أن جيسكار هو الآخر يشعر بالخوف في كل مرة يواجه فيها الوحوش.
ربما لهذا السبب قلتُ، دون أن أتمالك نفسي:
“في الحقيقة… لقد كنت خائفة هذه المرة أيضًا.”
تسلّل الصدق من لساني دون قصد.
“كنتُ متأكدة أنني سأموت هنا، هل تعلم؟”
وجدت نفسي أشتكي وكأنني طفلة.
عادةً، جيسكار الذي أعرفه كان سيؤنبني بشدة على مثل هذا التصرف الطفولي.
لكن هذه المرة، قال بهدوء:
“أفهمك.”
ثم أومأ برأسه، وكأن ردة فعله المطمئنة أزاحت ثِقلاً من على صدري.
لكن مع ذلك—
أوقدتُ داخلي عزيمة جديدة.
“حتى وإن كان الأمر مخيفًا…”
قبضت كفي بقوة.
“أنا لا أريد أن أُهزم أمام هؤلاء الوحوش.”
“…الضابطة أستريد؟”
“أنت أيها القائد، وبقية الفرسان… أنتم من يقاتلون هذه الوحوش طوال الوقت.”
رفعت رأسي بفخر.
“قد لا أملك قوة، لكنني أيضًا عضو من فرسان الفجر اللازوردي.”
تحدثت بوضوح وبإصرار.
“لم آتِ إلى هنا كي أنهار خوفًا.”
صحيح، لقد جئت لأساند فرسان ألفجر اللازوردي،
لا لأتصرف بدلال أمام أناس يضحون بحياتهم دفاعًا عن الإمبراطورية.
“لذلك—”
بعد أن أخذت نفسًا عميقًا، مددت يدي لمصافحة جيسكار.
“سأعتمد عليك من الآن فصاعدًا.”
“……”
ألقى جيسكار نظرة على يدي الممدودة، في عينيه شيء من الفضول.
ثم قال:
“وأنا كذلك، أيتها الضابطة أستريد.”
وأمسك بيدي بقوة.
شعرت بوخزة دافئة في صدري.
“يا إلهي… هذا مؤثر حقًا…”
فالحق يُقال، حتى الآن لم أشعر أنني اندمجت تمامًا مع فرسان الفجر اللازوردي.
مهما بذلت جهدًا، ظلّ داخلي شيء يشعرني بالغربة.
لكن في هذه اللحظة بالذات—
“أنا حقًا أصبحت واحدة من الفرسان…!”
آه… إذًا هذا ما يُسمونه بـ“رفاق السلاح”؟!
غمرنا جو دافئ، أنا وجيسكار.
بعد أن صافحته بحماسة، تركت يده.
ثم أعلنت بجدية:
“لكننا ما زلنا بحاجة إلى دعم طبي.”
كنت أتصنع القوة وأقول:
“أنا أيضًا فارسة، لن أرتجف أمام الوحوش الشيطانية.”
لكن الحقيقة أن الصدمات النفسية ليست أمرًا يُستهان به.
لا بد من علاجها بشكل صحيح.
أليس كذلك؟ حتى فرساننا… قد يبدون بخير من الخارج، لكنهم قد يتآكلون من الداخل!
نظر إليّ جيسكار بدهشة، ثم ضحك بخفة.
“حقًا، يا ضابطة… أنتِ شيء آخر.”
ما معنى تلك الابتسامة المليئة بالرضا؟
وكأنه أب ينظر إلى طفله المشاغب الذي فجأة نطق بكلام مسؤول لأول مرة!
وبينما كنت أحدّق فيه بتعابير مختلطة—
‘انتظري لحظة.’
اتسعت عيناي فجأة لشعور غريب مرّ بخاطري.
“سيدي القائد؟”
“نعم، ما الأمر؟”
“بعد أن عدنا إلى المقر… لم تتناول بعدُ جرعة من إكسير التطهير، أليس كذلك؟”
“صحيح، لم أفعل.”
بمجرد أن ذكرت الإكسير، بدا جيسكار هو الآخر حائرًا.
“هل صحتك بخير؟ لم تظهر عليك أي علامات انفلات، حتى لاحقًا؟”
“كما قلت لك من قبل، أنا بخير تمامًا.”
أجاب وهو يعقد حاجبيه:
“بل أجد الأمر غريبًا بعض الشيء. حالتي ممتازة أكثر من اللازم.”
هذا مختلف تمامًا عما ورد في القصة الأصلية.
حتى بعدما هزم ثمانية وحوش شيطانية بمفرده… ظلّ جيسكار في حالة مستقرة بلا أي أثر جانبي من استخدام الهالة.
“ما السبب وراء ذلك؟”
بينما كنت أفكر، تصلّبت كتفاي فجأة.
‘انتظري…’
الفرق الجوهري بين الأصل وما يحدث الآن—
‘إنه أنا؟!’
في القصة الأصلية، تموت كاسيا على يد الوحوش.
لكنني نجوتُ وبقيت إلى جانب جيسكار وهو يقاتلها.
والأغرب… أن الوحوش—
‘لقد تجاهلت جيسكار وطاردتني أنا بلا توقف.’
حينها، غاص بصري في العمق.
‘يجب أن أبحث هذا الأمر بدقة.’
***
بعد قليل، أوصلني جيسكار إلى غرفتي.
ولحسن الحظ، بما أن الليل كان قد انتصف، لم أصادف أي فارس آخر.
وأمام الباب، همس لي بهدوء:
“أحلام سعيدة، يا ضابطة أستريد.”
يا إلهي… هذا الإحساس، وكأننا صرنا رفاقًا بحق— إنه شعور مذهل!
ابتسمت له ابتسامة مشرقة.
“وأنت أيضًا، سيدي القائد. ليلة سعيدة.”
“……”
تجمد جيسكار في مكانه للحظة.
“هاه؟”
أملت رأسي بتعجب.
“سيدي القائد؟”
“لا، لا شيء.”
هز جيسكار رأسه، ثم أصرّ مجددًا:
“ادخلي الآن، من فضلك.”
ما هذا؟
شعرت ببعض الحيرة، لكن بما أن جيسكار لم يبدُ منزعجًا، استنتجت:
“حسنًا، ربما لا يوجد ما يدعو للقلق.”
رفعت كتفي بلا اكتراث، ثم دخلت إلى غرفتي.
وما إن أغلقت الباب—
“عليّ أن أبحث أكثر في هذا الأمر، أليس كذلك؟”
غرقت في التفكير.
الوحوش التي لم تلاحق سواي.
جيسكار الذي استخدم هالته القتالية، ومع ذلك لم يحتج إلى إكسير التطهير.
لكن لاحقًا سمعت أن بقية فرسان الفجر اللازوردي ما زالوا يعتمدون على إكسير التطهير لاستخدام هالتهم.
إذن، الفرق بينهم كان…
“يبدو أن الأمر يتوقف على ما إذا كنتُ قريبة من الفارس أم لا.”
ضيّقت عينيّ.
“هل يجدر بي زيارة معهد الإمبراطورية لأبحاث القدرات الخارقة؟”
لكن المشكلة أن معهد أبحاث القدرات الخارقة كان يُعدّ من أكثر المنشآت حراسة في الإمبراطورية.
حتى بصفتي أميرة، لم يكن من السهل مجرد الدخول إليه.
“ربما أحتاج أولا إلى الاستعانة بعائلة نبيلة قوية تربطني بالمعهد.”
وبينما كنت أفكر إلى هذا الحد، خرج مني تثاؤب طويل بلا وعي:
“آاااهـ…”
كان تثاؤبًا كبيرًا لدرجة أن الدموع تجمعت في أطراف عيني.
غمرني الإرهاق كالموجة الجارفة، وبدأت أفكاري تتلاشى.
“أشعر أنني سأموت من شدة التعب…”
جسدي كله، المنهك من أحداث اليوم، كان يصرخ طلبًا للراحة.
“حسنًا… النوم أولًا.”
مترنحة، ألقيت بجسدي على السرير و وجهى للأسفل.
ربما لأنني تحدثت مع جيسكار—
لم أعد خائفة كما كنت سابقًا.
“همم… على الأقل لا أظن أنني سأرى كوابيس.”
وبابتسامة راضية، أغمضت عينيّ.
وسرعان ما غلبني النوم.
***
كاسيا سورتيس دل أستريد.
الأميرة المزعجة التي ساهمت في جلب المتاعب إلى حياة جيسكار.
لكن مؤخرًا، تغيّرت نظرة جيسكار إليها كثيرًا.
“الضابطة أستريد…”
بصراحة، في البداية توقع أن تهرب سريعًا، غير قادرة على تحمل ظروف فرسان الفجر اللازوردي القاسية.
لكن كاسيا تمسكت وصمدت.
الآن، بدا لقب “الضابطة” أكثر ألفة من لقب “الأميرة”.
وهل كان ذلك فقط؟
منذ انضمام كاسيا، تحسّن وضع الفرسان بشكل واضح.
لم يقتصر الأمر على إمدادهم بإكسير التطهير أو توفير الموارد، ولا حتى ترتيب الثكنات…
بل كانت كاسيا، بحد ذاتها، تمثل شيئًا آخر—
الأمل.
في التدريب المشترك، حين حقق فرسان الفجر اللازوردي أول انتصار لهم—
ذلك النور المشرق على وجوههم.
الفرحة الغامرة وهم يقلبون المعاملة الظالمة من القيادة الشمالية رأسًا على عقب.
وذلك الارتياح المبهج حين حاصروا الفرقة الرابعة في حادثة حجر الحاجز الأخيرة.
كانت كاسيا بمثابة أمل بالنسبة لفرسان الفجر اللازوردي .
أملٌ في مستقبل أفضل بكثير.
“لكننا ما زلنا بحاجة إلى دعم طبي.”
صوت كاسيا الواضح والقوي بدا وكأنه لا يزال يرن في أذنيه.
ارتسمت على وجه جيسكار ملامح معقدة.
أن تفكر في رفاهية الفرسان، مباشرة بعد صدمتها الأولى برؤية وحش شيطاني—
كان أمرًا مطمئنًا بشكل يفوق الوصف.
كيف يمكنه التعبير عن ذلك؟
وجود شخص يعتمد عليه… كان أدفأ مما توقع.
“الآن بعد أن تذكرت… لم أرَ كوابيسي منذ مدة.”
كابوسه القديم جدًا.
كابوس رؤية فرسانه يموتون أمام عينيه.
لكن المشكلة أن هؤلاء الفرسان لم يكونوا يموتون على يد الوحوش…
بل كانوا يموتون نتيجة فقدان السيطرة بسبب غياب إكسير التطهير.
وكان جيسكار يستيقظ كل مرة غارقًا في العرق البارد.
لكن الآن—
“لم أرَ هذا الكابوس مرة واحدة منذ أن انضمت الضابطة.”
قبض جيسكارعلى يده بلا سبب.
لا يزال يشعر بملمس يد كاسيا عندما صافحته.
يدٌ كانت ناعمة كالحرير، لكنها الآن مثقلة بصلابة الآثار الناتجة عن كثرة الإمساك بالقلم.
إنها يد الضابطة التي اعتادت على الكتابة طويلًا.
“وأنت أيضًا، سيدي القائد. ليلة سعيدة.”
وجه كاسيا المشرق بابتسامته، والذي أظهرته حين أوصلها إلى غرفتها، ظلّ عالقًا في ذهنه بشكل غريب.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 45"