1
1-هاربة من زواج قسري
“ها هي! امسكوها الآن!”
انعكس صدى صراخ غاضب في الزقاق. أمسكت بأذيال الفستان المزعج وركضت بأقصى سرعة.
إنها العاصمة بلا شك.
سواء كان ذلك حظًا جيدًا أم سيئًا، حتى الأزقة الخلفية واسعة.
بعد أن هربت خلسة من الباب الخلفي تحت ستار تركيب فستان في محل الخياطة، أثبت حراس ابن عمي أنهم سريعو الملاحظة بشكل مزعج.
أيها الوغد اللعين، أتظن أنني سأسلم نفسي بسهولة؟
تجاوزت متاهة الأزقة وتسارعت نحو الطريق المختصر.
لقد درست طريق الهروب عشرات المرات من خلال الخرائط، حتى أنني أستطيع سلوكه وأنا معصوبة العينين.
المشكلة تكمن في لياقة إيريكا الجسدية المحدودة.
كانت أنفاسي تعلو بالفعل حتى ذقني، وساقاي تتمايلان.
حقًا، لم أطلب أبدًا أن أنتقل إلى جسد شخصية في رواية!
حتى وقت قريب، كنت أمينة مكتبة عادية.
موظفة مبتدئة في المجتمع الكوري، أكثر ألفة مع تعب العمل الإضافي المزمن منه مع نضارة الشباب.
هكذا كان الحال، حتى قرأت تلك الرواية، “لقاء غرامي في المكتبة الملكية”.
قصة حب رومانسية فانتازية مبتذلة، حيث “كارليكس “، دوق الشمال الملقب “بسيف مملكة روبيريا”، والأنيقة كونتيسة “فريزيا” الجميلة، يتغلبان على المحن ويحققان حبهما.
اعتقدت أنها مناسبة للتسلية خلال وردية عمل إضافي إلزامية مملة، ولكن في اللحظة التي أغلقت فيها الكتاب، انفجر ضوء ساطع.
كانت هذه آخر ذكرياتي في الواقع…
وعندما فتحت عيناي مرة أخرى، كنت بالفعل قد أصبحت الشخصية الثانوية “إيريكا دييل”.
وليس مجرد شخصية ثانوية عادية، بل شخصية ثانوية من المستوى المنخفض (E) تنضم إلى التمرد بسبب افتتانها بزعيم المتمردين، لتنتهي لاحقًا إلى مصير الإعدام.
صحيح أن نهايتها تأتي على يد البطل على منصة الإعدام، لكن وزن شخصيتها لا يتجاوز “أحد أعضاء مجموعة المتمردين (E)”. ليس (A) ولا (B)، بل (E)!
أليست القاعدة العامة في هذا المجال أن تكوني على الأقل شريرة منافسة إذا انتقلتِ إلى عالم رواية؟
لم يكن لدي حتى متسع من الوقت لأن أشتكي للسماء.
كنت مشغولة جدًا بالتفكير في كيفية الهروب من المصير المؤسف لإيريكا.
والدها، البارون “دييل”، العائلة الوحيدة لها، كان قد توفي منذ فترة طويلة بسبب مرض عضال.
في قصر البارون العتيق، لم يكن هناك سوى المربية التي ربّتها منذ الطفولة، ومدير المنزل المسن، وخادمة صغيرة.
وكضربة قاضية، لم يكن لعائلة البارون “دييل” وريث ذكر.
ابن العم “فيردي”، الذي استغل سوء حظ إيريكا كفرصة، استولى على ثروة عائلة دييل وأراضيها، بل وحتى اخذ آنفًا لقب البارون.
عندما دخل عائلة البارون لأول مرة، تظاهر باللطف، قائلاً إنه سيعتني بي كأخته، لكنه سرعان ما قلب الموازين كما ينقلب كف اليد.
أراد أن يزوجني ببارون عجوز، مدعيًا أنه وجد لي زوجًا مناسبًا!
مُتظاهرًا بأن إيريكا الضعيفة القلب تحتاج إلى وصي تعتمد عليه غيره.
بل وسمعت أنه حتى حصل على مهر كبير من وراء الكواليس.
يا له من حقير.
إذا كانت تلك الزيجة جيدة لهذه الدرجة، فليتزوج هو بنفسه.
بينما كنت أفكر كأختٍ ما إذا كان عليّ وضع سم في كأس خمره، اقترحت عليّ المربية بخفاء:
“ألا تتذكرين، سيدتي؟ لقد قال سيدنا إنه إذا حدث أي شيء، فاطلبي المساعدة من مدير المكتبة الملكية، السيد ويليام.”
هذا صحيح. كان لإيريكا صلة بـ “ويليام”، وهو شخصية ثانوية في الرواية الأصلية وشخصية نافذة في المملكة.
على الرغم من أن هذه العلاقة لم تظهر أبدًا في النص الأصلي لدرجة أنني لم أكن أعرف بوجودها.
“وأيضًا، يبدو أن هناك هذا الشيء… إذا طلبتِ من المدير…”
ما سلمته لي المربية كان ورقة واحدة.
إعلان عن التوظيف الدوري 154 لوظيفة أمين مكتبة شرفي في المكتبة الملكية
مستودع حكمة البشرية، مركز العلم والمعرفة
تدعو المكتبة الملكية الشابات النبيلات الراغبات في دراسة الثقافة وتوسيع الآفاق.
المستهدفات: نبلاء مملكة روبيريا من الإناث بعمر 17 سنة فما فوق.
※ يتوفر سكن في مبنى الإدارة ودفع بدل عمل شهري رمزي.
راتب شهري مع سكن مُتاح! هذه شروط مثالية للهروب.
الأهم من ذلك، أن جميع العاملين في المكتبة الملكية يتمتعون بامتياز الحصانة.
إنه حق هائل يتيح تجنب عقوبة جريمة الخيانة العظمى، أي الإعدام.
وذلك لأن المكتبة الملكية هي معقل للمعرفة، ولطالما صاحب تهديد السلطات عمليات التوثيق والبحث.
إنه ليس مطلقًا، وهناك شروط عديدة لتفعيله فعليًا، ولكنه أفضل من لا شيء.
وهكذا، من أجل طلب المساعدة من المدير ويليام، كذبت على فيردي وقلت له إنني أوافق على الزواج من البارون العجوز.
ولكن بما أن الزواج حدث يحدث مرة واحدة في العمر، تظاهرت بالبؤس وطلبت منه أن يسمح لي بارتداء فستان جميل، وأن يرسلني إلى محل خياطة في العاصمة.
وافق فيردي بسرعة، بل وأعطاني عربة، لكنه أرسل معي حارسين لمراقبتي.
وبعد الوصول إلى محل الخياطة في العاصمة، هربت من الباب الخلفي تحت ستار أخذ قسط من الراحة أثناء قياس الفستان.
“ألا تستطيعون الإمساك بامرأة واحدة؟!”
“أعتقد أنها ذهبت إلى ذلك الاتجاه!”
كان صوت خطوات الملاحقين يقترب أكثر فأكثر، وكأنه على وشك الإمساك برأسي.
ركضت وركضت حافية القدمين، وأنا أحمل حذائي في يدي.
كان باطن قدمي يتألمان من الاحتكاك بالطريق الحجري الخشن، لكنني لم أكن أملك وقتًا للانتباه لذلك.
بعد الركض حتى حافة الإعياء، رأيت أخيرًا المكتبة الملكية.
المكتبة الملكية المهيبة ذات الأجواء الأنيقة والمبنية من الحجر الأبيض الناصع، تلمعت مثل واحة تُكتشف في الصحراء.
فتحت الباب الضخم بسرعة ودخلت.
للحظة، حجب الضوء الساطع عينيّ.
ومع رمش عينيَّ ببطء، عادت الرؤية.
أول ما ظهر كان عددًا لا يحصى من الكتب.
رفوف الكتب العملاقة ملأت جدران المكتبة دون فراغ.
في ضوء الشمس الدافئ المتدفق من السقف الزجاجي، كانت ذرات الغبار العالقة تسبح.
أخيرًا خفت حدة التوتر.
انهمرت جالسة على الأرض.
لا يمكن خداع ميول المرء المهنية.
حقًا، عندما أكون في مكتبة، يهدأ قلبي.
بعد أن استعدت أنفاسي لبعض الوقت، نهضت وارتديت حذائي.
الآن ليس وقتًا كهذا.
لا أعرف متى قد يصل حراس فيردي. من الغريب بعض الشيء عدم وجود زوار أو حتى موظفين، لكن يجب أن أجد غرفة المدير أولاً…
“هل أنت متأكد أنها جاءت إلى هنا؟”
في تلك اللحظة، فُتح باب المكتبة بعنف.
اختبأت على الفور خلف أحد رفوف الكتب.
كان حراس فيردي يدخلون وهم يتذمرون ويثيرون الضجة.
“نعم. لقد دخلت هنا بالتأكيد.”
“لماذا تقف منتظرًا كالأبله؟ابحث عنها الآن!”
يا لهم من عنيدين.
انخفضت جسدي منخفضًا وصعدت السلّم الحلزوني المؤدي إلى الطابق الثاني.
بعد الطابق الثاني، رأيت في الطابق الثالث عددًا غير قليل من الأبواب مصفوفة.
يبدو أن الطابق الثالث وما فوقه ليسوا قاعات قراءة عادية.
“سيدي، لم لا تخرج بينما نتحدث بطريقة حسنة؟”
ارتدّ صوتٌ قاسٍ يتردد في السقف العالي.
نظرت خلسة إلى الطابق الأرضي من بين درابزين السلّم، ورأيت رجلاً يبدو موظفًا في المكتبة الملكية يهرع نحو حراس فيردي.
“أيها السادة، نرجو الهدوء في المكتبة الملكية لا يُسمح بالركض هنا.”
“ماذا؟ نحن هنا للبحث عن سيدة نبيلة ثمينة.”
“ومن أنت حتى تتدخل؟هل ستتحمل المسؤولية إذا لم نجد السيدة؟ هاه؟”
استشاط الحراس غضبًا وأثاروا المزيد من الضجة، بينما كان الموظف في حيرة من أمره.
انتهزت الفرصة وركضت على عجل حتى الطابق الرابع.
كان الطابق الرابع ممتلئًا بصمت متراكم على مر العصور.
حتى الهواء بدا ثقيلاً وجادًا، وكأنه يرفض استقبال أي زائر.
في نهاية الممر الطويل العريض، كان هناك باب وحيد مزين بنقوش عتيقة وذهب.
لكن أكثر ما لفت الانتباه كان الرمز الغريب المنقوش على الباب.
على شكل زهرة متفتحة، كان يلمع بخفة مثل حشرة سراج الليل.
تقدمت نحوه كما لو كنت مسحورة.
عند النظر عن كثب، رأيت كتابات مكتوبة بكثافة حول إطار الرمز.
على الرغم من أنها لغة لم أرها من قبل، إلا أنها لم تكن غريبة.
كان شعورًا كما لو أن جسدي يتذكرها ويفهمها.
كما لو جذبني مغناطيسيًا، تتبعت الحروف المنقوشة على الباب وأنا أتحسسها.
“الكتاب هو الباب إلى عوالم جديدة.”
في تلك اللحظة، لمعت الكتابات بلون ذهبي لبرهة، ثم خفتت.
كانت هذه الجملة تصف وضعي الحالي بدقة.
لقد انتقلت إلى عالم آخر من خلال كتاب.
ربما، ما وراء هذا الباب، أستطيع أن أجد طريقة للعودة؟
كما لو كنت مسحورة، أمسكت بمقبض الباب.
طَقْ
دار مزلاج القفل، وفتح الباب كما لو كان ينتظر.
ما وراء الباب كانت مستودعًا للكتب مزدانًا بأثاث فاخر وخزف وتحف.
على رف الكتب الوحيد، كانت هناك عشرات المجلدات السميكة ذات الغلاف الجلدي.
كانت ستائر مخملية سميكة تُغطي النافذة، ربما لمنع الشمس من إتلاف الكتب.
خشيت أن يلحق بي حراس فيردي، فأسرعت بإغلاق الباب أولاً.
وبما أنني لم أستطع الرؤية، شددت الستارة أولاً.
غمر ضوء الشمس الساطع الغرفة.
تفحصت الغرفة بنظري، وتوقفت عند طاولة صغيرة في الوسط.
على وسادة ناعمة، كانت بوصلة صغيرة تتلألأ بلون ذهبي.
“لماذا هذه هنا؟”
بدون تفكير، لمست النقش البارز على إطار البوصلة، الذي يصور ثعبانين يلتهم كل منهما ذيل الآخر.
في وسط الإبرة، كانت هناك جوهرة خضراء مرصعة.
“إنها جميلة…”
بينما كنت أتمتم، انفجر فجأة ضوء من الجوهرة.
“ماذا… ما هذا؟”
حتى الإبرة التي كانت ثابتة، كانت الآن تدور كالمجنونة.
خفت فجأة، ظنًا مني أنني قد أتلفت البوصلة عن طريق لمسها دون داع.
بينما كنت أحاول إعادتها إلى مكانها، سمعت صوت فتح الباب خلفي.
لا يمكن. هل لحق بي أولئك العنيدون حتى هنا؟
“يُمنع دخول الغرباء إلى مستودع الكتب السحرية.”
لكن الصوت الذي سمعته كان صوت رجل ساخر، عميق وذا رنين منخفض.
تجمدت في مكاني وأدرت رأسي ببطء.
“يبدو أن لصًا قد وطئ قدميه هنا.”
كان رجل يرتدي معطفًا أرجوانيًا يتكئ على الباب ويحدق بي.
أدركت هويته بحدسي.
شعر أسود قاتم وعينان حادتان زرقاوان كـ *الكوبالت ملامح وجه واضحة وأجواء أرستقراطية.
*الكوبالت (co): معدن انتقالي صلب، لامع، رمادي فضي، ذو خواص مغناطيسية قوية ومقاومة عالية للحرارة والتآكل
والأهم من ذلك، حضور ثقيل ومتكبر كقلب هذا العالم.
يمكنني معرفته بنظرة واحدة.
كارليكس رينهارت، الدوق الكبير.
كان بطل رواية “لقاء غرامي في المكتبة الملكية”.
[يتبع في الفصل القادم]
التعليقات لهذا الفصل " 1"