آرجين لم تفقد ابتسامتها ولو للحظة، استدارت برشاقة. في اللحظة التي سمعت فيها الصوت، استدعت ذاكرتها فورًا صاحب ذلك الصوت.
ذلك الوغد البغيض.
‘كنت أنتظر متى ستظهر.’
“مرحبًا، بوريس.”
ظهر فتى بشعر أحمر فاقع، يدعى بوريس غاروش، برفقة أربعة أو خمسة من أصدقائه.
“آرجين، هل تعتقدين أن الجائزة تُمنح لمن ينسحب من المسابقة أولًا؟ كما فعل دانيال العام الماضي؟”
كان أسوأ مما تذكرته، وحتى أسلوب حديثه كان مزعجًا بلا شك.
“يا رجل، ألا تخجل من نبش الجروح؟”
تفجرت ضحكات صاخبة من حوله.
وجه أوليفر، الذي كان يقف بجانبها، احمر خجلًا وغضبًا في آن واحد.
ولكن آرجين لم ترفع حاجبًا واحدًا.
“كنت أظنكِ ستدعين أنكِ أضعتِ الطريق وتتهربين من الحضور.”
ضحك بوريس كاشفًا عن أسنانه، ولم يبدو أنه ينوي إخفاء حقيقة ما ارتكبه.
مجرد التفكير في أن خطتها الكبرى كادت أن تنهار بسببه جعل الغضب يشدّ رأسها.
لكنها ردت بابتسامة.
“حقًا، كاد ذلك يحدث. تصادف أن أحدهم خرّب الطريق.”
ربما لم تكن تلك الإجابة متوقعة، إذ قطب بوريس حاجبيه على الفور.
“لهذا جمعت أدلة. سأرفع شكوى لدائرة تنظيم مسابقات الصيد الملكية.”
في الحقيقة، الأدلة التي جمعتها لم تكن كافية للإشارة إلى الجاني بشكل قاطع.
لكن بما أنها غير مفيدة عمليًا، فكرت في استخدامها للتهديد فقط.
لحسن الحظ، يبدو أن خطتها نجحت؛ إذ احمرّ وجه بوريس في الحال عندما ابتسمت آرجين بوضوح وقالت ذلك.
اقترب منها خطوة ليقلص المسافة بينهما، مهددًا بنبرة غاضبة.
“لو فعلتِ ذلك حقًا، فاستعدي لما سيحدث لكِ في مسابقة الصيد.”
لم ترمش آرجين حتى.
“حقًا؟ وماذا سيحدث لي؟”
“لست متأكدًا، ربما تموتين فور دخولكِ بسبب قوتكِ السحرية الضئيلة. أو ربما تسقطين عن حصانكِ مثل أخيكِ وتكسرين كاحلكِ.”
لم يتغير وجه آرجين الهادئ، لكن نبرته وهو يستذكر الماضي أصبحت أكثر حدة. وفجأة أمسك معصمها وجذبها نحوه.
تظاهرت آرجين بأنها فقدت توازنها وتمايلت عمدًا، مما جعل تعابير وجه بوريس تتغير بشكل غريب.
وكأنه يريد أن يبدو بريئًا، أسرع لدعمها ثم رفع يديه في وضعية استسلام.
ربما كان هدفه اختبار دوائرها السحرية بحركة عشوائية ليظهر وكأن الأمر مجرد صدفة.
‘الآن بعد أن رأى حال دوائري السحرية، سيشعر بالنشوة.’
وكما توقعت، ارتسمت علامات الانتصار الواضحة على وجهه.
“تتحدثين عن الفوز؟ من الواضح أنكِ ستبكين وتنسحبين من المسابقة دون أن تصطادي خنزيرًا بريًا واحدًا.”
“حسنًا، ربما يكون صعبًا. خصوصًا أنني سأفوز بشيء لم تستطع أنت تحقيقه، بوريس…”
بدلًا من الخوف، ضمت آرجين يديها إلى صدرها بخفة، وأسقطت حاجبيها بحزن مصطنع. ثم امتدت يدها وربتت على كتفه وكأنها تواسيه.
بالرغم من غروره، كان بوريس قد احتل المركز الثاني قبل أربع سنوات في مسابقة الصيد بسبب نقص التركيز في اللحظات الأخيرة.
وكانت تلك الجملة بمثابة ضربة مباشرة، إذ انكمش وجهه بشكل لم يكن بالإمكان تشويهه أكثر.
“ومن السبب في ذلك…؟!”
” هل تقصد أخي؟”
“…”
“غريب، كيف يمكن لأخي الذي لا يملك أي قوة أو مهارة أن يعيق طريقك؟”
ابتسمت آرجين برفع زاوية شفتيها قليلاً.
اقتربت بخفة ووقفت على أطراف أصابعها لتهمس له:
“كما تعلم، أخي دانيال شعر بالخجل وقال للناس إنه سقط من فوق جرف، لكن ما حدث فعليًا هو أنه سقط عن حصانه. يا ترى، كيف عرف بوريس عن تلك التفاصيل؟”
“اصمتي!”
صرخ بوريس فجأة بصوت جعل من حوله ينظرون بدهشة.
لكن الابتسامة ظلت على وجه آرجين، لم تتغير.
“غدًا، لنرى إن كنتِ ستصطادين حتى وحشًا واحدًا!”
احمرّ وجه بوريس كليًا، وخرج مع أصدقائه وكأنه يهرب.
“كما توقعت.”
كانت كلماتها عن أخيها دانيال كذبة.
لم يكن ليخبرها بأي تفاصيل عن الحادثة.
“كل ما قاله هو أن أتجنب بوريس.”
لكن ردة فعله كشفت أن بوريس كان له يد في الحادث.
“على أي حال، لقد انتقمت لأجلك، أيها الأخ الأحمق.”
نفضت آرجين يديها وكأنها تزيل أثر السحر عنهما.
لم تكن آرجين من النوع الذي يقف مكتوف الأيدي عند تعرضه للظلم.
عندما تظاهرت سابقًا بفقدان التوازن، استغلت لحظة اقتراب بوريس لدعمها ولامست عن قصد سوار معصمه كما لو كان ذلك عن غير قصد.
في تلك اللحظة، استجمعت طاقتها السحرية على أطراف أصابعها وتركت أثرًا منها على السوار عمدًا.
‘بما أن هذا السحر دقيق، فحتى تدخل طاقة بسيطة قد يسبب خللاً فيه بسهولة.’
مع صدور صوت “تكسر”، لم يكن غريبًا أن يكون الحجر السحري في السوار قد تحطم.
‘إذا لم يلاحظ الضرر، فسيكون هذا تقصيره في الحفاظ على ممتلكاته.’
إذا سارت الأمور كما خططت، فسيكون الفوز حليف آرجين.
حتى أنها فكرت بسخرية: ‘يجب أن يشكرني على مساعدته في إيجاد عذر لعدم فوزه!’
في تلك الليلة، خرجت آرجين من خيمتها، حاملةً قوسها وحقيبة السهام.
رغم تدريبها المكثف طوال الشهر الماضي، لم يسبق لها رؤية وحش سحري حقيقي من قبل. أرادت اختبار قدراتها في القتال العملي قبل بدء المسابقة.
كانت تعلم أن المنطقة المحيطة بالخيم تحتوي على مخلوقات الغابة ووحوش سحرية من المستويات الدنيا فقط، لذا رأت أن اصطياد واحد أو اثنين للتدريب لن يكون فكرة سيئة.
أخذت تتحرك بين الخيام بحذر، محاولَةً تفادي أي اكتشاف.
“إذن، هل تقول حقًا إنك لم تفعل شيئًا؟”
سمعت صوتًا غاضبًا من خلف إحدى الخيام.
“بوريس؟”
توقفت آرجين على الفور، واختبأت خلف الخيمة.
نظرت بحذر ورأت رأس بوريس الأحمر المميز يقف مقابل صبي آخر.
“ما هذا؟”
كان الشخص الآخر هو إيان فيرنانديز.
حتى في الظلام، كان وجهه البارد يبرز بفضل ضوء المصابيح القريبة.
ذلك الوجه الجامد الذي بدا كجدارية لا تحمل أي مشاعر.
كانت نظراته حادة، كما لو كان يحسب المكاسب والخسائر.
“لا أفهم ما الذي تتحدث عنه.”
ضحك بوريس بسخرية واضحة.
“من غيرك يمكن أن يفعل هذا؟ ألم تكن تشكو من ضغط دوقك لتحقيق النجاح؟ أليس هذا سببًا كافيًا لإزاحة المنافسين؟”
كان بوريس يحمل سوارًا أحمر مقطوعًا في يده، وبدا كما لو كان يشعر بظلم شديد.
“كم هذا… مؤسف بالنسبة له.”
لكن آرجين أدركت من الموقف أن بوريس أخطأ تمامًا في تحديد الجاني.
“بالطبع، لن يخطر بباله أبدًا أنني أنا من فعل ذلك.”
ويبدو أن بوريس كان يشعر بمنافسة خفية تجاه إيان.
“الآن أفهم لماذا كان إيان يبدو منزعجًا حين تم ذكر اسم بوريس سابقًا.”
لكن تصورات بوريس كانت غير واقعية؛ فإيان، المعروف بحفاظه على المركز الثالث في جميع المنافسات، كان يعلم أن جذب الانتباه عبر الفوز ليس في صالحه.
بالنظر إلى الوضع، كان من الواضح أن شخصًا بريئًا سيُتهم.
اختبأت آرجين خلف الخيمة لتفكر في الخطوة التالية.
في تلك الأثناء، بدأ صوت بوريس يرتفع:
“تصرف بحذر، إلى متى تعتقد أنك ستتمكن من البقاء في عائلتهم؟”
أجاب إيان بهدوء:
“من يعلم؟ كما لا يمكننا التنبؤ بمن سيستمر في العاصمة لفترة أطول: عائلة غاروش أم فيرنانديز.”
“ماذا؟”
“ألستَ أنت من نصحني بالبقاء قريبًا منك سابقًا؟”
“……”
“اعتقدتَ أنني لن أفهم ذلك. لكن لم تكن تلك نصيحة حكيمة.”
“رائع، إيان ليس سهلًا أبدًا.”
كان حديث إيان باردًا وقويًا، مما خلق صمتًا خانقًا.
نظرت آرجين بحذر لمعرفة ما يجري، لكنها ارتبكت عندما التقت أعينها فجأة مع نظرات إيان الثاقبة.
“لقد كشف أمري.”
شعرت بالإحراج الشديد.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 8"