شعرت بشعور غريب.
كأن شيئًا ناعمًا يتفتح في صدرها.
أدارت ليفونيا رأسها بسرعة لتتجنب نظرة فيلينيس.
‘ما هذا؟ كأنه يقلق من أن أتأذى.’
عبست ليفونيا وهزت رأسها.
لا يمكن أن يكون ذلك.
بالتأكيد، هو يقول هذا لأنها تزعجه باستمرار ويريد منها التوقف.
شخص لا يزال غير قادر على نسيان أخته الميتة،
غير قادر حتى على حماية الآخرين،
بل وغير قادر على التخرج من الأكاديمية.
لا يمكن أن يقلق بشأن ليفونيا، التي حلت محل أخته.
“فهمتِ الآن؟ توقفي عن التنهد هكذا. ما بال طفلة في الخامسة تتنهد؟”
ربت فيلينيس على ليفونيا برفق ثم نهض.
نظرت ليفونيا طويلًا إلى ظهر فيلينيس وهو يبتعد.
لكن، إذا كان ما قاله صحيحًا-
‘أليس هذا تدميرًا لحياته؟’
إذا بقي عاجزًا عن فعل أي شيء بسبب موت أخته،
وظل حفرية في الأكاديمية،
فمستقبل فيلينيس واضح دون الحاجة إلى رؤيته.
سيُطرد من الأكاديمية يومًا ما أو يتخرج بفضيحة،
ولن يفعل شيئًا، سيتسكع هكذا، ثم يموت.
إما مطرودًا من العائلة ويموت،
أو مخفيًا كعار للعائلة ويموت.
‘…لكن هذا ليس شأني. بالكاد أستطيع الاعتناء بنفسي، فكيف أهتم بغيري؟’
أدارت ليفونيا رأسها.
إذا لم تجد الإرث وطُردت من العائلة،
فستفشل في مهمتها وتموت على يد البابا، تمامًا مثل مصير فيلينيس.
حركت ليفونيا الحصان الخشبي وغيرت مكانها.
تحرك الحصان في الاتجاه المعاكس لفيلينيس.
‘يجب أن أتوقف عن التذمر لفيلينيس بأن يكون حارسي.’
فجأة، شعرت ليفونيا بالغيرة من الابنة الصغيرة الحقيقية لهذه العائلة، التي لا تعرف وجهها ولا اسمها.
كيف يكون شعور أن يتذكرك ويبحث عنك أحدهم حتى بعد موتك؟
‘لن أشعر بذلك أبدًا في حياتي.’
كلما عاشت كابنة كرايتان،
وكلما حصلت على الأشياء التي كان يفترض أن تحصل عليها الابنة الحقيقية،
كبر شعورها بالخسارة والغيرة دون سبب.
عبست ليفونيا وهزت رأسها بعنف.
‘هل أصبح عقلي بعمر خمس سنوات لأنني أصبحت طفلة في الخامسة؟’
استعيدي رشدكِ.
لقد تجاوزتِ سن الشعور بالخسارة والغيرة.
لستِ طفلة حقًا، فكيف لا تستطيعين التحكم بمشاعركِ؟
رتبّت ليفونيا مشاعرها بهدوء.
وفي تلك اللحظة. .
بسبب انشغالها بالتفكير، لم تنتبه ليفونيا للأمام، فاستعادت وعيها عندما سمعت صوت اصطدام.
كان الحصان الخشبي قد تعثر بحجر ومال إلى الأمام.
“…ماذا؟”
رأت ليفونيا الماء أمام عينيها.
بحيرة عميقة جدًا.
رمشت ليفونيا بعينيها.
شعرت بتلك اللحظة بطيئة جدًا، كأن الوقت توقف.
“أوه…”
الحصان الخشبي يستمر في التحرك في نفس الاتجاه إذا لم تُوجهه.
كانت المشكلة أن ليفونيا، التي كانت شاردة، حركته دون النظر إلى الأمام.
إلى الأمام، دائمًا إلى الأمام.
“اللـ*ـنـ…”
قبل أن تكمل الشتيمة.
بلوش-!
سقطت ليفونيا مع الحصان الخشبي في بحيرة قصر كرايتان بصوت عالٍ.
غرقت ليفونيا والحصان الخشبي ببطء إلى قاع البحيرة العميقة.
‘يا لي من غبية لارتكاب هذا الخطأ.’
كتمت ليفونيا أنفاسها.
‘في موقف كهذا، قد يذعر طفل في الخامسة حقًا، لكن أنا لست كذلك.’
رمشت ليفونيا بعينيها وبدأت تسبح بمهارة.
لم تكن مشكلة كبيرة، فقط صُدمت من السقوط في البحيرة.
كان من الطبيعي أن تكون هادئة، فقد تعلمت من البابا كيفية الغوص، كتم النفس، والسباحة.
‘أثناء التدريب، كنتُ أُضرب حتى أكاد أموت إذا رفعت رأسي من الماء.’
تذكرت ليفونيا ذلك وسبحت بهدوء إلى الأعلى.
في تلك اللحظة، رأت الحصان الخشبي يغرق كأنه ينهار.
بالضبط، الحصان الخشبي المرصع بالجواهر الباهظة والحجر السحري.
وأول هدية تلقتها في حياتها.
“….!!”
توقفت ليفونيا عن الحركة دون وعي.
كانت الجواهر الباهظة والحجر السحري يغرقان إلى قاع البحيرة.
أول هدية تلقتها كانت تتحطم في قاع البحيرة.
لسبب ما، تذكرت وجه الدوق.
وجهه القلق عندما أعطاها الحصان،
وابتسامته السعيدة لأنه أول من قدم لها هدية.
تحركت ليفونيا دون وعي.
‘إنه ثقيل لأنه مرصع بكل تلك الجواهر!’
سبحت ليفونيا ليس نحو السطح، بل نحو الحصان الخشبي الغارق.
كانت هذه غريزة الجوع.
عندما رأت الجواهر على الحصان لأول مرة، فكرت في قيمتها قبل جمالها.
فكرت كم شهرًا يمكن أن تعيش دون جوع بجوهرة واحدة.
وكان هناك عشرات الجواهر، وحجر سحري أيضًا.
لذا، رغم علمها أن السباحة إلى قاع البحيرة تعني الابتعاد عن الحياة وفقدان التنفس، لم تستطع ليفونيا إلا أن تسبح نحو الحصان الغارق.
حصان خشبي أغلى منها.
هذا هو السبب الوحيد.
ليس بسبب تذكر وجه الدوق.
اختيار كهذا بسبب ذلك سيكون غبيًا.
توقف نفس ليفونيا فجأة.
الجواهر التي كانت تلمع بشكل جميل على الحصان فقدت بريقها وهي تغرق في أعماق البحيرة.
‘أول هدية…’
وربما تكون الأخيرة.
عبست ليفونيا لأنها فكرت في شيء غبي كهذا دون وعي.
كان نفسها ينفد أسرع مما توقعت.
‘جسد طفلة لا يستطيع كتم النفس طويلًا…’
ومع ذلك، كانت عيناها تتجه نحو الحصان الخشبي الذي يغرق إلى القاع، وليس إلى السطح.
بدأت عينا ليفونيا تفقدان وضوحهما.
‘حتى لو مت…’
هل سيكون هناك من يتذكرني ويشتاق إليّ مثل تلك الفتاة؟
فقدت ليفونيا قوتها تدريجيًا.
لكنها لم تتوقف.
كأنها إذا أمسكت بالحصان الغارق، وإذا حصلت على تلك الجواهر التي لم تعد تلمع،
كل شيء سينتهي على خير.
في تلك اللحظة—
بلوش-!
أهتزت الأمواج بعنف.
ثم اقترب أحدهم، أمسك بمعصم ليفونيا، وسحبها إلى الأعلى.
كلما اقتربت من السطح، ابتعدت عن الحصان الغارق، وعاد النور إلى عينيها المظلمتين.
“ها!”
سُحبت ليفونيا إلى خارج البحيرة بمساعدة يد شخص ما.
مع عودة تنفسها فجأة، خرج سعال شديد من أعماق صدرها.
“كح، كح!”
“الطبيب!! أحضروا الطبيب!!”
بينما كانت منهارة على الأرض، رفعت ليفونيا رأسها لتنظر إلى من أنقذها.
كان فيلينيس، مبللًا من رأسه إلى أخمص قدميه، يصرخ.
“حصـ… كح، كح!!”
أدار فيلينيس رأسه بسرعة عند سماع صوت ليفونيا وهو يصرخ بأن يحضروا الطبيب.
في عينيه المقابلتين لها، تقلب مزيج من القلق، الغضب، والفقدان.
“هل جننتِ؟؟!!”
صرخ فيلينيس بغضب وهو يمرر يده على شعره المبلل.
“إذا سقطتِ، كان عليكِ الخروج بسرعة! لماذا!! ألا تعرفين السباحة؟؟!! لا، كنتِ تسبحين نحو القاع!!! لماذا سبحتِ إلى القاع بدلًا من السطح!!”
نظرت ليفونيا إلى فيلينيس بعينين مبللتين بالماء.
كان من الصعب تمييز ما إذا كان الماء يتدفق على خديه أم دموع.
“…الحصان.”
كان لسانها ضعيفًا، فنطقها مشوش.
“الحصان غرق.”
تجمد فيلينيس، الذي كان يغضب، عند صوتها الضعيف الذي بدا كأنه سينطفئ.
“أول، هدية… وباهظة أيضًا.”
“باهظة؟ يا صغيرة، يمكننا الحصول على أي عدد من تلك الأشياء. أليس كذلك؟ يمكننا الحصول عليها الآن.”
لكن إذا متِ، سينتهي كل شيء.
إذا لم تخرجي من البحيرة، فلن يكون لتلك الأشياء أي فائدة.
نظر فيلينيس إلى الطفلة الغبية البالغة من العمر خمس سنوات، كاتمًا كلامه الأخير.
في الوقت نفسه، سخرت تلك الطفلة بخفة.
“…لستُ أنا.”
هزت الطفلة المبللة رأسها.
“أنا-”
حتى لو ولدتُ من جديد، لن أمتلك تلك الجواهر أبدًا.
رفعت ليفونيا رأسها ببطء.
نظرت إلى فيلينيس، الذي بدا متجمدًا كما لو أنه لا يعرف كيف يرد، وفتحت شفتيها.
“لقد أنقذتني، سيدي الأكبر.”
ربما لأنها كادت تموت لكنها نجت، بدا ذلك الفتى المسكين أكثر شفقة.
شعرت بالأسف عليه لأنه يعيش كطائش رغم أنه يمكن أن يعيش حياة جيدة،
وبدا أحمقًا مثلها وهي تتبع الحصان رغم علمها أنها قد تموت.
“يمكنك الحماية.”
“ماذا؟”
نظرت ليفونيا المبللة إلى فيلينيس بلا تعبير.
“لقد أنقذتني. لو لم تكن هناك، لكنتُ متُ الآن.”
مسحت ليفونيا وجهها المبلل بكفها الصغيرة.
ارتجفت يدها الصغيرة بسبب محاولتها اليائسة للحاق بالحصان الغارق.
تنفست ليفونيا بخفة وأمسكت بطرف ملابس فيلينيس المبللة.
“تخرج.”
نظر فيلينيس إلى كمه الذي تشبثت به.
“يمكنك فعلها لكنك لا تفعل. لذا، تخرج.”
تخرج من الأكاديمية، من كونك طائشًا.
“أنا أيضًا أحتاجك.”
“تحتاجينني، أنا؟”
ارتجفت عينا فيلينيس.
كأنه سمع هذه الكلمات لأول مرة في حياته، فضحكت ليفونيا.
ربما لأنها خرجت من الماء بعد أن كادت تغرق.
شعرت كأن نفسها المكتوم انفتح أخيرًا.
نظر فيلينيس بذهول إلى ابتسامة ليفونيا المشرقة.
“ألم تسمع ما قلته حتى الآن؟ قلتُ إنني أريدك أن تكون حارسي… لكن، بالطبع، لن أجبرك بعد الآن.”
ربتت ليفونيا بيدها الصغيرة على ظهر يد فيلينس كما لو كانت تواسيه.
“لقد حميتني الآن. يمكنك فعلها جيدًا في المرة القادمة أيضًا.”
“يا صغيرة، أنتِ…”
لم يكمل فيلينيس كلامه.
“يا صغيرة!!”
انهارت ليفونيا البالغة خمس سنوات كما لو أنها لم تعد قادرة على تحمل جسدها وأغمي عليها.
‘آه، جسد طفلة في الخامسة ضعيف جدًا. حقًا عديم الفائدة.’
مع هذه الفكرة، أغمضت ليفونيا عينيها.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات