تمتمتُ، محاوِلةً أن أكبت ارتباكي وأعصر صوتي بصعوبة.
“أنا أعتذر منك بصدق يا سيدي، وأقسم أنني حقًا أنوي أن أدعمك بكل ما أستطيع.”
“……”
ومع ذلك، كان “جيسكارد” لا يزال ينظر إليّ بعينين بغيضتين، كمن يحدّق في مطارد مهووس.
لا، أعلم ما الذي تسيء فهمه، لكن ليس الأمر كذلك!
أنا التي بدأت أفقد صوابي وأوشك أن أنفجر!
فجأةً، وبإلحاح، طرحت الموضوع:
“أنت بحاجة إلى إكسير التطهير، صحيح؟ سأزودكم به لمدة نصف عام مبدئيًا.”
عندها فقط، وللمرة الأولى، ومضة غريبة مرّت في عينيه الزرقاوين كالصفير.
“…حقًا؟”
“نعم.”
أومأتُ مؤكدّة بقوة.
بصراحة، حتى أنا لم أكن واثقة تمامًا من تصديقي لكلامي.
فـ”كاسيا” في النهاية أميرة حقيقية، وُلدت وفي فمها ملعقة من ذهب… لا، بل من ألماس.
والدها هو الإمبراطور.
وأمها الراحلة كانت الابنة الذهبية للدوق الوحيد في الإمبراطورية.
قد لا تملك شخصية قوية، لكنها غنية لدرجة أنها لا تجد أين تنفقه.
لكن، إن عرضتُ المساعدة هكذا بلا مبرر، سيبدو الأمر مريبًا.
“لكن الأمر ليس مجانيًا.”
أضفتُ ذلك، فتجعد وجه “جيسكارد” باستياء.
“لا تقولي إنك تطلبين موعدًا أو ليلةً ما، أو أن أتسلل إلى سريرك…”
“آه، أنا لستُ أحاول التعلّق بك!”
رجاءً، توقف عن كشف التاريخ المحرج لـ”كاسيا”!
لقد بلغتُ درجة من الإحراج تكفيني للموت!
قاطعتُ “جيسكارد” على عجل وواصلتُ قولي:
“ليس هذا ما أعنيه… لكن سمعتي ليست جيدة، أليس كذلك؟”
“وماذا في ذلك؟”
“أنا أريد أن أدعم فرسان فجر اللازوردي لأمارس واجب النبلاء. ألن يساعد ذلك على استعادة سمعتي؟”
أو ربما أنقذ العالم، أو أبني علاقة ودية مع البطل الذكر و أقضي على تهديدات الموت الوشيكة.
لكن لا يمكنني أن أبوح بذلك هكذا ببساطة.
لذا، السبب الذي خطر في بالي كان “واجب النبلاء”.
وهو مصطلح يعني: الواجب الأخلاقي الذي يقع على عاتق الطبقة العليا في المجتمع.
بمعنى آخر: من ينال الامتيازات الخاصة، عليه واجب مقابل في خدمة المجتمع.
اعتقدتُ أن هذا سبب منطقي كافٍ لإقناع بطل في المراحل الأخيرة من جنون الارتياب…
“واجب النبلاء؟ جلالتك الأميرة؟”
…أيها الحقير، هل تسخر مني الآن؟
حدّقتُ في “جيسكارد” بعينين مرتعشتين بينما كان يضحك باستهزاء.
وبعد فترة، ضاق بصره فجأة بحدة.
“حسنًا، إن كانت جلالتك حقًا تريدين أن تُظهري جانبًا مختلفًا من نفسك…”
قال “جيسكارد” بصوت منخفض وهو يميل برأسه وينظر إليّ من علٍ.
لم يكن في بصره الأزرق البارد ذرة دفء.
“فهناك طريقة أفضل بكثير.”
“وما هي؟”
“بدلًا من الاكتفاء بالحديث عن دعمنا… ألن يكون من الأفضل أن…”
اقترح “جيسكارد” بصوت ساخر:
“تنضمّي إلى فرساننا؟”
…آه، إذًا أنت تطلب مني أن ألتحق بالجيش الآن؟
أيها اللعين.
هل التسلية بالناس أمر ممتع لهذه الدرجة؟
أطبقتُ أسناني غضبًا.
فأضاف “جيسكارد” مستفزًا بلطف:
“بالطبع لا يمكنك، صحيح؟ هذا هو كل صدق جلالتك الأميرة. لا تقولين سوى كلمات معسولة لتبدي رائعة، لكن لا نية لكِ لمشاركة معاناتنا.”
هذا الوغد… هل يهين الناس بمجرد أن يتنفس؟
“لماذا؟ هل تخططين للإمساك بعنقي مرة أخرى هذه المرة؟ لكن للأسف، ملابسي الآن ملطخة بالدماء.”
“سير رومانوف.”
“أتريدين أن أخمّن ما الذي تفكرين به يا أميرة؟ على الأرجح تظنين أن شيئًا قذرًا مثل دم الشياطين لا يجب أن يلامس أنامل أميرة نبيلة، أليس كذلك؟”
غاصت عيناه الساخرتان ببرود قاتل.
تلألأت بحدة كعيون مفترس.
“انظري، حتى الآن لا تقولين إلا كلمات لطيفة، لكنك لا تنوين أبدًا أن تشاركي معاناتنا فعليًا.”
حدّق “جيسكارد” فيّ مطولًا.
“أي شخص قادر على التلاعب بالكلمات وهو في مكان آمن.”
“……”
لم أستطع أن أنطق بحرف أمام “جيسكارد” الذي كان يزأر كالوحش.
لكن فقط للحظة.
ثم…
‘همم، لكن هذا… في الواقع عرضٌ جيد، أليس كذلك؟’
غرقتُ في تفكير عميق.
فرسان الفجر اللازوردي كانوا يعانون حاليًا من إهمال العائلة الإمبراطورية ولا مبالاة القيادة الشمالية.
وفوق ذلك، كانوا يتحملون تمييزًا صارخًا من باقي فرسان المملكة.
لكن لو انضممتُ أنا إلى فرسان الفجر اللازوردي… ألن يُجبر مقر القيادة الشمالية على الكف عن التنمّر عليهم كما كانوا يفعلون؟
سيضطرون للحذر في التعامل معهم!
والعائلة الإمبراطورية أيضًا، إن أصبحتُ ضمن الفرسان…
‘لن يتمكنوا من التظاهر بعدم معرفة وجود هذا الفيلق بعد الآن.’
صحيح أن أميرة غبية لا تملك أي معرفة، لا تساوي شيئًا عند العائلة الإمبراطورية.
لكن، سيضطرون لمراعاة مشاعر عائلتي من جهة الأم… آل “دياز”.
آل “دياز”، العائلة الدوقية الوحيدة في الإمبراطورية، ونبلاء أقوياء يترأسون الشمال.
صحيح أن علاقة آل “دياز” بالعائلة الإمبراطورية ليست جيدة، لكن…
‘حسنًا، سأشرح تلك النقطة لاحقًا.’
المهم في الأمر أن دوق دياز كان يقف خلف كاسيا.
صحيح أن الدوق بدا وكأنه قد تعلّم الدرس من ابنة أخته الحقيرة، تلك التي لم تشبه شقيقته الراحلة إلا في المظهر، بينما كانت تملك طبعاً فظاً وقذراً.
ومع ذلك، سيكون من الصعب عليه أن يتجاهل تماماً حقيقة أن القريب الوحيد المتبقي من شقيقته هو الآن عضو فعّال في فرسان الفجر الأزرق.
‘مع ذلك… أليست الحقيقة أنني بمثابة شوكة في حلق الدوق؟’
ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتي.
وفقاً للقصة الأصلية، لم يتبقَ سوى حوالي خمس سنوات حتى دمار العالم.
كل ما علي فعله هو أن أصمد بطريقة ما خلال تلك الفترة، وأواصل دعم فرسان الفجر اللازوردي، صحيح؟
وعندها، إن نجح البطل مع فرسان الفجر اللازوردي في منع دمار العالم…
‘سأبني منتجعًا.’
تلألأت عيناي بحماس.
‘سأعيش حياة خالية من الهموم، أرتشف الموهيتو* في منتجع فاخر.’
*مشروب بذوق النعناع و الليمون*
جيّد.
أومأت برأسي ورفعت يدي.
“عذراً يا سير رومانوف. لدي سؤال.”
“ما هو؟”
“هل يمكن لشخص لا يملك أي قوة أن ينضم إلى الفرسان؟”
في النهاية، فرسان الفجر اللازوردي هم القوة العسكرية المكونة من النخبة الإمبراطورية، و جميعهم من مستخدمي الهالة .
كان علي التأكد إن كان بإمكاني الانضمام حقاً.
ماذا لو أصبحت عائقاً لعملياتهم القتالية؟
في تلك الأثناء، قطّب جيسكارد جبينه عند سماعه سؤالي.
كان يبدو وكأنه يظن أنني أبحث عن أعذار فقط لأنني لا أريد الانضمام.
“ليس كل من ينضم يحتاج إلى امتلاك قوى. هناك العديد من الأدوار الداعمة داخل الفرسان.”
ضيّق جيسكارد عينيه وعدّد المناصب المتوفرة في فرسان الفجر الأزرق:
“هناك المهندسون الذين يتولّون صيانة المنشآت، الطهاة، رجال الإشارة، الضباط الإداريون، أمناء المكتبة الذين يعملون في مكتبتنا الخالية من الكتب، وحتى الكسالى الذين يكتفون بالتنفس… إن كانت صاحبة السمو مستعدة للعمل، فهناك الكثير من المناصب.”
“هيه، المنصب الأخير ليس وظيفة.”
انتفخت وجنتاي غيظاً، وفجأة خطرت لي فكرة لامعة.
‘انتظري، ضابط إداري؟’
ضابط إداري.
إنه المنصب المسؤول عن الإمدادات العامة، والدعم اللوجستي، وتحسين بيئة الفرسان.
وكان ذلك مناسباً لي تماماً.
فلن أكون منخرطة مباشرة في المعارك، وبالتالي ستكون حياتي في مأمن.
وعلى أي حال، في حياتي السابقة عندما كنت “عبدة شركات”، كنت أعمل ضمن فريق المالية.
‘إذن، إن عملت كضابط إداري…’
قبضت كفّي بإحكام.
‘سأتمكن من رفع الكفاءة إلى أقصى حد!’
في تلك اللحظة، كان جيسكارد يحدق بي بتمعّن، قبل أن ترتفع زاوية شفتيه بابتسامة واضحة ساخرة.
“هل تواجهين صعوبة في الانضمام؟ لقد تحدثتِ بكلام كبير عن التقديم، لكنك لم تكوني جادة حقاً…”
“لا، بل أظن أن الأمر فكرة جيدة.”
“…هاه؟”
بدا جيسكارد مذهولاً، كمن تلقى صفعة مفاجئة على مؤخرة رأسه.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات