في نزل يوي لاي، لم يكن جي يونتشوان سريع الإنجاز مثل ني آن آن، لذلك لم يكن العشاء جاهزًا بعد.
ونتيجة لذلك، كان الضيوف يلعبون ألعابًا تفاعلية في بهو النُزل.
كانت اللعبة الغنائية حيث يجب على كل مشارك أن يُكمل الغناء من حيث توقّف الشخص الذي قبله.
وبشكلٍ واضح، لم يكن الرئيس الكبير هوو يانشياو يعرف أيا من الأغاني الحديثة.
اتكأ على كرسي خشبي بكسلٍ وأناقة، وعيناه تلمعان بنظرةٍ عميقة بعيدة، لا تظهر أي نية للمشاركة.
لكن طاقم التصوير لم يكن ليدعه يفلت بسهولة.
في كل مرة يحين فيها دوره، كان المصوّر يتهلل حماسًا ويوجه الكاميرا نحوه من كل زاوية ممكنة.
في تلك اللحظة، كان فنغ وي يُغني
“رأيت الحزن في عينيك، لكنني لم أجد كلماتٍ تواسيك… قلت إنك ستتركني مبتسمًا، ووعدت ألّا توقفني حين أرحل…”
تم تخفيف شروط اللعبة كثيرًا، فكل ما كان على هوو يانشياو فعله هو أن يغني سطرًا من أي أغنية تحتوي على كلمة أرحل.
لكن كل ما فعله أنه نظر إلى الكاميرا ببرود وقال بهدوء
“لا أعرف.”
المصوّر تجمّد في مكانه، ثم قال في نفسه
‘كما تشاء يا رجل!’
لقد كان هذا أكثر ضيفٍ عنيد مرّ عليه خلال أكثر من عشر سنوات من عمله في هذا المجال.
لم يكن أي من الضيوف أو أفراد الطاقم يفهم حقًا سبب موافقة هوو يانشياو على الظهور في هذا البرنامج كضيفٍ سري.
ومع ذلك، بدا أنه لا يشعر بأي ضغط على الإطلاق.
وبما أنه لا يعرف أي أغنية، فقد صبّ لنفسه كأسًا من النبيذ وبدأ يحتسيه ببطء.
كانت هيبته الطاغية تشعّ من كل حركة يقوم بها.
ورغم أنه يجلس على كرسي خشبي بسيط، إلا أن حضوره جعل المكان يبدو وكأن الهدف من الحدث كله هو أن يجلس هناك بهدوء يشاهد عرضا طفوليا.
أما في البث المباشر، فقد انفجرت التعليقات على الشاشة
“أوووووه! أريد أن أذهب لرؤية هوو جيجي في نزل يون لاي!! لكن عيد ميلاد جدتي يوم الأحد، وإذا تغيبت ستقتلني الإمبراطورة!”
“هاهاها! لا تقلقي، لن تستطيعي الذهاب، لكني سأذهب بدلًا عنك! لقد سمعت لتوي صوت هوو جيجي، ليس فقط وسيمًا، بل حتى طريقته في قول لا أعرف مثالية! يا إلهي، وقعت في حبه!”
“بالضبط! بالضبط! لقد قال هوو جيجي اليوم ما مجموعه 38 كلمة فقط! بخلاف التحية وحديثه مع آن آن مييمي، كل ما قاله كان (لا أعرف، لا أعرف، لا أعرف)… كم هو لطيف بشكلٍ لا يُحتمل!”
“هوو جيجب، أتوسل إليك أن تقول (لا أعرف) بضع مراتٍ أخرى، سأحتضن التسجيل الصوتي لك وأنام بسلام الليلة!”
“لصاحب التعليق السابق ألا تريد أن تسمعه يغني؟”
“لا لا لا! يكفيني أن يقول (لا أعرف) لأصاب بنزيفٍ من أنفي! لو بدأ يغني فعلًا فسأموت من فرط الجمال!”
وبينما كانت التعليقات تتوالى في صخبٍ على البث، دلف شخص إلى النُزل.
كانت ني آن آن، وما إن دخلت حتى وقعت عيناها على هوو يانشياو الجالس هناك يحتسي النبيذ بهدوء لا مبالٍ، ومع ذلك يبدو وكأنه السيد الحقيقي للمكان.
لاحظها المصوّر فورًا، فأضاءت عيناه حماسة، آملاً أن يلتقط مشهدًا لطيفًا غير متوقع، وسرعان ما وجّه الكاميرا نحوها.
كانت ني آن آن تحمل صندوقًا صغيرًا بين يديها.
ابتسمت بأدب لبقية الضيوف، ثم خطت بخفة نحو هوو يانشياو، وضعت الصندوق على الطاولة أمامه وقالت بلطف
“جيجي، صنعت هذا خصيصًا لك! لا ينبغي أن تشرب على معدةٍ فارغة، سيؤذي ذلك معدتك!”
كانت قد أدركت منذ فترة قصيرة أن هوو يانشياو على الأرجح لن يشارك كثيرًا مع الضيوف الآخرين، وبالتالي سيكون هو من يتعرض للعقوبات في معظم الأحيان.
وبما أن أحدًا لن يجرؤ على المزاح معه، فمن المؤكد أن العقوبة ستكون الشرب.
فتحت ني آن آن الصندوق، وداخله أربعة فطائر كريستالية جميلة متطابقة تمامًا في الحجم والطيات والانحناءات.
قالت وهي تشير إليها واحدة تلو الأخرى
“جيجي، هذه محشوة بالروبيان، وهي المفضلة لديك، وهذه بحشوة الكاسترد دون سكر، أما هذه فمحشوة بلحم السلطعون، والأخيرة بلحم البقر والكرفس.”
ساد الصمت.
الضيوف “……”
المصوّر “……”
وفجأة، دوّى صوت ابتلاع جماعي في البهو.
حين قدّمت ني آن آن منديلاً مبللاً لهو يانشياو، رفع الرجل يده ذات المفاصل البارزة ومسحها برشاقة، ثم التقط فطيرة السلطعون المالحة وتناول قضمة منها.
في تلك اللحظة، ابتلع جميع من في البهو وكذلك كل المشاهدين في البث المباشر ريقهم بشكل غريزي.
كانت حركات هوو يانشياو أنيقة، لكنها لم تكن بطيئة.
أنهى فطيرته بسرعة، ثم رفع نظره، وقد امتزجت اللامبالاة في عينيه بوميضٍ رقيق وقال بهدوء
“شكرًا لكِ، آن آن.”
وبينما كان يقول ذلك، مد يده النظيفة الأخرى وربّت بلطف على يد ني آن آن.
فورًا، انفجر البث المباشر بالجنون.
“يا إلهي! يا إلهي! لمسة هوو جيجي كانت مثالية تمامًا! أعتقد أنني سأموت!”
“أريد أن أكون يد آن آن!”
“أشعر أن وطني مدين لي بـ هوو جيجي!”
“همسًا… لصاحب التعليق السابق هل تعرف كيف تصنع الفطائر؟ هل يمكنك إعداد أربع فطائر متطابقة الشكل بمكونات مختلفة؟ إن لم تستطع، فالتحق بمدرسة الشرق الأقصى للطهو، تعلم المهارة، واصطد لنفسك أخًا وسيمًا!”
(م/م: دا اخونا مصر فكل فرصة يعلن عن المدرسة الخاصة به😂 “
“يا إلهي! لماذا أرى إعلانات تسويقية صلبة في كل بث أدخله؟!”
نسي الجميع في البهو أمر اللعبة الغنائية تمامًا. حتى المصوّر وجّه عدسته بالكامل نحو هوو يانشياو.
تحوّل البث من لعبة تفاعلية إلى عرض مباشر لمشهد هوو يانشياو يتناول الفطائر.
لكن هذا الرئيس لم يتأثر بأي ضغط.
حتى تحت نظرات الجميع، بدا مرتاحًا تمامًا، يواصل الأكل على مهل وكأنه يتمدد على شاطئٍ في عطلة.
جلست ني آن آن بجانبه، تراقبه في صمتٍ بينما تميل برفق نحو الطاولة.
كان أخوها وسيمًا للغاية خاصة عندما كانت تفاحة آدم لديه تتحرك صعودًا وهبوطًا أثناء البلع.
بدا في تلك اللحظة صارمًا وجذابًا في آنٍ واحد.
لكن للأسف… لماذا لا يزال يعاملها كطفلة صغيرة؟
كان عليها أن تجد طريقة لتغيير الصورة التي في ذهنه عن عمرها العقلي!
ورغم أن ني آن آن كانت تخطط في رأسها، إلا أنها ظلت تنظر إليه بخضوع، بعينيها الواسعتين المضيئتين، تشبه قطة صغيرة تراقب صاحبها وهو يأكل.
بشكلٍ غريزي، مد يده وربّت على شعرها، كما لو أنه يربّت على فراء قطة ناعمة.
وأخيرًا، أنهى هوو يانشياو أكل الفطائر الأربع جميعها تحت أنظار الجميع، بينما كان جي يونتشوان قد انتهى أخيرًا من إعداد العشاء.
وبعد أن شاهدوا هوو يانشياو يأكل بشهية، شعر الجميع فجأة أن طعام جي يونتشوان يبدو أكثر لذة، وتمكنت ني آن آن من رؤية مشهد تنافسٍ على الطعام للمرة الأولى.
بعد العشاء، خرج هوو يانشياو وني آن آن في نزهةٍ قصيرة عبر البلدة.
كانت البلدة بطابعٍ عتيق، ولأن الموسم السياحي لم ينتهِ بعد، فقد امتلأت الشوارع بالزوار في الليلة ذات الطقس المعتدل.
وعلى الطريق الحجري المسطح، ما إن خطت ني آن آن بضع خطوات حتى تعثرت قليلًا.
في اللحظة نفسها، مد الرجل يده بسرعة وأمسك بها ليمنعها من السقوط.
نظرت إليه وعضّت شفتها وقالت بنبرةٍ رقيقة
“أخي الكبير، السير في هذه الشوارع صعب فعلًا.”
لم يخطر ببال هوو يانشياو أنها كانت تمشي تمامًا بشكل طبيعي في فترة الظهيرة عندما عادت من التسوق.
بل مد يده، أمسك بيدها وقال بهدوء
“أنتِ محقة، كوني أكثر حذرًا.”
كانت يده عريضة ودافئة، وما إن أحاطت بيدها الصغيرة حتى شعرت ني آن آن وكأن جسدها كله غارق في دفءٍ شامل.
ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها، لكنها حرصت على ألا يراها.
أما هوو يانشياو، فقد شعر للحظةٍ بإحساسٍ غريبٍ يتسلل إلى قلبه عندما أمسك يدها
كانت يدها ناعمة وصغيرة، كأنه يمسك بقطعةٍ من السحاب.
تابعا سيرهما عبر الشوارع القديمة التي تصطف فيها الفوانيس من الجانبين، وكأن الزمن نفسه قد تباطأ.
التعليقات لهذا الفصل " 21"