كان الجميع يتناولون الغداء داخل النُزل عندما دخل ني تشنغ فنغ بابتسامته الواسعة المشرقة، قائلاً
“يبدو أنني وصلت في الوقت المناسب تمامًا.”
على الفور، وجه المصور الكاميرا نحوه، فيما رفع الضيوف رؤوسهم عن الطاولة وحيوه بابتسامات سريعة، ثم عادوا مباشرة إلى تناول طعامهم بنهم وكأنهم سجناء أفرج عنهم لتوهم ولم يأكلوا منذ أيام.
ارتعشت حاجبا ني تشنغ فنغ بدهشة أين الترحيب الكبير الذي وعِد به؟
أين معاملة الضيف السري المميزة؟
لحسن الحظ، لوحت له لي مانغِه من أحد الجوانب وقال:
“تشنغ فنغ غي، تعال إلى هنا، لقد جهزت لك مكانك.”
جلس في مقعده أخيرًا، لكنه لم يستطع كبح فضوله فسأل
“ألَم تتناولوا الإفطار بعد؟”
أجابه فِـنغ وي وهو يناوله عيدان الأكل ووعاء الأرز
“بل فعلنا، لكن إن لم تُسرع، فلن يبقى لك شيء. تعودنا على هذا الوضع في الأيام الماضية، يا أستاذ ني، لا تكن خجولاً عندما يُقدَّم الطعام.”
أومأ ني تشنغ فنغ وهو ما يزال تملؤه علامات الاستفهام، ثم أخذ يتفحّص الوجوه حول الطاولة حتى وقعت عيناه على ني آن آن وتشين زي يي.
كانت زي يي عادة لا ترفع بصرها عنه كلما رآها، أما اليوم فكانت منشغلة تماما بتوزيع الأرز في الأطباق ولم تلاحظ حتى وجوده.
بينما جلست ني آن آن برقة على جانب الطاولة، وقد ناولتها تشن يان شو وعاءً من الأرز شاكرةً لها بابتسامةٍ لطيفة.
لم يستفق ني تشنغ فنغ من دهشته حتى دوّى صوت أحدهم قائلاً
“لنبدأ!”
وما إن أنهى كلامه حتى رأى جميع الحاضرين باستثناء لي مانغِه وني آن آن ينقضّون على الطعام كمن يخوض معركة!
قال في نفسه مذهولًا ‘ هل أنا في برنامج لتحديات الأكل؟!’
اقتربت لي مانغِه منه وهمست بتحذيرٍ لطيف
“تشنغ فنغ غي، لا تتردد، إن لم تُسرع فلن يبقى لك شيء!”
ابتسم بخفة، ثم تناول قطعة من لحم البقر بالفلفل الأسود ووضعها في فمه.
تجمَّد تعبير وجهه لثانيةٍ قبل أن يبتلع اللقمة، وسأل باندهاش
“من الذي صنع هذا الطبق؟ لمَ هو لذيذ بهذا الشكل؟”
أجابته تشانغ تشو يوي من الجهة المقابلة
“إنها آن آن، أخصائية التغذية في نُزلنا. هل ترى هذا الازدحام الكبير يا أستاذ ني؟ إنه كله بفضل طبخها!”
كان يعرف حقيقتها جيدًا قد لا يربطها الآخرون بـ هوو يان شياو، لكنه كان يعلم تمامًا أنها هي تلك الفتاة نفسها بعد أن أزالت وشومها القديمة.
إذًا، هذا يعني أن هوو يان شياو يتذوّق طعامًا بهذا المستوى كل يوم؟
شعر بوخزة غيرة خفيفة في صدره.
لكن لم يطل به التفكير، فكما قالوا إن لم يُسرع، فلن يبقى شيء!
(م/م: حاسة نفسي اني اشاهد برنامج رانينغ مان الكوري و الصيني ههه )
وبعد الغداء، استسلم الجميع للكسل متكئين على كراسيهم وهم يربّتون على بطونهم الممتلئة.
قاست تشن يان شو خصرها وتنهدت قائلة إنها لن تستطيع تناول أي شيء آخر في الوجبة القادمة، فلو أكلت أكثر فلن تناسبها أزياؤها القتالية في العمل.
أما فِـنغ وي فقال مازحًا إن معجبيه هدّدوه بأنهم سيتوقفون عن متابعته إن ازداد وزنه أكثر.
ضحكت ني آن آن وقالت بلطف
“لا تقلقوا، سأعدّ لكم غدًا وجبة خاصة لفقدان الوزن. مهما أكلتم، لن تكسبوا غرامًا واحدًا!”
عندها، أشرقت وجوههم بالحماس ونُسيت كل القرارات السابقة فورًا.
كان دور لي مانغِه في غسل الأطباق اليوم، فنهضت متجهة نحو المطبخ بينما تبعها ني تشنغ فنغ.
قال لها وهو يدخل خلفها
“زي مينغ جاء معي اليوم. كان يريد الدخول لإلقاء التحية، لكن المكان كان مزدحمًا جدًا فلم يستطع الدخول.”
أومأت لي مانغِه وهي ترتّب الصحون
“نعم، أعلم. هذا كله بسبب طبخ آن آن اللذيذ جدًا. النُّزل مزدحم هكذا منذ أيام.”
سألها بابتسامة غامضة
“ألا تتذكرين آن آن؟”
توقفت لبرهة ونظرت إليه باستغراب
“ماذا تعني؟”
أدرك أنها لا تتصنّع، فابتسم وقال
“لا شيء، يبدو أنني كنت مخطئًا فحسب.”
بعد مغادرة ني تشنغ فنغ، جلست لي مانغِه تفكر مليًّا فيما قاله.
وفجأة، تذكرت ما قالته تشين زي يي من قبل عن أن هوو يان شياو أحضر فتاة معه إلى آخر حفلة عشاء.
وتذكرت أيضًا ني آن آن أخت هوو يان شياو تلك الفتاة التي كانت تلاحق حبيبها آنذاك بجنون وتفعل المستحيل من أجله.
والآن هناك ني آن آن أخرى، مرتبطة أيضًا بـ هوو يان شياو بطريقةٍ ما؟
هل يمكن أن تكون الاثنتان في الواقع الشخص نفسه؟
أنهت لي مانغِه غسل الأطباق وذهبت تبحث عن تشين زي يي، ودعتها إلى مكتب المحاسبة بحجة مراجعة الدفاتر.
وما إن أغلقت الباب خلفهما حتى سألتها مباشرة
“شياو يي، ما العلاقة بين عضوة طاقمنا ني آن آن وهوو يان شياو؟”
أجابت زي يي بعينين تلمعان بالإعجاب
“قالت إنها أخت شياو.”
تجعد جبين لي مانغِه قليلًا وهي تقول
“ومتى أصبحتِ قريبةً إلى هذا الحد من هوو يان شياو؟”
ضحكت زي يي بثقة وقالت وهي تحدق في الأفق كأنها ترى المستقبل
“سأكون قريبة منه قريبًا جدًا. بعد انتهاء البرنامج سأذهب لتناول العشاء في منزلهم، وبعدها سنصبح على معرفة وثيقة.”
التقطت لي مانغِه النقطة الأهم فورًا وقالت
“إذًا، آن آن التي معنا في البرنامج هي نفسها ني آن آن، أخت هوو يان شياو.”
توسعت عينا زي يي بدهشة وقالت بعدم تصديق
“هاه؟ مستحيل! كيف تكون هي نفسها تلك الفتاة العنيفة ني آن آن؟ لا بد أن الأمر مجرد تشابه أسماء.
ربما كل أخوات شياو يُدعين آن آن!”
نظرت لي مانغِه إلى ملامح زي يي الساذجة، فأدركت أنه لا فائدة من الاستمرار بالسؤال، وبدأت تتظاهر بتفقد دفاتر الحسابات.
كان اليوم مليئًا بالأنشطة التفاعلية بمناسبة ظهور الضيوف السريين، لكن ني آن آن لم تُبدِ أي اهتمام؛ فقد بدأت تشعر بالإرهاق.
فنجاح النُزل كان يفوق التوقعات، والطلبات لم تتوقف، وحتى مع كفاءتها العالية، لم تستطع إنكار تعبها.
بعد الغداء، عادت إلى غرفتها وأخذت قيلولة قصيرة.
لكن ني آن آن لم تكن تعلم أنه بينما كانت نائمة، انتشر الخبر بالفعل على الإنترنت
[انكشاف هوية أخصائية التغذية في “نُزل الميدالية الذهبية”! آن آن هي في الواقع ني آن آن شاهِدوا صورها قبل وبعد إزالة وشومها، واكتشفوا قصتها حين كانت تلاحق وريث عائلة تشين…]
وفي تطبيق وي تشات، وخلال ليلةٍ واحدة فقط، أصبحت مواضيع ني آن آن على رأس قوائم البحث.
فمن بين أعلى 20 موضوعًا متداولًا، كان 4 من أصل 5 تتحدث عنها.
وزاد الأمر سوءًا عندما بدأ كبار المدونين بنشر صورها القديمة، حيث بدت بوشومها الشيطانية النسر الأسود على وجهها وملابسها الجريئة التي كانت تُصيب العين بالتعب من فرط ألوانها.
لكن أبشع ما أعيد تداوله كان صورها وهي تقف أمام مقرّ عائلة تشين بملابسها الفاضحة منتظرة تشين زي مينغ؛ مشهد وُصف بأنه مرعب.
ولم يتوقف الفضول عند ذلك بل نشر البعض صورها يوم ذهبت لإزالة وشومها.
في الصورة، كان وجهها محمرًّا قليلاً، لكنها بدت فتاة هادئة وجميلة، مختلفة تمامًا عن صورتها السابقة.
ومع وجود مقاطع فيديو لها أثناء ذهابها مع كيوكَمبَر إلى موقع انتحار السيد تشن الصغير، اكتملت الأدلة ضدها.
ثم اكتشف الناس أن تشين زي مينغ هو أحد الضيوف السريين في البرنامج، فاستنتج الجمهور أن ني آن آن انضمت إلى نُزل الميدالية الذهبية لملاحقته من جديد!
لكنهم اتفقوا على أمر واحد
“لا بد أنها استأجرت فريق خبراءٍ بكامله! فكيف تغيّرت بهذه السرعة؟!”
وبما أن طاقم التصوير لا يُسمح له بحمل الهواتف أثناء التصوير، لم يكن أي من أعضاء البرنامج على علمٍ بما يجري على الإنترنت.
الوحيدان اللذان كانا على اطلاعٍ هما المخرج وبعض أفراد الطاقم، بالإضافة إلى الضيفين السريين اللذين احتفظا بهاتفيهما.
كان تشين زي مينغ يقرأ المنشورات بصمتٍ، وكلما تذكّر نظراته الإضافية التي منحها لـ ني آن آن في الأيام الماضية بسبب طبخها اللذيذ، شعر باشمئزازٍ غامض من نفسه.
وفي اليوم الأخير من التصوير، عاد الجميع إلى العاصمة في رحلة بعد الظهر.
لكن ما إن دخلت ني آن آن ردهة الفندق عبر الممر، حتى أحاط بها عدد كبير من الصحفيين من كل جانب.
التعليقات لهذا الفصل " 11"