[انكشفت رعاية الشريرة . الحلقة 106]

 

 

إلي نظَّر بعينين جامدتين وهو يقرأ محتوى الرسالة التي سلّمتها له.  

 

بعد لحظات، فتح شفتيه بنظرة باردة. 

 

“تحالف الدول الخمس الغربية، هكذا؟”  

 

على هذه القارة، عشرات الدول تتجاور أراضيها، وكان “أوسويل” من بين أعظم خمس إمبراطوريات فيها.  

 

أما “الدول الخمس الغربية”، فتشير عادةً إلى :  

 

“بارزينكا”، “غران أوردين”، “إيدهيلم”، “لاميس”، “تشين”.  

 

من بينها، “بارزينكا” و”غران أوردين” كانتا إمبراطوريتين ضخمتين لا تقلان قوة عن “أوسويل”.  

 

أما الدول الثلاث الأخرى، فبالرغم من صغر حجمها، إلا أن لكل منها سماتها الخاصة.  

 

“الوثيقة السرية من الدرجة الأولى التي أراد الدوق إليمور تسليمها للإمبراطور الخائن … . لم تكن قائمة قوات الثورة ضد سموه.”  

 

أخبرته بصوت هادئ بينما كنت أشعر بدقات قلبي تتسارع. 

 

“هذه الرسالة … . إنها إنذار عاجل بأن الدول الغربية تستعد لغزو أوسويل.”  

 

في القصة الأصلية، لم تصل هذه الرسالة لا للإمبراطور الخائن ولا لإثيي.  

 

لقد مات الدوق إليمور، وأُعدمت كاثرين أيضًا.  

 

على الأرجح، بعد ثلاث سنوات من استكمالهم الاستعدادات، كانت أوسويل ستواجه جيوشهم دون أدنى معرفة مسبقة.  

 

“يجب أن نستعد للحرب بسرعة.”  

 

لم أستطع تقبّل فكرة أن تُداس الإمبراطورية التي كافح إثيي بشدة لبنائها.  

 

“وإلا … . سوف تُبتلع الإمبراطورية بنيران الحرب، لذا … . بأي طريقة . …”  

 

لكن الآن، بما أننا اكتشفنا هذه الرسالة، ربما يمكن تغيير المستقبل.  

 

بينما كنت أعضّ شفتي وأحسّ بيدي ترتعش، فتح إثيي فمه بعد لحظة من التفكير بنظرة ثقيلة. 

“يجب أن نكوّن تحالفًا من جهتنا أيضًا.”  

 

“. …ماذا؟”  

 

كنت أشعر بأن الظلام يحيط بي، غير قادرة على التفكير في أي حل، لكنه أجاب كما لو كانت المسألة بسيطة. 

 

“لا أحد على هذه القارة يرغب في كسر التوازن الحالي.”  

 

“. … آه . …”  

 

“خصوصًا مملكة يوكويبس المقدسة، التي تماثل غران أوردين في القوة، فهي تكرههم لأسباب دينية، إذا كشفنا عن طموحاتهم، سيتحركون لوقفهم.”  

 

في الرسالة، ذُكر أن “سحرة الفجوة المتحولين لوحوش” كانوا تحت سيطرة أحدهم، وكان الأمر واضحًا.  

 

“غران أوردين” هي الوحيدة على القارة التي تستخدم السحر والطوائف المظلمة.  

 

كما قال إثيي، مملكة يوكويبس تمقتهم، ويمكن أن تصبح حليفًا في الحرب تحت ذريعة حرب مقدسة.  

 

لكن يوكويبس وحدها لا تكفي لضمان النصر.  

 

“هل ستساعدنا دول أخرى؟”  

 

“يجب أن نتواصل معهم، لكن الاحتمالات أفضل الآن مقارنة بعهد الإمبراطور الخائن.”  

 

فالإمبراطور الخائن كان قد عقد معاهدات غير عادلة مع الدول الصغيرة المجاورة، ونهب ثرواتهم.  

 

أما بعد تتويج إثيي، عمل كارون على تحسين العلاقات معهم بتخفيف أعبائهم، وكسب دعمهم للإمبراطور الجديد.  

 

“وأيضًا . …”  

 

خطرت لي فكرة تفاوض … . أو بالأحرى تهديد، ففتحت فمي. 

 

“إذا استولت الدول الخمس الغربية على أوسويل، فسوف يستمرون في نهبها بلا رحمة، يجب أن نوضح لهم هذه الحقيقة.”  

 

عندما سمع كلماتي، رفع إيتي زاوية فمه قليلًا، ثم مال بجسده نحوّي مقرّبًا وجهه. 

 

“هذا الجانب المخطط منك … . جذاب جدًا أيضًا.”  

 

ضحك بخفة بينما أنا كنت مذهولة، ثم استقام وحدّق في الرسالة مرة أخرى. 

 

“عندما رأيت ختم هذه الرسالة، عرفت أنه يعود إلى ماركيز ميسيس من بارزينكا، أما البقع البنية فهي بلا شك دمه ، على الأرجح، لقي حتفه بعد تسليمها للدوق إليمور.”  

 

“هل كان من دعاة السلام الذين حاولوا منع حرب القارة؟”  

 

أومأ إثيي برأسه موافقًا. 

 

“ربما، على أي حال، لو لم تأتي بها اليوم . …”  

 

ارتجف قلبي عند كلماته.  

 

“. … لكنا سنجهل ما يحدث تمامًا.”  

 

“. … أنا سعيدة لأننا لم نتأخر كثيرًا.”  

 

ثم وضع الرسالة جانبًا ونظر إليّ. 

 

“بالمناسبة . …”  

 

“. …نعم؟”  

 

“إذًا الحريق الذي اندلع في مكتبة الدوق إليمور … . كان من صنعك.”  

 

ظهرت إحدى ذنوبي الماضية فجأة، فارتعدت أصابعي.  

 

“وإلا، كيف كنتِ تعرفين أن الوثيقة السرية كانت قائمة قوات الثورة؟”  

 

هذا صحيح.  

 

أنا من أحرقت المكتبة بالكامل.

 

 لو اختفت وثيقة واحدة فقط، لاشتبه الإمبراطور الخائن.  

 

أومأت برأسي إيجابًا.  

 

“لكن هذا كان من أجل قوات الثورة.”  

 

نظر إليّ بعينين غامقتين، وصوته الهادئ جعل عيناي ترتعشان.  

 

‘لا، ليس هذا السبب.’  

 

“لطالما كنتِ منقذي.”  

 

نظر إليّ بتلك العينين المليئتين بالعواصف العاطفية.  

 

بينما كنتُ أواجه نظراته وأشعر بقلبي يخفق —

 

“سموك .”  

 

سمعت صوت كارون.  

 

عندها فقط استطعتُ أن ألتقط أنفاسي، بينما ابتسم إيتي بخفة ثم أمر كارون بالدخول.  

 

“سمعتُ أن هناك إنذارًا عاجلًا.”  

 

سلّم إثيي الرسالة لكارون وأمره بصرامة. 

 

“كارون فيرنار، عليك إبلاغ أقسام الأمن في كل دولة بأن القارة في خطر، بناءً على هذه الرسالة.”  

 

ارتعب كارون عند سماع هذا، وقرأ الرسالة بسرعة. تحوّل لون وجهه إلى الشحوب فورًا.  

 

“سـ … . سأنفذ الأمر.”  

 

“وأيضًا . …”  

 

تابع إثيي كلامه بنظرة باردة. 

 

“أخبرهم أننا سندعو شخصيات مهمة لحفل راقص بمناسبة تنصيب الإمبراطور الجديد، سيكون ذريعة مناسبة لجمع ضيوف من جميع الدول.”  

 

كانت رؤية إثيي سريعة ودقيقة.  

 

“كما أن هذه الرسالة كُتبت قبل أشهر، لا بد أن قوات العدو تسللت بالفعل إلى الإمبراطورية وتهدد أمننا، لذا، يجب تعزيز التفتيش.”  

 

“حاضر، سموك .”  

 

رؤيته وهو يتعامل مع الأزمة بثبات جعلتني أشعر بالفخر.  

 

‘إنه حقًا إمبراطور رائع . …’  

 

الضوء المتسلل من النافذة الطويلة غطّاه بلطف.  

 

كما لو كان يحمي شيئًا مقدسًا.  

 

أومأ كارون بإجلال لإثيي، ثم انحني لي أيضًا تحيةً، وغادر.  

 

نظرت إلى إثيي.  

 

الشعور بالقلب الذي غمرني عند اكتشاف الرسالة بدأ يتبدد، وكأنه لم يكن شيئًا.  

 

أحسستُ بتأكيد عميق أننا سنتخطى هذا.  

 

حقًا، إنه لشيء جيد أننا لم نتأخر.  

 

“لن أقول لكِ ألا تقلقي.”  

 

صوته الهادئ اخترق قلبي.  

 

“لكن . …”  

 

أمال رأسه بالقرب مني.  

 

همس بصوت حنون قرب أذني. 

 

“ثق بي.”  

 

ارتجفت كتفي.  

 

ثم التقت عيناي بعينيه وهو يبتعد ببطء عن أذني.  

 

بينما كان ينظر إليّ بتلك النظرة العميقة، مدّ يده وأمسك بيدي برفق، ثم ركع على ركبة واحدة ببطء.  

 

كان يرتدي زيه الإمبراطوري، لذا صعقتني حركته وهممت بالتراجع، لكنه أمسك بيدي بقوة ولم يفلتها.  

 

ثم سمعتُ صوته المنخفض المليء والإصرار. 

 

“سأحمي الإمبراطورية التي منحتيني إياها … . وسأحميكِ أيضًا.” 

“. … سموك.”  

 

ثم وضع شفتيه على ظهر يدي.  

 

شعرتُ بوخز في قلبي وحرارة تعلو خديّ.  

 

أنفاسه كانت قريبة جدًا، وكأنها تلامس جلدي.  

 

“لن أسمح لأي شيء أن يؤذيك.”  

 

عيناها الزرقاوتان الواضحتان تتألقان بعزم راسخ.  

 

* * *

 

هه … . هه . …  

 

كان هيروس يتحدث مع طبيب القصر الإمبراطوري عن حالة الدوق ، عندما رأى كارون يمر مسرعًا في المسافة.  

 

” ماركيز.”  

 

أومأ هيروس للطبيب طالبًا السماح، ثم نادى كارون بصوت عالي. 

 

“أيها الخادم … . أقصد، جيفري ويسلر رئيس النقابة، ما الأمر؟”  

 

توقف كارون واقترب منه.  

 

نظر إليه هيروس بجدية وطلب منه. 

 

“تفقد كويدن، يبدو أن هناك وحوشًا هناك، وصلت الأخبار عبر طائر الرسائل.”  

 

كويدن؟  

 

حدّق كارون في هيروس ثم أومأ برأسه.  

 

كان يعرف بالفعل مدى قوة منظمة “المنقبون”، وعظمة رئيسها. 

 

إذا قال هيروس هذا، فلا بد أن هناك سببًا قويًا.  

 

“شكرًا على هذه المعلومة القيمة للإمبراطورية.”  

 

كم هو مطمئن أن مثل هذا الرجل في صفنا.  

 

‘لو لم تكن ابنة الدوق إليمور، لكان الأمر صعبًا.’  

 

إنها كنز الإمبراطورية.