لإسقاط الحذر. رغم سنوات من العزلة، أظهرت إيچين براعة لا تشوبها شائبة في استضافة النبيلات وتوجيه الحوار بسلاسة.
قدرتها على تحويل بوصلة الحديث نحو الملك كانت مثالاً على ذلك.
يبدو أنها كانت على دراية تامة بالقلق المتزايد في صفوف الملكيين تجاه نفوذ زوجها، ماركيز مور.
كان كليف مور بحد ذاته شخصية يصعب التعامل معها، لكن زوجته؟ كانت أعقد منه بكثير.
امرأة يصعب تحديد كيفية الاقتراب منها.
كنّ يعتقدن أن هذه الزيارة ستكشف عن موطن ضعف في هذه العلاقة. لكن ما وجدنه هو غموض مغلف بابتسامة مهذبة ونظرات لا تنم عن شيء.
“آه، نعم، سمعنا أن الماركيز كان شديد القلق عليكِ، أليس كذلك؟ قيل إنه أمضى شهورًا بجانبك، لا يتركك لحظة… هل تحسنتِ الآن؟”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 54"