[انكشفت رعاية الشريرة . الحلقة 69]

بمجرد أن أُصيب السكرتير بظل إثيوس ، سقط مغشيا عليه وهو لا يزال غارقاً في النوم داخل العربة. 

أما الفرسان والجنود، فقد استعادوا وعيهم لكنهم كانوا يحدقون في معسكر إثيوس بحذر شديد.

جلس الرجلان حول طاولة بيضاء ممتدة، وبدأا المفاوضات بناءً على مطالب إثيوس الأحادية. 

“من هذه اللحظة، أعلن لسيد مونتيلا أن إمبراطورية أوزويل لم تعد تحت حكم دوس ديوس كارل كلايد، بل تحت حكم إثيوس فون كلايد.”

ارتسمت الدهشة على حاجبي لانسلوت عند سماع هذا التصريح الجريء.

كان يعرف جيدا قصة الأمير إثيوس المسكين الذي سُلب عرشه من عمه. 

فالإمبراطور الحالي يعامله كشوكة في عينه، حيث جمد ممتلكاته وقيد حركته، تاركا إياه واقفا في الحفلات ككيس قمح بالٍ.

لكن متى استطاع تشكيل هذه القوة الهائلة؟

يبدو أن مهارات فرسانه وجنوده لا تقل عن نخبة قوات مونتيلا.

والأهم من ذلك، قدرة الظل الخارقة.

هل كان إثيوس يخفي هذه القدرة الرهيبة عن الإمبراطور كل هذا الوقت؟

‘مثل وحش يخفي مخالبه، بتخطيط دقيق.’

واصل إثيوس حديثه. 

“لذلك يجب إرسال جميع الوثائق الرسمية التي يوقعها ممثلو الدول إليّ، وعليك يا لانسلوت أوفير قطع العلاقات الدبلوماسية مع دوس ديوس كارل ، ورفض أي طلب لدعم عسكري قد يطلبه في المستقبل، وسأعتبر أي دعم عدوانا صريحا.”

“. لكن سمو الأمير، أنت لست إمبراطورا بعد ،إذا قطعت العلاقات مع دوس كال كلايد ولم تتمكن من الصعود للعرش … سأواجه انتقام الإمبراطور الحالي.”

مدّ إثيوس خريطة الإمبراطورية نحوه.

كانت كل المناطق الحدودية باستثناء العاصمة والمناطق المحيطة بها تحمل أعلاما زرقاء.

أعلام زرقاء ناصعة تشبه عيني الأمير إثيوس.

“هذه هي المناطق التي حصلت على ولائها.”

“!”

“يمكن القول أن 80% من النبلاء خارج العاصمة يدعمونني.”

ارتجفت عينا لانسلوت الخضراوان.

رغم أن إثيوس كان مقيداً في العاصمة تحت مراقبة الإمبراطور، إلا أن نشاط الثورة لم يقتصر على العاصمة.

إرادته القوية نبضت بقوة، وأشعلت دماء من سئموا من فساد وضعف الإمبراطور الحالي.

“مع المجاعات والمصاعب التي تواجهها الإمبراطورية، طمع الإمبراطور الحالي يخترق السحاب، لذا انحاز الجميع إليّ قبل أن تنهار الدولة.”

كان لكاميل، الحليف الجديد لإثيوس ، دور كبير في إقناعهم.

دعاهم لفتح صفحة جديدة معا. 

“هذا سيد إقليم ليكسار، وهذا كونت هينكل، والرجل في الخلف هو البارون الصغير لدولاندورف.”

عندما نظر إثيوس إليهم، انحنوا جميعا ليعلنوا انتماءاتهم.

“. …”

كانت أسماءهم ووجوههم معروفة، مما أثبت صدق هذه الخريطة وكلام إثيوس .

“أجبني، في صف من ستنحاز؟”

أصبح تعبير لانسلوت أكثر جدية وهو ينظر إلى إثيوس.

لم يعودوا قوة ثورية ناشئة، بل أصبحوا التيار الرئيسي للإمبراطورة يحاصرون العاصمة.

الإمبراطور العاجز على وشك أن يُخدع من قبل الأميرة إيلمور بمبلغ 100 مليون عملة ، فكم سيدفع للدفاع ضد هجومهم؟

قبل مغادرته، سمع أن الإمبراطور باع حتى مصانع الأسلحة لشراء المنجم.

يبدو أنه لم يتوقع حتى احتمالية حدوث ثورة.

“احتمالية نجاح الثورة 60%، بل 80% على الأقل، إذا كانت مصانع الأسلحة قد وقعت في أيدي الثوار … . فستتجاوز 90%.”

بعد لحظة من التفكير، فتح لانسلوت أوفير فمه. 

“أنا لانسلوت أوفير من مونتيلا، أقرّ بك كإمبراطور جديد لأوزويل.”

ثم وقّع اسمه على الأوراق التي قدمها أحد مساعدي إثيوس بقلم حبر.

“وكما طلبتم، سأرفض أي طلب لدعم من دوس ديوس كارل.”

لانسلوت سريع في حساباته وحاسم في قراراته، لذا لم يتردد طويلاً. 

قطع العلاقات مع إمبراطور منهزم أفضل من إغضاب الإمبراطورية الجديدة.

“سؤالي واحد : متى تبدأ الثورة، صاحب السمو إمبراطور أوزويل.”

سأل لانسلوت بأدب بعد وضع القلم.

ابتسم إثيوس ابتسامة باردة وأجاب. 

“الثورة بدأت بالفعل ،ولم يتبق سوى أيام قليلة لتصل إلى العاصمة، لقد سدّدنا آذان الإمبراطور، لذا لن يسمع شيئا ،وحتى لو سمع، لن يستطيع فعل شيء، سيواجه نهايته مثل من يُربط ويُغرق في الماء.”

إثيوس فون كلايد، رغم ملامحه الناعمة الوسيمة، كانت يديه خشنيتين كخادم اعتاد على الأعمال الشاقة.

هذا يوضح كم كان طريقهم الشائك الذي ساروه بينما يخبئون مخالبهم.

رغم أن الأمير أصغر منه بعدة سنوات، إلا أن لانسلوت شعر ببعض الإعجاب بإرادته وصبره.

لو كان مكانه، لاعتاد على الإذلال واستسلم، أو تحرك بتهور ووقع تحت سيف الإمبراطور.

‘رجل ذو ذكاء خارق ، يمتلك الحسم والقيادة والصبر، كل شيء، لكن السؤال هو … . من يدعمه؟’ 

كان وضع إثيوس فون كلايد لا يختلف عن النبلاء المنهارين، لذا لابد أنه حصل على دعم ما ليقيم هذه القوة الضخمة الكاملة.

على الأقل، لتوفير أحذية قتالية جيدة لهؤلاء الثوار يحتاج لأموال طائلة. 

ناهيك عن مشاكل الطعام والأسلحة.

‘ هل هو كاميل بياتريس؟ أم رئيس أغلية؟ أم شخصية أكثر أهمية؟’

عندما يجلس حقًا على العرش، سيُكشف النقاب عن داعمه الغامض.

“أثق في نجاح سموك ،هل لي أن أسأل سؤالاً واحدا؟”

تذكر لانسلوت اتفاقه مع كاثرين وابتسم ابتسامة غير مريحة.

ستصل قريبا إلى الحدود، وكان قد وعد بمساعدتها على اللجوء.

اعتقد أن هناك أسبابا سياسية وراء لجوئها قبل منح اللقب، لكن يبدو أنها عرفت أن تحركات الأمير إثيوس غير طبيعية.

“كيف تتعاملون مع نبلاء جناح الإمبراطور؟ أولئك الذين دعموا الإمبراطور الحالي وضغطوا عليكم.”

هبت رياح باردة حركت شعر إثيوس الأسود.

أجاب إثيوس بصوت هادئ دون تردد. 

“حياتهم ستصبح أثقل من الموت.”

شعر لانسلوت ببرودة تسري في ظهره.

“سيُنهبون بقدر ما نهبوا، ويُضطهدون بقدر ما اضطهدوا.”

يبدو أن الإمبراطور الشاب ليس لديه نية في إظهار الرحمة للأشرار.

جميع وزراء الإمبراطور السابق قد تمت تصفيتهم، وأتباع الإمبراطور الحالي هم أشرار يقفون خلف إمبراطور غير كفء لتحقيق مكاسبهم وإيذاء الآخرين، فلا مجال للتعاطف معهم.

“والأمر سيان بالنسبة لعائلة إليمور.”

أثقل جانب من صدر لانسلوت.

كانت رائحة عطرة تفوح من اليد الناعمة التي داعبته.

سدد دينا واحدا بخداع الإمبراطور في صفقة المنجم، لكنه لم ينفذ طلبها الآخر بعد.

أثناء تفكيره، رفع لانسلوت حاجبيه وهو يطرق الطاولة بإصبعه مرتين.

ثم فتح فمه. 

“كدوق لمونتيلا الحليفة، أود أن أقدم عرضا لسموك.”

جلست الأميرة ذات الشعر الوردي على كفة ميزان لانسلوت، متصالبة الساقين بوقاحة.

 وضع على الكفة الأخرى كل ما يملك، وبالكاد وجد ما يعادل قيمتها.

“سأقدم لكم إنتاج عام كامل من معدن الألمينايت.”

أثار كلام الدوق ضجة بين النبلاء خلف إثيوس.

الألمينايت هو معدن يُستخرج فقط في مونتيلا، بنفس قوة معدن الإيلاديوم لكن بمرونة تفوقه عشر مرات.

وكان تصديره محظورا تماما. 

“. …”

شعر إثيوس أيضًا أن الثمن الذي سيطالب به الدوق سيكون باهظا، فتجهم قليلا. 

“كل ما أطلبه هو تسليم أحد أسرى جناح الإمبراطور لي، سالما دون أذى.”

لكن بالنسبة للجميع، بدا كلام لانسلوت تافها. 

كيف يمكن لنبيل واحد سيتم تصفيته أن يساوي كل هذه القيمة؟

في الصمت، حرك لانسلوت شفتيه. 

“الأميرة كاثرين إليمور.”

عندما نطق باسمها، شعر بوخز غريب في صدره.

وفي اللحظة التي وصل فيها اسمها إلى أذنيه، اضطرت عينا إثيوس الزرقاوان بقوة غير مسبوقة.