“علينا أنْ نُسقط لورانس بطريقة ما، ومع ذلك، فإنَّ فجوة القوّة كبيرة جداً أنا ومرؤوسيَّ نعرف فقط الشؤون العسكريّة، وليس لدينا أي فكرة عن كيفيّة تضييق هذه الفجوة.”
حدّقتْ أرتيسيا في وجهه بصراحة، أصبح وجه سيدريك، الذي اعتقدتْ أنَّهُ مثل التمثال، شمساً حارقة.
ولم يرفع سيدريك صوته، ومع ذلك، بالنسبة لأرتيسيا كان الأمر كما لو كان قد زأرَ.
“أعلم أنَّكِ امرأة ذكيّة جداً، لم يكن لديكِ الإرادة لإختيار مَن تخدميه بشكل صحيح، ولكن أعتقد أنَّ المودّة لعائلتكِ أعمتكِ، على الرغم مِن أنَّكِ قمتِ بالعديد مِن المخطّطات الفظيعة، فأنا أعلم أنَّ ذلك كان مِن أجل لورانس، الشخص الوحيد الذي يمكنه عكس هذا الوضع هو أنتِ الماركيزة روسان، أنا بحاجة لمساعدتكِ.”
أحنى سيدريك رأسه، ولكن كما لو أنَّه لا يعتقد أنَّ ذلك كافٍ، ركعَ على ركبتيه، ووضعَ يديه على الأرض، وأحنى ظهره حتى كادتْ جبهته تلامس الأرض… لقد صُدمَتْ أرتيسيا، إهتزّتْ بقايا أطرافها، لولا كبير الخدم الذي أمسكها، لكانت قد سقطتْ، لأنَّها بالكاد تستطيع الجلوس بشكل مستقيم.
رفع سيدريك رأسه، كانت عيونه تحترق.
“لم يعد لديكِ عاطفة لورانس أو عاطفة عائلتكِ، عندما تنظرين حول الإمبراطورية، ألَا تندمين على كيفيّة سقوطها في حالة خراب؟ أعلم أنَّكِ كنتِ مجرّد مُتآمرة تتّبع الأوامر، وليس شيطانة، على عكس لورانس، ألم تفكّري يوماً في فعل أي شيء جيد بالقوّة التي لديكِ؟”
هزَّتْ ارتيسيا رأسها، فكرت: “لقد اعتقدَتُ أنَّه ليس لي الحق في الندم على ذلك، كان الناس على حق، إذا كانت هناك ساحرة عقدَتْ اتفاقاً مع الشيطان، فسأكون أنا، حتّى لو غيّرَتُ رأيي، لم يكن لدي لسان لأتكلّم ولا يدين لأكتب، لم أستطع حتى التفكير بشكل واضح مع جسدي المتهالك والمؤلم.”
“الماركيزة روسان، لا يزال لديكِ عقل لامع، يمكنكِ الكتابة بوضع القلم في فمكِ، أو يمكنكِ الإشارة إلى الكلمات بمساعدة شخص آخر، طالما أنَّكِ على قيد الحياة، يمكنكِ تحقيق أي شيء إذا كان لديكِ العزم والإرادة للقيام بذلك، أنا بحاجة إليكِ.”
نظرت أرتيسيا إليهِ لفترة مِن الوقت، وكانت رؤيتها غير واضحة، فكرت: “كان الأمر مُضحكاً، لم أسمع قط مِن لورانس الشخص الذي كرّسَتُ له حياتي، يقول إنَّهُ يحتاجني، كنتُ أعرف الدوق الأكبر سيدريك. كعدو، كنتُ أعرفه أفضل مِن أي شخص آخر في العالم، يجب أنْ يكون الإستياء في قلبه أكثر سخونة مِن وادي الحمم البركانيّة، الناس مِن حوله يتوقّعون مِنه أنْ يقتلني بشراسة، لكنّهُ كان راكعاً أمامي، كلّه لسبب وجيه.”
ومع ذلك، لم تتمكّن أرتيسيا إلّا مِن هزِّ رأسها مرّة أخرى، فكرت: “كنتُ جيدة فقط في إقناع الآخرين بتقديم خدماتي، والتآمر، والقتل، والتخطيط. لم أُتقن الاستراتيجيّات التكتيكيّة، لم أتمكّن مِن إنجاز شيء لم يكن الدوق الأكبر سيدريك قادراً على تحقيقه، حتى لو كنتُ استراتيجيّةً بارعة حقاً، لم تكن هناك طريقة للتغلّب على الخلل الحالي في توازن القوى.”
يبدو أنَّ سيدريك فهم بسرعة لماذا هزَّت أرتيسيا رأسها، قال بتجهّم.
“أرى، حتى أنتِ لا تستطيعين أنْ تفعلي أي شيء حيال ذلك.”
سقطتْ الدموع مِن عيون ارتيسيا، تمتمت في نفسها: “لقد قرَّرتُ منذ أول مرة تلطّختْ يديّ بالدماء، أنَّني لن أندم على شيء حتى يوم وفاتي، كلّ الأشياء التي فعلتُها، لا يمكن أنْ تُغفَر لي لمجرّد أنَّني ندمتُ عليها لاحقاً، حتى لو كان الموتى لديهم بعض الإستياء مني، فقد اعتقدتُ أنَّ ما يجب أنْ يستاؤوا منه هو مصير ولادتهم في هذا العالم، لا يوجد أحد بريء في العالم بعد ولادته، لا، فحتى الطفل حديث الولادة يُعتبَر خاطئاً لأنَّه وِلِد، مثلي وكذلك لورانس. ومع ذلك، فقد ندمتُ على ذلك، والحقيقة أنَّ الندم المتراكم في أعماق قلبي اجتمع مثل صخرة ضخمة ضربتْ قلبي.”
وقف سيدريك.
“أنا آسف لأنَّني كنتُ متهوراً في كلماتي، لا أستطيع أنْ أُعطيكِ سكناً أفضل بسبب الظروف السيّئة في المعسكر العسكري، لكنّني سأرسلكِ قريباً إلى الريف مع بعض رجالي، أتمنّى أنْ تعيشي بسلام لبقيّة حياتكِ.”
نظرتْ إليه أرتيسيا وهي غير قادرة على قول أي شيء وذرفت الدموع.
في تلك الليلة جلسَتْ أرتيسيا في الخيمة، تُفكّر في طريقة لإصلاح كلّ شيء: “في الوضع الحالي، لم يكن هناك أي وسيلة، ولكن الحقيقة هي أنَّ أنَّني كان لدي طريقة.”
زحفَت أرتيسيا ببطء وجلست على الأرض: “لم أكن أريد استخدام هذه الطريقة، لأنَّني كنتُ آثمة، لم أعتقد أنَّ لورانس هو المسؤول عن خطاياي، لقد أردتُ فقط أنْ أموت وأتعفّن، مُتقبِّلةً كلّ الشر الذي فعلتهُ مِن أجل لورانس… لكن. لا توجد خطة، ولكن هناك طريقة، إذا كان ميزان القوى مائلاً للغاية بحيث لا يمكن عكسه، فيجب عليّ فقط العودة بالزمن إلى الوراء قبل أنْ يميل ميزان القوى…”
قامت أرتيسيا بتقطيع ما تبقّى من لسانها، ثمَّ بدأت في رسم دائرة تعويذة بالدم، لقد اختفتْ التعاويذ مِن هذا العالم منذ فترة طويلة، ومع ذلك، لا تزال طريقة استخدام التعاويذ منتشرة، دوائر تعويذة دقيقة مرسومة بالدم، في الواقع، السبب الرئيسي لاختفاء التعاويذ حقيقة أنَّهُ كان هناك عدد قليل جداً مِن الأشخاص الذين يمكنهم رسم دائرة تعاويذ بدقّة، حروف التعاويذ مكتوبة بلغة قديمة، حتى لو تمكّن شخص ما مِن نسخها، فلن يتمكّن كلّ شخص مِن تفعيلها حسب الرغبة. لكن… فقط أرتيسيا تستطيع ذلك، لقد كانت واحدة من النادرين جداً الذين يمكنهم بسهولة كتابة الأحرف القديمة لتلك اللغة الميّتة، لقد درسَتْ التعاويذ لاستخدامها في أعمال شرّيرة.
على الرغم مِن أنَّ النزيف لم يتوقّف، إلّا أنَّ أرتيسيا عضَّتْ لسانها عدّة مرّات وعضَّتْ أيضاً داخل فمها لتنزف أكثر… كان عليها أنْ ترسم دائرة تعويذة ذات حجم كبير بالدم المسكوب، لقد رسمَت الدائرة طوال الليل، لن تكون هناك فرصة ثانية، لذلك كان عليها أنْ ترسمها بشكل صحيح في هذه الفرصة، وفي منتصف ذلك، أصبحتْ رؤيتها غير واضحة، واضطرَّتْ إلى عضِّ لسانها بقوّة لتبقى مستيقظة… قبل الفجر، تمكّنتْ أرتيسيا أخيراً مِن الإنتهاء، وانهارَتْ على الدائرة بسبب فقدان الدم بشكل كبير.
“إنَّها تضحية بشريّة مناسبة…”
أغلقتْ أرتيسيا عينيها بلا حول ولا قوّة، بدأتْ الدائرة التي ستودِي بحياتها تتوهَّج باللون الأزرق الفاتح. سيدريك الذي أدرك أنَّ شيئاً غريباً كان يحدث في الخيمة، اندفعَ إليها ونظرَ إليها بدهشة. لكن الدائرة كانت قد بدأت تماماً في العمل ولم تتطلّب المزيد مِن التضحيات. كان هناك وميض مِن الضوء الأبيض منعَ سيدريك مِن الإقتراب.
“أتمنّى أنْ تتحقّق أُمنياتكَ في حياتكَ القادمة…”
كانت هذه هي الفكرة الأخيرة لأرتيسيا. وسرعان ما أصبحتْ الدائرة عموداً مِن الضوء الأبيض إمتدّ إلى أطراف السماء وأضاء سماء الليل…
عندما فتحتْ أرتيسيا عينيها، كان الفجر قد اقترب، حرّكتْ أرتيسيا قدميها تحت البطانيّة ثم حرّكتْ يديها، وأخيراً، لمستْ لسانها بإصبعها، حاولتْ التحدُّث بصوتٍ عال، جاء صوتها بصوت عال وواضح.
“هل أخطأتُ في كتابة التعويذة؟”
الحروف القديمة المكتوبة على الدائرة كانت: (في مقابل حياة أرتيسيا روسان، سيعود الزمن إلى الوراء.)
لهذا السبب، اعتقدتْ أرتيسيا أنَّها سوف تموت. لكنّها الآن كانت على قيد الحياة، ولم تكن هناك جروح أو آلام في جسدها، ومع ذلك، فإنَّ الصخرة الضخمة التي شكَّلها ندمها استمرَّتْ في ضرب قلبها، شعرَتْ بغرابة، ورفعتْ يدها ووضعتها على قلبها، تسلّل ضوء القمر عبر النافذة وصبغ أظافرها باللون الفضي. نظرتْ أرتيسيا إلى أظافرها في صمت، وخلعتْ بطانيّتها ونزلتْ مِن السرير، ثمَّ أشعلتْ المصباح وخرجتْ لتنظر إلى نفسها في المرآة.
“لقد عدتُ.”
في المرآة كانت هناك فتاة ذات شعر أشقر لامع وعيون فيروزيّة كبيرة، لمستْ خدّها بأطراف أصابعها، شعرتْ أنَّ وجهها ليس وجهها.
“هل بدا وجهي هكذا؟”
أدركت أنَّها لم تهتم أبداً بنفسها، ولم تر نفسها في المرآة إلَّا عدّة مرّات، لأنَّها كرهت اختلاف وجهها عن وجه لورانس وميريلا، كثيراً ما قالت ميريلا لها إنَّها قبيحة للغاية لدرجة أنَّها لا تريد حتى أنْ تنظر إليها، ونادراً ما كان لورانس ينظر إليها مباشرة… ومع ذلك، بين الأشقاء كان مِن الطبيعي عدم ملاحظة مظهر بعضهم البعض. على الرغم مِن أنَّ أرتيسيا كانت مضطرّة للقيام بذلك لأنَّها كانت مسؤولة عن صورة لورانس في المناسبات الإجتماعيّة.
استدارتْ أرتيسيا وعادتْ إلى غرفة نومها.
لم تكن لدى أرتيسيا خطط للعودة بنفسها، كان هدفها منح سيدريك فرصة أخرى. بدونها، ستضعف قوّة لورانس إلى حدٍّ كبير، كانت لدى ميريلا قدرة استثنائيّة على التلاعب بالإمبراطور غريغور، لكنّها كانت تمتلك شخصيّة متهوّرة، بغضِّ النظر عن مقدار الجهد الذي بذلته في مخطّطاتها، فإنَّها ستترك دائماً بعض الأثر. منذ البداية، لم يكن لورانس مِن النوع الذي يتآمر. بالإضافة إلى ذلك، كانت أرتيسيا في الأصل الوحيدة التي لا تثق في سيدريك، في ذلك الوقت، نظراً لأنَّه كان ابن أخت الإمبراطور غريغور ولم يتفوّق بعد، فقد أبقته أرتيسيا تحت السيطرة عن طريق تقييد يديه وقدميه. لو لم تفعل شيئاً، لكان مِن الممكن أنْ يحافظ سيدريك على سلطته حتى اللحظة الحاسمة، وحتى بعد كلّ الضرر الذي ألحقتهُ به، فقد نجا حتى النهاية وقاوم لورانس.
“الشيء المهم هو أنَّني عدتُ. سواء كان ذلك خللاً في الدائرة أو مشكلة أخرى، فلابدَّ أن يكون هناك سبب لبقائي على قيد الحياة.”
تذكّرتْ أرتيسيا اللحظة التي أحنى فيها سيدريك رأسهُ لها.
[أنا بحاجة الى مساعدتكِ.]
شعرتْ أرتيسيا بثقل على صدرها ووضعت يدها بلطف على صدرها الأيسر.
“في مقابل الركوع أمام الشيطانة، حصلتَ على الشيطانة لتُوسّخ يديها مِن أجلكَ.”
كان مثل الوعد…
ذهبتْ أرتيسيا إلى مكتبها، وفي أسفل درج المكتب كانت مذكّراتها، أخرجتها وفتحتْ المذكّرات في الصفحة الأخيرة.
(2 يونيو سنة 482 في التقويم الإمبراطوري.)
قبل ثمانية أيام، بلغتْ أرتيسيا 18 عاماً، كان ذلك قبل عامين تقريباً مِن عيد ميلادها العشرين، عندما ترث لقب الماركيزة روسان.
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 4"