“يقال إن الكنوز التي منحها له الملك والثروات التي جمعها في أيامه كرئيس المرتزقة مكدسة في المخزن. لدرجة أنه رغم ما حدث، لا يوجد أي مشكلة في الطعام أو المأوى. انظر، في هذا القصر الفاخر يعيش وحده… هه، الآن لا يوجد من يحرسه، ولا أحد يأتي إلى هنا خوفاً من المجنون، لذا إذا قضينا على كليف مور، ستكون كل هذه الثروة لنا.”
لا… لا يمكن…
صدر مني صوت أنين مكبوت.
“هل تحققتم من المكان أثناء دخولكم؟ لم تنزلوا إلى أسفل القبو، أليس كذلك؟ هل تأكدتم من عدم إصدار أي ضجيج؟”
“لا تتحدث، لوكي. هل تعرف كم جهد بذلته لتسلق الجدار في هذا العاصفة بعد أن فتحت لي النافذة؟ لم يكن حتى فأر يلاحظني وأنا أدخل، تحركت بمهارة شديدة.”
“يبدو أن المكان هنا فارغ، ربما هو في الجناح الجانبي؟ يوجد ممر يتصل به. على أي حال، حتى لو بعنا اللوحات المعلقة فقط، سنحصل على لقب نبيل بسهولة.”
أحدهم لعق شفتيه بتلذذ.
“إذا قتلنا الشخص الموجود في الطابق السفلي، ستكون كل الأمور لنا.”
ضحك الرجل مجدداً.
في زاوية الغرفة، كانت الملابس المبللة منتشرة، بما في ذلك المعطف والقبعة التي كان يرتديها الرجل.
“لا، لا، لا…”
نهضوا من أماكنهم. وقفت أمامهم.
حاولت جاهدة ألا أستسلم للخوف الذي بدأ يتسرب من أطراف قدمي ويجتاحني.
“لا، لا تفعلوا هذا!”
لقد سمع كل من الطفل وهو صوتي من قبل، لذا ربما يمكن أن يسمعني هؤلاء أيضاً.
اندفعت نحو الرجل وتمسكت بذراعه التي كانت تحمل السيف الطويل.
“توقف! قلت توقف!”
“جهزوا الأسلحة.”
“حسناً. لكن، ما الذي يجعل الغرفة الوسطى ممنوعة؟”
لكن لم يتغير شيء. بدأ الرجال في تجهيز أسلحتهم واحداً تلو الآخر.
“أطللت قليلاً عليها، تبدو كغرفة نسائية فقط. آه، وفيها أفخر الأشياء. من بين كل الغرف في هذا القصر، هي الوحيدة النظيفة. بما أن المجنون يبقى في القبو، لا يبدو أن أحداً يعيش فيها.”
“ربما تكون غرفة ابنته.”
“توقف! لا تؤذيه!”
“قالوا إنه لديه ابن واحد فقط، يا أحمق.”
“إذن ربما تعيش معه عشيقة أو شيء من هذا القبيل…”
نهضوا من أماكنهم وهم يتجادلون.
“اخرجوا! اخرجوا من هنا!”
صرخت. وأنا أقاوم بشدة، أعض وأضرب الأيادي التي تحمل الأسلحة الباردة.
“توقفوا عن الهراء وجهزوا الأسلحة. حتى لو كان قد جن، لكنه كان أسدًا أسود في الماضي. لا يمكننا التهاون. هل وضعت السم على الأسلحة؟”
“بالطبع، بالطبع…”
“اخرجوا!”
في لحظة، توقفوا فجأة.
“هل سمعتم شيئًا للتو؟”
ركضت نحو النافذة. في الخارج، كانت العاصفة تزداد عنفًا.
صوت النوافذ يُسمع، تَـقَطُق، تَـقَطُق، تَـقَطُق.
“يا للمصيبة! لماذا هذه النافذة تهتز؟”
“اخرجوا! اغربوا عن وجهي!”
صرخت وأنا ألقي كل ما أستطيع الإمساك به. كانت أشياء غير مرئية تُرمى بعيدًا. كانت أغصان شجرة الصنوبر الكبيرة التي زُرعت بالقرب من القصر تضرب النوافذ بقوة.
تحطم الزجاج!
“لوكي!”
“اصمت وأغلق فمك! إنها مجرد نافذة مفتوحة!”
“الزجاج تحطم! شيء ما أتى نحو النافذة!”
“توقفوا! اخرجوا! غادروا هذا المنزل!”
تحطم الزجاج مجددًا!
“كانت الشجرة هي التي اهتزت! توقفوا عن الصراخ!”
“سمعت صوتًا! كانت امرأة… ألا تسمعون؟ أليس هذا حقًا منزلًا مسكونًا؟ ماذا نفعل، لوكي؟”
كنت يائسة. صرخت حتى بُح صوتي، وألقيت بكل ما أستطيع عليهما. لم أستطع إنكار أن ما فعلته كان لحماية كليف مور.
“اتركوه وشأنه!”
تذكرتُه.
حياته المدمرة التي أصبحت جزءًا مني، وحدته التي يبتلعها في الظلام، يده التي لا تستطيع لمس ابنه، وهو الذي يطاردني بين الواقع والوهم. كل هذا قادني إلى هذه اللحظة.
“فلنغادر بسرعة. بعد أن نقتل مور اللعين، لن يكون لدينا أي عمل في هذا القصر الملعون.”
صرخ الرجل بغضب. الأسلحة الباردة ظهرت في الظلام، وبدأت الأشياء تتلاشى شيئًا فشيئًا من حولي.
“لا! لا ترسلوهم بعيدًا…! لا تدعوا هذا ينتهي… لا تتلاشوا…!”
حاولت أن أوقفهم، تشبثت بهم، وصرخت، لكن الظلام عاد ليحتضنني مرة أخرى.
كنت مذهولة.
شككت فيما رأيت وما عشته للتو. حاولت تجاهل الرعشة التي لا تزال في أطراف أصابعي، ودقات قلبي التي تكاد تنفجر، والخوف الذي قبض على صدري.
هذا لا يمكن أن يكون صحيحًا. لا يمكن أن يحدث شيء كهذا. لا يمكن أن يدخل اللصوص ويقتلوا كليف مور.
هذا ليس حقيقيًا. إنه مجرد وهم.
مجرد حلم خبيث يلعب بواقعي ويكشف لي لمحات كاذبة منه…
“لا، لا يمكن…”
انه الواقع. انه الواقع بعد أن رحلت.
شعرت وكأنني استعدت وعيي فجأة، وكأنني صُبَّ علي ماء بارد.
ركضت. ركضت بجنون نحو الضوء الذي يظهر أمامي.
“لا، لا، هذا لا يمكن أن يكون…”
وأنا أركض دون توقف، همست لنفسي. أقنعت نفسي أنه مجرد وهم، وأنني رأيت خطأ. إنها مجرد كابوس سيء، سيء جدًا، حلم قصير.
لكن الضوء الذي كان يقودني أصبح أضعف من أي وقت مضى. كان يتلألأ خافتًا، كما لو أنه سيختفي في لحظة.
“أرجوك، أرجوك.”
لم أتمنَّ يومًا شيئًا بهذه الشدة. كنت أتمنى بلهفة، رغم أنني لم أكن أعرف حتى ما الذي أتمناه.
إذا فتحت هذا الباب، أتمنى أن يكون واقفًا خلف هذا الضوء الخافت.
أتمنى أن يراني، رغم كل العقد المتشابكة بيننا، أن نكون موجودين في نفس المكان. أتمنى أن أكون بجواره، ولو لوهلة، كما كنت دائمًا.
مصدر كراهيتي، سبب معاناتي، قمعي لحرّيتي،
كليف مور، أتمنى أن تكون حيًا.
الغرفة التي دخلتها كانت غريبة.
نافذة مفتوحة على مصراعيها، الرياح والأمطار تهب بشدة، السرير الأبيض مبلل بالكامل، والملاءة تتطاير بشكل بارد ومخيف.
بحثت عنه بجنون. الأمطار التي دخلت من النافذة غمرت الغرفة. الأرض كانت مبتلة. البرد كان يتسلل عبر قدمي.
“كليف، كليف…”
كنت على وشك البكاء. لم أستطع ابتلاع الشعور المتصاعد في داخلي، وكأنني طفل مذعور على وشك الانهيار بالبكاء.
“أين أنت…”
تعثرت وأنا أتحرك. لاحظت تفاصيل الغرفة التي أمامي.
المكان الذي كانت به آخر ذكرياتي، حيث كنت أنا وهو نتشارك نفس الدفء ولو لوهلة، المكان الذي استطعت أن أنسى نفسي فيه في حضنه.
كانت هذه غرفة نومي.
كانت هناك آثار صغيرة على الأرض المبتلة. آثار دماء كثيفة بدأت من الباب، تشبه آثار حيوان مصاب هارب.
وبعد لحظات، رأيت الجسد الملقى تحت الطاولة التي كنت أجلس عليها دائمًا وأقوم بالتطريز.
“لا…”
تسلل أنيني من فمي.
كان هناك دم. بركة كبيرة من الدم تحيط بجسده الملقى. كانت تكبر باستمرار، مما جعلني أشعر بالانهيار.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات