كانوا على المائدة أثناء الإفطار كالمعتاد، كان لورانس يجلس على رأس المائدة، وكانت ميريلا تجلس بجانبه. على الرغم مِن وجود الخدم، أحضرَتْ ميريلا لورانس شخصياً وتحدّثتْ إليه بلطف وهو يدهن الخبز بالزبدة ويقطّع السمك.
“كان الجو حاراً بعض الشيء الليلة الماضية، هل نمتَ جيداً؟”
“نعم، تنخفض درجة الحرارة مع حلول الظلام.”
“ولكن بمجرّد شروق الشمس، يصبح الجو حاراً، إذا لم يكن لديكَ شهيّة، اسمح لي أنْ أعرف، سأتحدّث مع الشيف لإعداد مشروبكَ المفضل، عصير البطيخ البارد.”
“نعم هذا جيد.”
بحركة واحدة رشيقة، أدخل لورانس السمكة المقطّعة في فمه.
تمتمت أرتيسيا في نفسها: “منذ أنْ كنتُ طفلة، كنتُ أحسد اهتمام أمي بأخي، لأنَّني لم أتلقَّ نفس الحب مِن والدتي… لذا، أردتُ أنْ أقترب منهم قليلاً، فكنتُ أجلس بالقرب منهم قدر الإمكان، وفي غياب ميريلا، اعتنيتُ بلورانس، مُعتقدة أنَّ ذلك واجبي، وحتى بعد أنْ أدركتُ أنَّ هذا ليس واجبي، أقنعتُ نفسي بالقيام بذلك، كان لورانس شخصاً ذا قيمة، ويمكنه أنْ يصبح الإمبراطور، كان لورانس أيضاً هو الذي سيجعل ميريلا مُشرَّفة ومُتميزة في المستقبل، لذلك، بطبيعة الحال، سيكون عزيزاً، لم أكن في نفس الموقف… لكن، أنا الآن لم أعد مهتمَّة بأي منهما… أثناء تعذيبي، اختفتْ مشاعري العالقة تجاه لورانس، لقد اختفى ارتباطي بميريلا قبل ذلك. لقد عرفتُ أنَّ وجودي كان بمثابة ورم لميريلا، على غرار الراحل ماركيز روسان…..”
أنهتْ أرتيسيا الإفطار، وأكلتْ فقط الخبز والسلطة، لم يكن لديها الكثير مِن الشهيّة، الى جانب ذلك، أرادتْ الخروج بسرعة للتحقّق مِن الوضع الحالي، ولم يكن طبق سمك السلمون الذي تمَّ إعداده ليكون الطبق الرئيسي للإفطار موجوداً أمامها.
قالت ميريلا فجأة عندما رأتها تمسح فمها وتقف.
“أخوكِ لم ينتهِ مِن نصف وجبته بعد، لكن هل نهضتِ فعلاً؟”
عندها فقط أدركتْ ميريلا أنَّ أرتيسيا لم تكن تجلس بجانبها كعادتها، بل كانت تجلس في مقعد بعيد، دارتْ عيون ميريلا البُنيّة.
في الماضي، كانت أرتيسيا تعتذر. لكن ليس الآن، قالت أرتيسيا بهدوء.
“ليس لدي الكثير مِن الشهيّة، بالإضافة إلى ذلك، لقد أخبرتيني دائماً أنَّني يجب أنْ أفقد بعض الوزن.”
تمتمت أرتيسيا في نفسها: “في طفولتي قبل أنْ أبلغ العاشرة مِن عمري، كنتُ ممتلئة، أخبرتني ميريلا دائماً أنني سمينة جداً وآكل كثيراً، ويجب أنْ آكل قليلاً مثل الطيور لأحافظ على رشاقتي، وبسبب ذلك، أُصبتُ بإضطراب في الأكل في ذلك الوقت، إذا لم آكل أي شيء، فلن يكون لدي سوى عظام، لذا لا ينبغي على ميريلا أنْ تطلب مني إنقاص وزني، ومع ذلك، كانت ميريلا تخبرني طوال الوقت أنَّ عليّ إنقاص وزني…”
غضبت ميريلا.
“ولكن يجب عليكِ الحفاظ على آداب المائدة الخاصة بكِ.”
“اليوم أودُّ زيارة المعبد خارج المدينة، هل هذا جيد يا أخي؟”
طلبَتْ الإذن مِن لورانس بالخروج، لأنَّها كانت متأكّدة مِن أنَّ ميريلا لن تُعطيه لها. وبهذه الطريقة، ستتجنّب أرتيسيا أيضاً سماع توبيخها. الشيء الوحيد الذي اهتمَّ به لورانس بشأن أرتيسيا هو قدرتها على الخدمة، ولم يهتم بها كأخته الصغرى.
كانت ميريلا على وشك الإنفجار، لكنها توقّفتْ عندما فتح لورانس فمه ببطء.
“لا بأس، يمكنكِ الذهاب.”
قالت أرتيسيا، ممّا جعل ميريلا تُعيد التفكير في الكلمات التي ستقولها.
“شكراً أخي.”
ثمَّ قالت ميريلا بصوت مُشع.
“كيف يمكنكَ أنْ تكون مُتفهماً إلى هذا الحد؟ حتى أنَّكَ تفكّر في أختكَ.”
كان لدى أرتيسيا الكثير مِن الأشياء للقيام بها ولم يكن بإمكانها القلق بشأن ذلك، وعندما خرجتْ اقتربتْ منها خادمتها الشخصيّة أليس بسرعة.
“سيّدتي، ألم تأكلي جيداً مرّة أخرى؟ لماذا غادرتِ بهذه السرعة؟ عادة أنتِ….”
حدّقتْ أرتيسيا في أليس.
“أليس.”
شعرتْ أرتيسيا ببعض الحنين، كانت أليس أول خادمة شخصيّة لها لقد كانت مدركة ومخلصة، ولكن بسبب ذلك، تمَّ تسميمها بدلاً مِنها.
“ما الأمر يا سيدتي؟”
“لا شيء.”
لم تكن تعرف ماذا تقول، أدارتْ أرتيسيا رأسها، في ذلك الوقت. فكرت: “حاولتُ رعاية أفراد عائلة أليس لبقيّة حياتهم، لأنَّها كانت دائماً وفيّة لي، ماذا حدث لعائلة أليس بعد أنْ تمَّ سجني؟ ليس فقط مع عائلة أليس، ولكن أيضاً مع العائلات الأخرى التي ماتت مِن أجلي، صمّمتُ هيكلاً لضمان استمرار تقديم الدعم المالي بغض النظر عمّا حدثَ لي، وكنتُ أيضاً مسؤولة عن إخفاء الأموال وارتباطي بذلك في حالة حدوث مكروه، وبالنظر إلى أنَّني أصبحتُ أكثر حرصاً بعد أنْ قضيتُ على جميع أعدائي السياسيّين، فمِن المحتمل أنَّني كنتُ أشك في لورانس قبل فترة طويلة مِن اتّهامي زوراً.”
“سيدتي هل تضحكين؟”
“هل ضحكتُ؟”
“نعم، هكذا.”
ضحكتْ أليس مُقلِّدة تعابير وجهها، لم تُظهر أرتيسيا حتى أضعف ابتسامة واستدارتْ بدلاً مِن ذلك، وحتى لو كان لقاءً بعد 20 عاماً، إلَّا أنَّ شخصيّتها لم تكن تسمح لها بالفرح واحتضان الشخص الآخر بفرح.
“أنا ذاهبة للخارج، أنا ذاهبة إلى المعبد.”
“نعم يا سيدتي.”
أشارتْ أرتيسيا لها أنْ تقترب.
“أليس، تعالي.”
إنحنتْ أليس ووضعتْ أذنها بالقرب من شفّتي أرتيسيا، همستْ لها أرتيسيا بما كان عليها أنْ تفعله، قالت عندما استقامتْ أليس.
“لذا. اذهبي إلى المطبخ وجهّزي صندوق غداء به شطائر محشوة بالكثير مِن اللحم.”
“أوه سيدتي، هل قرَّرتِ أخيراً التوقّف عن اتّباع نظام غذائي؟”
“أعتقدُ أنَّني بحاجة إلى تقوية جسدي.”
“أنتِ على حق، أنتِ بحاجة إلى تناول المزيد.”
“مِن غير المريح تناول الطعام بمفردي، لذا قومي بإعداد وتعبئة ما لا يقل عن 5 أجزاء إضافية، قومي أيضاً بتعبئة مجموعة شاي النزهة.”
“حسناً.”
كانت أليس في حيرة مِن أمرها، لكنّها لم تُشكّك قط في قرارات أرتيسيا.
“ليس لدي الكثير مِن الوقت، لذا افعلي ذلك بسرعة، سوف تُلبسني صوفي ملابسي.”
“نعم يا سيدتي.”
غادرتْ أليس بسرعة، ذهبتْ أرتيسيا ببطء إلى غرفتها.
بعد الإفطار، عادة ما ترتدي أرتيسيا فستانها بعد الظهر، ولهذا السبب كانت صوفي أمام غرفتها تماماً.
“ما هو الفستان الذي ترغبين في ارتدائه؟”
“البنّي، لا، الأخضر أفضل.”
إعتقدتْ أنَّ البنّي سيكون مزعجاً إذا اتّسخ الفستان، ولم يكن لدى أرتيسيا الكثير مِن الملابس.
على عكس ميريلا التي كانت لديها أربع غرف ملابس مليئة بالملابس، كان لدى أرتيسيا غرفة لا تحتوي على أي شيء تقريباً، عندما كانت ميريلا ترتدي ملابسها كان هناك حوالي 20 خادمة حولها تخدمها، مِن ناحية أخرى، لم يكن لدى أرتيسيا سوى صوفي لخدمتها.
بمجرّد قولها الأخضر، عرفتْ صوفي أي فستان تتحدّث عنه وركضتْ بسرعة إلى الخزانة، ومع ذلك، فقد مرَّ وقت طويل منذ أنْ ارتدتْ الفساتين الرسميّة، لم تحب ميريلا الخروج مع أرتيسيا، ولم تعجبها فكرة تواصل أرتيسيا مع الناس، لقد أخبرتها دائماً أنَّه مِن المُحرج أنْ تكون ابنتها الرهيبة بالخارج، لم تُصدِّق أرتيسيا كلماتها تماماً. مِن وجهة نظر ميريلا، كانت أرتيسيا دليلاً على أنَّها خانتْ الإمبراطور، لذلك لم ترغب في إظهارها علناً.
ومع ذلك، لم تتمكّن أرتيسيا بعد مِن النظر مباشرة في المرآة وتقدير وجهها. خلعتْ صوفي ملابس أرتيسيا الخارجيّة وجلستْ أمام منضدة الزينة، ثمَّ سألتْ أرتيسيا، رغم أنَّها تعلم أنَّها لا تهتم.
“كيف تريدين تصفيف شعركِ؟”
“بدقة، لا…”
ثمَّ أخذتْ أرتيسيا نفساً عميقاً وقالت شيئاً لم تقلهُ أبداً في حياتها.
“اجعليه جميلًا.”
تفاجأت صوفي لكنها ابتسمت على الفور.
“يا إلهي. حسناً، أعتقد أنَّكِ في هذا العمر أيضاً.”
“أي عمر؟”
“أنتِ تريدين أنْ تظهري بشكل جميل وتقابلين رجالاً وسيمين.”
“لا تتحدّثي هراءً، سأذهب فقط إلى المعبد.”
“يمكنكِ مقابلة شخص ما في المعبد، ربّما هو فارس جذاب أو شخص مِن هذا القبيل.”
“مَن سيضعني في عينه؟”
فكرت أرتيسيا: “كانت هذه هي المرّة الأولى التي أقول فيها شيئاً كهذا، كان المظهر مهمّاً، بالتفكير فيما سأفعله اليوم، سيكون مِن الجيد حقاً أنْ أبدو جميلة. ومع ذلك، لم يكن الأمر ذا أهميّة بالنسبة لي. لأنَّ قيمتي الحقيقيّة لم تكن في المظهر. ومع ذلك، يبدو كما لو أنَّني أريد حقاً أنْ أبدو جميلة. لقد علمتُ أنَّني لا أستطيع ولا ينبغي لي أنْ أُقيم هذا النوع مِن العلاقة مع الرجل الذي كنتُ سأقابله اليوم…”
فتحتْ صوفي عينيها على نطاق واسع وابتسمتْ.
“أليس هذا ما تتوقّعيه؟”
“صوفي.”
“لا تقلقي، سأتأكّد فقط مِن أنَّ أي رجل تقابليه مهتمٌّ بكِ.”
قالت صوفي بمرح وهي تمشّط شعر أرتيسيا.
“سيدتي، يمكنكِ أنْ تصبحي الجمال رقم واحد في المجتمع الراقي لأنَّكِ بطبيعتكِ جميلة جداً، تحتاجين فقط إلى اكتساب بعض الوزن والحصول على مزيد مِن النوم.”
“كلام فارغ.”
“أنتِ تعلمين أنَّكِ ابنة السيدة ميريلا، لأكون صادقةً، مع الأخذ في الإعتبار عمرها، فإنَّ جوهرة المجتمع الراقي الآن هي. أوه يا إلهي!”
وسرعان ما صمتتْ صوفي عندما فُتحَ الباب.
لقد كانت ميريلا، يبدو أنَّ لورانس قد انتهى مِن تناول الطعام، نظرت ميريلا حولها، وعندما رأتْ أنَّ أرتيسيا تمَّ تمشيط شعرها، قالت بازدراء.
“أنتِ لا تنوين إغواء الرجال بهذا الوجه القبيح وهذا المظهر المثير للشفقة، هل أنتِ؟”
لم تقل صوفي شيئاً وركّزتْ على ما كانت تفعله.
تحدّثتْ أرتيسيا بهدوء.
“أنا ذاهبة إلى المعبد، ماذا سأفعل بإغواء الكاهن يا أمي؟”
“اذاً. لماذا تقومين بتجعيد شعركِ؟ مثل امرأة عجوز؟”
نظرتْ أرتيسيا إلى ميريلا مِن خلال المرآة، جلستْ ميريلا على الأريكة.
“ألم يقل أخي أنَّه سيخرج اليوم؟”
تنهدت ميريلا وهي تبكي.
“لقد غادرَ فعلاً.”
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 5"