[انكشفت رعاية الشريرة . الحلقة 136]

اجتمع الجميع هنا ليهنئوا بداية الزواج الملكي اللامع والسامي.  

في خضم احتفال من الأنوار التي تتدفق عبر النوافذ الطويلة، سارت السيدة الفاتنة التي ارتدت فستانا يبدو كالنجوم المنثورة، على السجادة البيضاء الممدودة.  

تحت شعرها الوردي المرفوع بأناقة، خط عنقها النحيل المستقيم، وخصرها الممشوق وخطواتها المتزنة، كلها حملت بالفعل هيبة الإمبراطورة.  

أنفها المستقيم الممتد تحت جبهتها البارزة، عيناها الواضحتان بحَدَّةٍ تحملان بؤبؤاً بنفسجيا عميقا، وشفتاها الزهريتان كأزهار الربيع، كلها جعلتها تبدو كلوحة مائية ساحرة.  

لا أحد هنا تذكر ماضيها أو سمعتها السيئة.  

لقد ذهبت كل تلك الأمور كما يغسل المطر حبوب اللقاح، وأثبتت هي بسيرتها الذاتية أن كل ما لُفِقَ عليها كان مجرد افتراءات.  

في هذه اللحظة، كانت السيدة الأكثر نبلاً في العالم، التي تستحق التبريك من الجميع.  

“سنبدأ الآن مراسم زواج سمو الإمبراطور إثيوس فون كلايد، وسمو الدوقة كاثرين إليمور.”  

نظر رئيس الأساقفة المسن، الذي تولى منصبه بعد عزل كوبل هينتز، إلى الزوجين اللذين يبدأان حياة جديدة بعينين مليئتين بالحب والاحترام.  

توقفت الضجة في القاعة فجأة، وركز الجميع على المراسم المهيبة.  

“منذ أن أنقذ الإمبراطور الأول العالم من الفوضى وأسس إمبراطورية أوزويل، مرت الإمبراطورية بعديد من المحن، إحداها كانت تنصيب إمبراطور مغتصب لا يستحق العرش.”  

انتشرت قصة تروي بداية حكاية الزوجين.  

“في تلك الأيام المظلمة التي سادها الجهل واللامسؤولية، استعد سمو الإمبراطور، الوريث الشرعي للعرش، لقيادة ثورة لإنقاذ شعب الإمبراطورية المعذب، ثورة عظيمة ستقلب الأمور وتعيد السماء الصافية.”  

صوت الأسقف الذي صدى كالرعد جعل قلوب الجميع تخفق.  

كيف يمكنهم نسيان ذلك اليوم المجيد الذي استعاد فيه إثيوس العرش من ذلك الإمبراطور الشرير غير الكفء؟  

نصف الحضور اليوم كانوا من النبلاء والمقاتلين الذين شاركوا في الثورة.  

“لكن بعد نجاح الثورة، قال سموه : لولا شخص واحد، لما نجحت الثورة.”  

اتجهت أنظار الجميع إلى بطلة اليوم، الدوقة كاثرين إليمور. 

“كاثرين إليمور.”  

ساد الصمت العميق القاعة.  

“بعد أن ارتدت قناع الشريرة لإخفاء نبل مقاصدها، قامت بأعمال عظيمة لسمو الإمبراطور.”  

لقد عرف الجميع كيف ساعدت تلك الدوقة اليتيمة، التي فقدت والديها، الإمبراطور إثيوس ودعمت الثوار بمهارة فائقة.  

كما عرفوا أن عائلة إليمور لم تكن شريرة، بل كانت درعا يحمي الإمبراطور إثيوس من الإمبراطور المغتصب.  

“أعلن سموه أنها لو لم تكن موجودة، لما نجحت الثورة، وأن الدوقة كاثرين إليمور هي بطلة الإمبراطورية الأولى، ليس ذلك فحسب، بل إن هذه المرأة العظيمة أنقذت الإمبراطورية مرة أخرى بمساعدة سموه.”  

حرب جران أوردن والدول الغربية.  

قبل أن تدوس حوافر خيولهم الإمبراطورية، خرج الإمبراطور وهي إلى ساحة المعركة وقضوا عليهم، واستعادوا السلام للقارة.  

“هذان الاثنان هما نور وأمل الإمبراطورية، وكما يضيء نوراهما المتحدان السماء أكثر، سيكونان كالشمس فوق رأس أوسويل.”  

ارتفع صوت رئيس الأساقفة القديم المليء بالبركة والعاطفة بعمق.  

“ليحكم الإمبراطور إلى الأبد، وليكن إلى جانبه الإمبراطورة دائما، وبإرادة القدر، أُجيز زواجهما.”  

رفع يديه نحو السقف وهتف.

“ليعش أوزويل بسلام إلى الأبد !”  

تبع الحضور هتاف الأسقف. 

“ليعش أوزويل بسلام إلى الأبد !”  

ثم عاود الأسقف الهاتف. 

“ليعش البيت الإمبراطوري لكلايد إلى الأبد !”  

“ليعش البيت الإمبراطوري لكلايد . …!”  

أما الهتاف الأخير، فكان الأعلى صدى في القاعة. 

“ليعش الحب إلى الأبد !”  

ليعش الحب إلى الأبد—  

إلى الأبد—  

بعد أن تردد الصدى عدة مرات، ساد الهدوء القاعة مرة أخرى.  

انتهت لحظة الهتاف المهيبة المقدسة، وبدأت موسيقى عظيمة ورقيقة تعزف.  

أومأ رئيس الأساقفة القديم إلى إثيوس ، فنظر الأخير إلى كاثرين التي كانت تنظر إلى الأسفل قليلاً.  

ثم التفتت كاثرين ببطء لمواجهة إثيوس.  

فتح إثيوس فمه وقال. 

“أنا، إثيوس فون كلايد، أعلن في هذه اللحظة أنني أتخذ كاثرين إليمور زوجة لي لبقية حياتي.”  

انتشر صوته العميق الواثق في أرجاء القاعة.  

انفجرت هتافات التصفيق كالرعد.  

وضعت كاثرين يدها على صدرها وانحنت قليلاً بإجلال نحو الإمبراطور.  

ثم قالت. 

“أنا، كاثرين إليمور ، أعلن في هذه اللحظة أنني أتخذ سمو الإمبراطور إثيوس فون كلايد زوجا لي.”  

جاء ردها الهادئ الواضح مصحوبا مرة أخرى بتصفيق وهتافات الفرح.  

ثم قدم الخادم المرتدي الزي الرسمي أحد أثمن كنوز كلايد : تاج الإمبراطورة.  

التاج الذي توّج رؤوس إمبراطورات على مر العصور، كان الآن في شكل جديد.  

شكل يليق بالإمبراطورة الجديدة، كاثرين. 

مزيناً بجواهر ثمينة وجميلة أكثر من أي وقت مضى.  

ثم وضع التاج على رأس كاثرين بنفسه.  

مع الفستان الفاخر الذي لا مثيل له، والتاج الإمبراطوري على رأسها، لم تستطع الفتيات كبح حماسهن وسددن أفواههن بأيديهن.  

“ما أجملك.”  

كانت حقا كاللوحة التي رسمت بعناية ودقة، مقدسة ونبيلة وجميلة إلى حد لا يُوصف.  

عدلت كاثرين وضعها بعد وضع التاج.  

عينا إثيوس الزرقاوتان كانتا تلتقطانها بكامل هيئتها كإمبراطورة كاملة الآن.  

“. … كاثرين.”  

همس إثيوس باسمها ثم أمال رأسه.  

ارتجفت رموشها الطويلة قليلاً وهي تغمض عينيها.  

انفجرت الألعاب النارية المعدة مسبقا بصوت عالٍ، وتحولت الموسيقى الهادئة إلى مقطوعة مهيبة كالمارش.  

ارتفعت هتافات الناس القوية كالأمواج المتلاطمة.  

كانت بداية الاحتفال الإمبراطوري.  

* * *  

“ألم أبدو غريبة؟”  

بعد انتهاء حفل الزفاف، عدت إلى غرفة الانتظار وخديّ محمران.  

“آه، لم أتوقع أن يكون الأمر بهذا الإرهاق.”  

أجنيز، التي كانت أقرب من يهتم بي وأمسكت بذيل فستاني، كانت خديها محمرتان أيضًا. 

“لقد أبليتِ بلاءً حسنا، بالتـ – بالتأكيد أنكِ فعلتِ.”  

كانت أيضًا في حالة ذهول من الزحام والهتافات، لدرجة أنني لا أعرف إن كانت تتذكر أي شيء.  

“على أي حال، لقد انتهى الأمر، أخيرا .”  

أنا أنظر إلى انعكاسي الجميل في المرآة، وأضع يدي على صدري وأطلق تنهيدة ارتياح.  

على الرغم من ظهوري كثيرا أمام الناس بعد الاستحواذ، إلا أنني كنت مرتعشة إلى درجة لا تقارن بتلك المواقف البسيطة.  

‘إثيي رائع، لم يبدُ عليه الارتعاش إطلاقا .’  

تخيلتُ مظهره الوسيم الشامخ، فامتلأ صدري بالفخر.  

الآن هذا الرجل الرائع هو زوجي.  

لو لم يمسكني إثيي جيدا أثناء المسيرة الأخيرة، لربما فقدت قوة ساقي.  

“حسب البروتوكول الإمبراطوري، الجدول التالي هو . …”  

أجنيز، التي ساعدتني بلا توقف منذ الصباح، شرعت في إخباري بما يجب فعله بعد ذلك.  

“بينما يجري سموه التحيات مع الضيوف الأجانب والحضور، يمكنكِ تغيير ملابسكِ والاستحمام . …”  

بما أن جميع أغراضي أُرسلت إلى القصر الإمبراطوري هذا الصباح، فلا بد أن الخادمات قد رتبنها الآن.  

الآن القصر الإمبراطوري هو منزلي.  

“أيمكنني الراحة؟”  

حسنا، ربما.

 رفعتُ ذيل الفستان الفاخر بعيدا وجففت العرق.  

أشعر أنني سأنام نوما عميقا الليلة.  

لكن إجابة أجنيز التالية أيقظتني من استرخائي.  

“. … يمكنكِ الاستعداد لليلة الزفاف.”  

آه، ليلة الزفاف.

ت