[انكشفت رعاية الشريرة . الحلقة 124]

 

 

إمبراطورية غران أوردن ، كان قصرها تحفة فنية كئيبة منحوتة من رخام قرمزي.

 

 في قلب ذلك القصر، جلس الإمبراطور أشيب الشعر، بوجهه المغصّن بالشامات، على رأس الطاولة المستديرة، بينما جلس مقابلَه وعلى جانبيه رجال يرتدون أردية سوداء.

 

كانت وجوههم جميعًا شاحبة بدرجة تكاد تزرقّ، وعيونهم بلون فضي مائل للباستيل.

 

“إذا خاننا أولئك الأوغاد من بارزينكا، فلن يكون أمامنا إلا جعلهم يدفعون الثمن غاليًا.”

 

“اثنا عشر فيلقًا قد انطلقوا باتجاه تشين.”

 

“إذا نجح سحرة الفجوة في تحويل كل هؤلاء العبيد إلى وحوش، فستصبح قواتنا قادرة على مواجهة بارزينكا ويوكويبيس معًا، بهذه الطريقة، قد تكون هناك فرصة … .”

 

“سحقا ! لقد بدأت الحرب مبكرًا جدًا.”

 

تكدّر جبين الإمبراطور بالهموم. 

 

لقد سارت الأمور بعيدًا جدًا عن خططهم.

 

على سبيل المثال، لو لم ينجح الإمبراطور إثيوس فون كلايد في ثورته، لكان الإمبراطور السابق غير الكفؤ قد جعل من المستحيل تشكيل تحالف دول معادٍ لغران أوردن بهذا الشكل.

 

حتى محاولتهم تعقب تحركات إثيوس بناءً على معلومات تلقوها مسبقًا من رئيس أغليا لإزالته قد باءت بالفشل.

 

حكومة إثيوس الجديدة، التي أكملت ثورتها المعدة بدقة وتولت العرش، عززت الدفاعات التي كانت هشة سابقًا، بل وتمكنت حتى من اكتشاف تهديدات وغرب وتدابيرها.

 

أما بارزينكا التي وعدت بالتعاون مع غران أوردن، فقد انقلبت عليهم وانضمت إلى الجانب الآخر كالخائنة عندما أدركت أن الأمور تسوء.

 

وحتى الأمير الخامس، أوسويل، قد سُجن.

 

لم ينجح شيء كما خططوا له.

 

“لو أن أولئك الأوغاد تأخروا سنة واحدة فقط في اكتشاف الأمر، لكنا حققنا النصر بالتأكيد.”

 

كانت هناك لحظات ارتياح عندما سمعوا نبأ تصفية ماركيز بارزينكا الذي تسربت منه الأسرار، والدوقة إليمور التي سمعت عن استعدادات الغرب للحرب.

 

“سحقا .”

 

كيف يمكن لكل شيء أن ينقلب بهذا الشكل؟

 

خفض الرجال رؤوسهم بوجوه مظللة، وكأنهم يشعرون بالخزي.

 

“أيها السادة، عليكم أن تبتكروا شيئًا.”

 

حتى تحت ضغط الإمبراطور، لم يبادر أحد بالتحرك.

 

بعد صمت طويل، أشرقت عينان داكنتان لأحد الرجال.

 

“رأس أوزويل هو في النهاية إثيوس فون كلاي، إذا أسرنا شخصًا عزيزًا عليه واستدرجناه، فقد تكون هناك فرصة، على سبيل المثال . …”

 

انزلق اسم امرأة من شفتيه. 

 

“الدوقة كاثرين إليمور ، بطلة الثورة.”

 

صرّ الإمبراطور أسنانه. 

 

بعد سماع التفاصيل، من الواضح أنها كانت العقل المدبر الذي دمر كل خططهم.

 

“يُقال إنه يفكر في جعلها إمبراطورة، ماذا لو استولينا عليها؟”

 

عبس الإمبراطور غير مقتنع.

 

 رجل مثل إثيوس ، النساء لديه كثيرات، ولا يمكن معرفة ما إذا كان هذا سيكون فعالًا.

 

ولكن إذا كانت هناك فرصة، فلا بد من المحاولة.

 

“جربوا، يجب أن تنجحوا بأي طريقة.”

 

 

* * *

 

 

وصلت أخبار مفرحة عن نجاح قوات بارزينكا في عبور تشين بسرعة وصد غزو غران أوردن بصعوبة.

 

 كان من الجيد أن يتمكنوا من منع تعزيزات غران أوردن.

 

“سيدتي … .”

 

كانت أنيس تتحدث بصوت قلق بينما كنت أنظر إلى المرآة، وقد ربطت شعري الطويل الوردي في ذيل حصان وارتديت درعًا خفيفًا نسائيًا.

 

“ألا يمكنكِ البقاء في العاصمة؟ لقد طلب منكِ سموه ذلك.”

 

لقد طلب مني البقاء بأمان في مقر إليمور وانتظار أنباء النصر التي سيحضرها.

 

 لكنني رفضت طلب إثيي.

 

– سأذهب معك، في الواقع، البقاء في الإمبراطورية قد يكون أكثر خطورة.

 

انتظر إثيي بصمت كلامي.

 

– كيف لنا أن نعرف إذا ما كان هؤلاء المحاصرون سيحاولون اليأس الأخير وخطفي كي أكون نقطة ضعف سموك ؟ بمجرد مغادرة الجيش الإمبراطوري، ستضعف دفاعات العاصمة حتمًا، وسحرة الفجوة يستخدمون حيلًا ماكرة.

 

نظر إليّ إثيي بعينين عميقتين، ثم أطلق تنهيدة صغيرة غير راضية.

 

ثم أوصاني. 

 

– لكن ابقي قريبة مني.

 

بالطبع، هذا ما أعتزم فعله.

 

“سأعود دائمًا سالمة، أنيس، فاحرسي المنزل جيدًا.”

 

“سيدتي … .”

 

“لا تقلقي، لماذا تدمعين هكذا؟”

 

إنها تبالغ حقًا.

 

بينما كنت أتفقد درعي وأغادر الغرفة وأهبط الدرج، كان الخدم والوصيفات ينظرون إليّ بعيون رطبة مثل أنيس.

 

“لماذا أنتم كذلك؟”

 

لو رأينا أحدًا، لظننا أننا ذاهبون إلى ساحة المعركة.

 

بحسب حسابات كارون، فإن فرصتنا في النصر في هذه الحرب تتجاوز 90%.

 

عندما فتحت باب القصر، رأيت رجلاً واقفًا، وكأنه كان ينتظر.

 

“صاحبة السمو الدوقة؟”

 

دوق مونتيلا، لانسلوت أوفير، كان واقفًا وهو يلوح ببرقعه الأحمر وينظر إليّ.

 

شعره الفضي اللامع تحت الشمس الساطعة، وعيناه الخضراوان الصافيتان، وبدلته العسكرية التي تبرز رجولته.

 

“لقد طلب مني سموه خدمة.”

 

“خدمة؟”

 

“أن أحميكِ خلال هذه الحرب، لهذا جئت لأصحبكِ بنفسي.”

 

“آه … .”

 

“قال إنه سيهتم بكِ بنفسه، لكنه قلق ألا يتمكن من ذلك بينما يقود الحرب.”

 

تأرجحت عيناي عند سماع ذلك.

 

هذا سيجعلني عبئًا !

 

“حسنًا، كان طلبًا مرحبًا به بالنسبة لي، فلا تقلقي.”

 

لكن لانسلوت رفع زاوية فمه وابتسم ابتسامة خفيفة.

 

كان لانسلوت هو الذي اعترف بمشاعره لي في قاعة الرقص.

 

بالطبع، رفضته.

 

“لن أثقل عليكِ، لستُ رجلاً يتذمر بعد الرفض.”

 

“. …”

 

“سأبقى بجانبكِ لأحميكِ فحسب.”

 

أومأت برأسي.

 

“شكرًا لك، لكنني أستطيع حماية نفسي، فلا داعي للقلق كثيرًا.”

 

ضحك ساخرًا عند ردّي الصريح، ثم مدّ لي بعض الأوراق.

 

“ذلك … .”

 

“تصريح التصرف بمناجم مونتيلا، سمعت من سكرتيرك أنكِ بحاجة إليه.”

 

“نعم.”

 

أخذت الأوراق، ورأيت توقيعه بالموافقة على التصرف بمناجم مونتيلا.

 

عندما اعترف بمشاعره، طلب مني أن أعطي مونتيلا فرصة، وكنت قلقة من أن تتعثر العملية، لكن يبدو أنه ليس من النوع الذي يتذمر بعد الرفض.

 

“قومي بإجراءات التصرف قبل المغادرة، عند العودة، ستنتظركِ أرباح ضخمة.”

 

“شكرًا لك.”

 

تبلغ قيمتها الحالية 40 مليون عملة دين.

 

بما يعادل 40 مليار وون.

 

 ماذا يمكننا أن نفعل بهذا المال؟ المال دائمًا يجعلنا سعداء.

 

استدعيت أنيس وسلمتها الأوراق.

 

“سأهتم بالأمر بمساعدة ماركيز كارون، سيدتي.”

 

في غياب هيروس، سيكون كارون عونًا كبيرًا.

 

“هل انتهيتِ من الاستعدادات؟”

 

أومأت برأسي عند سؤال لانسلوت.

 

من القصر الإمبراطوري البعيد، سمعت هتافًا كأنه يهز الأرض.

 

يبدو أنهم هناك أيضًا قد انتهوا من الاستعدادات.

 

حان وقت الانطلاق.

 

قفز بيو على كتفي وأصدر صوتًا فرحًا.

 

 

* * *

 

 

فتحت جميع الدول الصغيرة طواعية طريقها نحو غران أوردن.

 

رحبوا بنا جميعًا، وقدموا لنا الطعام ومأوىً جيدًا.

 

وصلت أنباء انتصار مبهجة عن استيلاء يوكويبيس على دولتين تابعتين لغران أوردن.

 

أصبحوا الآن معزولين تمامًا، مما جعل نصرنا أقرب بخطوة.

 

لكن الحرب تبقى حربًا، والتهديد كامن في كل مكان.

 

على حدود بارزينكا وغران أوردن.

 

في الصباح الباكر، وقفت على صخرة عالية وسحبت وتر القوس بلا تردد.

 

كانت وحوشًا زرقاء تقترب من موقع الجيش الإمبراطوري.

 

أجسامها كالطين اللزج، وداخلها يتلوى.

 

تــــوك —

 

عندما أطلقت السهم، حلّق بقوة واخترق قلب الظل.

 

رأيت الظل يذوب ويتهاوى.

 

لو كان سهمًا عاديًا، لما كان ليؤثر.

 

سائل خاص اخترعه هيروس بعد دراسة سوائل وحوش الفجوة، يعمل كسم قاتل لهم.

 

كان غمر به رؤوس سهامي قبل الانطلاق، هدية أرسلها هيروس على عجل.

 

“هذا الثالث اليوم.”

 

بينما كنت أستدير مبتسمة، شعرت بشيء يلتف حول قدمي فانتفضت.