6
أومأت أرتيسيا، فكرت: “لم يكن هناك سبب آخر يجعل ميريلا في مثل هذا المزاج السيّئ، كان لورانس يبلغ مِن العمر 25 عاماً فعلاً، حتى الابن الأكثر دلالاً، في هذا العمر، يرغب في الإبتعاد عن أمّه والحصول على المزيد مِن الحريّة، وهذا ينطبق بشكل خاص على شخص نشأ مثل لورانس، ليكون أنانياً في كلّ شيء…”
“هل قال إلى أين هو ذاهب؟”
في هذه المرحلة، أدركتْ صوفي أنَّ اهتمام ميريلا قد تحوّل إلى موضوع آخر، لذلك واصلتْ تصفيف شعر أرتيسيا.
تنهّدتْ ميريلا فقط عند سؤال أرتيسيا، ثمَّ قامتْ أرتيسيا بمواساة ميريلا بكلماتها كما كانت تفعل.
“لورانس لديه العديد مِن الأصدقاء، والعديد مِن الأشياء للقيام بها، لذلك لا يمكن مساعدة ذلك.”
“نعم، أنا أعرف، أخوكِ رجل رائع، والكثير مِن الناس يقفون خلفه.”
رثَتْ ميريلا.
“آمل ألَّا يكون أسيراً مِن قبل بعض العاهرات.”
“لا تقلقي، أخي رجل ذكي.”
“لكن المشكلة مع النساء مختلفة، مهما كان الرجل عظيماً، إذا قرَّرتْ المرأة إغوائه، فسوف يستسلم لها في النهاية، لأنَّ الرغبة الجنسيّة هي غريزة ذكوريّة.”
فكرت أرتيسيا: “ميريلا كانت تقول ذلك طوال الوقت. تساءلتُ دائماً عمّا إذا كانت هذه حكمة أم تحيُّز بناءً على تجربتها الخاصة… على أي حال، عرفتُ تماماً ما كان عليّ أنْ أُجيب عليه، أرادتْ ميريلا أنْ تسمع شيئاً يريحها…”
“كيف يمكن لأخي أنْ يفعل ذلك؟ لقد قامتْ الأم بتربية أخي بتفانٍ كبير، إنَّه ليس هذا النوع مِن الأشخاص.”
تمتمت أرتيسيا في نفسها: “عندما كنتُ أصغر سناً، كنتُ أنتبه إلى كلمات ميريلا، لكنّني عرفتُ الآن أنَّ ميريلا لا تهتم إلَّا بمصالحها الخاصة…”
أومأتْ ميريلا برأسها على كلماتها.
“هذا صحيح، أخوكِ يختلف عن الرجال الآخرين، ومع ذلك فأنا قلقة عليه، بعد كلّ شيء، عندما يقع الرجل في حب امرأة، ينسى والدته، لن تفعلي ذلك، أليس كذلك؟”
قالت أرتيسيا بأدب.
“بالطبع لا يا أمي، سأظل دائما بجانبكِ.”
ابتسمتْ ميريلا بارتياح.
“هذا واضح، أنتِ ابنتي.”
بينما كانوا يتحدّثون عن ذلك، أنهتْ صوفي تجعيد شعر أرتيسيا بالكامل، كانت لدى صوفي تقنية جيّدة في تسريحات الشعر، لكنّها بالغتْ وكانت تجعيدات شعرها قصيرة جداً.
بدتْ ميريلا راضية عن تسريحة الشعر.
“طاب يومكِ، تذكّري أنْ تتبرّعي ببعض المال وحاولي تجديد نشاطكِ، يجب عليكِ دائماً الإنتباه إلى المعبد.”
استجابتْ أرتيسيا بطاعة.
“نعم أمي.”
تمتمت أرتيسيا: “عندما كنتُ في الخامسة عشرة مِن عمري، خطرتْ لي فكرة إنشاء شبكة معلومات، فاقترحتُ التبرّع للمعابد وتوزيع الأموال على الكهنة، كما أمكنني شراء الخادمات والخدم مِن القصر الإمبراطوري. لقد حاولتْ ميريلا عدّة مرّات القيام بأشياء مماثلة مِن قبل، ومع ذلك، فقد فشلتْ في كلّ مناسبة، لأنَّه بالمقارنة مع المبلغ الكبير مِن المال الذي أنفقتُه، لم تحقّق نتائج جيدة جداً، في النهاية، نجحتْ بعد أنْ وضعتْ كلماتي موضع التنفيذ، ومع ذلك، تصرّفتْ ميريلا كما لو أنَّها خطّطت لكلّ شيء بنفسها وأنَّني لم أكن سوى المسؤولة عن المُهمَّة. ومع ذلك، لم أكن مستاءة، وفي شهر على الأكثر سيتغيّر كلّ شيء، لم أرغب في الجدال أو التعرّض للضرب بسبب أمر تافه كهذا، سأتصرف كما في السابق، وكأنَّني لا أعرف شيئاً…”
وبمجرّد أنْ غادرتْ ميريلا، سألتها صوفي بقلق.
“سيدتي، هل أنتِ بخير؟”
“إنَّه ليس شيئاً جديداً، أليس كذلك؟”
“نعم، ولكن لا يزال.”
“ألبسيني فستاني.”
“نعم بالتأكيد.”
أسرعت صوفي. لم تكن أرتيسيا ترتدي مشد.
فكرت أرتيسيا: “عندما كنتُ طفلة، كانت ميريلا تجبرني على ارتداء مشد صغير لجعلي أبدو أفضل قليلاً، ومع ذلك، عندما بدأ جسدي يبدو جسد امرأة ناضجة، منعتني مِن ارتداء أي ملابس ضيّقة، قائلة إنَّ ذلك سيجعل الرجال يفكّرون بأفكار قذرة…”
أثارتْ صوفي ضجّة عليها وألبستها فستاناً مخطّطاً باللون الأخضر الداكن، وأخيراً، أجلستها صوفي على كرسي ووضعتْ يديها في شعر أرتيسيا، ثمَّ، أثناء تدليك فروة رأسها، قامتْ بتمديد تجعيدات الشعر التي كانت تُجعّدها سابقاً للحصول على تسريحة شعر مثاليّة، تمَّ تمديد الضفائر إلى المستوى الصحيح، كان لشعر أرتيسيا الطويل جداً لون جميل للغاية، لذا بدتْ جميلة جداً بتصفيف شعرها.
نظرتْ أرتيسيا بشكل مُحرج في المرآة وعبثتْ بأطراف شعرها.
قالت صوفي بمرح.
“ماذا تعتقدين؟ لا داعي للقلق، فبحلول وقت عودتكِ سيكون شعركِ قد أصبح مستقيماً، على أي حال، مجرّد رش الماء يمكن أنْ يزيل التجعّد.”
لم تعرف أرتيسيا كيفيّة الرد، ولم تهتم أبداً بمظهرها، ومع ذلك، كانت هذه هي المرّة الأولى التي تخرق فيها خادمتها قواعد التزيين بهدف جعلها تبدو جميلة، وعندما تشعر أرتيسيا بالرضى، تقوم بإعطاء عملة فضيّة للخادمات كعربون تقديرها لعملهن.
فكرت أرتيسيا: “هل مِن المقبول أنْ أبدو جميلة في المقام الأول؟ كنتُ أُعاني دائماً مِن قلق مخيف بشأن ما إذا كان مِن الصواب لي أنْ أفعل شيئاً لنفسي.”
لقد إتّخذَتْ أرتيسيا قراراً حازماً: “لابدَّ لي مِن الإبتعاد عن والدتي في أقرب وقت ممكن…”
سألت صوفي بنظرة قلقة.
“لا يعجبكِ؟”
هزَّتْ أرتيسيا رأسها، وفتحتْ درج الخزانة، وأخرجتْ عملة فضيّة وأعطتها لصوفي.
“على العكس مِن ذلك، لقد قمتِ بعمل جيد اليوم.”
قبلتْ صوفي العملة الفضيّة بكلتا يديها وأحنتْ رأسها.
“رائع، شكراً جزيلاً.”
في تلك اللحظة، كان بالإمكان سماع صوت فتح الباب، جاءت أليس بعد الإنتهاء مِن ما أمرتْ به أرتيسيا، وتفاجأتْ برؤية أرتيسيا.
“سيدتي، أنتِ جميلة جداً اليوم.”
صوفي وضعتْ علامة النصر سراً خلف أرتيسيا، لاحظتْ أرتيسيا وثبّتتْ نظرتها على صوفي، همهمتْ صوفي وهزَّتْ كتفيها.
قالت أليس، التي كانت أكثر حيويّة من صوفي، بمرح.
“أنتِ تبدين جميلة حقاً، سيكون أمراً رائعاً إذا كنتِ تبدين دائماً مثل هذا.”
“أنتِ جيدة في الكلمات، لن تحصلي على أي شيء مِن الإطراء، هل فعلتِ كلّ ما طلبتهُ؟”
“نعم، لقد قمتُ أيضاً بتعبئة صناديق الغداء بشكل صحيح ووضعها في العربة.”
“أحسنتِ.”
كما أعطتْ أرتيسيا أليس عملة فضيّة.
وأخيراً أعطتها صوفي قبّعة صغيرة مزيّنة ببضعة زهور، أخذتْ أرتيسيا مظلّتها ذات اللون البنّي والتي كان في نهايتها خط أخضر ليتناسب مع الفستان.
خرجت أرتيسيا مع أليس.
“لقد بدأت عمليّة تغيير المستقبل للتو…”
في ذلك الوقت، كان الدوق الأكبر سيدريك إيفرون في ثكنة خارج العاصمة.
كان سيدريك ابن الأخت الشرعية للإمبراطور غريغور، بعد وقت قصير مِن وفاة الإمبراطور السابق وصعود الإمبراطور الحالي غريغور إلى العرش، أُتِّهمَ والدا سيدريك زوراً بالتآمر وتمَّ قتلهما. في ذلك الوقت، ماتت العائلة الإمبراطورية بأكملها تقريباً، باستثناء أبناء الإمبراطور الحالي غريغور. ومع ذلك، نجا سيدريك، الذي كان طفلاً رضيعاً، ورويغار الذي كان يبلغ مِن العمر 13 عاماً، مِن التطهير السياسي. كان للإمبراطور الحالي غريغور ثلاثة أطفال مِن زوجته الإمبراطورة، وكان لديهِ لورانس مِن ميريلا محظيته. ومع ذلك، فقد مات أطفاله مِن الإمبراطورة جميعاً قبل عيد ميلادهم العاشر بسبب مرض أو حادث. تردَّدتْ شائعات بأنَّ الإمبراطور غريغور أُصيب بلعنة لأنَّه قتلَ أخته وزوجها. حتى أنَّ هناك شائعات بأنَّ شبح الإمبراطورة الأرملة الراحلة يطارد قبور الدوق الأكبر والدوقة الكبرى إيفرون الأبرياء، وتذرف دموع مِن دماء. قام الإمبراطور غريغور بإلقاء القبض على جميع الأشخاص الذين نشروا مثل هذه الشائعات وإعدامهم، لكن شخصيّته العنيفة والمستبدّة تضاءلتْ مع تقدّمه في السن، إضافة إلى ذلك، فإنَّ الوفيّات المُتتالية لأبنائه مِن الإمبراطورة تركتْ أيضاً انطباعاً قوياً لديه. في النهاية أعاد الإمبراطور غريغور عائلة إيفرون إلى وضعها الأصلي، أُصيبَ سيدريك بخيبة أمل مِن السلطة، لذلك، وعلى الرغم مِن إعادة عائلته إلى منصبها، ظلَّ صامتاً لحماية دوقيّة إيفرون الكبرى دون أنْ يفكّر في دخول الساحة السياسيّة. لكن… عندما ارتفعتْ سُمعة سيدريك، استدعاه الإمبراطور غريغور بالقوّة من الشمال، ووضع الجيش الغربي الإمبراطوري تحت قيادته لإعادة النظام إلى المنطقة الغربيّة التي أُبتليَت بالوحوش.
في الغرب، كانت هناك موجات مِن الوحوش، وهذا يعني أنَّ الوحوش، التي زاد عددها تدريجياً على مرّ السنين، كانت تهاجم موطن البشر، عندما أصبح الوضع خطيراً، تمَّ تدمير أكثر مِن نصف السهول الغربيّة بسبب هجمات الوحوش وكان الطعام نادراً كما هو الحال في أوقات المجاعة، وحتى انتشرت شائعات حول ممارسة أكل لحوم البشر، وكان الإتّجار بالبشر شائعاً أيضاً. لقد فقدَ الناس منازلهم وتجوّلوا، تمَّ تدمير الصناعات، بما في ذلك الزراعة، ومع ذلك، فإنَّ إمبراطورية كراتيس، التي فقدَتْ أُسسها، لم تتمكّن حتى مِن التدخّل في المنطقة الغربيّة، كان على سيدريك أنْ يبدأ بإعادة بناء الجيش الغربي، وبعد رحلة طويلة، احتلّ مساحة كبيرة خارج الحدود وأقام حصناً، لفترةٍ مِن الوقت، لن يضطرّ إلى محاربة العدد المتزايد مِن الوحوش، لقد كان انتصاراً عظيماً. إلَّا أنَّ الإمبراطور غريغور لم يكن قد أعطى الموافقة بعد على إقامة مراسم العودة المنتصرة، ولهذا السبب، بقيَ سيدريك لمدّة شهرين في بعض الثكنات خارج المدينة.
“الآن ليس الوقت المناسب لتكون عنيداً.”
أعربَ الملازم فريل عن أسفهِ.
“دعنا نذوب، الحفل ليس مُهمَّاً، يكفيكَ يا صاحب الجلالة أنْ تدخل أولاً وتنحني للإمبراطور وتقول الجيش بخير، كلّ شيء أصبح ممكناً بفضل جلالته.”
“فريل. ثمَّ سوف يشكرنا جلالة الإمبراطور على العمل الشاق، ويقدّم لنا بعض الفوائد والوليمة، هذا ما يفعله الجميع، أليس كذلك؟”
قال سيدريك بحزم.
“هؤلاء الجنود الذين عانوا لأكثر مِن عام دون تجديد قوّاتهم ودون إمدادات يستحقّون الحصول على هذا التكريم.”
فكر سيدريك: “لن يكون من الصعب عليّ الدخول والإنحناء للإمبراطور، ولكن هذا لن يكون صحيحاً.”
“ليس هناك حاجة لإقامة حفل كبير، ولكن علينا أنْ ندخل العاصمة رسمياً، لا يمكن أنْ تعتمد مكافآت الجدارة في المعركة على المال وحده.”
وبدا سيدريك جاداً.
“ولا يمكننا أنْ نذوب يا فريل، وعلى الرغم مِن أنَّنا حقّقنا انتصاراً كبيراً، إلّا أنَّه بعد بضع سنوات، سيحدث نفس الشيء مرّة أخرى، ماذا تعتقد سوف يحصل؟”
“في هذه الحالة، سيتعيّن على جلالة الإمبراطور أنْ يتصرّف بهدوء ويلتقي بالدوق الأكبر إيفرون، إذا انهارَ الغرب، فإنَّ الإمبراطورية بأكملها ستكون في خطر.”
ومع ذلك، لم يستطع سيدريك إلَّا أنْ يتنهّد قليلاً.
“أعرف ما الذي تتحدّث عنه يا فريل، لا يمكننا أنْ نبقى هكذا إلى الأبد.”
“ماذا ستفعل؟”
“أعتقدُ أنَّني سأطلب مِن رئيس الأساقفة أنْ يتوسّط كوسيط.”
أظهرَ فريل تعبيراً مشكوكاً فيه.
لم يكن الإمبراطور على علاقة جيدة بالمعبد.
“حسناً، هل سينجح ذلك؟”
“عليَّ أنْ أُجرِّب، على أي حال، كنتُ أخطّط للذهاب إلى المعبد لأنَّه كان لدي حلم مزعج.”
“حلم؟”
“نعم.”
ظهرتْ في حلم سيدريك إمرأة لم يرها مِن قبل، كانت إمرأة ذات شعر أشقر لامع، وكانت تبكي بلا إنقطاع دون أنْ تنطق بكلمة واحدة، لدرجة أنَّ وجهها كان مُبلَّلاً بالدموع.
فكر سيدريك: “بطريقة ما، يمكن اعتبار هذا كابوساً، ولكن بدلاً مِن الشعور بالخوف، لسبب ما، شعرتُ بالأسف عليها، شعرتُ باليأس والإختناق، كما لو كان صدري ينضغط، لقد كان حلماً تركَ لدي طعماً مريراً في نواحٍ عديدة…”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

عالم الأنمي عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!

إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 6"