اختار جيسكار كلماته بعناية، محاولاً الحفاظ على تعابير وجهه الصارمة قدر الإمكان.
لكن كاسيا سألت بعينين متألقتين:
“بصراحة، أنت سعيد بهذا، أليس كذلك؟”
“…لا، الأمر ليس كذلك.”
اهتزّت عيناه الزرقاوان كما لو أنّ زلزالاً عنيفا قد ضربهما.
كاسيا، التي كانت تراقبه، كتمت ضحكة كادت تفلت منها.
‘آه، بطلنا… لديه جانب لطيف خفي، أليس كذلك؟’
لقد كان ممزقاً بين رغبته في الحفاظ على كرامته كقائد لفرسان النظام، وبين شعوره بالرضا لأنه انتقم من فرسان الكتيبة الرابعة.
كان صراعه الداخلي واضحاً للعيان.
ومظهره كان يشبه…
‘ مثل قط صغير، أليس كذلك؟’
راقبت كاسيا جيسكار بهدوء، وهي تكتم ضحكتها.
هل هذا ما يشبه شعور ترويض قط أسود أُهمل من صاحبه حتى فقد ثقته بالبشر؟
لا، القطط صغيرة وأكثر لطافة منه.
في تلك اللحظة، غيّر جيسكار الموضوع.
“على أي حال، شكراً لكِ. سيكون هذا عوناً كبيراً للتدريب المشترك الذي سيُجرى قريباً.”
من الواضح أنّه كان يحاول الهروب من الموضوع السابق، لكن كاسيا قررت تركه وشأنه.
ذلك لأنها كانت مهتمة أيضاً بالموضوع الجديد.
“تدريب مشترك؟”
همم…
ضيّقت عينيها الحمراوين.
“مع أي كتيبة فرسان سيكون هذا التدريب؟”
“إنها كتيبة الفرسان الرابعة.”
‘أوه، هؤلاء مجدداً؟’
نقرت كاسيا بلسانها في داخلها بضيق.
أما جيسكار، فتابع بنبرة جادة:
“هذا التدريب المشترك مهم بعض الشيء. سيتم إرسال مقيم من القيادة الشمالية لتقييم نتائج التدريب.”
“مقيم يفحص النتائج؟”
“نعم. وبناءً على تلك النتائج، قد يتغيّر الدعم المخصص لكل كتيبة فرسان قليلاً…”
تلاشت كلمات جيسكار دون أن يشعر.
وتصلّب وجه كاسيا قليلاً.
بدا أنها قد استوعبت الأمر.
فالدور الموكَل إلى كتيبة فرسان الفجر اللازوردي في هذا التدريب المشترك لم يكن سوى…
‘أن تُهزم و تتعرض للتنمر.’
حتى الآن، كانت كتيبة فرسان الفجر اللازوردي تتعرض لمختلف أشكال الظلم على يد كتيبة الفرسان الرابعة.
ومع ذلك، كان القائد الأعلى للشمال يتغاضى عن ذلك، بل ويشجّعه.
‘هذه حلقة مفرغة.’
فبسبب تغاضي القائد الأعلى للشمال، لم يكن بإمكانهم تحقيق نتائج، بسبب التمييز الواقع عليهم.
ثم تُستَخدم تلك النتائج الهزيلة كذريعة لمزيد من التمييز ضد كتيبة الفجر اللازوردي.
لا نتائج، إذن لا دعم، وهكذا نستمر بالدوران.
لكن…
‘هل تظن أنني سأترك الأمور تستمر هكذا؟’
ابتسمت كاسيا ابتسامة حادة، وعيناها تلمعان.
“هل يمكنني المشاركة في هذا التدريب المشترك أيضاً؟”
“….”
‘ما الذي تخطط له بحق؟’
أجاب جيسكار بملامح غريبة:
“حسناً، بما أنه تدريب محاكاة للمعارك الحقيقية، فلا حاجة لضابط إداري أن يرافق الكتيبة، ولكن…”
“لا، أريد أن أذهب!”
وضعت كاسيا يديها على صدرها وعيناها تتلألآن بحماس.
“ولكن، أودّ أن أوطد علاقتي بالفرسان قليلاً، قليلاً فقط، لاحقاً. هل سيكون ذلك ممكناً؟”
“….”
لم يستطع جيسكار إخفاء ارتجافه.
“ما الذي تحاولين فعله؟”
“يا إلهي، ماذا تقصد بقولك ‘ما الذي تحاولين فعله’؟”
قفزت كاسيا في مكانها كقط داس أحدهم على ذيله.
ثم بدأت تتمتم مدافعةً عن نفسها:
“كنت فقط أحاول استغلال سمعتي بأكبر قدر ممكن لصالح كتيبتنا!”
“…سمعة؟”
في تلك اللحظة…
رأت كاسيا ذلك.
حتى وإن كان يتظاهر باللامبالاة، فإن جيسكار قد تأثر سراً بكلماتها!
“نعم، كما تعلم، أنا من أكثر الشريرات سوء سمعة في الإمبراطورية.”
اتسعت ابتسامة كاسيا أكثر.
فبما أنها شريرة، أليس من الطبيعي أن تتصرف كشريرة؟
“هيه، هيه هيه، هيه هيه هيه هيه…”
وانطلقت ضحكة خبيثة.
ابتسامة شريرة جعلت المرء يتذكر شيطاناً صغيراً.
“على أي حال.”
رفعت كاسيا ذقنها بثقة، وكأنها تضع كل شيء بين يدي جيسكار.
“هل ستساعدني؟”
***
بعد بضعة أيام.
كان فرسان الفجر اللازوردي مجتمعين في ساحة التدريب بوجوه متوترة.
لقد استدعت كاسيا جميع الفرسان.
تبادل الفرسان النظرات، وأعينهم تدور هنا وهناك.
‘هل ستكشف تلك الأميرة المجنونة عن حقيقتها أخيراً؟’
‘ألن تطلب منا الاستسلام أمام كتيبة الفرسان الرابعة؟’
فقد كان فرسان الفجر اللازوردي يتعرضون للضغط من كل الجهات منذ زمن بعيد.
لم يقتصر الأمر فقط على الكتيبة الرابعة، بل حتى القائد الأعلى للشمال كان يلمّح بشكل غير مباشر بضرورة قبولهم للهزيمة.
وكان يُقال إن للقائد الأعلى علاقة وطيدة بالعائلة الإمبراطورية.
إذن، ألن تقف الأميرة، وهي من العائلة الإمبراطورية، بطبيعة الحال إلى جانب الكتيبة الرابعة؟
‘هذا صحيح.’
“حسناً… فمن الطبيعي أن تميل الكفة نحو المقربين.”
حاول الفرسان التظاهر بأن الأمر لا يعنيهم، لكن خيبة الأمل ارتسمت على وجوههم بوضوح.
لكن في تلك اللحظة—
“أوه، هل انتظرتم طويلاً؟”
اقتربت كاسيا بخطوات خفيفة.
كانت تضع قلماً خلف أذنها وتحمل في يدها رزمة أوراق.
وبقع الحبر على يديها أوحت بأنها كانت غارقة حتى وقت قريب في العمل المكتبي.
“حسناً، السبب الذي جمعتكم لأجله اليوم هو…”
ضيّقت كاسيا عينيها، وجالت ببصرها بين الفرسان.
بلع.
ابتلع كل فارس ريقه بصعوبة.
ثم قالت:
“أريد من الجميع أن يجربوا حمل سيف خشبي.”
“ماذا؟”
تسمر الفرسان في أماكنهم محدقين بكاسيا بذهول.
لكنها هزّت كتفيها وأكملت ببرود:
” أنوي تجهيز كل واحد منكم بسيف خشبي للتدريب، وملابس خاصة للتدريب، وزيّ احتياطي إضافي. ورأيت أن من الأفضل أن تكون السيوف الخشبية مصنوعة على المقاس لكل فارس، لذا استدعيتكم. آه… ولا تنسوا الجوارب أيضاً…”
سحبت القلم من خلف أذنها، وبدأت تدوّن بسرعة على الأوراق أمامها.
ظلّت على ذلك الحال برهة من الزمن، ثم رفعت رأسها فجأة، وحدّقت في الفرسان وهي تؤنبهم:
“ماذا تفعلون؟ ألم أطلب منكم تجربة السيوف الخشبية؟”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 17"