وسط ملامحه المتجهمة، حاولت إيزين أن تجد شيئًا ما … في ذلك الإعلان الأحادي الجانب، شديد القوة والعنف منه والذي لطالما شعرت تجاهه بالنفور والاشمئزاز من كليف مور عندما يصدر منه ، وكأنه سلاسل تلتف حول جسدها.
لكن ما تغير الآن هو…
“كليف.”
في النهاية، استطاعت قراءة اليأس المختبئ خلف العيون المشتعلة بالزرقة المتوهجة.
بمجرد أن نطقت باسمه، شعرت أن الضغط الذي كان يحيط بخصرها قد خفّ بوعي منه. تمامًا كما يفعل كلب صيد مرعوب حين يدرك أن الشخص الذي يمسك به هو سيده، فيرخي أنيابه عن عنقه.
“كليف.”
كررت اسمه مرة أخرى، ولاحظت تصلبه. استطاعت أن ترى كيف تفحص وجهها بعينيه. من عينيها إلى أنفها، ثم شفتيها…
ظل الدفء بينهما مستمرًا، لكن ذقنه ارتعشت قليلًا، وكأنها تكافح لقمع شيء ما.
“… نعم.”
أجاب بصوت خافت، كأنه مختنق.
“أنا… أريد أن أرى الطفل.”
حتى صوت إيزين كان مليئًا بالضعف ذاته. شعرت باهتزاز بسيط في جسده عند سماع كلماتها.
“… لماذا؟”
سأل بهدوء بعدما استعادت ملامحه شيئًا من اتزانها. رفع حاجبه قليلًا، محاولًا فهم نواياها.
ردت إيزين بصوت هادئ، محاولة أن تبدو رغبتها غير يائسة.
“هل تحتاج الأم إلى سبب لتريد رؤية طفلها؟”
“لأنني أعلم… أنك لم تكوني ترغبين بذلك.”
حين نطق بهذه الكلمات، بدت نظرته وكأنها تهرب منها، بينما عادت قبضته حول خصرها للضغط مجددًا.
“كليف.”
تصلب جسده. ومع ذلك، خف الضغط مرة أخرى. كادت تبتسم بخفة أمامه، لولا الموقف.
“خذني إلى المكان الذي يوجد فيه الطفل.”
وضعت يدها الصغيرة برفق فوق يده التي كانت تحيط بخصرها، كما لو أنها تصدر أمرًا نبيلًا. للحظة، بدا وكأنه يعتقد أنها تحاول دفعه بعيدًا، لكنه تجمد مرة أخرى، غير متأكد مما تفعله.
ولكن إيزين لم تحاول الابتعاد عنه. على العكس، بدلاً من التراجع، مالت بجسدها قليلاً نحوه، تعتمد على ذراعيه القويتين لتدعم ساقيها التي بدت على وشك الانهيار مجددًا.
لكنها لم تكن تتوقع ما حدث بعد ذلك.
فجأة، شعرت وكأنها ترتفع عن الأرض، إحساس يشبه الطفو في الهواء، بينما كانت تحتضنها يداه القويتان بإحكام. فتحت عينيها على اتساعهما في دهشة.
“انتظر…!”
وجدت نفسها بين ذراعيه، يحملها بسهولة وكأنها مجرد دمية. كانت المسافة القريبة بشكل مفاجئ وحركته غير المتوقعة قد أربكتها تمامًا. ضربت كتفه بخفة في محاولة يائسة للاحتجاج، لكنها أدركت سريعًا أن ذلك لم يكن له أي تأثير يُذكر عليه.
“لا، لم أكن أقصد هذا… كليف، أنزلني الآن!”
شعرت بالخجل الشديد عندما أدركت أنها ضربته، فاحمر وجهها، لكن ذلك لم يغير شيئًا في خطواته الثابتة. واصل السير للأمام، وكأن كلماتها واحتجاجاتها لم تكن أكثر من همسات في الهواء.
من بعيد، ظهرت إحدى الخادمات وهي تخرج مسرعة خلف إيزين، مترددة وتوشك على البكاء عندما رأت السيدة والسيد معًا.
“قال الطبيب إنه لا يجب عليكِ بذل أي مجهود.”
صوت منخفض تسلل إلى أذن إيزين التي استسلمت أخيرًا وسمحت لنفسها بالاعتماد كليًا على كليف. مع كل خطوة يخطوها، شعرت بنبضات قلبه المنتظمة تتردد بوضوح.
“لا تخرجي… إلى هنا مرة أخرى.”
بدت قبضته التي تدعم ساقيها وكأنها تضيق للحظة ثم تخف، وكأنه يستعيد ذكرى لم يرغب في استحضارها.
“كليف.”
“لن أحبس حريتكِ… سأسمح لكِ بالذهاب إلى أي مكان ترغبين فيه… لن أجعلكِ تشعرين بالاختناق، فقط لا تفعلي هذا مرة أخرى.”
توقف للحظة، وأخذ نفسًا عميقًا كما لو كان يحاول كبح مشاعره. لم يختفِ التوتر تمامًا من صوته، لكنه كان واضحًا أنه يحاول السيطرة على نفسه.
“لا تخاطري بهذه الطريقة مجددًا.”
كانت إيزين ترغب في سؤاله عن المخاطر التي يعنيها، لكنها فضلت البقاء صامتة.
“فقط حتى تتعافي. عضلاتكِ وأعضاؤكِ ضعفت من طول فترة الرقود، لذا…”
“حسنًا.”
استمر في شرح الأمر، وكأنه يريدها أن تفهم تمامًا مدى أهمية ما يقوله. ولكن عندما ردت عليه إيزين بهدوء، قائلًة إنها تفهم، توقف عن الكلام. شعرت بنظرته تتفحصها وكأنه يتحقق من جديتها، فقالت بلطف:
“… سأكون حذرة.”
“…”.
للحظة، بدا وجه كليف وكأنه يتألم مجددًا، لكنه لم يقل شيئًا.
غرفة الطفل كانت قريبة من غرفة نوم إيزين، حيث خرجت مسرعة.
عندما مرت بها من قبل، بدا الطريق قصيرًا، ولكن أثناء حمله لها الآن، شعرت أن المسافة أطول مما توقعت.
“إنه هنا.”
وقف أمام باب خشبي قديم منحوت بعناية، وقال ذلك. قبل أن تطلب منه إيزين أن ينزلها، هرعت إحدى الخادمات لفتح الباب لهما.
دخل كليف الغرفة وهي لا تزال بين ذراعيه. في الداخل، كانت امرأة في منتصف العمر تنحني باحترام، وهي منهمكة في ترتيب الغرفة. عرفت إيزين فورًا أنها المربية، بفضل ملامحها المألوفة التي شعرت نحوها بالراحة للحظة قبل أن تختفي.
تأملت إيزين الغرفة.
كانت مزينة بشكل أنيق، مع سرير أطفال قديم الطراز في منتصفها، ومجموعة من المعلقات الملونة المتدلية من السقف. رمشت عيناها ببطء، إذ كانت الغرفة مألوفة جدًا، وكأنها زارتها مئات المرات من قبل.
أنزلها كليف برفق على أريكة ناعمة بالقرب من سرير الطفل. كان حريصًا في حركاته، يدعمها بحذر وكأنها قد تنكسر.
لكن بمجرد أن لامست قدماها الأرض، نهضت إيزين بسرعة وتوجهت نحو الطفل. لم يوقفها أحد.
اقتربت من السرير.
أول ما رأته كان الوسائد البنفسجية التي تحيط بالسرير، ثم الجوارب الصغيرة المزينة بشريط أزرق يلف كاحلين ممتلئين، ويدين صغيرتين لا يتجاوز حجمهما عقلي الإصبع.
ثم، رفعت رأسها أكثر قليلًا، وأخيرًا، وقع نظرها على طفلها.
“آه…”
غطت إيزين فمها بيدها، وعيناها تتسعان.
أمسكت بإطار السرير كما كانت تفعل دائمًا. ومع ذلك، عندما شعرت بأنها على وشك السقوط، دعمتها يد قوية من الخلف. لم تهتم لذلك.
ما رأته كان بالضبط كما تخيلته. شعر بني رمادي ناعم، رموش ملتفة، خدود وردية ممتلئة، وشفاه صغيرة تتحرك ببطء…
لم تختلف الذكرى عما رأته أمامها. الواقع كان مطابقًا تمامًا لما في ذاكرتها.
كادت دموع إيزين أن تنهمر وهي تمد يدها نحو الطفل. لكنها شعرت بالخوف، ليس من كليف هذه المرة، بل من أن يتلاشى هذا المشهد كما يتلاشى الغبار بمجرد أن تلمسه. أطراف أصابعها التي تقترب من الطفل أخذت ترتجف.
“……”
لكن يدها لم تصل إلى الطفل في النهاية. كان الأمر أشبه بحلم يتكرر دائمًا، حلم لم تنجح يومًا في تحقيقه. لقد أصبح الخوف من لمس الطفل عادة متأصلة، وكأنها كانت تخشى أن تستيقظ من هذا الحلم فور ملامسة بشرته الناعمة.
عندما كانت على وشك سحب يدها، شعرت بشيء صغير يمسك بإصبعها.
أصابع الطفل الصغيرة أمسكت بسبابة إيزين.
نظرت إليه، لتلتقي أعينهما الزرقاء الهادئة. الطفل كان يرمش، مستغربًا الوجوه الجديدة، فيما شعرت إيزين وكأن موجة صغيرة من المياه الزرقاء تتسلل إلى قلبها.
“هَه…”
لم تستطع إيزين منع نفسها من البكاء، لكنها قاومت. كيف يمكن أن تكون دموعها أول ما يراه طفلها منها؟
“طفلي…”
ضغطت يد الطفل الصغيرة بخفة على إصبعها، كأنما تريد طمأنتها. شعرت أن هذه اللمسة الصغيرة تضغط على قلبها بقوة.
“طفلي…”
غطت يد إيزين يد الطفل الصغيرة بحذر. إبهامها داعب ظهر يده مرات عديدة، وكأنها تحاول حفظ كل تفاصيله في ذهنها. وبينما كانت مغمورة بوجود الطفل، تذكرت فجأة وجود كليف. رفعت رأسها لتجد عينيه مثبتتين عليهما.
كان كليف يقف مكانه، تمامًا كما كان.
كان هناك مسافة واضحة بينه وبينهما، وكأن الغرفة نفسها قد قسمت إلى نصفين. نظراته كانت ثقيلة، لكنها مبهمة.
لم تستطع إيزين أن تميز ما إذا كان ينظر إليها أم إلى الطفل.
“لماذا… تبدو هكذا؟”
عندما طرحت سؤالها، تجمد كليف في مكانه.
ثم، فجأة، بدأ بالتراجع.
“كليف؟”
خرج من الغرفة بخطوات متسارعة، لكنها كانت منظمة، وكأنه رجل هارب، رغم محاولته الحفاظ على هيبته.
—
إيزين نهضت دون أن تدرك، متفاجئة من خروجه المفاجئ.
كانت تحدق باتجاه الباب الفارغ عندما اقتربت منها الخادمة وقالت:
“سيعود قريبًا، سيدتي. لقد سمعت أن الزائر الذي ينتظره هو رسول من القصر الإمبراطوري. ربما كانت هناك رسالة من جلالة الملك، ولم يكن بإمكانه التأخر، لذا خرج بسرعة.”
رغم تفسير الخادمة، إلا أن تصرف كليف بدا غير مفهوم تمامًا بالنسبة لإيزين. لم يكن الأمر يتعلق فقط بالرسالة. كان هناك شيء آخر، شيء أشعره بالخوف.
لكن، لماذا؟
تساءلت في نفسها، بينما أضافت أفكارها سؤالًا آخر: “ما الذي يمكن أن يخيف كليف مور، أسد المعركة؟”
لم يكن هناك أي شيء في هذه الغرفة الصغيرة، المزينة بالألعاب وألوان الطفولة، يبدو كافيًا لجعل كليف يتراجع بهذه الطريقة.
“بالمناسبة، سيدتي، هل تدركين كم كنت خائفة؟ كيف تركضين بهذا الشكل وأنتِ لستِ بخير؟”
كانت الخادمة تتحدث بصوت مهتز. كانت تحاول التماسك، لكن عينيها كانتا تلمعان بالدموع.
“عندما رأيتكِ تركضين نحو الدرج، شعرت وكأن قلبي توقف. لو لم يكن السيد كليف موجودًا… لا أستطيع حتى تخيل ما كان سيحدث.”
إيزين أدركت خوف الخادمة وأجابت بصوت ناعم:
“آسفة، سالي.”
“لا، سيدتي! أنا من يجب أن أعتذر! لقد قلت كلامًا وقحًا. أرجوكِ سامحيني!”
كان صوت الخادمة يتوسل، بينما بدأت بالبكاء فعلاً. شعرت إيزين وكأنها الجانية، رغم أنها لم تكن تقصد.
*** هذا هو الدلع بذاته القاكم بعد اسبوع ونصف من الان 🤍🤍
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات