[انكشفت رعاية الشريرة . الحلقة 92]
“هذا . …”
لم أستطع إخفاء دهشتي من ضخامة الصخرة، ففتحت عينيّ على اتساعهما.
بينما أمسك بيدي وصرنا نتسلق الصخور المجاورة لنقف على قمتها، لاحظت أن قاع الصخرة في الظلام كان يشع بضوء خافت.
انحنيتُ ناظرةً للأسفل، ونفختُ الغبار المتراكم عليها ثم مسحتها بيدي.
“إنها خشنة لكن لها ملمسٌ فريد.”
كان لديّ بعض المجوهرات المصنوعة من هذا الحجر داخل خزنتي في بييو.
أتذكر كاثرين في عمر الثامنة، كيف فرحت عندما أهداها دوق إليمور سوارا مرصعا بالأحجار الكريمة.
“إنه ياقوت وردي.”
حجر كريم نادر الوجود في الإمبراطورية.
حتى في مونتيلا، يتم استخراج كميات ضئيلة منه فقط، مما يجعله باهظ الثمّن كالألماس.
“أجل.”
أكد إثيي.
نظرت إليه محتارة وفتحت فمي.
“كيف هذا … . لم أسمع أبدا عن وجود شيء كهذا في القرية.”
لم أصدق أن صخرة بحجم منزل يمكن أن تكون من الياقوت الوردي.
على الأرجح، هذه أول مرة يُكتشف فيها حجر ياقوت وردي بهذا الحجم في القارة.
ببيع جزء صغير منه فقط، يمكن لأي شخص أن يصبح ثريا.
هل أخفى القرويون هذا السر طوال الوقت؟
أجاب إثيي على تساؤلي.
“ظهر بسبب فيضان مفاجئ جرف التربة وكشف عنها.”
“آه.”
تذكرت أنه بعد الحريق والفيضان، تعرضت بعض المناطق لتآكل في التربة بينما طُمرت أخرى تحت الردم، مما غيّر الملامح الجغرافية قليلاً.
“هذا لطف . …”
ارتعدت عيناي وأنا أنظر إلى الياقوت الوردي.
“ما الأمر؟”
تطلع إثيي إليّ باهتمام.
“في الحقيقة، أشعر بالذنب تجاه أهل القرية.”
كانت تأنيب الضمير كامناً في أعماقي.
“كأنني تسببت فيما حدث لهم.”
فسبب الحريق كان محاولة قتلي على يد قاتل أضرم النار.
ربما لو لم آتِ إلى هنا، كان الجميع سيموتون على أي حال بسبب لوسيا التي كانت تتظاهر بأنها أنا.
لكن لا شك أن وجودي هنا جلب المصائب لهؤلاء القرويين البسطاء الذين كانوا يعيشون في سلام.
لكن مع وجود هذه الكتلة الضخمة من الياقوت الوردي . …
يمكن لجميع أهل القرية الآن بناء منازل أفضل بكثير مما كانوا عليه.
بل قد تصبح هذه القرية من أكثر القرى ثراءً في الإمبراطورية.
“يبدو أنك تنوي ترك الحجر لأهل القرية.”
“نعم ، على أي حال، لديّ ما يكفيني من المال، وهذا الحجر كان مدفوناً في أرضهم أصلاً.”
انحنى قليلاً ليواكب مستوى نظري، ثم أمسك بيدي وساعدني على الوقوف.
هبت رياح عابثة شعرنا ونحن واقفان فوق كتلة الياقوت الوردي العملاقة.
“كاثرين إليمور، يبدو أنكِ لا تصلحين لأن تكوني شريرة، بل قد تكونين قديسة، إذا نظرنا إلى أفعالك.”
هززت رأسي عند سماع صوته الذي انساب من بين شفتيه.
“هذا مستحيل، حتى كلب عابر سيسخر من هذه الفكرة.”
لم تكن في عينيّ عدائية مبطنة كما في السابق، لكنني ألقيت عليه نظرة باردة مع ابتسامة لا تليق إلا بي.
عادةً ما كان وجه إثيوس يتصلب عندما يرى هذه الابتسامة.
لأنها كانت تحمل كرها موجها ضده.
لكن على عكس الماضي، كان إثيوس الآن هادئا.
بل بدا أن نظراته الزرقاء التي تفحصني بينما يرفع يده ببطء ليمسك خدي، تحمل شعوراً غامضاً لا يمكن وصفه.
“. … إذن دعينا نسميكِ شريرةً نبيلة أكثر من قديسة.”
اخترق صوته أذني وأثار رعشة في قلبي.
أردت أن أعترض على هذا التناقض، لكن نظراته الغامقة جعلت حلقي يضيق.
“كلما عرفتك أكثر، كلما ازددت تعلقا ، أتساءل أي وجهٍ سترينه لي هذه المرة.”
شعرت بدقات قلبي تتسارع وشفتاي تيبسان.
حتى عندما اكتشف ذلك الفعل الصغير الذي فعلته لإخوة صغار في ملجأ سيستينا، كانت نظراته هكذا.
أجبت بهدوء.
“دوافعي ربما تختلف عما يتخيله سموه.”
إثيي، بطل 「نجم الثورة」 قلبه ينبض من أجل الإمبراطورية، ويمد يده للمظلومين بدافع النخوة.
“لذا أرجوك، لا تقل كلمات محرجة كهذه.”
أنا فقط أؤيد شخصي المفضل، لكني لا أحب شعب الإمبراطورية من كل قلبي.
كل ما أريده هو أن تكون الإمبراطورية التي سيحكمها مكانا سلاميا جيدا.
فجأة سمعت ضحكة خفيفة، فرفعت نظري لأرى إثي يبتسم لي.
“أعرف ذلك، كاثرين.”
ماذا؟ يعرف؟
كانت ابتسامته المرتاحة كما لو كان يذكرني بذلك الوقت عندما كنت أحاول إخفاء أنني راعيه.
“لكن تذكري شيئا .”
أعاد صوته الهادئ إثارة قلبي.
“ما اكتُشف في مكان الفيضان لم يكن هذه الصخرة فقط.”
كانت عيناه المليئتان بي تتذكران تلك اللحظة بإلحاح.
“لقد أدركت . …”
نظراته وهو يسبق نحوّي بسرعة بينما كنت أتخبط عاجزة عن التنفس تحت الماء . …
“لو لم تكوني هنا . …”
مد إثيي يده فجأة وجذبني إلى أحضانه.
“. … لمت.”
اخترقت رائحة منعشة أنفي، وارتجف صدري.
* * *
“إذا استطعت إشعال شجار عاطفي لإثيوس ليعود ميتا . …”
بينما كانت أغلايا تشرب الشاي وتنظر إلى شمس الصباح، راودها هذا التفكير.
“سأكون الإمبراطورة التالية الوحيدة.”
لقد أغرتها السلطة التي ذاقتها من خلال إثيوس.
مع أن نفوذها لا تقارب نفوذه، ولن تتمكن من أن تصبح إمبراطورة بالتمرد كما فعل ابن أخيها.
لكن إذا قُتل إثيوس وهو في طريقه مع كاثرين، فستكون هي المرشحة الوحيدة للعرش.
سيصبح قائد “المنقبون” قاتل الإمبراطور، ويهرب مع كاثرين.
وإذا أصبحت إمبراطورة، فلن تضطر للقلق بشأن كاثرين حتى لو كانت تمسك بضعفها.
أفرغت كوب الشاي ونهضت لتطل على حديقتها من الشرفة.
“الرجال كلهم وحوش عمياء بشهواتهم ، خصوصا عندما يحاول دخيل أن يأخذ المرأة التي بذلتُ جهدي لحمايتها.”
“ملك الظلام” لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذا.
“ليحرقك لهيب الغيرة جميعا.”
* * *
في صباح اليوم التالي، جمعت كاثرين أهل القرية ليروا الياقوت الوردي.
لم يعرفوا قيمته أولاً، لكن عندما شرحت لهم كاترين، انفتحت أفواههم من الدهشة.
“سيتم تقسيم الحجر بعدل بين جميع أهل القرية.”
وافق الجميع، وشكرها رئيس القرية نيابةً عنهم.
لم يصدقوا أن قرية صغيرة نائية ستحظى بهذا الحظ، وقالوا إن الفضل يعود للسيدة روز.
كان الجميع في حالة نشوة، بعضهم سيتمكن من إرسال أولادهم للدراسة في المدينة، وآخرون سيخطبون حبيبتهم.
والآن، في قاعة الاجتماعات، كان هناك ثلاثة رجال يجلسون حول الطاولة.
أو بالأحرى رجلان وكلب.
“هاف، هاف.”
بينما كان الدوق الكبير يستنشق كرسيه، شارك هيروس إثيوس بمحتوى الرسالة التي وصلت من أغلايا بالأمس.
“أنتِ لا تفهمين الحب، يا أغلايا.”
توجهت نظرات هيروس نحو كاثرين خارج النافذة.
كانت نساء القرية يضفرن شعرها الوردي.
كانت تبتسم بوجه مشرق، أكثر بهاءً من الياقوت الوردي نفسه.
“لو كنتُ أريد حبس من أحب في قفص، لكنت فعلتها مئة مرة.”
التعليقات لهذا الفصل " 92"