وبينما تتابعت الأسئلة، كانت ني آن آن الجالسة أمام التلفاز قد قررت أن تترك الأمور تسير كما هي.
فأخوها الكبير سيصبح جزءًا من عائلة تشين، ومن الواضح أن عائلة ني قد اكتشفت بالفعل حقيقتها.
وبالتالي… موضوع الخطوبة…
بجانبها، قالت السيدة ني شيئًا آخر، ولكن عندما لاحظت أن ني آن آن ما زالت تحدّق في التلفاز، تنهدت وأمسكت بيدها بلطف قائلة
“آن آن، نحن حقًا قلقون عليكِ. إن عاد أخوكِ إلى عائلة تشين، فلن يمكنكِ العيش معه هناك، نظرًا لما بينكِ وبين السيد الشاب تشين من حرج.”
ثم غيّرت الموضوع فجأة قائلة
“لكن، ألا ترغبين في معرفة والديكِ الحقيقيين؟ ربما كانت هناك أسباب دفعتهم إلى ما حدث، وربما هم أيضًا يبحثون عنكِ الآن.”
خفق قلب ني آن آن بقوة، ثم التفتت ببطء نحو السيدة ني وقالت
“خالة، معكِ حق… في الحقيقة، أنا أيضًا أرغب في العثور على والديّ الحقيقيين.”
أشرقت عينا السيدة ني فرحًا، وكادت أن تفصح في تلك اللحظة عن الحقيقة بأنها والدة ني آن آن الحقيقية.
تحكّمت السيدة ني في نفسها أخيرًا ومنعت كلماتها من الإفلات. سعلت سعلات خفيفة قبل أن تقول بلطف
“آن آن، دعيني أساعدكِ في هذا الأمر. سنساعدك في العثور على والديكِ الحقيقيين! آه، صحيح… من أجل تسهيل الأمور، ما رأيك أن تتركي لنا بضع شعرات من شعركِ؟”
أومأت ني آن آن بابتسامة وقالت
“بالطبع، شكرًا لكِ يا خالة.”
ثم سحبت سريعًا بضع شعرات من رأسها وسلّمتها إلى السيدة ني.
وبعد أن عادت إلى منزلها، شاهدت الفيديو مرة أخرى على الإنترنت، وسمعت تشين هاي يعلن بوضوح
“إنه ابني، ومن الطبيعي أن يعود إلى عائلة تشين.”
ارتسمت على شفتيها ابتسامة خفيفة، ثم نهضت لتحضير العشاء لهو يانشياو.
في تلك الأثناء، في منزل عائلة هوو، كان هاتف مساعد هوو يانشياو لا يتوقف عن الرنين، لكن ذلك لم يؤثر إطلاقًا على ربّ العمل، الذي كان يعقد اجتماعًا مع مستثمرين أجانب داخل غرفة الاجتماعات.
وبعد أن توصّلوا إلى اتفاقٍ مبدئي، قام هوو يانشياو بتوديعهم وعاد إلى مكتبه.
ما إن دخل حتى بدأ مساعده يبلغه بسيل المكالمات التي تلقاها من مختلف وسائل الإعلام التي كانت ترغب في إجراء مقابلات معه. قاطعه هوو يانشياو قائلاً
“لا ترفض أيًّا منها بعد، لكن لا توافق على شيء أيضًا. سأخبرك بما يجب فعله لاحقًا.”
ثم أشار إليه بيده ليغادر المكتب.
بعد وقتٍ قصير، رنّ هاتفه المحمول، وعندما رأى اسم تشين هاي على الشاشة، أجاب فورًا.
قال تشين هاي عبر الهاتف
“هل شاهدت المؤتمر الصحفي؟ يانشياو، سيكون هناك حفل في منزل عائلة تشين نهاية هذا الأسبوع. أريد أن أقدّملك أعمامك.”
ردّ هوو يانشياو بهدوء
“حسنًا. لكن… ألا تقلق من أن البعض لن يكون مسرورًا بذلك؟”
ضحك تشين هاي بخفة وقال
“وأنت أيضًا لا تبدو قلقًا بشأن ذلك.”
ثم أضاف بنبرةٍ تحمل شيئًا من الأبوة
“ألن تناديني بـ أبي؟”
صمت هوو يانشياو لبرهة، ثم قال بهدوء
“أبي.”
ارتسمت على وجه تشين هاي ابتسامة رضا
“العديد من أصدقائي من العاصمة سيحضرون يوم السبت. لا تخيّب أملي.”
أجابه هوو يانشياو بثقة
“لن أفعل.”
وبعد أن أنهى المكالمة، تصفّح قائمة الاتصالات الواردة إليه ذلك اليوم، وبالفعل وجد أن شريكه في العمل تشين زيمينغ كان قد حاول الاتصال به.
في تلك الليلة، عندما دخل إلى المنزل، استقبله عبير الطعام المتصاعد من المطبخ.
لم يصعد إلى الطابق العلوي لتبديل ملابسه، بل توجه مباشرة إلى المطبخ.
كانت مروحة الشفط تعمل، لذا لم تنتبه ني آن آن إلى دخوله.
كان جسدها الصغير واقفًا أمام الموقد وهي تقلب شرائح كلى الخروف في المقلاة.
كان شعرها مرفوعًا على شكل كعكة غير محكمة، تتدلى بخفة فوق رأسها، وكانت ترتدي مئزرًا يحمل صورة peppa big وقفازات مقاومة للحرارة.
والجزء المكشوف من ذراعيها بدا ناعمًا وبلونٍ فاتح كالعاج.
(م/م: هذول هم peppa pig👇🏼 اظن اغلبكم لي عندهم اطفال فلبيت يعرفهم ، طبعا في مثلي لي ماعندعم اطفال فلبيت وبيعرفوهم لا تسالونا كيف 😶🙄 )

رغم صوت المقلاة العالي، شعر هوو يانشياو في تلك اللحظة بأن الغرفة التي تقف فيها كانت أكثر الأماكن هدوءًا وسلامًا في هذا العالم الصاخب.
ظلّ يحدّق بها نصف دقيقة قبل أن يستدير ويصعد إلى الطابق العلوي.
وكأنها شعرت بوجوده، استدارت فجأة، لكنها لم ترَ أحدًا.
وعندما همّت بسكب الحساء في الوعاء، جاءها صوتٌ رجولي منخفض وعميق النغمة
“دعيني أتولى ذلك، آن آن.”
استدارت ني آن آن، فرأت هوو يانشياو وقد بدّل ملابسه إلى ملابس منزلية مريحة بلونٍ بيج قطني.
اقترب منها وبدأ بمساعدتها بخبرةٍ واضحة.
بدا أكثر لطفًا وهدوءًا بتلك الهيئة البسيطة. أحضر الطعام إلى غرفة الطعام، وجلس قبل أن يسألها بنبرةٍ جادة
“آن آن، هل شاهدتِ المؤتمر الصحفي اليوم؟”
أومأت برأسها قائلة
“نعم، شاهدته.”
قال هوو يانشياو
“سأحضر حفل عائلة تشين هذا الأسبوع. لا أعرف بعد كيف ستكون الأجواء هناك، لذا من الأفضل أن تبقي في المنزل ولا تذهبي إلى أي مكان.”
رمشت ني آن آن بعينيها وأومأت بسرعة
“مم، حسنًا، حسنًا.”
عندها، لم يتمالك هوو يانشياو نفسه فمدّ يده ليمسّد الكعكة الصغيرة أعلى رأسها بلطف.
كانت ني آن آن تفكر في ما قالته السيدة ني ذلك اليوم، فشرد ذهنها بينما كانت تعضّ على فطيرة الحساء الساخنة، وفجأة تطاير العصير منها لينثر على وجهها بالكامل.
قفزت بسرعة لتجلب بعض المناديل، لكن هوو يانشياو، الجالس في الطرف المقابل من الطاولة، كان قد التقط منديلًا بالفعل وبدأ يمسح وجهها برفق.
لم يكن يفكر كثيرًا في الأمر من قبل، لكن في تلك اللحظة شعر بحرارة خفيفة تنتقل من أطراف أصابعه عبر الطبقة الرقيقة من المنديل إلى بشرتها الناعمة.
كانت الفتاة الجالسة أمامه قد أصبحت نظيفة تمامًا، ورفعت نظرها إليه بعينيها الصافيتين وكأنها تود أن تقول شيئًا.
قالت أخيرًا
“جيجي، اليوم في منزل عائلة ني، سألتني الخالة إن كنت أرغب في البحث عن والديّ الحقيقيين.”
تجمّد هوو يانشياو لوهلة، وفهم على الفور.
كما توقع، مجرد أن يتركها هناك، سيبدأ أفراد عائلة ني في السير بهذا الاتجاه.
لكنه لم يتوقع أن يحدث الأمر بهذه السرعة.
سألها بهدوء
“آن آن، وما رأيكِ أنتِ في ذلك؟”
أجابت دون تردد
“أود أن أبحث عن والديّ الحقيقيين إن كان ذلك ممكنًا.”
ثم أضافت فجأة، وكأنها تذكرت شيئًا مهمًا
“لكنني حقًا لا أريد الزواج من تشين زيمينغ!”
قالتها بإخلاصٍ شديد، وعيناها تلمعان بالصدق وكأنها تؤدي قسمًا.
أما في أعماق نفسها، فقد أضافت سرًّا
‘جيجي، الشخص الوحيد الذي أريد الزواج منه هو أنت.’
لكنها لم تستطع أن تُفصح عن نيتها الحقيقية… على الأقل ليس الآن.
مدّت ني آن آن يدها برفق وجذبت كمّ قميص هوو يانشياو وسألته بصوتٍ خافت
“هل تصدقني يا أخي الكبير؟”
ابتسم هوو يانشياو ابتسامة خفيفة وقال
“نعم، أصدقكِ.”
ثم نظر إلى أصابعها الوردية التي كانت تمسك بكمّه وقال بصوتٍ ناعم
“كوني هادئة الآن، لنتناول العشاء أولًا.”
أومأت قائلة
“حسنًا.”
جلست وأخذت بضع لقيمات، ثم رفعت رأسها لتسأله مجددًا
“هل تؤيدني جيجي؟”
ردّ بابتسامة هادئة
“بالطبع أؤيدك، ولهذا وافقتُ أن تذهبي إلى عائلة ني آن آن، المكان هناك آمن.”
تذكّرت ني آن آن نهاية هوو يانشياو في الرواية الأصلية، فشعرت بالقلق يتسلل إلى قلبها من جديد
“جيجي، نحن لا نهتم حقًا بما تملكه عائلة تشين…”
قاطعها بهدوء مطمئنًا
“مم، لا تقلقي، أنا أسيطر على الوضع.”
مرّ كل شيء بشكل طبيعي في اليومين التاليين.
وعندما جاء يوم الخميس، وقبل أن تتوجه ني آن آن إلى منزل عائلة ني، تلقت اتصالًا من السيدة ني.
أجابتها بارتباك، فجاءها الصوت المتأثر من الطرف الآخر
“آن آن، هناك أمر أريد أن أخبركِ به!”
ولم تنتظر السيدة ني ردها، بل تابعت بسرعة
“في الحقيقة، كان لديّ أنا ووالد ني ابنة… لكننا فقدناها في حريق قبل ثمانية عشر عامًا. في ذلك اليوم، احترقت طفلة أخرى وكنا نظن أنها ابنتنا…”
في تلك اللحظة، أدركت ني آن آن ما كانت السيدة ني تحاول قوله.
لم تكن متأكدة إن كانت السيدة ني قد انتظرت يومين لتخلق هذا المشهد الدرامي، أم أنها اكتشفت الأمر للتوّ فعلاً، لكنها قررت مجاراتها قائلة بلطف
“وماذا حدث بعد ذلك يا خالة؟”
تابعت السيدة ني بصوتٍ حزين
“لقد كنا حزينين طوال تلك السنوات. تمنينا لو كانت ابنتنا لا تزال على قيد الحياة… لكن للأسف…”
ثم غيّرت نبرة حديثها فجأة قائلة
“هل تذكرين الشعرات التي أعطيتِنا إياها؟ لقد أجرينا فحوصات في عدة بنوك حمض نووي ولم نجد شيئًا، فقررنا مقارنة العينة بعيناتنا نحن… وكانت النتيجة متطابقة!”
ختمت بلهفةٍ ممزوجة بالعاطفة
“أتدرين ما معنى هذا؟ أنتِ ابنتنا! آن آن، أنتِ ابنتنا التي ضاعت منذ زمن!”
قالت كل ذلك دفعة واحدة، ثم وضعت يدها على صدرها تحاول تهدئة أنفاسها.
وبجانبها، أشار السيد ني لها بإبهامه مشيدًا بأدائها، تمثيل رائع!
لكن رغم ذلك، عندما سمعت السيدة ني صوت أنفاس ني آن آن الهادئة عبر الهاتف، شعرت بالتوتر من جديد دون أن تعرف السبب.
أما ني آن آن، التي كانت تعرف الحقيقة منذ البداية، فلم تعرف كيف تتصرف أو ماذا تقول فهي لم تكن الفتاة الأصلية، بل دخيلة على هذا العالم، رحّالة عبر الزمن لا تمتلك مشاعر تلك الابنة التي يتحدثون عنها.
فجأة، خطرت في ذهن ني آن آن أغنية سمعتها من قبل
“لم أكن أعلم متى يجب أن أتصرف كما ينبغي، فأجبرت من أحببته أكثر على التظاهر معي…”
شعرت بالارتباك، ففركت الكعكة الصغيرة فوق رأسها بعصبية وهي تحاول أن تُخرج من فمها أكثر تعبير مفاجأة ممكن قائلة
“آه!”
نادتها السيدة ني مرة أخرى بصوتٍ متردد
“آن آن؟”
ارتبكت ني آن آن أكثر، فأطلقت “آه” أخرى مرتبكة ثم تمتمت بتلعثم واضح
“إذًا… هذا يعني أنني… أنني وجدت والديّ؟”
ردّت السيدة ني بانفعالٍ شديد
“نعم يا آن آن! لقد وجدتِهما أخيرًا!”
قالت ني آن آن وهي تواصل فرك شعرها حتى تحوّلت كعكتها إلى ما يشبه عشّ دجاجة
“إذًا أنا…”
لكنها لم تعرف ماذا تقول بعدها.
تابعت السيدة ني بحماس
“آن آن، لقد أرسلت أخاكِ ليأخذكِ الآن، إنه في طريقه إليك، ولن يستغرق وقتًا طويلًا.”
سألتها ني آن آن بدهشة
“أخي؟”
“نعم، تشينغ فنغ قال إنه سيصل خلال عشر دقائق أو نحو ذلك.”
ثم أضافت مبتسمة
“يا له من محظوظ! لم يمضِ سوى لحظات على اكتشافنا أنكِ ابنتنا، ويحظى بشرف الذهاب لإحضارك!”
شعرت ني آن آن بالارتياح لأن تمثيلها السيئ لم يُكشف، فابتسمت قائلة
“حسنًا!”
في الحقيقة، كانت تحب السيدة ني والسيد ني حقًا فقد أبديا اهتمامًا صادقًا بها، لكن الأمر احتاج إلى بعض الوقت حتى تشعر بأنها جزءٌ فعلي من هذه العائلة.
وبما أن السيدة ني لم تتوقع منها أن تغيّر طريقة مخاطبتها بعد، أنهتا المكالمة بعد تبادل بضع كلماتٍ إضافية.
وضعت ني آن آن هاتفها جانبًا، ولم تكن قد رتّبت شعرها الفوضوي بعد عندما رنّ جرس الباب.
ركضت نحو الباب ونظرت من خلال ثقب العين، فرأت ني تشينغ فنغ واقفًا بالخارج.
فتحت الباب، وتبادلا النظرات لثوانٍ قليلة، ثم انحنى ني تشينغ فنغ قليلًا حتى أصبح على مستوى عينيها، ورفع حاجبيه مبتسمًا وهو يقول
“هيا يا آن آن، عودي إلى البيت مع أخيك الحقيقي.”
لم تكن ني آن آن قد بدّلت حذاءها بعد، لكن رؤية ني تشينغ فنغ بهذه الطريقة جعلتها تتراجع خطوتين إلى الوراء بحذر.
ابتسم ني تشينغ فنغ أكثر، ابتسامة واسعة تُشبه ابتسامة الذئب الشرير، وقال بنبرة فيها مكر
“آن آن، أنا حقًا أخوك الحقيقي، مئة بالمئة! أقرب إليك بكثير من ذلك الرجل هوو يانشياو!”
في الآونة الأخيرة، لم يكن ني تشينغ فنغ راضيًا عن هوو يانشياو، خصوصًا بعد خسارته أمام شركة هوو في مناقصة مشروع HG قبل يومين.
وفوق ذلك، كان لا يزال يتذكر كيف كانت ني آن آن تحضّر طعامًا خاصًا لهو يانشياو أثناء عرض البرنامج، والآن بعدما اكتشف أنها أخته الحقيقية، ورأى كيف ابتعدت عنه خطواتٍ للخلف، ازداد ضيقه منه أكثر.
قالت ني آن آن بسرعة محاولة إصلاح الموقف
“أمهلني دقيقة واحدة.”
ثم جلست على مقعدٍ صغير لترتدي حذاءها وتعيد لفّ شعرها إلى كعكة مرتّبة من جديد قبل أن تقول بابتسامة خفيفة
“حسنًا، لنذهب يا أخي فنغ.”
عبس ني تشينغ فنغ قليلًا عندما سمعها تناديه بذلك.
هذا اللقب بدا سيئًا… تقريبًا وكأنها تناديه الأخ المجنون .
(ملاحظة المترجم الاجنبي: كلمة “فنغ” تُشبه في الصينية نطق كلمة “مجنون”).
قال متذمرًا
“أنتِ تنادين هوو يانشياو بـأخي الكبير، فلماذا تضيفين كلمة أخرى عندما تنادينني أنا؟”
ثم مدّ يده ليقرص الكعكة الصغيرة فوق رأسها وقال بلهجةٍ ساخرة
“هل أنتِ فتاة حمقاء لا تعرفين من الأقرب إليك؟”
توقفت ني آن آن فجأة عن السير ونظرت إلى الرجل الطويل الواقف بجانبها.
كان قد أعاد ارتداء نظارته الشمسية، وبقميصه المفكوك قليلاً وسرواله الرسمي بدا وكأنه في طريقه إلى جلسة تصوير لمجلة رجال الأعمال.
لكن في نظرها، كان يبدو متصنعًا أكثر من كونه أنيقًا.
رفعت رأسها نحوه وقد انتفخت وجنتاها من الغضب وقالت بحدة طفولية
التعليقات لهذا الفصل " 33"