وكان المعبد الذي يقع فيه رئيس الأساقفة يقع في ضواحي العاصمة على مسافة كبيرة مِنها، كان هذا جزئيّاً بسبب العقيدة التي دعتْ إلى ضرورة الإبتعاد عن العالم العَلماني، وجزئياً لأسباب عمليَّة لمحاولة إقامة مسافة معيّنة مِن مجال نفوذ الإمبراطور، كان هناك في العاصمة العديد مِن المعابد الصغيرة التي يرتادها العوّام. ومع ذلك، عندما كان لدى النبلاء الوقت كانوا يقومون بزيارة هذا المعبد، الذي يتمتّع أيضاً بمناظر طبيعيّة جميلة وخلّابة، حتى العائلة الإمبراطورية كان عليها أنْ تأتي إلى هنا مِن أجل بعض الأسرار المهمَّة، وكانت هذه أيضاً إحدى الطرق لتأكيد سلطة المعبد.
ذهب سيدريك إلى الغابة مع العديد مِن الفرسان تحت قيادته للوصول إلى المعبد، كانت هناك عربة في زاوية غريبة في منتصف الطريق. قام فريل الذي كان في المقدّمة، بسحب زمام حصانه ليتوقّف، كما توقّف سيدريك مِن بعده.
“ماذا يحدث هنا؟”
خلع السائق قبّعته وأحنى رأسه خجلاً.
“سامحوني أيُّها الفرسان، لقد انفصلتْ عجلة عربتنا.”
“خرجتْ العجلة؟”
نظرَ فريل إلى سيدريك وعندما أومأ برأسه، نزلَ فريل مِن فرسه، لقد كانوا يمتطون الخيول، لذلك كان بإمكانهم أنْ يبتعدوا تماماً عن الطريق ويمرّوا، لكن لم يكن سيدريك ولا الفرسان مِن هذا النوع مِن الأشخاص، ولم يكن لديهم سبب للإستعجال، شاهد سيدريك الوضع للحظة، لقد انفكّتْ الدعامة التي تربط المحور بالعجلة لسبب ما، ممّا تسبَّب في خروج العجلة.
وبَّخ فريل السائق بقوّة.
“هذا أمر غير طبيعي، كيف كنتَ تتعامل مع العربة؟”
مسحَ السائق المتوتّر جبهته بيده.
“كنتُ أقود بحذر، ولا أعرف كيف حدثَ ذلك.”
نزلَ سيدريك من فرسه وذهب إلى فريل.
“يمكنكَ إصلاحه؟”
“إنَّها ليست بتلك الصعوبة، تحتاج فقط إلى تركيب العجلة وإعادة الدعامة، يتطلّب ذلك بعض القوّة، لكن يبدو أنَّ الأشخاص الموجودين داخل العربة كانوا مِن النساء، لذا لم يتمكّنوا مِن إصلاحها.”
أومأ سيدريك برأسه، اقتربتْ منه شابة تقف في ظلِّ شجرة على بعد مسافة قصيرة مع خادمتها، يبدو أنَّها صاحبة العربة.
“شكراً لكَ على مساعدتكَ.”
“على الرحب والسعة.”
وإلتفتَ سيدريك للنظرِ إليها، وفي تلك اللحظة كان سيدريك مذهولاً، كان للشابة نفس الوجه الذي رآه في حلمه، إنَّها أصغر سناً، وأجمل بكثير، لكنَّها بالتأكيد لا تزال نفس المرأة.
قالت الشابة بهدوء.
“كنتُ قلقة بشأن الإضطرار إلى المشي مِن هذا المكان إلى المعبد.”
تدخّل فريل وضربَ صدره.
“كيف يمكن لسيّدة جميلة أنْ تمشي مِن هنا إلى المعبد؟ لا تقلقي سنقوم بإصلاحه على الفور.”
نظر سيدريك إلى فريل بإزدراء.
وهذا ليس شيئاً يمكنه ضمانه، لقد كانت عادة فريل السيّئة أنْ يتباهى أمام النساء الجميلات.
ابتسمتْ الشابة بهدوء، بدتْ وكأنَّها ابتسامة مريرة وبدا في نفس الوقت أنَّها كانت تحاول احتواء ضحكتها، وأظهرتْ وجهاً حزيناً. نظر سيدريك بعيداً عن وجهها، وهو يشعر بالإرتباك.
تمَّ إصلاح العربة بسرعة، وشكرتْ الشابة الفرسان واحداً تلو الآخر.
“أنا آسفة لإزعاجكم.”
مرّة أخرى، تحدّثَ فريل بدلاً مِن سيدريك.
“ليس عليكِ أنْ تعتذري، ومِن واجبنا مساعدة مَن يحتاج، أنتِ سيدة جميلة، ومِن الخطر أنْ تخرجي دون مرافقة.”
“إنَّه مجرّد رحلة منتصف النهار إلى المعبد، نحن في منتصف الطريق لذا فالوضع ليس مناسباً الآن، ولكن عندما نصل إلى المعبد سأشكركم بشكل صحيح.”
ردَّ فريل.
“لا لم يكن عليكِ….”
ولكن سيدريك أومأ برأسهِ بالموافقة، ثمَّ فتح سيدريك باب العربة بنفسه، وبدتْ الشابة تحمرّ حياءً. تحدّثَ سيدريك ومدَّ يده لها لتستند على يدهِ أثناء صعودها.
“مِن فضلكِ تابعي.”
تردَّدتْ أرتيسيا وتحوّل خدّيها إلى اللون الأحمر، لكنّها أمسكتْ بيده أخيراً ودخلتْ العربة.
انقسمَ فرسان سيدريك على ظهور الخيل إلى قسمين، كان البعض متقدّماً قليلاً عن العربة والبعض الآخر خلفها قليلاً، أدركتٔ أرتيسيا أنَّ السبب في ذلك هو أنَّهم كانوا يعتزمون العمل كمرافقين لها. عندما أصبحتْ أبواب المعبد في الأفق، سارعتْ مجموعة سيدريك وابتعدتْ، لم يكونوا متّجهين مباشرة إلى المعبد، لكنّهم خطّطوا لزيارة المقر الشخصي لرئيس الأساقفة.
بمجرّد توقّف عربة أرتيسيا عند المدخل الرئيسي للمعبد، ركض الكاهن لإستقبالها.
“مرحباً سيّدة روسان.”
“أشكركَ على حضوركَ لإستقبالي على الرغم مِن زيارتي غير المتوقّعة.”
أمرتْ أرتيسيا خادمتها أليس بإخراج صندوق صغير كانت قد أحضرته.
“لقد أحضرتُ الشموع المعطّرة، أودُّ أنْ أقدّمها للرب.”
“اتّبعيني مِن فضلكِ، أنا متأكّد مِن أنَّ الرب سيكون سعيداً جداً بتفانيكِ الكبير، يا سيدة روسان.”
كان الكاهن مسروراً، كانت الشموع المعطّرة بداخلها لا أهميّة لها، لكن الصندوق كان به قطعة ثمينة مرصّعة بالياقوت في وسطها، وتمَّ تشكيلها بالذهب وتغطيتها بالساتان، كان هذا أفضل بكثير مِن التبرّع المباشر، وعلى الرغم من أنَّ المعبد كان عَلمانياً منذ زمن طويل، إلَّا أنَّهم ما زالوا يريدون التظاهر بأنَّهم فقراء وصادقون.
تبعتْ أرتيسيا ببطء الكاهن بالصندوق، ولم يأخذها الكاهن إلى القاعة الرئيسيّة، بل إلى معبد صغير به الضريح. اقتربتْ أرتيسيا مِن الضريح وركعتْ باحترام، فتحتْ الصندوق وأخرجتْ ثلاث شموع، ثمَّ وضعتهم أمام الضريح وأشعلتهم وضمّتْ يديها.
تمتمت أرتيسيا: “عندما كنت طفلة، صلّيتْ كثيراً، لكنّني لم أُصلّي بإخلاص إلى الله مرّة أخرى منذ أنْ بلغتُ السادسة عشرة مِن عمري. لكنّني الآن أردتُ أنْ أفعل ذلك مِن كلّ قلبي…. لقد استخدمتُ التعويذة وضحّيتُ بجسدي مِن أجل ذلك، لكن أرجوك إغفر لي، الدوق الأكبر إيفرون هو رجل عادل يُرجى الإعتناء به. أخيراً، احمِ ليسيا.”
مُقابل كل شمعة قدّمتْ صلاة، ولمّا وقفتْ بعد صلاة قصيرة، سألها الكاهن بأدب.
“هل ترغبين في رؤية رئيس الأساقفة؟”
“لا، سأتناول الشاي وأرتاح قبل أنْ أعود.”
“ثمَّ أعدَدتُ لكِ شُرفة المراقبة.”
“وهناك شيء آخر، مِن فضلكَ.”
غمزَتْ أرتيسيا في خادمتها أليس، أخرجتْ أليس بسرعة عملة فضيّة مِن جيبها وأعطتها للكاهن، أمسكَ الكاهن بالعملة الفضيّة بشكل عرضي ووضعها في كمّهِ.
“لقد ساعدَنا بعض الفرسان في إصلاح عجلة عربتنا في طريقنا إلى المعبد، أودُّ أنْ أشكرهم بشكل مناسب، فهل يمكنكَ إرشاد خادمتي إليهم؟”
“إذا كان الأمر يتعلّق بفرسان، فلابدَّ أنْ يكونوا تحت قيادة صاحب السمو الدوق الأكبر إيفرون.”
نادى الكاهن بالخادم وطلب منهُ أنْ يقود أليس، ثمَّ قاد هو نفسه أرتيسيا إلى شُرفة المراقبة، تبعَت أرتيسيا الكاهن ببطء عبر المعبد.
ولأنَّ المعبد يقع في مكان جميل، فإنَّ الكثير مِن الأشخاص الذين جاؤوا استغلّوه أيضاً للإسترخاء، بالإضافة إلى ذلك، عاشت بعض السيّدات النبيلات المتديّنات في مكان قريب، وجئن إلى المعبد يومياً، ولهذا السبب، تمَّ بناء العديد مِن شُرفات المراقبة على الأراضي الواسعة للمعبد، حتى يتمكّن الزوار مِن الإستمتاع بالمناظر الطبيعيّة الجميلة دون انقطاع عن الآخرين.
انتظرتْ أرتيسيا لبعض الوقت بمفردها، جالسة في شُرفة المراقبة حيث أرشدها الكاهن، أنتجَ التيّار الذي يتدفّق بجانب شُرفة المراقبة صوتاً متناغماً، لقد مرَّ حوالي نصف ساعة قبل أنْ تعود أليس مع الخادم، كان الخادم يحمل غلّاية شاي بها ماء ساخن وسلّة مِن الخيزران، بينما كانت أليس تحمل صندوقاً من طقم الشاي.
“سيدتي، لقد وزّعتُ صناديق الغداء حسب تعليماتكِ.”
“أحسنتِ.”
الطعام المُقدّم في المعبد لا يشمل منتجات اللحوم، لذلك، لن يكون ذلك كافياً للفرسان، لقد خطّطتْ أرتيسيا لهذا الأمر منذُ البداية، لذلك قامت بتجهيز الكثير مِن الطعام.
“لقد قمتُ أيضاً بدعوة الدوق الأكبر كما أمرتِ، سيّدتي، يجب عليكِ أيضاً أنْ تأكلي شيئاً.”
بينما كانت أليس تتحدّث، فتحت صندوق طقم الشاي الذي أحضرتهُ وأخرجتْ الأشياء التي كانت في سلّة الخيزران، لم يكن لدى أرتيسيا الكثير مِن الشهيّة، لكن كان عليها أنْ تعد الطاولة لأنَّها دعتْ الدوق الأكبر.
وضعتْ أليس بعض الأطباق على الطاولة، مع شرائح صغيرة من السندويشات والكيك والبسكويت والمربّى، وفي هذه الأثناء، أعدَّتْ أرتيسيا الشاي بنفسها، انجرفتْ رائحة الحمضيّات المُنعشة في الهواء، عندما سكبتْ أرتيسيا الشاي في كوب الشاي الخاص بها.
وصل سيدريك أخيراً إلى شُرفة المراقبة الخاصة بها، نهضتْ ارتيسيا مِن مقعدها، كان قلبها ينبض، لم تشعر بهذه الطريقة مِن قبل، ولم تكن متأكّدة ممّا إذا كان ذلك بسبب التوتّر.
أحنت أرتيسيا رأسها بإحترام.
“أُحيّيكَ مرّة أخرى، يا صاحب الجلالة، الدوق الأكبر إيفرون. أنا أرتيسيا روسان.”
أضافَ سيدريك بضع كلمات لتأكيد ما قالته للتو.
“الماركيزة روسان.”
“نعم، أنا ابنتها.”
“إذاً، كنتِ تعلمين أنَّني الدوق الأكبر إيفرون، وخطّطتِ لكلّ هذا لإقامة علاقة معي، فيجب أنْ تعلمي أيضاً أنَّ الماركيزة روسان لا تعجبني، أليس الأمر كذلك؟”
“لقد أدركتُ ذلك.”
“أنا لستُ بهذا الغباء، كيف يمكن لعجلة عربة جيدة تماماً أنْ تسقط بهذه الطريقة؟”
وتابع سيدريك.
“حتى أنَّكِ قمتِ بإعداد صناديق الغداء، كما لو كنتِ قد خطّطتِ لكلّ شيء مِن البداية.”
كانت أرتيسيا خجلة بعض الشيء.
“هناك شيء أريد أنْ أخبركَ به، لو لم أقم بهذا الاتّصال البسيط، لكنتَ قد استدرتَ بمجرّد أنْ عرفتَ أنَّني ابنة ميريلا روسان.”
نظرَ سيدريك إليها بصمت، وعلى الرغم مِن كلّ شيء، فإنَّه لم يكن ليعطي الأمر أهميّة كبيرة، لولا الحلم الرهيب الذي راوده الليلة الماضية. ونظرَتْ أرتيسيا إليه مباشرة في عيونه.
فكر سيدريك: “أعتقدُ أنَّ عينيها الفيروزيّتين الكبيرتين تشبهان الأحجار الكريمة، على عكس النظرة الحزينة التي رأيتها في الحلم، كانت عيناها تشرقان بحرارة…”
فجلس سيدريك.
“آمل أنْ يكون ما ستقوليه لي ذا قيمة وألَّا تضيّعي وقتي.”
أحنتْ أرتيسيا رأسها مرّة أخرى باحترام.
“شكراً لكَ.”
بينما كانت أرتيسيا تسكب الشاي الساخن في كوب الشاي، تردَّد سيدريك للحظة.
فكر سيدريك: “لم أشعر بالراحة حقاً، كنتُ أعلم أنَّها كانت تحاول القيام بشيء ما، على الرغم مِن أنَّني كنتُ أعتقد أنَّها مزحة سيّئة في أسوأ الحالات، ولم أستطع أيضاً تجاهل أنَّها ابنة الماركيزة روسان.”
ومع ذلك، قرَّر سيدريك أنْ يشرب كوباً مِن الشاي على الأقل، يمكنه النهوض والمغادرة في أي وقت.
“مِن فضلكَ، تزوّجني.”
سعلَ سيدريك وأختنق بسبب الشاي الساخن.
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 7"